دعوات سعودية ـ أميركية لوضع حد لسياسات إيران في المنطقة

الجبير يتهم طهران برعاية الإرهاب العالمي... ومشرعون في الكونغرس يدعون إلى عقوبات جديدة عليها

وزير الخارجية السعودي يلقي خطابه أمام مؤتمر ميونيخ أمس (رويترز)
وزير الخارجية السعودي يلقي خطابه أمام مؤتمر ميونيخ أمس (رويترز)
TT

دعوات سعودية ـ أميركية لوضع حد لسياسات إيران في المنطقة

وزير الخارجية السعودي يلقي خطابه أمام مؤتمر ميونيخ أمس (رويترز)
وزير الخارجية السعودي يلقي خطابه أمام مؤتمر ميونيخ أمس (رويترز)

تكثفت الدعوات السعودية والأميركية على هامش أشغال مؤتمر ميونيخ للأمن أمس، لوضع حد لسياسات إيران في المنطقة، فقد شدد وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، على أن طهران هي الراعي الرئيسي للإرهاب في العالم، وقوة مزعزعة للاستقرار في الشرق الأوسط وتريد «تدميرنا». وأضاف للوفود المشاركة في مؤتمر ميونيخ للأمن أن إيران تبقى الراعي الرئيسي المنفرد للإرهاب في العالم، وهي مصرة على قلب النظام في منطقة الشرق الأوسط، «وإن لم تغير إيران سلوكها سيكون من الصعب جدًا التعاون مع دولة مثل هذه». وبعدما عرج الجبير على الدعم الذي تقدمه إيران إلى رئيس النظام السوري بشار الأسد وتمويلها الانفصاليين الحوثيين في اليمن وجماعات العنف في أنحاء المنطقة، شدد على أن المجتمع الدولي بحاجة إلى وضع «خطوط حمراء» واضحة لوقف تصرفات إيران.
بدوره، كشف عضو في مجلس الشيوخ الأميركي أن أعضاء جمهوريين في المجلس يعتزمون تقديم تشريع لفرض عقوبات جديدة على إيران، بسبب إجرائها اختبارات على صواريخ باليستية في انتهاك لقرارات مجلس الأمن الدولي والعمل على «زعزعة استقرار الشرق الأوسط». وقال السيناتور الأميركي ليندسي غراهام، عضو لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ في مؤتمر ميونيخ: «أعتقد أن الوقت قد حان كي يواجه الكونغرس إيران مباشرة فيما يتعلق بما فعلته خارج البرنامج النووي»، مضيفًا أنه وأعضاء جمهوريين آخرين سيطرحون إجراءات لتحميل إيران مسؤولية أفعالها.
وتصاعدت حدة التوترات بين طهران وواشنطن منذ أن أجرت إيران تجربة على صاروخ باليستي، مما دفع إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب لفرض عقوبات على أفراد وهيئات على صلة بقوات الحرس الثوري الإيراني.
وقال غراهام إن «إيران لاعب سيئ بكل معنى الكلمة، حيث يتعلق الأمر بالمنطقة. أقول لإيران إذا أردتم أن نعاملكم بشكل مختلف أوقفوا إنتاج الصواريخ وتجربة إطلاقها في تحدٍ لقرار الأمم المتحدة وكتابة عبارة (الموت لإسرائيل) على الصاروخ. فهذه رسالة مشوشة». وعلى المنوال نفسه، قال السيناتور كريستوفر ميرفي، عضو لجنة الشؤون الخارجية بمجلس الشيوخ في الجلسة نفسها من المؤتمر، إنه ليس هناك ما يمنع المجلس من فرض عقوبات تتجاوز تلك التي رفعت نتيجة الاتفاق النووي المبرم مع إيران. وقال ميرفي وهو ديمقراطي، إنه أيّد الاتفاق بناء على فهم واضح، وهو أنه لن يمنع الكونغرس من اتخاذ إجراءات ضد إيران خارج نطاق المسألة النووية. وتابع ميرفي مشيرًا إلى تجربة إيران الصاروخية: «سيجرى حوار بشأن ما هو الرد المناسب لذلك، لكنني لا أعتقد بالضرورة أنه سيكون هناك انقسام حزبي بشأن ما إذا كنا في الكونغرس قادرين على الحديث عن قضايا خارج إطار الاتفاق النووي أم لا».
وتابع أن الولايات المتحدة تحتاج لتحديد ما إذا كانت تريد القيام بدور أوسع في الصراع الإقليمي. ومضى يقول: «يتعين أن نتخذ قرارًا بشأن ما إذا كنا سننخرط بدرجة أكبر مما نحن عليه الآن أم لا».
وأمام ما يشبه الإجماع على إدانة دور إيران في المنطقة، تحدث وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف في مؤتمر ميونيخ، أمس، عن الجهود التي تبذلها بلاده من أجل تحسين العلاقات مع دول الخليج العربية وحثها على التعاون مع إيران لمعالجة «أسباب القلق» والعنف في المنطقة، على حد قوله.
ولدى سؤاله حول ما إذا كانت طهران ستنظر في إجراء حوار على مستوى المنطقة يشمل إسرائيل أم لا، قال ظريف للمندوبين في مؤتمر ميونيخ الأمني: «بالنسبة للحوار الإقليمي (توقعاتي) متواضعة. أركز على الخليج. لدينا ما يكفي من المشكلات في هذه المنطقة، لذا نريد بدء حوار مع دول نعتبرها إخوة في الإسلام». وأضاف ظريف: «نحتاج لمعالجة المشكلات المشتركة والتصورات التي أثارت القلق ومستوى العنف في المنطقة». وخلال كلمته انتقد ظريف ما سماه الفكر «التكفيري»، ونفى التلميحات بأن بلاده ستسعى لتطوير أسلحة نووية.
والأسبوع الماضي قام الرئيس الإيراني حسن روحاني بجولة قادته إلى سلطنة عمان والكويت في محاولة لتحسين العلاقات في أول جولة خليجية له منذ تولي السلطة عام 2013. وتتهم الدول الست الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي إيران باستخدام الطائفية للتدخل في الدول العربية ومد نفوذها في الشرق الأوسط.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم