أنقرة تنتقد السياسة الطائفية لطهران في المنطقة

جاويش أوغلو أكد من «منصة ميونيخ» أن إيران تعمل على زعزعة الاستقرار

وزير الخارجية التركي يتحدث في ميونيخ أمس (إ.ب.أ)
وزير الخارجية التركي يتحدث في ميونيخ أمس (إ.ب.أ)
TT

أنقرة تنتقد السياسة الطائفية لطهران في المنطقة

وزير الخارجية التركي يتحدث في ميونيخ أمس (إ.ب.أ)
وزير الخارجية التركي يتحدث في ميونيخ أمس (إ.ب.أ)

قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو إن الدور الإيراني في المنطقة يعمل على زعزعة الاستقرار، لافتا إلى أن إيران تسعى لتحويل سوريا والعراق إلى دولتين شيعيتين.
ودعا جاويش أوغلو خلال الدورة 53 لمؤتمر ميونيخ للأمن أمس، طهران إلى إنهاء الممارسات التي من شأنها زعزعة استقرار وأمن المنطقة، مؤكدا أنه لا يجب اتخاذ خطوات على أسس عنصرية ومذهبية في منطقة الشرق الأوسط، وقال: «نحن جميعًا بحاجة إلى حل دائم وشامل والشعور بالمسؤولية تجاه المنطقة احتياج عام ولا بد من التعاون والتضامن».
وانتقد جاويش أوغلو ما سماها «سياسة إيرانية طائفية» تهدف إلى تقويض البحرين والسعودية. وقال الوزير التركي: «تركيا تعارض تمامًا أي انقسام سواء كان دينيا أو طائفيا».
واعتبر أن الدور الإيراني في المنطقة «يزعزع الاستقرار، خاصة أن طهران تسعى لنشر التشيّع في سوريا والعراق»، بحسب ما نقلت عنه وكالة أنباء الأناضول الرسمية.
وحول الملف السوري، شدد جاويش أوغلو على أن جنيف هي المكان الأساسي لحل الأزمة تحت رعاية الأمم المتحدة، معتبرا أن اجتماعات آستانة التي عقدت في يناير (كانون الثاني) الماضي وفبراير (شباط) الحالي تحت رعاية تركية روسية إيرانية وبحضور ممثلين عن المعارضة السورية ونظام الأسد «لم تكن أبدا بديلاً عن محادثات جنيف لكنها كانت خطوة جيدة في بناء الثقة والمساعدة في الحفاظ على وقف إطلاق النار. هي خطوة إلى الأمام ونحتاج الآن إلى استكمال محادثات جنيف، والتي تشكل أساس الحل والتحول السياسي».
ومن المقرر أن تعقد مباحثات جنيف في 23 فبراير الحالي بعد أن توصل اجتماع آستانة الأول في 23 و24 يناير الماضي إلى اتفاق على آلية ثلاثية لتطبيق وقف إطلاق النار في سوريا، توافقت عليه الأطراف بإشراف من تركيا وروسيا وإيران. ولا يزال الاتفاق يشهد خروقات بين الحين والآخر، على شكل قصف من الطائرات الروسية أو النظام.
وقال جاويش أوغلو إن التنظيمات الإرهابية في سوريا تتبادل بيع السلاح، مبديًا استغرابه من اعتماد الولايات المتحدة على قوات وحدات حماية الشعب الكردية لمحاربة تنظيم إرهابي هو «داعش». ولفت جاويش أوغلو إلى وجود رغبة لدى القوات الكردية بالسيطرة على مزيد من الأراضي في سوريا وأن حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري يقوم بطرد كل شخص لا يتوافق مع آرائه في مناطق نفوذه في سوريا، وأجبر العرب السنة على مغادرة المدن، معتبرًا أن هذا الأمر «تطهير عرقي».
وتساءل ما إذا كانت القوات الكردية تعمل من أجل وحدة الأراضي السورية، وأجاب قائلا: «لا، بالعكس هؤلاء لهم أجنداتهم الخاصة، يريدون إنشاء كانتونات، ونحن لا نقبل إنشاء دولة إرهابية في شمالي سوريا أو العراق».
وفيما يتعلق بمحاربة تنظيم داعش، أشار جاويش أوغلو إلى نجاح عملية «درع الفرات» وأهميتها في محاربة التنظيم، في المناطق التي يسيطر عليها في سوريا، عبر دعم القوى المحلية، في إشارة للجيش السوري الحر.
في سياق آخر، أكد جاويش أوغلو على دعم بلاده للعملية العسكرية التي تقوم بها العراق لتطهير الموصل من تنظيم داعش الإرهابي. كما أكد أهمية أن «تتعاون الحكومية العراقية مع القوات والأطراف الصحيحة»، وأن تراعي مخاوف وقلق الشعب، مشيرًا إلى أن غياب هذه الرؤية سيشكل أرضية صلبة للتنظيمات الإرهابية.
وأجرى جاويش أوغلو سلسلة من اللقاءات الثنائية مع عدد من نظرائه، على هامش مؤتمر ميونيخ للأمن، واجتماع وزراء خارجية مجموعة العشرين. وبحسب مصادر في الخارجية التركية، عقد جاويش أوغلو 22 لقاءً ثنائيًا، بحث خلالها القضايا المتعلقة بالتنمية المستدامة، والأمن ومكافحة الإرهاب، والأوضاع على الساحتين الإقليمية والدولية، لا سيما في سوريا.
وأبرز من التقى بهم جاويش أوغلو نظراؤه، الأميركي ريكس تيلرسون، والروسي سيرغي لافروف، والكندية كريستيا فريلاند، والإيطالي أنجيلينو ألفانو، والياباني فوميو كيشيدا، والفرنسي جان مارك أيرولت، والأردني أيمن الصفدي، والإيراني محمد جواد ظريف، والممثلة العليا للأمن والسياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني.
من جانبه، بحث رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم مع رئيس إقليم كردستان العراق مسعود بارزاني سبل مكافحة الإرهاب.
وقالت مصادر في رئاسة الوزراء التركية إن يلدريم وبارزاني أكدا خلال لقائهما في ميونيخ التزام الجانبين بمكافحة الإرهاب، وتناولا حالة الدمار التي سببته المجموعات الإرهابية في المنطقة. وأكد يلدريم أهمية التنسيق بين الجانبين.
وشارك في اللقاء الذي جاء على هامش المشاركة في مؤتمر ميونيخ للأمن، من الجانب التركي وزراء الاتحاد الأوروبي وكبير المفاوضين الأتراك عمر جليك، والخارجية مولود جاويش أوغلو، ومستشار وزارة الخارجية أوميد يالجين، ورئيس المخابرات التركية هاكان فيدان، وسفير تركيا لدى برلين علي كمال آيدن.
في غضون ذلك، علق المتحدث باسم الخارجية الإيرانية بهرام قاسمي على التصريحات التي أدلى بها وزير الخارجية التركي في ميونيخ أمس، معتبرًا أنها «غير بناءة». وقال قاسمي: «الذين يحلمون بإقامة إمبراطورية ويقومون بتدخلات غير قانونية وغير مشروعة ودعموا منظمات إرهابية وتسببوا في إراقة الدماء وارتفاع التوتر وزعزعة استقرار المنطقة، لا يمكنهم أن يتخلوا عن مسؤولياتهم عبر الهروب إلى الأمام». وأضاف قاسمي، حسبما جاء في الموقع الإلكتروني لوزارة الخارجية الإيرانية: «لا توجد جهة مثلهم تتحمل مسؤولية عدم الاستقرار في المنطقة، ومن أجل ذلك، ينبغي ألا يتهموا الآخرين حتى ينجوا من الدوامة التي افتعلوها بأيديهم». وذكر المتحدث باسم الخارجية الإيرانية أن سياسات بلاده قائمة على حفظ الاستقرار والأمن لكل دول المنطقة والجيران، «وهو الدور الذي تعترف وترحب به كل الدول المنصفة»، على حد قوله.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.