رئيس الحكومة التونسية يبدأ اليوم زيارة إلى فرنسا والاقتصاد والأمن يتصدران المباحثات

مجلس شورى حركة النهضة لم يحسم أمر مرشحها للانتخابات الرئاسية المقبلة

رئيس الحكومة التونسية يبدأ اليوم زيارة إلى فرنسا والاقتصاد والأمن يتصدران المباحثات
TT

رئيس الحكومة التونسية يبدأ اليوم زيارة إلى فرنسا والاقتصاد والأمن يتصدران المباحثات

رئيس الحكومة التونسية يبدأ اليوم زيارة إلى فرنسا والاقتصاد والأمن يتصدران المباحثات

يبدأ مهدي جمعة رئيس الحكومة التونسية اليوم زيارة رسمية إلى فرنسا تدوم يومين بدعوة من رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس. وذكر بيان من رئاسة الحكومة التونسية أن جمعة يلتقي خلال الزيارة عددا من المسؤولين في الحكومة الفرنسية.
ووفق متابعين للعلاقة التي تربط فرنسا بمستعمرتها القديمة، فإن الملفات الاقتصادية (دعم الاقتصاد التونسي المتعثر) والأمنية (مقاومة ظاهرة الإرهاب)، ستتصدر برنامج الزيارة التي أجلتها الحكومة الفرنسية في وقت سابق لتزامنها مع الإعلان عن نتائج الانتخابات البلدية في الأول من نفس هذا الشهر، والتي أدت إلى فوز اليمين الفرنسي على حساب الاشتراكيين بقيادة الرئيس فرنسوا هولاند.
ويرافق وفد من رجال الأعمال التونسيين رئيس الحكومة في محاولة لجلب الاستثمار الفرنسي إلى تونس، وإنعاش القطاع السياحي الذي يمثل الفرنسيون عموده الفقري على مستوى السوق الأوروبية.
وقالت وداد بوشماوي، رئيسة الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية (منظمة رجال الأعمال)، في تصريح إعلامي لوكالة الأنباء التونسية الرسمية، إن «لقاء سيجمع بين الوفد التونسي الممثل للمنظمة التونسية لرجال ونساء الأعمال ونظيرتها الفرنسية المعروفة باسم (ميديف) إلى جانب اجتماعات مع مستثمرين فرنسيين».
وأضافت أن «الزيارة ستوجه اهتمامها بالأساس نحو بحث الإمكانيات المتاحة لدعم علاقات الشراكة الاقتصادية بين تونس وفرنسا». وتأمل تونس في تبوء مكانة الشريك الاقتصادي المميز في علاقتها مع أوروبا، إلا أنها لا تزال تخوض مفاوضات شاقة بشأن هذا الملف المعطل منذ العهد السابق. وخصصت فرنسا مبلغ 500 مليون يورو لدعم عملية الانتقال الديمقراطي في تونس كما قدمت عن طريق الوكالة الفرنسية للتنمية مبلغ 150 مليون يورو لتهيئة مجموعة من الأحياء الشعبية الفقيرة.
وتسعى الحكومة التونسية خلال هذه الزيارة إلى الاتفاق النهائي بشأن تحويل مبلغ 60 مليون يورو من ديون تونس إلى قروض توجه نحو استثمارات تنموية في عدة جهات في حاجة أكيدة إلى التنمية والتشغيل.
وحسب تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أدلت بها عدة أطراف سياسية واقتصادية تونسية، فإن جمعة يتوقع حصول بوادر انفراج سياسي حقيقي بين الطرفين التونسي والفرنسي خاصة بعد التحفظات التي أبداها فالس نفسه إزاء التيارات الإسلامية أثناء إشرافه على وزارة الداخلية الفرنسية. ويبدو أن تنحي حركة النهضة، ذات المرجعية الإسلامية، عن الحكم قد يكون من بين عوامل الانفراج السياسي، واكتمال عناصر الدعم للتجربة التونسية.
ولا تزال تونس تنتظر رد فعل فرنسي إيجابي تجاهها خلال هذه المرحلة التي تقودها حكومة كفاءات غير متحزبة بقيادة جمعة.
ولمحت المصادر ذاتها إلى تصريحات سابقة لفالس لما كان وزيرا للداخلية، والتي قال فيها إنه «يتعين على فرنسا دعم الديمقراطيين في تونس لضمان عدم خيانة القيم التي قامت من أجلها ثورة الياسمين»، على إثر اغتيال القيادي اليساري شكري بلعيد في السادس من فبراير (شباط) 2013.
وكانت تلك التصريحات محل انتقاد من راشد الغنوشي، زعيم حركة النهضة، الذي وصف فرنسا بأنها أقل البلدان فهما للإسلام والتونسيين.
من ناحية أخرى، ناقشت حركة النهضة في الدورة الـ23 لمجلس شورى الحركة المنعقد يومي السبت والأحد الماضيين خطتها السياسية المتعلقة بالمرحلة المقبلة. وقال زياد العذاري، المتحدث باسم الحركة، في تصريح إعلامي، إن خطة الحركة ترتكز أساسا على التحضير للاستحقاقات الانتخابية، في إشارة إلى الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة المزمع إجراؤها قبل نهاية السنة الحالية. وقال إن «حركة النهضة بحثت من خلال مجلس الشورى كيفية التعاطي مع تلك المواعيد الانتخابية إضافة إلى مناقشة مسألة الترشح لمنصب الرئاسة وذكر أن الحركة لم تحسم حتى الآن موقفها من تقديم مرشح لها من عدمه إلى الانتخابات الرئاسية».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.