نتنياهو يؤكد اجتماعه سرًا مع السيسي وعبد الله الثاني

أقر بلقاء في العقبة قبل سنة رفض خلاله «مبادرة سلام إقليمية»

نتنياهو خلال الاجتماع الأسبوعي لحكومته أمس (أ.ف.ب)
نتنياهو خلال الاجتماع الأسبوعي لحكومته أمس (أ.ف.ب)
TT

نتنياهو يؤكد اجتماعه سرًا مع السيسي وعبد الله الثاني

نتنياهو خلال الاجتماع الأسبوعي لحكومته أمس (أ.ف.ب)
نتنياهو خلال الاجتماع الأسبوعي لحكومته أمس (أ.ف.ب)

أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الأنباء التي نشرت في تل أبيب، أمس، وكشفت للمرة الأولى انعقاد قمة إسرائيلية - مصرية – أردنية، في مدينة العقبة، على خليج البحر الأحمر. وادعى، خلال جلسة حكومته العادية، أنه كان صاحب مبادرة الدعوة إلى هذا اللقاء، وليس وزير الخارجية الأميركي السابق جون كيري، كما ذكرت صحيفة هآرتس.
وردًا على وزير استهجن انعقاد قمة كهذه، يشارك فيها للمرة الأولى مع الرئيس السيسي، من دون إخبار الحكومة، قال نتنياهو: «أفعل الكثير من أجل عملية السلام، لكنني لا أستطيع أن أكشف كل شيء». غير أن ما نشرته «هآرتس»، أمس، يوضح أن نتنياهو هو من أفشل هذه القمة.
وقالت الصحيفة إن الاجتماع عُقد في مدينة العقبة الأردنية قبل عام بالتمام، وشارك فيه مع السيسي ونتنياهو وكيري العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني. وأشارت إلى أن كيري عرض، خلال اللقاء، «بنود مبادرة سلام إقليمية» شملت اعترافًا بإسرائيل دولة يهودية، واستئناف المفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين، بدعم دول عربية.
وكان لافتًا أن يعود نتنياهو ليطرح «تسوية في إطار إقليمي»، خلال لقاء مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الأسبوع الماضي، رغم أنه امتنع عن الرد بالإيجاب على المقترح العام الماضي، وادعى أنه سيواجه صعوبة في الحصول على تأييد الغالبية داخل ائتلافه اليميني المتطرف. واستخدمت هذه القمة أساسًا لمحادثات بين نتنياهو وبين رئيس المعارضة زعيم كتلة «المعسكر الصهيوني» يتسحاق هرتسوغ، بشأن انضمام الأخير إلى حكومة وحدة.
وبادر إلى تسريب خبر انعقاد القمة السرية عدد من كبار الموظفين السابقين في إدارة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، ورفض نتنياهو هذه المبادرة عمليًا، لكن هذا لم يمنعه من الاستمرار بعدها في المطالبة والتحدث عن وجوب التقدم في «عملية السلام»، من خلال مبادرة كهذه، والاعتراف بـ«الدولة اليهودية».
وحسب تلك المصادر، فإن كيري هو الذي بادر إلى هذه القمة، في أعقاب لقاء عقد يومها في البيت الأبيض بين نتنياهو وأوباما الذي لم يؤمن بجدية رئيس الوزراء الإسرائيلي في استئناف عملية السلام. وفي نوفمبر (تشرين الثاني) 2015، التقى نتنياهو مع كيري، واقترح استئناف المفاوضات بعد القيام ببادرات حسن نية في الضفة الغربية، بينها منح تصاريح بناء «مكثفة» للفلسطينيين في المنطقة ج، مقابل موافقة أميركية على تنفيذ أعمال بناء في الكتل الاستيطانية، من دون أن يوضح ما إذا كان سيجمد البناء خارج الكتل.
وبعد أسبوعين، عقد نتنياهو اجتماعين للمجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية (الكابينيت)، حاول خلالهما تجنيد دعم للخطوات التي اقترحها على كيري. لكن وزيري «البيت اليهودي» نفتالي بينيت وأييليت شاكيد عارضا ذلك بشدة. وبحسب الادعاء، فإن حماسة نتنياهو تراجعت في أعقاب عمليات نفذها فلسطينيون حينذاك. وعندما زار كيري إسرائيل، في 24 نوفمبر 2015، أبلغه نتنياهو بأن الخطوات التي اقترحها قبل ذلك بأسبوعين لن تخرج إلى حيز التنفيذ.
بعد ذلك، التقى كيري مع هرتسوغ للبحث في إمكانية تغيير الائتلاف الحكومي في إسرائيل، ومساعدة نتنياهو على تشكيل حكومة وحدة إسرائيلية، لكنه حصل على إجابة سلبية، بعد أن أوضح هرتسوغ أنه لا يوجد أي مؤشر على إمكانية تغيير سياسة نتنياهو وحكومة اليمين المتطرف. ولم يستسلم كيري، فبلور مع مستشاريه، خلال الشهرين التاليين، وثيقة شملت مبادئ لاستئناف المفاوضات الإسرائيلية - الفلسطينية، في إطار مبادرة سلام إقليمية بمشاركة دول عربية.
وشملت مبادرة كيري ست نقاط، هي أولاً: حدود دولية آمنة، معترف بها، بين إسرائيل ودولة فلسطينية قابلة للحياة، وذات تواصل جغرافي على أساس حدود 1967، مع تبادل معين للأراضي. وثانيًا: تحقيق رؤية القرار 181 للأمم المتحدة، أي قرار تقسيم فلسطين، لدولتين للشعبين تعترف كلاهما بالأخرى، وتمنح المساواة في الحقوق لمواطنيهما. وثالثًا: حل عادل، ومتفق عليه، ونزيه، وواقعي، لقضية اللاجئين الفلسطينيين، يتلاءم مع حل الدولتين للشعبين، ولا يؤثر على الصبغة الأساسية لإسرائيل. ورابعًا: حل متفق عليه بشأن القدس كعاصمة للدولتين باعتراف المجتمع الدولي، وضمان حرية الوصول إلى الأماكن المقدسة بموجب الوضع القائم. خامسًا: الاستجابة لاحتياجات إسرائيل الأمنية، وضمان قدرتها على الدفاع عن نفسها بصورة ناجعة، وضمان قدرة فلسطين على توفير الأمن لمواطنيها في دولة ذات سيادة ومنزوعة السلاح. سادسًا: انتهاء الصراع ونهاية المطالب التي تسمح بتطبيع علاقات دبلوماسية وأمنية إقليمية متزايدة، وفقًا لرؤية المبادرة العربية للسلام.
واستعرض كيري أمام نتنياهو هذه المبادئ، خلال لقائهما في دافوس، في 21 يناير (كانون الثاني) 2016، واقترح عقد لقاء يشارك فيه إلى جانبهما السيسي وعبد الله الثاني، من أجل دفع المبادرة. وفي نهاية الشهر نفسه، تحدث كيري إلى الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وأطلعه على مضمون محادثته مع نتنياهو في دافوس. وعقدت القمة السرية في العقبة، في 21 فبراير (شباط) الماضي، بعد الاتفاق على أن تبقى سرية. ورغم أن عباس لم يشارك فيها، فإنه كان علم بأمر انعقادها، حتى أنه التقى كيري صبيحة يوم انعقادها.
واجتمع كيري مع العاهل الأردني، وطالبه بإقناع دول عربية أخرى بمبادرة السلام الأميركية، وممارسة ضغوط على عباس لاستئناف المفاوضات على أساس المبادرة الأميركية. كما طالب السيسي بأن يقنع نتنياهو باستئناف المفاوضات. وأصدرت الرئاسة المصرية بياناً لم ينف عقد اللقاء أو يؤكده، لكنها تحدثت عن «معلومات مغلوطة» في تقرير «هآرتس»، من دون أن تحددها.
وأكد الموظفون الأميركيون أن نتنياهو «تهرّب من إعطاء أجوبة واضحة عن المبادرة، واستعرض مجموعة تحفظات، واعتبر أن مبادئها مفصلة أكثر مما ينبغي، وأنه سيواجه صعوبة في تجنيد دعم لها داخل ائتلافه».
وناقشت القمة الوضع في المنطقة عمومًا، ووجه العاهل الأردني والرئيس المصري انتقادات إلى سياسة أوباما في الشرق الأوسط، خصوصًا تجاه إيران وسوريا. لكنهما تعاونا مع كيري، وحاولا إقناع نتنياهو بالمبادرة. وأشار الموظفون الأميركيون إلى أن نتنياهو كان مترددًا خلال القمة، وبدل التطرق إلى المبادرة، استعرض مقترحًا أسماه «خطة النقاط الخمس»، وشمل اقتراحات كيري لتحسين أوضاع الفلسطينيين، لكنه تراجع عنها بسبب معارضة «البيت اليهودي».
وطالب نتنياهو باستئناف المفاوضات مع الفلسطينيين، من خلال مؤتمر تشارك فيه دول إسلامية وعربية، بينها دول خليجية. وانفضت القمة بعد الاتفاق على مواصلة البحث في اقتراحات متنوعة. وفي إسرائيل، أطلع نتنياهو هرتسوغ على نتائج القمة. وشكك عبد الله الثاني والسيسي بقدرة نتنياهو على دفع عملية سياسية حقيقية في ائتلافه، واعتبرا أن انضمام هرتسوغ أو حزب «ييش عتيد»، برئاسة يائير لبيد، إلى حكومة نتنياهو سيكون مؤشرًا على جدية الأخير، قد يبرر ممارسة ضغوط على الفلسطينيين، أو بذل جهود لإدخال دول أخرى في هذه العملية السياسية.



تفاقم معاناة القطاع المصرفي تحت سيطرة الحوثيين

عاملة في البنك المركزي اليمني في صنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية (أ.ف.ب)
عاملة في البنك المركزي اليمني في صنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية (أ.ف.ب)
TT

تفاقم معاناة القطاع المصرفي تحت سيطرة الحوثيين

عاملة في البنك المركزي اليمني في صنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية (أ.ف.ب)
عاملة في البنك المركزي اليمني في صنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية (أ.ف.ب)

تراجعت أنشطة بنوك يمنية بشكل حاد، ويشتكي مودعون من حالة تذمر إزاء عدم قدرتهم على سحب أموالهم، وسط إجراءات وقرارات حوثية.

تلك البنوك تقع بمناطق سيطرة الحوثيين، ويشتكي السكان من إجراءات الجماعة المدعومة من إيران، من عجزها عن تقديم خدمات بنكية.

ودفعت المعاناة البنوك إلى مزاولة أنشطة خارج اختصاصاتها، والاعتماد على فروعها بالمناطق اليمنية المحررة، وتحت سيطرة الحكومة لتغطية خسائرها، في حين تطالبها الجماعة بجبايات عن أنشطة تلك الفروع.

في الأثناء، اشتبك عدد من المودعين مع أفراد أمن أحد البنوك، على خلفية مطالبتهم بمبالغ من ودائعهم في صنعاء قبل أيام، وفقاً لمصادر قالت لـ«الشرق الأوسط» إن بعض الموظفين أيضاً يخشون خسارة مصدر دخلهم بسبب موجة تقليص وظيفي لمواجهة تراجع الإيرادات وهواجس الإفلاس الذي يهددها.

بوابة البنك المركزي اليمني في صنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية (أ.ف.ب)

وأوضحت المصادر أن المودعين اعتصموا داخل مقر البنك بعد رفض إدارته منحهم مبالغ من ودائعهم، ما دفعهم للاحتجاج بالاعتصام، قبل أن ينشب عراك بينهم وبين رجال الأمن، وتطورت الأحداث بقدوم مسلحين من أقارب بعض المودعين، حاولوا اقتحام البنك بالقوة، وتبادلوا إطلاق النار لبعض الوقت، قبل أن تتدخل قوة من شرطة الجماعة الحوثية، وتوقف الاشتباكات. لجأ البنك إلى تخفيض رواتب الموظفين العاملين في إدارته وفروعه، بنسبة 20 في المائة، بسبب أزمة السيولة النقدية التي يواجهها منذ أشهر، بعدما حجزت الجماعة أمواله في البنك المركزي الحوثي بصنعاء، ما اضطر عدداً من الموظفين إلى التوقف عن العمل احتجاجاً على خفض رواتبهم، أو للبحث عن فرص عمل أخرى. ويواجه سكان مناطق سيطرة الحوثيين أوضاعاً معيشية معقدة بسبب الحرب وسيطرة الجماعة على مؤسسات الدولة ووقف رواتب الموظفين العموميين.

أزمة نقدية

تُمْنَى البنوك اليمنية وفروعها الموجودة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية بخسائر كبيرة، وتواجه أزمات نقدية حادة، وباتت غالبيتها غير قادرة على دفع مرتبات موظفيها أو تغطية مصاريفها الشهرية.

بسبب الإجراءات الحوثية تحوّلت غالبية البنوك إلى أنشطة غير مصرفية (غيتي)

يرى الباحث الاقتصادي رشيد الآنسي، أن مصير البنوك والقطاع المصرفي في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية بشكل عام أصبح في مهب الريح، بعد الدخول في مرحلة شبه إفلاس منذ أصدرت الجماعة قانوناً يمنع الفائدة، ما أجهز تماماً على ما تبقى من إمكانية تحقيق إيرادات للبنوك في ظل الكساد الاقتصادي الذي تعاني منه تلك المناطق. ويبين الآنسي لـ«الشرق الأوسط» أنه، إضافة الى لجوء الناس، وخاصة رجال الأعمال والتجار، إلى الاعتماد على شركات الصرافة، فإن البنوك أضحت خاوية من العملاء تقريباً، باستثناء تلك البنوك التي تحولت إلى ما يشبه محلات صرافة لتسليم المعونات الإغاثية أو مرتبات شركات القطاع الخاص. وفي سبتمبر (أيلول) الماضي، فرضت الجماعة الحوثية على البنوك جبايات جديدة تحت مسمى دعم وإسناد قطاع غزة، وطالبتها بمبالغ ما بين 75 ألفاً، و131 ألف دولار (ما بين 40 مليوناً و70 مليون ريال يمني، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار في مناطق سيطرتها بـ534 ريالاً).

وطبقاً لمصادر تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، فإن البنوك في مناطق سيطرة الحوثيين لجأت إلى مزاولة أنشطة وأعمال تجارية ليست من اختصاصها لمواجهة حالة الركود وشبح الإفلاس اللذين يحيطان بها، ومن ذلك الوساطة بين المستهلكين والشركات التجارية والمحلات التجارية ومحال البقالة للحصول على عمولات يتحملها المستهلكون.

البنوك اليمنية تعرضت لاستحواذ الجماعة الحوثية على سيولتها النقدية المتوفرة لصالح المجهود الحربي (إكس)

ويتهم البنك المركزي اليمني الجماعة الحوثية بالاستحواذ على جزء كبير من المبالغ النقدية للبنوك التجارية في مناطق سيطرتها، وإجبارها على سحب السيولة النقدية المتوافرة في خزائن فروعها، ونقلها إلى مراكزها الرئيسية، ثم توريدها لحسابات الجماعة واستخدامها لدعم مجهودها الحربي، متسببة بعجز البنوك عن الوفاء بالتزاماتها، وفقدان ثقة العملاء بالقطاع المصرفي.

الاتكال على الفروع

يواجه عدد من البنوك في مناطق سيطرة الحوثيين الأزمات النقدية ببيع بطاقات الشراء من الإنترنت وبطاقات ركوب الحافلات وبيع الذهب، بعدما فقدت، بسبب الإجراءات والقرارات الحوثية، القدرة على ممارسة مهامها الأساسية وتقديم التمويلات الضخمة والمنتجات المصرفية. ووفقاً للآنسي، لجأت هذه البنوك إلى الاعتماد على فروعها في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية التي تحقق أرباحاً كبيرة نتيجة دخولها في الدين العام وتحصيل فوائد تصل إلى 23 في المائة، إضافة إلى الحركة الاقتصادية في هذه المناطق، وتوجه رجال الأعمال والشركات التجارية للتعامل مع البنوك لسهولة الحركة بعيداً عن رقابة الجماعة الحوثية.

بنك في صنعاء تعرض للحجز التحفظي على أرصدة ملاكه قبل أعوام بأوامر من الحوثيين (إكس)

وتشترك فروع البنوك في مناطق سيطرة الحكومة في مزادات البنك المركزي، ما يحقق لها عائداً جيداً من خلال بيع العملات الأجنبية للتجار، أو من خلال فتح الاعتمادات الخاصة بالمزادات، وهو ما يتيح للبنوك في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التنفس برئة هذه الفروع. وينتقد الآنسي ما وصفه بتقاعس الحكومة اليمنية عن تحصيل ضرائب من إيرادات فروع البنوك في مناطق سيطرتها، بينما تضغط الجماعة الحوثية على إدارات البنوك في مناطق سيطرتها لإجبارها على دفع ضرائب على أرباح تلك الفروع، ما يمثل دعماً مالياً إضافياً للجماعة. وطالب الباحث اليمني البنك المركزي في عدن بعزل فروع البنوك في مناطق سيطرة الحكومة عن فروعها ومراكزها الرئيسية في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، تجنباً لتحول هذه الفروع إلى ممول للجماعة.