حكومة المالكي تنقل معركتها ضد «داعش» إلى سوريا

المعارضة تسيطر على تل استراتيجي بالقنيطرة.. وعشرات القتلى والجرحى في حلب

دخان يتصاعد من مبنى في مدينة حلب القديمة بعد قصف ببرميل متفجر أمس.. وتعرضت المنطقة التي تدرجها «اليونيسكو»  على لائحة التراث العالمي.. إلى تدمير واسع جراء القتال (أ.ف.ب)
دخان يتصاعد من مبنى في مدينة حلب القديمة بعد قصف ببرميل متفجر أمس.. وتعرضت المنطقة التي تدرجها «اليونيسكو» على لائحة التراث العالمي.. إلى تدمير واسع جراء القتال (أ.ف.ب)
TT

حكومة المالكي تنقل معركتها ضد «داعش» إلى سوريا

دخان يتصاعد من مبنى في مدينة حلب القديمة بعد قصف ببرميل متفجر أمس.. وتعرضت المنطقة التي تدرجها «اليونيسكو»  على لائحة التراث العالمي.. إلى تدمير واسع جراء القتال (أ.ف.ب)
دخان يتصاعد من مبنى في مدينة حلب القديمة بعد قصف ببرميل متفجر أمس.. وتعرضت المنطقة التي تدرجها «اليونيسكو» على لائحة التراث العالمي.. إلى تدمير واسع جراء القتال (أ.ف.ب)

شنت مروحيات عراقية أمس هجوما على موكب «جهادي» مؤلف من ثمانية صهاريج داخل الأراضي السورية كان يحاول نقل وقود إلى تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش) في محافظة الأنبار. وجاء ذلك بينما استمرت العمليات القتالية داخل الأراضي السورية بين قوات النظام والمعارضة. واستهدفت كتائب إسلامية تابعة للجيش السوري الحر بالقذائف مناطق خاضعة لسيطرة النظام في مدينة حلب شمال البلاد، مما أدى إلى مقتل 24 شخصا وإصابة 52 آخرين، وفق ما أعلنته وكالة الأنباء الرسمية في سوريا (سانا).
وأعلن المتحدث باسم وزارة الداخلية العراقية العميد سعد معن أن «مروحيات الجيش ضربت في وقت مبكر من صباح اليوم (أمس) ثمانية صهاريج وقود في وادي الصواب في البوكمال داخل سوريا كانت تحاول الدخول إلى الأراضي العراقية». وأضاف أن «ثمانية أشخاص قتلوا على الأقل في هذه العملية، هم الذين كانوا يقودون الصهاريج ويحاولون نقل الوقود» إلى تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» في محافظة الأنبار المضطربة غرب العراق، حسبما أوردته وكالة الصحافة الفرنسية.
ويقع وادي الصواب قرب مدينة البوكمال السورية التي لها معبر حدودي مع مدينة القائم العراقية (340 كلم غرب بغداد) يسيطر عليه مسلحون معارضون للنظام السوري.
وبينما تعد هذه المرة الأولى التي يعلن فيها العراق قصف موكب داخل سوريا، أكد معن أنه «لم يكن هناك من تنسيق مع النظام السوري». وأضاف: «مسؤوليتنا اليوم هي حماية حدودنا والحدود من الجانب الآخر، لأنه ليس هناك من حماية من الجانب الآخر»، في إشارة إلى سوريا.
وفي غضون ذلك، أطلقت كتائب سورية معارضة عددا من القذائف التي استهدفت أحياء سكنية خاضعة لسيطرة النظام في مدينة حلب القديمة وأحياء مجاورة تقع إلى الغرب منها مما أدى إلى مقتل 24 شخصا وإصابة 52 آخرين. وذكر المرصد السوري أن «القصف تزامن مع محاولة مقاتلي المعارضة التقدم في اتجاه أحياء يسيطر عليها النظام السوري في حلب القديمة»، بينما أفاد مدير المرصد رامي عبد الرحمن بأن الهجوم بدأ إثر تفجير الكتائب الإسلامية المقاتلة مبنى الصناعة القديم (غرفة الصناعة)، الذي كانت القوات النظامية تتخذه مقرا لها، عبر تفخيخ نفق يمتد من مناطق سيطرة المعارضة إلى أسفل المبنى.
وتشهد مدينة حلب التي كانت تعد بمثابة العاصمة الاقتصادية لسوريا، معارك يومية منذ صيف العام 2012. ويتقاسم نظام الرئيس بشار الأسد وكتائب المعارضة السيطرة على أحيائها. ولم تسلم أحياء المعارضة منذ منتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي من استهداف جوي مركّز بالبراميل المتفجرة، مما أسفر عن مقتل المئات، وفق المرصد السوري.
من ناحيتها، أفادت وكالة «سانا» بأن «إرهابيين، وإمعانا في اعتداءاتهم الإرهابية على المواطنين الآمنين والمؤسسات الخدمية والبنى التحتية، استهدفوا عددا من أحياء مدينة حلب السكنية بعدد من قذائف الهاون والقذائف الصاروخية، وفجروا محطة تحويل الكهرباء وغرفة الصناعة».
ونقلت «سانا» عن «مصدر في المحافظة» قوله إن «إرهابيين أطلقوا 15 قذيفة على منطقة باب الفرج وشارع بارون والقصر البلدي والمنشية ومنطقة السبع بحرات»، لافتا إلى أنهم «فجروا محطة تحويل الكهرباء في منطقة دوار السبع بحرات في حلب مما أدى إلى انهيارها مع بناء غرفة الصناعة والأبنية المجاورة لهما وتضرر أبنية أخرى».
وكان المرصد السوري أفاد أمس بـ«اشتباكات عنيفة بين القوات النظامية مدعومة بقوات الدفاع الوطني وكتائب البعث ولواء القدس الفلسطيني ومقاتلي حزب الله اللبناني من جهة، ومقاتلي جبهة النصرة وجيش المهاجرين والأنصار، وهم بمعظمهم من جنسيات عربية وأجنبية، ومقاتلي الكتائب الإسلامية المقاتلة من جهة أخرى، في محيط مبنى المخابرات الجوية وصالات الليرمون ومبنى القصر العدلي بحي الزهراء».
وأشار إلى «خسائر بشرية في صفوف الطرفين»، تزامنا مع «قصف الطيران المروحي بالبراميل المتفجرة مناطق في حي مساكن هنانو والمدينة الصناعية بالشيخ نجار ومناطق في ضهرة عبد ربه، مما أدى لسقوط جرحى»، بحسب المرصد. كما قصف الطيران الحربي مناطق في بلدة دارة عزة ومحيط سجن حلب المركزي المحاصر من جبهة النصرة.
وفي محافظة القنيطرة، استمرت الاشتباكات العنيفة بين القوات النظامية من جهة ومقاتلي جبهة النصرة ومقاتلي الكتائب الإسلامية المقاتلة من جهة أخرى، في محيط تل الأحمر الشرقي الاستراتيجي ببلدة كودنة، بالتزامن مع قصف نظامي لمناطق الاشتباك.
وأفاد ناشطون بسيطرة المعارضة على التل بالكامل، في إطار «معركة بدأتها المعارضة للسيطرة على التلال الاستراتيجية في ريف القنيطرة الجنوبي وريف درعا الغربي، وسط تراجع للقوات النظامية في هذه المنطقة منذ بداية الشهر الجاري، وتقدم لجبهة النصرة والكتائب الإسلامية المقاتلة»، بحسب المرصد.
وفي ريف دمشق، تعرضت مناطق في جبال الزبداني لقصف نظامي، تزامنا مع غارات جوية نفذها الطيران الحربي على مناطق في بلدة المليحة بالغوطة الشرقية، التي تعرضت أيضا لقصف مدفعي.
وأشار المرصد السوري إلى استمرار الاشتباكات العنيفة بين القوات النظامية مدعومة بقوات الدفاع الوطني ومقاتلي حزب الله اللبناني من جهة، ومقاتلي جبهة النصرة والكتائب الإسلامية المقاتلة في بلدة المليحة ومحيطها من جهة أخرى.
وفي اللاذقية، أعلن المرصد السوري عن «اشتباكات عنيفة بين القوات النظامية مدعومة بقوات الدفاع الوطني ومسلحين من جنسيات عربية و(المقاومة السورية لتحرير لواء إسكندرون) ومقاتلي حزب الله اللبناني من جهة، ومقاتلي جبهة النصرة وجنود الشام وحركة أحرار الشام وحركة شام الإسلام وحركة أنصار الشام وعدة كتائب إسلامية مقاتلة من جهة أخرى، في محيط جبل تشالما وقرية السمرا في اللاذقية».
وفي حمص، وسط سوريا، تعرضت مناطق في حي الوعر لقصف نظامي، طال أيضا مناطق في مدينة تلبيسة، التي تعرضت أمس لغارة نفذها الطيران الحربي، مما أوقع عددا من القتلى والجرحى.



مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
TT

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)

أكدت مصر خلال زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للكويت، على دعم القاهرة الكامل للأمن الخليجي بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وسط لقاءات ومباحثات تناولت مجالات التعاون، لا سيما الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة.

تلك الزيارة، بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، تأتي تأكيداً على مساعي مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي بوتيرة أكبر ونشاط أوسع، خصوصاً في ضوء علاقات البلدين التاريخية، وكذلك حجم الاستثمارات بين البلدين الكبيرة، مشددين على أهمية التنسيق بين بلدين مهمين في المنطقة.

واستهل عبد العاطي زيارته إلى الكويت بلقاء ولي العهد الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح، الأحد، مؤكداً «عمق العلاقات التاريخية والروابط الأخوية التي تجمع البلدين الشقيقين، وتوافر الإرادة السياسية لدى قيادتي البلدين من أجل تطوير العلاقات لآفاق أرحب»، مبدياً «الحرص على تعزيز التعاون والتنسيق مع دولة الكويت وزيادة وتيرته»، وفق بيان صحافي لـ«الخارجية المصرية».

وأبدى الوزير المصري «تطلُّع مصر لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدين، أخذاً في الحسبان ما اتخذته الحكومة المصرية من خطوات طموحة لجذب الاستثمارات، وتنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي»، مشدداً على «دعم مصر الكامل للأمن الخليجي، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري».

وفي مايو (أيار) الماضي، قال سفير الكويت بالقاهرة، غانم صقر الغانم، في مقابلة مع «القاهرة الإخبارية» إن الاستثمارات الكويتية في مصر متشعبة بعدة مجالات، وتبلغ أكثر من 15 مليار دولار، بينها 10 مليارات دولار للقطاع الخاص.

كما اجتمع عبد العاطي مع الشيخ فهد يوسف سعود الصباح، رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي، مؤكداً «الحرص على الارتقاء بعلاقات التعاون إلى آفاق أرحب، بما يحقق طموحات ومصالح الشعبين الشقيقين»، وفق بيان ثانٍ لـ«الخارجية المصرية».

وزير الخارجية المصري يجتمع مع رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي الشيخ فهد يوسف سعود الصباح (الخارجية المصرية)

فرص استثمارية

عرض الوزير المصري «الفرص الاستثمارية العديدة التي تذخر بها مصر في شتى القطاعات، والتي يمكن للشركات الكويتية الاستفادة منها، فضلاً عن الاتفاق على تبادل الوفود الاقتصادية، وتشجيع زيادة الاستثمارات الكويتية في مصر»، مبدياً «ترحيب مصر ببحث مجالات التعاون الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة».

كما بحث الوزير المصري في لقاء مع وزيرة المالية ووزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار، نوره الفصام، الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر بشتى القطاعات، وسط تأكيد على حرص الجانب المصري على تعزيز الاستثمارات الكويتية في مصر وإمكانية تعزيز نشاط الشركات المصرية لدعم عملية التنمية في الكويت.

ووفق خبير شؤون الخليج في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بالقاهرة، الدكتور محمد عز العرب، فإن الزيارة تحمل أبعاداً عديدة، أبرزها الحرص المصري على تطوير العلاقات المصرية العربية، ومنها العلاقات مع الكويت لأسباب ترتبط بالتوافقات المشتركة بين البلدين والتعاون ليس على المستوى السياسي فحسب، بل على المستوى الأمني أيضاً.

التنسيق المشترك

البعد الثاني في الزيارة مرتبط بالاستثمارات الكويتية التي تستحوذ على مكانة متميزة وسط استثمارات خليجية في مصر، وفق عز العرب، الذي لفت إلى أن الزيارة تحمل بعداً ثالثاً هاماً مرتبطاً بالتنسيق المشترك في القضايا الإقليمية والدولية خاصة وهناك إدراك مشترك على أولوية خفض التصعيد والتعاون الثنائي بوصفه صمام أمان للمنطقة.

تحديات المنطقة

يرى الكاتب والمحلل السياسي الكويتي، طارق بروسلي، أن زيارة عبد العاطي «خطوة مهمة في إطار العلاقات التاريخية الوطيدة بين البلدين، وتعكس عمق التفاهم والاحترام المتبادل بين قيادتي البلدين والشعبين الشقيقين».

وتحمل الزيارة قدراً كبيراً من الأهمية، وفق المحلل السياسي الكويتي ورئيس «المنتدى الخليجي للأمن والسلام» فهد الشليمي، خصوصاً وهي تأتي قبيل أيام من القمة الخليجية بالكويت، مطلع الشهر المقبل، وما سيتلوها من ترأس الكويت مجلس التعاون الخليجي على مدار عام، فضلاً عن تحديات كبيرة تشهدها المنطقة، لا سيما في قطاع غزة وحربها المستمرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وأفادت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية، الأحد، بأن أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح تلقى رسالة شفهية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تتعلق بالعلاقات الأخوية المتميزة بين البلدين والشعبين الشقيقين وآخر المستجدات الإقليمية والدولية، خلال استقبال ولي العهد لوزير الخارجية المصري.

كما نوهت بأن عبد العاطي التقى رئيس الوزراء بالإنابة، و«جرى خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون بين البلدين إضافة إلى بحث آخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية».

تطوير العمل الدبلوماسي

وتهدف الزيارة، وفق بروسلي، إلى «تعميق التعاون في عدة مجالات والتنسيق المشترك في المواقف على الصعيدين الإقليمي والدولي، لا سيما في قضايا فلسطين وسوريا ولبنان واليمن»، مرجحاً أن تسهم المباحثات المصرية الكويتية في «زيادة فرص التعاون الاقتصادي والتجاري وتعزيز الاستثمارات وزيادة التنسيق الأمني ومواجهة التحديات الأمنية المشتركة».

ويعتقد بروسلي أن الزيارة «ستكون فرصة لبحث تطوير العمل الدبلوماسي، ودعم البرامج التعليمية المتبادلة بين البلدين والخروج بمذكرات تفاهم تكون سبباً في تحقيق التكامل الإقليمي، وتعزيز التعاون في ظل التحديات المشتركة بالمنطقة».

بينما يؤكد الشليمي أن الزيارة لها أهمية أيضاً على مستوى التعاون الاقتصادي والتجاري، خصوصاً على مستوى تعزيز الاستثمارات، إضافة إلى أهمية التنسيق بين وقت وآخر بين البلدين، في ظل حجم المصالح المشتركة الكبيرة التي تستدعي التعاون المستمر.