مقتدى الصدر يطرح «حلولاً أولية» لمرحلة ما بعد «داعش»

في مبادرة مقابلة لمشروع «التسوية التاريخية»

مقتدى الصدر يطرح «حلولاً أولية» لمرحلة ما بعد «داعش»
TT

مقتدى الصدر يطرح «حلولاً أولية» لمرحلة ما بعد «داعش»

مقتدى الصدر يطرح «حلولاً أولية» لمرحلة ما بعد «داعش»

طرح زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، أمس، مبادرة مؤلفة من تسعة وعشرين بندًا، تضمنت مجموعة «حلول أولية» لمرحلة ما بعد استعادة محافظة نينوى من سيطرة تنظيم داعش. ويبدو من خلال كثير من مضامين مبادرة الصدر أنها كتبت في مقابل المضامين العامة التي وردت في مشروع «التسوية التاريخية» الذي تروج له بعض القوى الشيعية، خصوصًا المجلس الإسلامي الأعلى، بزعامة عمار الحكيم. ومعروف أن الصدر لم يتحمس لمشروع «التسوية التاريخية».
ولعل الفقرة الخامسة عشرة من مبادرة الصدر، المتعلقة بـ«فتح حوار شامل للمصالحة الوطنية»، تلقى الضوء على مشروع الصدر الخاص، في مقابل مشروع «التسوية التاريخية»، حيث يشترط فيها أن «لا يكون الحوار محددًا بالطبقة السياسية، بل يكون حوارًا للمصالحة الشعبية والوطنية، يشمل جميع الأديان والمذاهب والأقليات والتوجهات».
وتركّز المبادرة على فتح صندوق دولي لدعم حملة الإعمار في جميع المناطق المتضررة في داخل العراق، وأيضًا على ضرورة إيصال المساعدات الضرورية لإغاثة المتضررين في «المناطق المنكوبة»، وعودة «النازحين إلى مناطقهم المحررة، ورفع جميع العقبات التي تحول دون ذلك». وتطالب المبادرة بضرورة تشكيل «خلية دولية تعنى بحقوق الإنسان والأقليات»، إلى جانب اقتراح تأسيس «مجلس أعلى لشؤون الأقليات في العراق». كذلك تشدد على «ضرورة تمتين الجيش العراقي والقوات الأمنية حصرًا من مهمة مسك الأرض في المناطق المحررة والمناطق المتنازع عليها». وهنا، يرفض الصدر ما يتردد عن تشكيل ميليشيات مسلحة تتبع الطوائف والأقليات المختلفة.
ويرى الصدر ضرورة فتح حوار جاد فاعل مع الأطراف في «كردستان من أجل الوصول إلى حلول تنفع واقع العراق، ولو برعاية أممية». وهنا إشارة إلى المشكلات المتوقع حدوثها بين إقليم كردستان والحكومة المركزية بشأن المناطق المتنازع عليها التي سيطرت عليها قوات البيشمركة الكردية في نينوى، بعد طرد «داعش».
ويلاحظ أن الصدر يسعى من خلال مبادرته إلى حل «على المستوى الدولي» للمشكلات العالقة مع تركيا، خصوصًا المتعلقة بوجود بعض قواتها في ناحية بعشيقة العراقية، وإنهاء «التدخلات التركية عبر الطرق الدبلوماسية والسياقات الدستورية القانونية».
ورغم «قانون الحشد» الذي أقره مجلس النواب العام الماضي، وألحق مؤسسة الحشد بالمنظومة الأمنية للدولة، فإن الصدر يجدد طلبه السعي الحثيث والجاد من أجل «دمج العناصر المنضبطة في الحشد الشعبي مع القوات الأمنية»، الأمر الذي يكشف عن عدم قبول الصدر بدمج جميع عناصر الحشد في الجيش، خصوصًا ما درج على تسميته منهم بـ«الميليشيات الوقحة»، وطالب بـ«غلق جميع مقرات الفصائل المسلحة».
وفي إشارة إلى مجموعة المستشارين العسكريين، والقوات المختلفة الداعمة للعراق في حربه ضد «داعش»، الموجودة على الأراضي العراقية، طالب الصدر الحكومة «بخروج جميع القوات المحتلة والصديقة من الأراضي العراقية للحفاظ على هيبة الدولة وسيادتها».
وتحدث الصدر، في مبادرته، عن ضرورة إدامة الحوار السياسي الجاد والفاعل من أجل الحفاظ على وحدة العراق وأمنه وسيادته، وضرورة تأمين الحدود العراقية كافة بواسطة الجيش العراقي وقوات حرس الحدود حصرًا.
كما طالب بـ«جمع السلاح المتناثر في العراق، وتسليمه إلى الدولة، من خلال آليات واضحة صارمة». ودعا إلى وقفه جادة في المناطق المحررة لإنهاء جميع الصراعات، وإبعاد المتعاونين مع الإرهاب، من خلال «تشكيل لجان أهلية عشائرية تعنى بالخدمة الشعبية، والسعي لإجراء انتخابات أولية محلية، وإشراف أممي على العملية السياسية في تلك المناطق».
وشدد الصدر، في الفقرة الثالثة والعشرين، على ضرورة عدم التدخل في شؤون الدول المجاورة، ورفض تدخلها.
وفي فقرة تذكّر بخصامه السياسي مع غريمه رئيس الوزراء السابق نائب الرئيس الحالي نوري المالكي، شدد على «ضرورة إتمام التحقيق في قضية سقوط الموصل ومجزرة سبايكر»، إذ يحمّل الصدر ضمنًا نوري المالكي مسؤولية سقوط الموصل، باعتباره القائد العام للقوات المسلحة، حينذاك.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.