انطلاق معركة تحرير الجانب الأيمن من الموصل من جنوبها

قائد عمليات نينوى لـ«الشرق الأوسط»: «داعش» فقد قدراته والمعركة الآن أسهل

رتل من الدبابات والعربات المصفحة تابع للقوات العراقية يتقدم نحو قرية شيخ يونس جنوب الموصل أمس (أ.ف.ب)
رتل من الدبابات والعربات المصفحة تابع للقوات العراقية يتقدم نحو قرية شيخ يونس جنوب الموصل أمس (أ.ف.ب)
TT

انطلاق معركة تحرير الجانب الأيمن من الموصل من جنوبها

رتل من الدبابات والعربات المصفحة تابع للقوات العراقية يتقدم نحو قرية شيخ يونس جنوب الموصل أمس (أ.ف.ب)
رتل من الدبابات والعربات المصفحة تابع للقوات العراقية يتقدم نحو قرية شيخ يونس جنوب الموصل أمس (أ.ف.ب)

أعلن رئيس مجلس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة العراقية حيدر العبادي صباح أمس، عقب عودته من مؤتمر ميونيخ للأمن، انطلاق الصفحة الثالثة من عمليات «قادمون يا نينوى». وقال العبادي في بيان مقتضب، بثه تلفزيون «العراقية» شبه الرسمي: «نعلن انطلاق صفحة جديدة من عمليات قادمون يا نينوى لتحرير الجانب الأيمن من الموصل كما حررنا المناطق الأخرى»، مضيفا «لتنطلق قواتنا البطلة لتحرير ما تبقى من هذه المدينة والمواطنين من بطش (داعش) وتخلصهم للأبد من الإرهاب»، ومؤكدا «أن مهمتنا الرئيسية هي تحرير الإنسان قبل الأرض».
وحث العبادي قواته على «الاهتمام بالمواطنين وتوفير الخدمات لهم والتعامل معهم بكل إنسانية وتقديم جميع المستلزمات للنازحين».
ويأتي انطلاق معركة استعادة الجانب الأيمن لمدينة الموصل بعد نحو شهر من تحرير الساحل الأيسر في 24 يناير (كانون الثاني) 2017. وبنحو 5 أشهر من الهجوم الذي شنته القوات الحكومية لاستعادة الموصل في 17 أكتوبر (تشرين الأول) 2016.
وكانت طائرات القوة الجوية العراقية ألقت قبل بدء العملية ملايين المنشورات على الجانب الأيمن، وتضمنت توجيهات وتوصيات إلى المواطنين، ودعت عناصر «داعش» إلى لقاء أسلحتهم والاستسلام.
بدوره، توقّع اللواء نجم الجبوري قائد «عملية تحرير نينوى» في اتصال مع «الشرق الأوسط»، أن تكون معركة الجانب الأيمن «أسهل من معركة الجانب الأيسر، لأن (داعش) فقد قدراته القتالية نتيجة الضغط المستمر عليه، إلى جانب القصف الجوي المتواصل من طيران الجيش والتحالف الدولي». وكان أحد قادة التحالف الدولي قال: إن «معركة الموصل صعبة على أي جيش في العالم».
لكن اللواء الجبوري، يرى أن «القادة العسكريين انقسموا في شأن معركة الجانب الأيمن، وهذا انقسام طبيعي، منهم من يقول: إنها معركة شرسة وأصعب من الأيسر، وآخرون يرون أنها أسهل». وبشأن التوقيت المحدد لانتهاء المعركة، قال قائد العمليات: «ليس لدينا سقف زمني محدد، المهم بالنسبة لنا المحافظة على أهلنا، وذلك لا يعني أننا نضع سقفا مفتوحا لانتهاء المعركة، إنما نتطلع لتحرير كامل الموصل ومحافظة نينوى بأسرع وقت».
وعن أهم تحديات المعركة، ذكر اللواء نجم الجبوري، أنها «نفس التحديات التي واجهتنا في الجانب الأيسر، لكن الكثافة السكانية في الأيمن إلى جانب وجود الأزقة الضيقة في المدينة القديمة سيمثل تحديا آخر». وأشار إلى أنه ليس لدى قواته إحصاءات محددة بشأن أعداد مقاتلي «داعش» في الجانب الأيمن، لكن يرى أن «العدد لا يمثل الفيصل أو النقطة الحاسمة في هذه المعركة، فقسم من عناصر (داعش) يقاتل بقوة، فيما لا يقاتل البعض كذلك، لكنهم انساقوا مع (داعش) لظروف مختلفة وقادرون على استمالتهم لصالحنا».
ولفت اللواء الجبوري إلى أن معركة الجانب الغربي انطلقت جنوب الموصل، وأنه لدى قيادة العمليات الكثير من الجسور العسكرية التي بالإمكان نصبها عبر نهر دجلة من الضفة اليسرى بعد تدمير الجسور الخمسة الأساسية الرابطة بين ضفتي النهر، لكن القوات لا تنصب جسورها إلا بعد طرد (داعش) من الضفة اليمنى حتى لا تتعرض للقصف من قبل عناصر التنظيم.
وأكد اللواء الجبوري ما أعلنه التحالف الدولي أول من أمس، بشأن تدريب أكثر من خمسة آلاف عراقي للمساعدة في الاحتفاظ بالمناطق المحررة شرق مدينة الموصل ودعم القتال في غرب المدينة لانتزاعها من عصابات «داعش» الإرهابية، كاشفا عن أن «قوة مؤلفة من 3 آلاف شرطي من أهالي الموصل أكملت تدريبها وتتهيأ لمسك الأرض في الساحل الأيسر».
إلى ذلك، أعلن قائد عمليات «قادمون يا نينوى» الفريق الركن عبد الأمير رشيد يار الله، أن الشرطة الاتحادية حررت قرى (عذبة، اللزّاكة، الكافور، الجمّاسة، البجواري، الكنيطرة الأبيض، والإبراهيمية)، وسيطرت على محطة الكهرباء الرئيسية في لزّاكة. وأعلنت «خلية الإعلام الحربي» وقوع هجومين بحزامين ناسفين في حيي الزهور والنبي يونس في الجانب الأيسر من الموصل، وأبلغ شهود عيان «الشرق الأوسط» أن الهجوم الأول استهدف مخبزا يرتاده مواطنون عاديون وجنود من حشد العشائر، فيما استهدف الثاني مقرا للجيش في تقاطع الحمّام قرب النبي يونس وأسفرا عن مقتل 4 بضمنهم ضابط برتبة نقيب وجرح 9 آخرين بضمنهم 6 عسكريين.
وأعلنت خلية الإعلام أيضا، أن الفرقة المدرعة التاسعة حررت قرى الحسينية والشيخ يونس والحراقيات غرب الساحل الأيمن، كما تمكنت فرقة العباس القتالية في «الحشد الشعبي» واللواء 36 الفرقة المدرعة التاسعة من تحرير تل كيصوم ووصلت قطعاتهم إلى مشارف سلسلة جبال عطشانة.
ولا تشارك قوات مكافحة الإرهاب، أبرز القوات العراقية التي تشارك في معركة الموصل، في الهجوم. ويتوقع أن تقوم بعملية اختراق للجانب الغربي خلال الأيام المقبلة. أما قوات الحشد الشعبي، التي تضم فصائل شيعية مدعومة من إيران، فتنتشر في مواقع على الجبهة الجنوبية الغربية من الموصل، وتفرض حصارا على معاقل المتطرفين في بلدة تلعفر (غرب الموصل)، وتمكنت من قطع خطوط إمداد «داعش» بين الموصل وسوريا. وتتواجد قوات متفرقة على الجانب الشرقي من الموصل الذي استعيدت السيطرة عليه الشهر الماضي، من دون أن يشهد هذا الجانب تواجدا لقوات البيشمركة الكردية التي تتمركز في مواقع تمتد إلى شرق وشمال الموصل.
وحسب وكالة الصحافة الفرنسية فإن الهدف الرئيس للقوات العراقية خلال عملية غرب الموصل سيكون باتجاه المطار والقاعدة العسكرية القريبة منه. وتسعى القوات العراقية إلى اختراق الجانب الغربي من الموصل حيث الكثافة السكانية العالية، من جهات عدة، تشمل استخدام جسور عائمة لعبور نهر دجلة من الجانب الشرقي.



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.