تمديد أممي للعقوبات على انقلابيي اليمن

مجلس الأمن يدعو إلى تنفيذ عملية الانتقال السياسي وفقًا للمرجعيات الثلاث

جانب من جلسة مجلس الأمن التي عقدت أمس (الأمم المتحدة)
جانب من جلسة مجلس الأمن التي عقدت أمس (الأمم المتحدة)
TT

تمديد أممي للعقوبات على انقلابيي اليمن

جانب من جلسة مجلس الأمن التي عقدت أمس (الأمم المتحدة)
جانب من جلسة مجلس الأمن التي عقدت أمس (الأمم المتحدة)

قرر مجلس الأمن الدولي بالإجماع أمس، تجديد العقوبات المفروضة لمدة سنة كاملة، على انقلابيي اليمن، حتى 26 فبراير (شباط) 2018، بما في ذلك كل الأحكام المتعلقة بالعقوبات الواردة بقرارات مجلس الأمن الخاصة باليمن. كما مدد المجلس ولاية فريق الخبراء التابعة للجنة العقوبات حتى 28 مارس (آذار) 2018.
وفي هذا الصدد، طلب المجلس من أمين عام الأمم المتحدة، أن يتخذ التدابير الإدارية اللازمة، بأسرع وقت ممكن، لإعادة إنشاء فريق الخبراء، بالتشاور مع اللجنة، حتى ذلك التاريخ.
وأعرب المجلس عن دعمه للعمل الذي يقوم به المبعوث الأممي الخاص لليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، دعما لعملية الانتقال اليمنية، وعن التزامه بذلك العمل. وقرر أن الحالة في اليمن، لا تزال تشكل خطرا يهدد السلم والأمن الدوليين.
وأكد القرار في الفقرة الإجرائية الأولى، على الحاجة إلى تنفيذ عملية الانتقال السياسي بشكل كامل، وفي الوقت المناسب في أعقاب مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وذلك تماشيا مع مبادرة التعاون الخليجي وآلية تنفيذها، ووفقا لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، مع مراعاة تطلعات الشعب اليمني، وهو ما يصطلح على تسميته المهتمون والضالعون بالشأن اليمني «المرجعيات الثلاث».
والقرار الذي حمل الرقم 2342، يطلب أيضا من فريق الخبراء أن يوافي اللجنة التابعة لمجلس الأمن بمستجدات منتصف المدة، أي 28 يوليو (تموز)، وأن يقدم تقريرا نهائيا إلى مجلس الأمن في موعد أقصاه 18 يناير (كانون الثاني) المقبل، بعد التشاور مع اللجنة.
وكان مجلس الأمن قد أنشأ نظام عقوبات في قراره رقم 2140 على كل من يقوم بعرقلة أو تقويض نجاح عملية الانتقال السياسي، على النحو المبين في المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية؛ أو إعاقة تنفيذ مخرجات الحوار الوطني عن طريق القيام بأعمال عنف، أو شن هجمات على البُنى التحتية؛ أو التخطيط لأعمال تنتهك القانون الدولي لحقوق الإنسان أو القانون الإنساني الدولي، أو أعمال تشكل انتهاكات لحقوق الإنسان، أو توجيه تلك الأعمال أو ارتكابها في اليمن.
ولتنفيذ ذلك، قرر المجلس، آنذاك، إنشاء لجنة العقوبات المسماة «لجنة مجلس الأمن المنشأة عملا بالقرار رقم 2140» بهدف «رصد تنفيذ التدابير المفروضة والبحث عن المعلومات المتعلقة بالأشخاص والكيانات» الذين قد يكونون بصدد القيام بالأعمال التي تعرقل وتقوض السلام. وكذلك «تحديد الأفراد والكيانات الذين سيخضعون للتدابير المفروضة» بالإضافة إلى «وضع ما قد يلزم من مبادئ توجيهية لتيسير تنفيذ التدابير المفروضة».
وتضم اللجنة جميع أعضاء مجلس الأمن الـ15، وتتخذ قراراتها بتوافق الآراء. والرئيس الحالي للجنة اليابان، ونائب الرئيس أوكرانيا. وتشمل العقوبات، بالإضافة إلى حظر السفر، تجميد «جميع الأموال والأصول المالية والموارد الاقتصادية الأخرى الموجودة في أراضيها، والتي تملكها أو تتحكم فيها، بصورة مباشرة أو غير مباشرة، الجهات من الأفراد أو الكيانات».
ماذا يعني القرار 2342 حول اليمن؟
يؤكد القرار 2342 على جميع الدول، ضرورة «الالتزام بتجميد جميع الأموال والأصول المالية والموارد الاقتصادية الأخرى التي تملكها أو تتحكم فيها، بصورة مباشرة أو غير مباشرة، الجهات من الأفراد أو الكيانات التي تعين اللجنة أسماءها، أو الجهات من الأفراد أو الكيانات التي تعمل باسمها أو وفقا لتوجيهاتها، أو الكيانات التي تملكها أو تتحكم فيها؛ وعدم إتاحة أي أموال أو أصول مالية أو موارد اقتصادية لهؤلاء الأفراد أو الكيانات أو لفائدتهم». وكذلك حظر السفر ومنع دخول أراضي الدول من جانب الأفراد الذين تحددهم اللجنة أو عبورهم منها حتى 26 فبراير 2018. كما يشمل القرار «منع التوريد المباشر أو غير المباشر، أو بيع أو نقل الأسلحة والمواد ذات الصلة بجميع أنواعها. كما تمنع المساعدة التقنية والمالية وكذلك التدريب فيما يتعلق بالأنشطة العسكرية؛ أو تقديم أو صيانة أو استخدام أي أسلحة وعتاد ذي صلة، بما في ذلك أفراد المرتزقة المسلحين، أو لمصلحة الأفراد والكيانات التي تحددها اللجنة».

ماذا يعني القرار 2342 ؟
* يؤكد القرار 2342 على جميع الدول، ضرورة «الالتزام بتجميد جميع الأموال والأصول المالية والموارد الاقتصادية الأخرى التي تملكها أو تتحكم فيها، بصورة مباشرة أو غير مباشرة، الجهات من الأفراد أو الكيانات التي تعين اللجنة أسماءها، أو الجهات من الأفراد أو الكيانات التي تعمل باسمها أو وفقا لتوجيهاتها، أو الكيانات التي تملكها أو تتحكم فيها؛ وعدم إتاحة أي أموال أو أصول مالية أو موارد اقتصادية لهؤلاء الأفراد أو الكيانات أو لفائدتهم». وكذلك حظر السفر ومنع دخول أراضي الدول من جانب الأفراد الذين تحددهم اللجنة أو عبورهم منها حتى 26 فبراير 2018. كما يشمل القرار «منع التوريد المباشر أو غير المباشر، أو بيع أو نقل الأسلحة والمواد ذات الصلة بجميع أنواعها. كما تمنع المساعدة التقنية والمالية وكذلك التدريب فيما يتعلق بالأنشطة العسكرية؛ أو تقديم أو صيانة أو استخدام أي أسلحة وعتاد ذي صلة، بما في ذلك أفراد المرتزقة المسلحين، أو لمصلحة الأفراد والكيانات التي تحددها اللجنة».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.