سياسات الترحيل الأميركية تربك 11 مليون مهاجر غير شرعي

قد تكلف 5 تريليونات دولار على مدى عشر سنوات

مهاجرون يشاركون في حفل «تجنيس» بعد حصولهم على الجنسية الأميركية في لوس أنجليس (أ.ب)
مهاجرون يشاركون في حفل «تجنيس» بعد حصولهم على الجنسية الأميركية في لوس أنجليس (أ.ب)
TT

سياسات الترحيل الأميركية تربك 11 مليون مهاجر غير شرعي

مهاجرون يشاركون في حفل «تجنيس» بعد حصولهم على الجنسية الأميركية في لوس أنجليس (أ.ب)
مهاجرون يشاركون في حفل «تجنيس» بعد حصولهم على الجنسية الأميركية في لوس أنجليس (أ.ب)

اشتعل الجدل مجددا مع خطوات إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب الرامية لتشديد السياسات بشأن الهجرة غير الشرعية وترحيل كثير من المهاجرين غير الشرعيين من الولايات المتحدة الذين يقدر عددهم بنحو 11 مليون شخص.
ويتزايد الجدل والترقب والقلق وسط غموض في تفسير المستهدفين في المذكرة التفصيلية لوزارة الأمن الداخلي، إذ يمكن تطبيق سياسات الترحيل على أي مهاجر غير شرعي لمجرد ارتكاب مخالفة مرورية.
وتركز سياسات إدارة ترمب على خمسة مجالات، هي «الترحيل السريع» حيث يعطي ضباط إدارة الهجرة والجمارك وضباط الحدود سلطة الترحيل السريع لأي مهاجر غير شرعي دخل الولايات المتحدة خلال العامين السابقين، و«توظيف عدد أكبر من الضباط»، وبناء مرافق احتجاز جديدة على طول الحدود الجنوبية، وتعيين مزيد من القضاة لبحث قضايا الهجرة، وبناء جدار حدودي مع المكسيك.
وترتكز سياسة ترمب بشكل كبير على ترحيل المهاجرين غير الشرعيين إلى المكسيك. وفي السابق، كان المتدفقون عبر الحدود الجنوبية يتقدمون بطلبات للجوء السياسي وطلبا للحماية من الدول القادمين منها، مثل هندوراس والسلفادور وغواتيمالا. وطبقا لسياسات ترمب فإن مسؤولي الهجرة بإمكانهم إرسال هؤلاء إلى المكسيك.
وتعطي السياسات الجديدة للشرطة المحلية سلطة الترحيل، إلى جانب سلطات إدارة الهجرة والجمارك، وبصفة خاصة ضباط الشرطة في الولايات الجنوبية، مثل كاليفورنيا وأريزونا ونيومكسيكو وتكساس.
أما النقطة الخامسة والأساسية في سياسة ترمب، فهي بناء الجدار الفاصل بين الولايات المتحدة والمكسيك عند الحدود الجنوبية التي تصل إلى ألفي ميل تقريبا، وتصل تكلفة الجدار نحو 21 مليار دولار.
ووفقا لمعهد بيو، يشكل المهاجرون غير الشرعيين نحو 5 في المائة من مجموع القوى العاملة في الولايات المتحدة، مما قد يأتي بتأثير سلبي على عدد من الصناعات، ومن شأنه رفع تكلفة العمالة مع النقص المتوقع في بعض المهن التي يعمل بها المهاجرون غير الشرعيين بأجور زهيدة مثل أعمال التنظيف والصيانة والبناء وإعداد الطعام والزراعة.
من جهته، أشار المكتب الوطني للأبحاث الاقتصادية إلى أن خطة ترمب لترحيل 11 مليون مهاجر غير شرعي من الولايات المتحدة قد تكلف ما يقرب من 5 تريليونات دولار خلال السنوات العشر المقبلة، أي ما يقرب من 3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي. وتخوف خبراء العمل في تقرير لوكالة «بلومبيرغ» من نقص العمالة في مهن وصناعات تستوعب أعدادا ضخمة من هؤلاء المهاجرين بأجور زهيدة.
ويرى المحللون أن سياسات الهجرة المتشددة التي تتبعها إدارة ترمب قد تؤدي إلى ارتفاع حاد في عمليات ترحيل المهاجرين غير الشرعيين. ولا يقتصر الأمر على المهاجرين عبر الحدود الأميركية - المكسيكية، بل تشير المذكرة التفصيلية إلى «ترحيل الأجانب» بشكل عام الذين ينطبق عليهم المبادئ التوجيهية الحديدة وقوانين الهجرة، بل يصل الأمر إلى ترحيل مهاجرين لمجرد ارتكاب مخالفات مرورية.
وتطبق سياسات ترمب الجديدة في الهجرة على أي مهاجر دخل الولايات المتحدة بطريقة غير مشروعة، وتم اتهامه أو أدين في أي جريمة، حتى لو كان مجرد مشتبه به. وتتطرق المذكرة التفصيلية أيضا إلى الذين تجاوزوا مدة تأشيراتهم في دخول الولايات المتحدة، وقد جعلت المذكرة التنفيذية عبور الحدود بطريقة غير مشروعة جريمة جنائية، رغم أن تجاوز مدة التأشيرة تعد أمرا مدنيا وليس جنائيا، إلا أن السياسات الجديدة تشير إلى أن الذين يتجاوزن فترة تأشيرتهم يصبحون عرضة لمواجهة الترحيل، لكنهم ليسوا في قائمة الأولوية.
كما تذكر المذكرة التفصيلية، بعبارات عامة لاعتقال المهاجرين غير الشرعيين، الذين «أساءوا استخدام المنافع العامة والخدمات الأميركية»، أو «أساءوا لأنفسهم»، أو «يشكلون خطرا على السلامة العامة أو الأمن القومي الأميركي». وهي تعريفات واسعة تعطي القليل من التفاصيل حول الكيفية التي سيتم على أساسها تحديد من يخضع لهذه المعايير. وتفتح هذه التعريفات الواسعة وغير المحددة الباب لترحيل أي مهاجر لا يحمل وثائق، باعتباره «خطرا على السلامة العامة أو على الأمن»، في نظر ضباط إدارة الهجرة.
ووفقا للمذكرة التفصيلية، فإن القيادة من دون رخصة ستكون سببا أيضا لاعتقال المهاجرين غير الشرعيين وترحيلهم.
ومن المتوقع وسط هذا الجدل المشتعل، والغموض في المذكرات التفصيلية والمعايير التي سيتم تطبيقها أن تندلع مواجهة ومعارضة من قبل المدافعين عن الحريات المدنية والجماعات الحقوقية، إضافة إلى المسؤولين المكسيكيين على وجه الخصوص. وليس من الواضح إذا كان لدى الولايات المتحدة سلطة إجبار المكسيك على قبول رعايا دول أخرى، إلا أن مذكرة لوزارة الأمن الداخلي الأميركي أشارت إلى أنه سيتم توفير جانب من المساعدات الأميركية للمكسيك لهذا الأمر، في إشارة إلى مخططات إدارة ترمب لاستخدام أموال المساعدات الأميركية للمكسيك للضغط على الحكومة المكسيكية لقبول استقبال المهاجرين المرحلين.
ويقدر معهد سياسات الهجرة، وهي مؤسسة بحثية، أنه يوجد نحو 1.9 مليون مهاجر غير شرعي لديهم سجل جنائي إجرامي قد دخلوا الولايات المتحدة.
وكانت إدارة الرئيس السابق باراك أوباما قد أصدرت عام 2014 أوامر توجيهية لترحيل المهاجرين، ووضعت على رأس القائمة أفراد العصابات والمجرمين الذين يشكلون تهديدا أمنيا. وكان هدف إدارة أوباما هو التركيز على ترحيل الحالات التي تعد الأكثر خطورة. ولكن اشتكى موظفو الهجرة والجمارك من ضعف تلك الإجراءات، وضعف قوة تنفيذ سياسات الترحيل. وخلال فترة إدارة أوباما، كان يتم القبض على المهاجرين الذي يحاولون عبور الحدود الأميركية من المكسيك دون أوراق قانونية، وعند القبض عليهم يقدمون طلبات للجوء لتنظرها المحاكم الأميركية، وهي عملية قانونية بطيئة وتستغرق سنوات. وبحلول ذلك يدخل المهاجر غير الشرعي إلى الولايات المتحدة ويعيش بها، ولا يكون من السهل العثور عليه فيما بعد.
وتحت التوجيهات والمذكرات التفصيلية التي أصدرتها وزارة الأمن الداخلي الأميركية، فإن أجهزة وموظفي الهجرة والجمارك لهم مطلق الصلاحيات للقبض على أي شخص متهم أو مدان في أي جريمة جنائية وترحيله، وأخذ الخطوات الفعلية للترحيل. وأوقفت إدارة ترمب ما كان ساريا فيما قبل من عمليات «توقيف واحتجاز ثم إفراج»، واتبعت سياسة «توقيف وترحيل». ويرجع ذلك لأن الحكومة ليس لديها مكان لاحتجاز المعتقلين في انتظار اتخاذ قرارات الهجرة، ولا توجد أماكن بالسجون لاحتجاز الآلاف من المكسيكيين طالبي اللجوء للولايات المتحدة.
إلى ذلك، تخطط إدارة ترمب لترحيل المهاجرين بصورة أسرع مما يسمح به القانون. وتقدم المذكرة التفصيلية حماية خاصة للأطفال الذين يصلون للحدود بمفردهم، لكن تفرض عقوبات على آبائهم. وتشير المذكرة إلى أن الأهل يدفعون مبالغ تصل إلى عدة آلاف من الدولارات إلى عصابات تهريب عبر الحدود لتهريب أبنائهم إلى الولايات المتحدة، وتصفه المذكرة التفصيلية باتجار بالبشر. وعادة ما كان يتم تهريب الأطفال الذين يدخلون إلى الولايات المتحدة، وبعد فترة يحصلون على حق العمل والحماية الإقامة المؤقتة، ثم يجلبون آباءهم إلى الولايات المتحدة عبر بعض الإجراءات القانونية في المحاكم. وقد دخل 750 ألف شخص بهذه الطريقة إلى الولايات المتحدة منذ عام 2006 إلى عام 2013، وفقا للإحصاءات الاتحادية.



«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
TT

«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)

أكد الدكتور زهير الحارثي، أمين عام مركز الملك عبد الله العالمي للحوار «كايسيد»، أن برامجهم النوعية تستثمر في مستقبل أكثر سلاماً بجمعها شخصيات دينية وثقافية لتعزيز الحوار والتفاهم وسط عالم يعاني من الانقسامات.

واحتفى المركز بتخريج دفعة جديدة من برنامج «الزمالة» من مختلف المجموعات الدولية والعربية والأفريقية في مدينة لشبونة البرتغالية، بحضور جمع من السفراء والممثلين الدبلوماسيين المعتمدين لدى جمهورية البرتغال.

وعدّ الحارثي، البرنامج، «منصة فريدة تجمع قادة من خلفيات دينية وثقافية متنوعة لتعزيز الحوار والتفاهم، وهو ليس مجرد رحلة تدريبية، بل هو استثمار في مستقبل أكثر سلاماً»، مبيناً أن منسوبيه «يمثلون الأمل في عالم يعاني من الانقسامات، ويثبتون أن الحوار يمكن أن يكون الوسيلة الأقوى لتجاوز التحديات، وتعزيز التفاهم بين المجتمعات».

جانب من حفل تخريج دفعة 2024 من برنامج «الزمالة الدولية» في لشبونة (كايسيد)

وجدَّد التزام «كايسيد» بدعم خريجيه لضمان استدامة تأثيرهم الإيجابي، مشيراً إلى أن «البرنامج يُزوّد القادة الشباب من مختلف دول العالم بالمعارف والمهارات التي يحتاجونها لبناء مجتمعات أكثر شموليةً وتسامحاً».

وأضاف الحارثي: «تخريج دفعة 2024 ليس نهاية الرحلة، بل بداية جديدة لخريجين عازمين على إحداث تغيير ملموس في مجتمعاتهم والعالم»، منوهاً بأن «الحوار ليس مجرد وسيلة للتواصل، بل هو أساس لبناء مستقبل أكثر وحدة وسلاماً، وخريجونا هم سفراء التغيير، وسنواصل دعمهم لتحقيق رؤيتهم».

بدورها، قالت ويندي فيليبس، إحدى خريجات البرنامج من كندا، «(كايسيد) لم يمنحني فقط منصة للتعلم، بل فتح أمامي آفاقاً جديدة للعمل من أجل بناء عالم أكثر عدلاً وسلاماً»، مضيفة: «لقد أصبحت مستعدة لمواجهة التحديات بدعم من شبكة متميزة من القادة».

الدكتور زهير الحارثي يتوسط خريجي «برنامج الزمالة الدولية» (كايسيد)

وحظي البرنامج، الذي يُمثل رؤية «كايسيد» لبناء جسور الحوار بين أتباع الأديان والثقافات، وتعزيز التفاهم بين الشعوب؛ إشادة من الحضور الدولي للحفل، الذين أكدوا أن الحوار هو الوسيلة المُثلى لتحقيق مستقبل أفضل للمجتمعات وأكثر شمولية.

يشار إلى أن تدريب خريجي «برنامج الزمالة الدولية» امتد عاماً كاملاً على ثلاث مراحل، شملت سان خوسيه الكوستاريكية، التي ركزت على تعزيز مبادئ الحوار عبر زيارات ميدانية لأماكن دينية متعددة، ثم ساو باولو البرازيلية وبانكوك التايلاندية، إذ تدربوا على «كيفية تصميم برامج حوار مستدامة وتطبيقها»، فيما اختُتمت بلشبونة، إذ طوّروا فيها استراتيجيات لضمان استدامة مشاريعهم وتأثيرها الإيجابي.