التساؤلات القديمة تلاحق المحادثات السورية

المعارضة ودبلوماسيون يخشون استمرار العنف إذا بقي الأسد في السلطة

التساؤلات القديمة تلاحق المحادثات السورية
TT

التساؤلات القديمة تلاحق المحادثات السورية

التساؤلات القديمة تلاحق المحادثات السورية

عندما تُستأنف محادثات السلام السورية في جنيف، اليوم، بعد تعليقها لمدة عشرة أشهر فمن المرجح أن تعاود الخلافات المعهودة الظهور، رغم التغير الكبير في السياق العسكري والسياسي.
فقد حولت المكاسب العسكرية التي حققها الرئيس بشار الأسد بمساعدة روسيا وإيران، دفة المعركة منذ انهيار آخر جولة محادثات برعاية الأمم المتحدة من دون تحقيق تقدم في أبريل (نيسان) 2016، كما أن السياق السياسي غير مألوف مع وصول قيادة جديدة إلى البيت الأبيض والأمم المتحدة وفي ظل التنسيق المبدئي بين تركيا وروسيا وإيران.
لكن رغم سريان وقف إطلاق النار على الأقل شكليا في معظم أنحاء سوريا، فلم يطرأ تحرك يذكر بشأن القضايا التي لازمت الجولات السابقة من المحادثات.
وتطور الصراع الذي بدأ باحتجاجات في الشوارع قبل ستة أعوام إلى حرب معقدة متعددة الأطراف، سقط فيها مئات الآلاف من القتلى، وسببت أسوأ أزمة لاجئين في العالم.
وستضغط المعارضة من أجل إطلاق سراح سجناء ورفع الحصار الذي تفرضه النظام في عدد من المناطق، وفوق كل ذلك من أجل الانتقال السياسي الذي سيؤدي إلى إنهاء حكم الأسد.
ومن المتوقع أن وفد النظام سيتمسك بموقفه بأن «كل المعارضة المسلحة إرهابية»، ولأن الأسد في وضع أقوى عسكريا مما كان منذ سنوات، فإن لدى نظامه خيار مواصلة تفوقه على الأرض إذا لم يحصل على مبتغاه من مائدة المفاوضات.
ونقلت «رويترز» في تقرير لها، عن النائب شريف شحادة المؤيد للأسد، إن «على المعارضة أن تدرك أن هناك واقعا جديدا على الأرض في سوريا، وهناك تغيرات على الساحة الدولية»، مشيرا إلى أن «الأوضاع ليست مثلما كانت في 2011».
وقال أنس العبدة، رئيس الائتلاف الوطني السوري، إن الائتلاف ملتزم بمحادثات جنيف بشكل كامل وعلى استعداد لمناقشة حل وانتقال سياسي، وإنه ليس بالإمكان مناقشة المخاطر الأمنية الكبيرة في ظل بقاء الأسد في السلطة.
ويريد مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا ستيفان دي ميستورا أن يركز على إصلاح الحكم في سوريا وطرح دستور جديد وإجراء انتخابات تحت إشراف الأمم المتحدة.
يخشى بعض شخصيات المعارضة ودبلوماسيون غربيون وعرب، أن يستمر العنف إلى ما لا نهاية إذا بقي الأسد في السلطة. وتشير نسخة مسربة من دستور صاغته روسيا إلى أنه قد يستمر في الحكم لعدة فترات ولاية كل منها سبع سنوات.
وقال دبلوماسي غربي: «سيكون قوة جذب للإرهاب... هذا أمر واضح ومنطقي، لكن من الصعب طرحه كفكرة، لأن الناس متلهفون على السلام».
وتقول المعارضة إن الأسد مسؤول عن مئات الآلاف من الوفيات. وتلقي حكومته مسؤولية إراقة الدماء على المعارضة. وذكر دبلوماسيون غربيون أن دي ميستورا يأمل في حمل الأطراف السورية المتحاربة على اللقاء وجها لوجه على النقيض من العام الماضي عندما كان مضطرا للقيام بزيارات مكوكية بين الوفود في محادثات غير مباشرة أثبتت عدم جدواها.
وسيقود السفير السوري لدى الأمم المتحدة، بشار الجعفري، وفد النظام، بينما سيكون وفد المعارضة بقيادة نصر الحريري، وهو طبيب قلب يبلغ من العمر 40 عاما من محافظة درعا، حيث انطلقت أولى المظاهرات الكبرى ضد الأسد في 2011.
ولن تلعب روسيا وإيران اللتان تدعمان الأسد، وتركيا والولايات المتحدة اللتان تدعمان معارضيه، أي دور مباشر في المحادثات. ولا تزال هناك علامة استفهام بشأن موقف الرئيس الأميركي دونالد ترمب الذي أشارت تصريحاته العلنية إلى أنه مهموم بشكل أكبر بمحاربة تنظيم داعش وليس الإطاحة بالأسد. ويبدو أنه انسحب من الشراكة الأميركية الروسية التي قادت المساعي الدبلوماسية السورية في الماضي.
وقال دي ميستورا الأسبوع الماضي: «أين الولايات المتحدة؟ لا أستطيع أن أخبركم لأنني لا أعرف. الشيء الوحيد الذي أفتقده في هذه اللحظة لكي تتوفر لدي معادلة واضحة... هو استراتيجية أميركية واضحة».
وقلل الأمين العام الجديد للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، من سقف التوقعات بشأن حدوث انفراج. وقال يوم السبت: «السلام سيصبح ممكنا عندما تكف أطراف الصراع عن الاعتقاد بأنها ستنتصر. لست واثقا من أننا وصلنا إلى هذه النقطة بعد في سوريا».
وتابع قوله: «أخشى أن البعض لا يزال يعتقد أنهم قد يكسبون هذه الحرب، وأنا أعتقد أن هذا محض أوهام ومن ثم فلست متفائلا بشأن الحل قصير المدى للأزمة السورية».



واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.