المعارضة تحذّر من تجاوز «الانتقال السياسي» وتترقب الموقف الأميركي

دي ميستورا: خريطة الطريق تنص على حكومة جامعة ودستور وانتخابات

رئيس الائتلاف السوري المعارض أنس العبدة (يسار) في مؤتمر ميونيخ للأمن أمس وإلى يساره المبعوث الأميركي الخاص إلى التحالف الدولي ضد «داعش» برت ماكغورك ثم رئيس اللجنة الروسية للعلاقات الخارجية (إ.ب.أ)
رئيس الائتلاف السوري المعارض أنس العبدة (يسار) في مؤتمر ميونيخ للأمن أمس وإلى يساره المبعوث الأميركي الخاص إلى التحالف الدولي ضد «داعش» برت ماكغورك ثم رئيس اللجنة الروسية للعلاقات الخارجية (إ.ب.أ)
TT

المعارضة تحذّر من تجاوز «الانتقال السياسي» وتترقب الموقف الأميركي

رئيس الائتلاف السوري المعارض أنس العبدة (يسار) في مؤتمر ميونيخ للأمن أمس وإلى يساره المبعوث الأميركي الخاص إلى التحالف الدولي ضد «داعش» برت ماكغورك ثم رئيس اللجنة الروسية للعلاقات الخارجية (إ.ب.أ)
رئيس الائتلاف السوري المعارض أنس العبدة (يسار) في مؤتمر ميونيخ للأمن أمس وإلى يساره المبعوث الأميركي الخاص إلى التحالف الدولي ضد «داعش» برت ماكغورك ثم رئيس اللجنة الروسية للعلاقات الخارجية (إ.ب.أ)

قبل أيام من الجولة الجديدة من «مفاوضات جنيف» وبعد فشل مؤتمر آستانة في تثبيت وقف إطلاق النار، تترقب المعارضة السورية بتفاؤل حذر كل المستجدات التي ستسبق محطة جنيف في 23 من الشهر الجاري، لا سيما في ضوء تجاهل المواقف لـ«الانتقال السياسي» بشكل محدد، في وقت أعلن فيه المبعوث الدولي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا، يوم أمس، أن خريطة طريق الحل السياسي تنص على «حكومة ذات مصداقية تضم جميع الأطراف، ودستور جديد يضعه السوريون وليست الأطراف الخارجية، وإجراء انتخابات تحت إشراف الأمم المتحدة، يشارك فيها اللاجئون السوريون».
وفيما تنتظر «الهيئة العليا للمفاوضات» اتضاح الصورة، لا سيما تلك المتعلقة بجدول أعمال المفاوضات والوفود المشاركة في مفاوضات جنيف، يبذل «الائتلاف الوطني» جهودا على خط الإدارة الأميركية بإجراء لقاءات مع عدد من المسؤولين، لوضعهم في أجواء الملف السوري، مستبقا موعد المفاوضات. ووصف ممثل الائتلاف في واشنطن نجيب الغضبان، اللقاءات الأميركية بـ«الجيدة»، متوقعا أن تظهر خطة واشنطن بشأن الملف السوري بشكل واضح في المفاوضات المقبلة في جنيف، ولفت إلى أن «المسؤولين أكدوا لوفد الائتلاف دعمهم للعملية السياسية انطلاقا من بيان جنيف».
وأمس، قلّل رئيس الائتلاف الوطني أنس العبدة، في حديث تلفزيوني «من سقف التوقعات في تحقيق اختراق خلال المحادثات»، معتبرًا أن النظام السوري وحلفاءه غير جادين في التوصل إلى حل سياسي. وأكّد في الوقت نفسه، خلال مشاركته في «مؤتمر ميونيخ للأمن»، أن «المعارضة ملتزمة بمحادثات السلام في جنيف، التي من المفترض أن تمهد الطريق أمام انتقال للسلطة»، لافتا إلى أنه «لا يمكن التعامل مع التهديدات الأمنية الكبيرة، طالما بقي رئيس النظام بشار الأسد في السلطة».
ويقول المتحدث باسم الهيئة العليا، منذر ماخوس لـ«الشرق الأوسط»: «سنشارك في مفاوضات جنيف، من حيث المبدأ، ما لم تحدث متغيرات جديدة»، محذرا في الوقت نفسه من «التصعيد العسكري اليوم على غرار كل تصعيد يقوم به النظام قبل كل مفاوضات، لتغيير موازين القوى». وأوضح: «بعد فشل آستانة في التوصل إلى أي نتائج إيجابية فيما يتعلق بتثبيت وقف إطلاق النار، هناك مسألتان غير واضحتين بالنسبة إلينا حتى الآن: جدول الأعمال الذي لم نحصل عليه، والوفود التي ستشارك، لا سيما مع إعلان أن الدعوات لجنيف لم تستكمل حتى الآن، في وقت تسلّمها فيه الطرفان الرئيسيان، الهيئة والنظام، وهو ما يدعو إلى الخشية من الالتفاف على تمثيل المعارضة». ويؤكد: «يمكن للمبعوث الدولي إلى سوريا، ستيفان دي ميستورا أن يدعو من يشاء بشكل استشاري، لا أن يضع شخصيات تتناقض تطلعاتنا مع توجهاتها في صف المعارضة»، مضيفا: «تشير المعلومات إلى أن هناك صيغة جديدة يتم العمل عليها، ولا أستبعد أن تظهر مفاجآت في اليومين المقبلين».
وهدّد قدري جميل، رئيس منصة موسكو للمعارضة السورية، أول من أمس، بعدم المشاركة في مفاوضات جنيف المقبلة، بعدما كان كل من منصتي «موسكو» و«القاهرة» قد رفضتا تمثيلهما بشخصية واحدة لكل طرف، ضمن الهيئة العليا للمفاوضات.
واتهم جميل في حوار مع قناة «روسيا اليوم» دي ميستورا بعدم التزامه بقرار مجلس الأمن 2254 حول تشكيل وفد المعارضة، في الدعوات التي أرسلها للمشاركة في جنيف.
وحول جدول الأعمال، يقول ماخوس: «هناك بعض المؤشرات التي لا بد من التوقف عندها، أهمها تجاهل الحديث عن الانتقال السياسي في محاولة للالتفاف حول معايير العملية السياسية، وبالتالي ترك الأمور مفتوحة، وهو ما ليس لصالح المعارضة السورية».
وكان لافتا أمس، تركيز دي ميستورا في «مؤتمر ميونيخ» على ما أسماه «أسلوب الحكم» وليس «الانتقال السياسي»، وعند سؤاله عن هذه المسألة بالتحديد، أجاب: «قرار 2254 يوضح هذا الأمر».
وسأل المبعوث الدولي عن مدى التزام إدارة الرئيس الأميركي الجديد في البحث عن تسوية سياسية للنزاع في سوريا، مشيرا إلى أن الإدارة الجديدة لا تزال تعمل على وضع أولوياتها بهذا الصدد، وأضاف: «واشنطن لديها ثلاث أولويات: مكافحة (داعش)، والحد من نفوذ لاعب إقليمي معين (إيران)، وعدم تعريض أحد حلفائها الرئيسيين في المنطقة للخطر». مضيفا: «كيف يمكن تسوية هذه المعضلة؟ هذا ما يجري النقاش حوله في واشنطن». وتابع: «سؤالي هو التالي: هل تريدون أن تقاتلوا (داعش) أو تهزموه بصورة نهائية؟ هزيمة (داعش) تتطلب حلا سياسيا ذا مصداقية» في سوريا.
ولفت إلى أنه «حتى وقف إطلاق نار يحظى بدعم طرفين راعيين، لا يمكن أن يصمد طويلا في غياب أفق سياسي»، في إشارة إلى المحادثات التي جرت مؤخرا في آستانة برعاية روسيا وتركيا.
وبانتظار اتضاح رؤية واشنطن للحل السياسي في سوريا، وخصوصا فيما يتعلق بمصير رئيس النظام، تنشط المعارضة ولا سيما «الائتلاف» في بحث «الانتقال السياسي» مع الإدارة الأميركية، بحيث يقوم وفد من «الائتلاف الوطني» بجولة لقاءات على عدد من المسؤولين في واشنطن، التقى خلالها، مساعد نائب وزير الخارجية الأميركي مايكل راتني، على أن تشمل في الأيام المقبلة أعضاء في الكونغرس، بحسب ما أفاد ممثل الائتلاف في أميركا نجيب الغضبان. وأوضح لـ«الشرق الأوسط» أن اللقاءات التي حرصت المعارضة على أن تقوم بها لوضع الإدارة الأميركية الجديدة على كل المستويات في أجواء الملف السوري، أكّدت أن واشنطن تدعم تطلعات المعارضة وبيان جنيف، الذي ترى أنه يجب أن يكون الأساس الوحيد لأي حل سياسي. ويرى الغضبان أن 3 عوامل أساسية من شأنها أن تنعكس على نتائج جنيف، التي ستكون بمثابة امتحان لها: أولا الدور الأميركي، وثانيا التقارب التركي – الروسي، وثالثا مدى ترجمة موسكو لوعودها والضغط على النظام السوري، تنفيذا لوعودها.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».