بدء سريان وقف إطلاق النار جنوب شرقي أوكرانيا

أعلنت هيئة أركان القوات الأوكرانية، مساء أمس، سحب الأسلحة الثقيلة من خطوط التماس في دونباس. وأكد ليونيد ماتيوخين، المتحدث الرسمي باسم هيئة الأركان الأوكرانية، في حديث لوكالة «تاس» بدء القوات الأوكرانية سحب الآليات الثقيلة، التي ينص عليها اتفاق مينسك (الخاص بتسوية النزاع جنوب شرقي أوكرانيا) في وقت مبكر، معربا عن أمله «أن يقوم الجانب الآخر في نهاية المطاف بسحب آلياته كذلك». وأوضح أن عملية الفصل بين القوى المتحاربة في «ستانيتي لوغانسك» سيتم «في حال عدم حدوث عمليات قصف طيلة أسبوع».
وكانت المواجهات قد تجددت نهاية شهر يناير (كانون الثاني) على خطوط التماس بين القوات الحكومية الأوكرانية من جانب، والميليشيات المسلحة في منطقة دونباس من جانب آخر، وشهدت المواجهات المسلحة والقصف مستويات غير مسبوقة من العنف، في ظل تبادل الطرفين للاتهامات بخرق وقف إطلاق النار.
وبانتظار أن تتضح الأمور اليوم بشأن التزام الأطراف المتصارعة جنوب شرقي أوكرانيا؛ ما سيؤدي إلى تهدئة الوضع عسكريا، ظهرت على الجانب السياسي معطيات جديدة، قد تزيد من تعقيدات المشهد، بحال فشلت الجهود الدولية في تسوية الأزمة الأوكرانية.
في هذا السياق، تجدر الإشارة إلى قرار اتخذه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ينص على اعتراف السلطات الروسية بالثبوتيات الصادرة عن السلطات المحلية في دونيتسك ولوغانسك، أو ما يطلق عليه «جمهورية دونيتسك» و«جمهورية لوغانسك». وجاء في نص القرار، أن تلك التدابير مؤقتة وسيستمر العمل بها «إلى حين التوصل إلى تسوية سياسية للوضع في مناطق محددة من مقاطعتي لوغانسك ودونيتسك الأوكرانيتين، بموجب اتفاقيات مينسك». وأكد الكرملين، أن الدافع وراء اتخاذ ذلك القرار إنساني بالمطلق، وتم اتخاذه بغية تسهيل الوضع الإنساني للمدنيين في مناطق جنوب شرقي أوكرانيا. وقد وصف الرئيس الأوكراني بيوتر بوروشينكو ذلك القرار الروسي بأنه انتهاك جديد من جانب موسكو للقانون الدولي. أما القادة المحليون في دونيتسك ولوغانسك، فقد رأوا في قرار الكرملين اعترافا باستقلالهم، وقال إيغور بلوتنيسكي، زعيم ما يسمى «جمهورية دونيتسك» المعلنة من جانب الميليشيات المحلية: إن «الجمهورية قد قامت»، ووصف قرار بوتين بأنه «قرار مصيري»، واعتبره «دليلا آخر على أن الجمهورية قد قامت»، معربا عن قناعته بأن اعتراف روسيا بالوثائق الصادرة عن السلطات المحلية «خطة إضافية تجعل الجمهورية (لوغانسك) أقرب إلى الاعتراف الدولي باستقلالها». من جانبه، قال ألكسندر زاخارتشينكو، زعيم ما يسمى «جمهورية دونيتسك الشعبية» التي أعلنت عنها الميليشيات المحلية المدعومة من موسكو، قال إن قرار الكرملين «دليل إضافي يؤكد أن روسيا تدعم وستواصل دعم حقوق أبنائها في الدفاع عن حياتهم، وثقافتهم ولغتهم، وعن كرامتهم وشرفهم»، واصفا روسيا «الوطن الأم».
ويحذر مراقبون من أن تكون تلك الخطوة مقدمة لتطبيق روسيا سيناريو أبخازيا في مناطق جنوب شرقي أوكرانيا، أي أن تكرر ما جرى في أبخازيا، حين تدخلت عسكريا للدفاع عن المواطنين المحليين، الذين يحملون جنسيات روسية، وتمكنت بذلك الشكل من تثبيت وجودها العسكري هناك. ويرى البعض أن مثل هذا التطور غير مستبعد في حال فشلت الجهود السياسية في تسوية الأزمة؛ الأمر الذي قد يفرض على موسكو القيام بخطوات تحول دون استمرار القتال بالقرب من حدودها، والتوغل في عمق الأراضي الأوكرانية، نحو خطوط التماس بين القوات في دونباس والقوات الأوكرانية، وتشكيل مجموعة حفظ سلام هناك. إلا أن الكرملين يرفض كل تلك التوقعات.
في شأن متصل، أفادت صحيفة «نيويورك تايمز» بأن المحامي الشخصي للرئيس الأميركي سلم أحد المقربين من دونالد ترمب مشروع خطة سلام لأوكرانيا، وضعها أشخاص ليسوا دبلوماسيين.
وفي موسكو، أعلن الكرملين أنه ليس على علم بمثل هذه الخطة، ووصف إحدى النقاط الواردة فيها والتي تنص على استئجار روسيا للقرم على مدى 50 أو مائة عام بأنها «سخيفة». وبحسب الصحيفة الأميركية، فإن هذه الخطة نقلها مايكل كوهين، محامي ترمب إلى مايكل فلين، الذي كان يتولى منصب مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض واستقال منذ ذلك الحين على خلفية اتهامات بإجراء اتصالات غير مناسبة مع السفير الروسي في واشنطن. والخطة المفترضة تتطرق إلى احتمال رفع العقوبات عن روسيا مقابل سحب القوات الروسية من شرق أوكرانيا. وتنص أيضا في بنود أخرى على إجراء استفتاء أوكراني حول تأجير القرم على مدى 50 أو مائة عام إلى روسيا، بحسب ما ذكرت صحيفة «نيويورك تايمز». لكن لا شيء يدل على أن فلين قرأ النص أو أن هذه الخطة عرضت على الرئيس الأميركي.
وردا على سؤال حول هذه المسألة، أعلن الكرملين أنه ليس على علم بمثل هذه المبادرة، مشددا على احترام اتفاقات السلام الموقعة. وقال الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف، أمس: «أولا، نحن لا نعلم شيئا عن مثل هذه الخطط، وثانيا نحن نعلم بأن اتفاقات مينسك ليس لها بديل، وثالثا كيف يمكن لروسيا أن تستأجر أراضيها الخاصة؟ حتى هذه المسألة سخيفة».