أفريقيا تواجه تحديات جديدة من «القاعدة»

قوات «حفظ السلام» أُرسلت إلى 69 صراعًا ما بين حروب أهلية ونزاعات حدودية

جندي من قوات حفظ السلام في دورية بشمال تمبكتو في مالي (واشنطن بوست)
جندي من قوات حفظ السلام في دورية بشمال تمبكتو في مالي (واشنطن بوست)
TT

أفريقيا تواجه تحديات جديدة من «القاعدة»

جندي من قوات حفظ السلام في دورية بشمال تمبكتو في مالي (واشنطن بوست)
جندي من قوات حفظ السلام في دورية بشمال تمبكتو في مالي (واشنطن بوست)

منذ الحرب العالمية الثانية، أرسلت قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة إلى 69 صراعًا ما بين الحروب الأهلية، والنزاعات الحدودية، والدول الفاشلة. ولكن الآن، باتت تلك القوات تواجه تهديدًا جديدًا مثيرًا للمزيد من القلق من «القاعدة».
وهنا في الصحراء الشاسعة، التي ينعدم فيها تطبيق القانون في شمال غربي أفريقيا، يجري تمزيق قوافل حفظ السلام بواسطة العبوات الناسفة، وتفجير مراكز الإعاشة بواسطة السيارات المفخخة. وهي الأزمة التي تبدو هائلة مثل الحروب البرية التي خاضتها الولايات المتحدة الأميركية في العراق وأفغانستان بأكثر من حالات وقف إطلاق النار التي تراقبها البعثات التابعة للأمم المتحدة.
وخلال السنوات الأربع الماضية، تعرض 118 جنديًا من قوات حفظ السلام للقتل؛ مما يجعل بعثة الأمم المتحدة في مالي، والمعروفة باسم «MINUSMA»، هي من أخطر البعثات الأممية على الإطلاق. وأثار حمام الدم هناك المزيد من التساؤلات حول كيف يمكن للمنظمة التي تأسست في أربعينات القرن الماضي أن تخدم العالم المعاصر في وجه التهديدات من تنظيمي داعش والقاعدة. وتلك القضية هي من القوة والتأثير لا سيما مع اعتبار التوقعات بأن قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة سوف تذهب للخدمة في أماكن مثل سوريا وليبيا.
يقول العقيد الهولندي مايك كيرخوف، قائد وحدة الاستخبارات التابعة للأمم المتحدة في مالي: «لا يعتبر هذا نهاية لهذا النوع من المهام والبعثات. بل إنها مجرد البداية. إننا نحاول تعلم هذه الدروس هنا، بدلاً من العراق أو ليبيا أو سوريا».
في عام 2012، استغل المتطرفون التابعون لتنظيم القاعدة انتفاضة الطوارق وانطلقوا للاستيلاء على المدن في جميع أنحاء مالي، واستمروا على ذلك لمدة عام كامل حتى تم إجبارهم على التراجع في مواجهة التدخل العسكري الفرنسي. عندما وصلت قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة البالغ عددها 11 ألف جندي في عام 2013، كان من المفترض عليهم حماية اتفاق السلام الوليد وتدريب قوات الجيش المالي. ولكن المتطرفين الإسلاميين أعادوا تجميع صفوفهم عبر أرجاء المنطقة. ولم يمر وقت طويل قبل أن يبدأ المتطرفون في استهداف قوات حفظ السلام، والتي يصفونها بقولهم: «قوات الاحتلال الصليبي».
يقف ضابط شرطة تابع للأمم المتحدة في دورية حراسة ليلية في مدينة تمبكتو الشمالية. وبعثة الأمم المتحدة في مالي هي المرة الأولى التي أرسلت فيها فرقة كبيرة من قوات حفظ السلام لمساعدة الدولة على استعادة السيطرة على المناطق المتنازع عليها من قبل الجماعات الإرهابية.
لم تكن الأمم المتحدة على استعداد كبير لمواجهة مثل هذه التهديدات. فلقد جلبت أغلب القوات المشاركة من أفريقيا وجنوب آسيا برفقتها الدبابات والمركبات التي كانت بمثابة الأهداف السهلة للمتفجرات، على العكس من المركبات الأميركية المقاومة للألغام. ومجمعات الأمم المتحدة، التي تنتشر فيها الحاويات المعدنية التي تحولت إلى مكاتب وغرف للنوم، تقع في محيط غير آمن ومعرضة لخطر السيارات المفخخة الكبير التي يستخدمها تنظيم القاعدة في بلاد المغرب، وهو الذراع الإقليمية للتنظيم الإرهابي. ولفترة من الوقت، لم يكن لدى قوات الأمم المتحدة مروحية هجومية واحدة.
يقول محمد الأمين سيوف، وهو مواطن من جزر القمر، وهو كبير موظفي الأمم المتحدة في غاو، المدينة الواقعة في شمال مالي: «لم نكن مستعدين لمواجهة مثل هذه التحديات». وفي العام الماضي، تعرض المجمع الذي يعيش فيه السيد سيوف للهجوم بواسطة أحد الانتحاريين، وعبرت الشظايا باب منزله الأمامي.
ولكن معضلة الأمم المتحدة تذهب لما هو أبعد من نقص الاستعدادات أو معدات مكافحة الإرهاب. ففي مقرها بمدينة نيويورك، وفي كل أنحاء العالم، يتناقش الدبلوماسيون: هل ينبغي على القوات التابعة للأمم المتحدة المشاركة في مكافحة الإرهاب في المقام الأول؟
يقول بيتر ييو، المسؤول الكبير في «مؤسسة الأمم المتحدة»، وهي منظمة غير هادفة للربح مقرها في واشنطن وتعمل على دعم وتأييد أهداف المنظمة الدولية: «حان الوقت لإدراك أن هذا النوع من أدوار الجبهات الأمامية هو من الأدوار المركزية في مستقبل الأمم المتحدة».
ويقول السيد ييو، وغيره، إنه من دون المقدرة على مكافحة الإرهاب، لا يمكن لقوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة العمل بشكل مثمر في الكثير من مناطق الحروب في العالم.
ولكن نقاد هذا الرأي يقولون إن مثل هذا الدور من شأنه أن ينتهك المبدأ الأساسي لقوات حفظ السلام من الحياد التام، ويجعلهم في نهاية المطاف أقل فاعلية من حيث الاضطلاع بدورهم الرئيسي.
تقول أديتي غورور، مديرة برنامج «حماية المدنيين في مناطق الصراع» التابع لمركز ستيمسون البحثي في العاصمة الأميركية واشنطن: «لا تستخدم قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة القوة المهلكة إلا في حماية أرواح المدنيين، أو لوقف المستغلين من تهديد العملية السلمية، وليس في ملاحقة أي جماعة لتحقيق النصر العسكري عليها».
وإذا اضطرت قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة للدخول في مواجهات أكثر عدوانية لمكافحة الإرهاب، كما تقول هي وغيرها، فمن شأن ذلك أن يلحق الضرر البالغ بمقدرة الأمم المتحدة على التوسط بين الجماعات المتناحرة، والتي قد تتضمن في بعض الأحيان بعض المتطرفين.
ولقد وصفت اللجنة الدولية للصليب الأحمر، التي تعمل بالفعل في مالي، قوات الأمم المتحدة هناك بأنها: «طرف أصيل في النزاع».
وفي عرض الشرائح الذي قدمه للزوار في قاعدته في باماكو، عاصمة البلاد، أدرج العقيد خيرخوف صورة جوية ملتقطة العام الماضي لمجمع يبدو وأنه مستخدم من قبل جماعة إرهابية. وعندما تلقى الصورة، ناقش العقيد خيرخوف ما يتعين عليه القيام به.
قد يخطط الرجال داخل المجمع لشن هجوم جديد على أفراد قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، كما أعتقد، أو شن هجوم ضد المدنيين. وخلال العامين الماضيين، ظل المتطرفون يستخدمون أراضي مالي كنقطة انطلاق في شن الهجمات على الفنادق الفاخرة، والمنتجعات الساحلية، والمطاعم في غرب أفريقيا. وفي عام 2016، شن تنظيم القاعدة وحلفاؤه وفروعه ما لا يقل عن 257 هجومًا في المنطقة، وفقًا لدورية «الحرب الطويلة». ولكن العقيد خيرخوف يعلم أن أقرب كتيبة لقوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، وهي من السنغال، لا تملك السلاح الكافي أو الدعم الجوي للاشتباك في قتال مع الجماعات الإرهابية عبر الحدود الوطنية. وفي نهاية المطاف، قررت قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة عدم الاقتراب من المجمع المشار إليه.
* خدمة «واشنطن بوست»
خاص بـ « الشرق الأوسط»



أكثر من 800 مجموعة مالية أوروبية تتعامل مع شركات مرتبطة بمستوطنات إسرائيلية

وسعت إسرائيل نشاطها الاستيطاني بوتيرة لم يسبق لها مثيل (رويترز)
وسعت إسرائيل نشاطها الاستيطاني بوتيرة لم يسبق لها مثيل (رويترز)
TT

أكثر من 800 مجموعة مالية أوروبية تتعامل مع شركات مرتبطة بمستوطنات إسرائيلية

وسعت إسرائيل نشاطها الاستيطاني بوتيرة لم يسبق لها مثيل (رويترز)
وسعت إسرائيل نشاطها الاستيطاني بوتيرة لم يسبق لها مثيل (رويترز)

أظهرت دراسة أجرتها منظمات للمجتمع المدني، اليوم الثلاثاء، أن أكثر من 800 مؤسسة مالية أوروبية لها علاقات تجارية بشركات مرتبطة بالمستوطنات الإسرائيلية.

ووفقاً لـ«رويترز»، وسعت إسرائيل نشاطها الاستيطاني بوتيرة لم يسبق لها مثيل، ويأمل بعض المستوطنين أن يساعدهم الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب في تحقيق حلم فرض السيادة على الضفة الغربية التي يعدها الفلسطينيون محور دولة لهم في المستقبل.

وأدى العنف المتزايد للمستوطنين إلى فرض عقوبات أميركية، وقالت بعض الشركات إنها ستوقف أعمالها في الضفة الغربية المحتلة.

وأفاد تقرير تحالف منظمات «لا تشتري من الاحتلال» بأن 822 مؤسسة مالية في المجمل أقامت علاقات هذا العام مع 58 شركة «ضالعة بنشاط» في المستوطنات الإسرائيلية ارتفاعاً من 776 مؤسسة في 2023.

ودعت منظمات المجتمع المدني إلى تشديد التدقيق وسحب الاستثمارات إذا لزم الأمر.

وقال أندرو بريستون، من منظمة المساعدات الشعبية النرويجية، وهي واحدة من 25 منظمة مجتمع مدني أوروبية وفلسطينية أجرت البحث: «المؤشر هو أن الأمور تسير في الاتجاه الخطأ».

وقال لنادي جنيف للصحافة حيث قُدم التقرير: «نرى أنه يجب على المؤسسات المالية الأوروبية معاودة تقييم نهجها بشكل عاجل تجاه الشركات الضالعة في الاحتلال غير القانوني».

ولم ترد وزارة المالية الإسرائيلية بعد على طلب للتعليق.

ويبلغ طول الضفة الغربية نحو 100 كيلومتر وعرضها 50، وتقع في لب الصراع الإسرائيلي الفلسطيني منذ استيلاء إسرائيل عليها في حرب عام 1967.

وتعد معظم الدول الضفة الغربية أرضاً محتلة، وأن المستوطنات غير قانونية بموجب القانون الدولي، وهو الموقف الذي أيدته أعلى محكمة تابعة للأمم المتحدة في يوليو (تموز).

وأفاد التقرير بأن بنوكاً كبرى منها «بي إن بي باريبا» و«إتش إس بي سي» من بين الشركات الأوروبية المدرجة على القائمة. ولم ترد البنوك بعد على طلب للتعليق.

وأفاد التقرير بأن الشركات الضالعة بنشاط في المستوطنات وعددها 58 تشمل شركة كاتربيلر لصناعة الآلات الثقيلة، بالإضافة إلى موقعي السفر «بوكينغ» و«إكسبيديا». ولم ترد أي من هذه الشركات بعد على طلب للتعليق.

وقالت «بوكينغ» في وقت سابق إنها حدثت إرشاداتها لمنح العملاء مزيداً من المعلومات لاتخاذ قرارات مستنيرة بشأن المناطق المتنازع عليها والمتأثرة بالصراع. وقالت «إكسبيديا» إن أماكن الإقامة الخاصة بها محددة بوضوح على أنها مستوطنات إسرائيلية تقع في الأراضي الفلسطينية.

وكثير من الشركات المذكورة في التقرير، ولكن ليس كلها، مدرج أيضاً في قاعدة بيانات الأمم المتحدة للشركات التي تتعامل مع المستوطنات الإسرائيلية.

وذكر التقرير أن بعض المؤسسات المالية سحبت استثماراتها من شركات مرتبطة بالمستوطنات الإسرائيلية في السنوات القليلة الماضية، بما في ذلك صندوق التقاعد النرويجي (كيه إل بي).