افتتاحيات أميركية: «رشاغيت» مثل «ووترغيت»؟

الصحف الأوروبية: الإرهاب البيولوجي... واستعداد إسرائيل لحرب ضد «حزب الله»

افتتاحيات أميركية: «رشاغيت» مثل «ووترغيت»؟
TT

افتتاحيات أميركية: «رشاغيت» مثل «ووترغيت»؟

افتتاحيات أميركية: «رشاغيت» مثل «ووترغيت»؟

خلال الأسبوع الماضي، اهتمت افتتاحيات الصحف الأميركية الرئيسية بعلاقة الرئيس دونالد ترمب بروسيا، على ضوء أخبار عن اقتراب سفينة تجسس روسية من ساحل أميركا الشرقي، وعن تجارب صاروخية روسية، بالإضافة إلى استمرار اتهامات تدخل الاستخبارات الروسية في الانتخابات الأميركية.
قالت افتتاحية صحيفة «سياتل تايمز» في سياتل (ولاية واشنطن): «نعم، نحتاج لتحقيق شامل في تدخل الروس في العملية الانتخابية. لكن، يجب أن يكون ذلك بموافقة الرئيس ترمب. وبموافقة أغلبية الجمهوريين في الكونغرس. وإلا ستكون عملية شبه حزبية. هذه قضية وطنية».
وقالت افتتاحية صحيفة «يو إس إيه توداي»: «صار تدخل الروس في العملية الانتخابية الأخيرة، خاصة ضد الحزب الديمقراطي، فضيحة وطنية وأمنية. وإذا تأكدنا أن ترمب، أو أي واحد من مساعديه، كانوا يعرفون هذا التدخل، أو اشتركوا فيه، فسنكرر تجربة فضيحة (ووترغيت). واسم الفضيحة جاهز: (رشاغيت)».
وتحدثت افتتاحية صحيفة «واشنطن بوست» عن جانب خارجي لسياسة ترمب، وهو نقده لحلف الناتو، ومطالبته بأن تتحمل دول الحلف الأخرى جزءا أكبر من ميزانية الحلف. لم تؤيد الافتتاحية شعارات ترمب، لكنها قالت: «ترمب أو لا ترمب، تحتاج أوروبا لأن تفكر كثيرا في الموضوع. هذا هو أمنها. وفي الأوقات المتوترة، مهما كان مصدرها، تحتاج أوروبا لأن تضمن أمنها بأن تساهم أكثر في ميزانية الحلف».
وتحدثت افتتاحية صحيفة «تامبا باي تايمز» في تامبا (ولاية فلوريدا)، عن جانب يهم الولاية. وذلك لأن ترمب اختار ابن الولاية ألكسندر أكوستا وزيرا للعمل. كان أكوستا مدعيا عاما في الولاية، ثم صار عميدا لكلية القانون في جامعة «فلوريدا إنترناشيونال». وقالت الافتتاحية: «هذا أول أميركي من أصل لاتيني في وزارة ترمب. هذا اختيار موفق».
تنوعت الموضوعات، التي اهتمت بها الصحف الأوروبية، ما بين الانتخابات الفرنسية، إلى متابعة فعاليات مؤتمر الأمن الدولي في ميونيخ الألمانية، والتحذيرات البريطانية لروسيا من التدخل في الشأن الليبي، ثم ملف المخاوف من الإرهاب البيولوجي.
ونبدأ من الصحف البريطانية في لندن، وتنفرد صحيفة الفايننشال تايمز بنشر تقرير بعنوان «ماكرون يدين (البربرية) الفرنسية في الجزائر» يشير إلى تصريحات أدلى بها وزير الاقتصاد الفرنسي السابق والمرشح الصاعد في سباق الرئاسة الفرنسية، إيمانويل ماكرون، وأثارت غضب اليمين الفرنسي المحافظ.
وتقول الصحيفة إن ماكرون مس أكثر المراحل حساسية في التاريخ الفرنسي في حواره مع صحيفة «لوفيغارو»، التي تصنف ضمن يمين الوسط، وقوله إن 132 عاما من الاستعمار الفرنسي للجزائر شهدت «جرائم وأفعالا بربرية» التي ستصنف اليوم بوصفها «جرائم ضد الإنسانية».
وفي مقابلة أجرتها صحيفة «ديلي تلغراف»، يحذر بيل غيتس، صاحب شركة «مايكروسوفت» وأغنى رجل في العالم، قادة العالم من أن «إرهابيين بيولوجيين» قد يتمكنون يوما ما من قتل مئات الآلاف من البشر في هجوم يودي بضحايا أكثر من الحرب النووية. وجاء تحذير غيتس هذا قبيل إلقائه لخطاب في هذا الصدد أمام مؤتمر الأمن في ميونيخ الذي يحضره وزراء دفاع وخارجية وعدد من القادة والمسؤولين في شؤون الدفاع والأمن في العالم.
ويقول غيتس إن التقدم المطرد في الهندسة الوراثية قد فتح الأبواب أمام إمكانية قيام مجموعات إرهابية صغيرة باستخدام فيروسات بيولوجية كأسلحة، وسينجم عن ذلك انتشار وبائي يعد من أكبر الأخطار القاتلة التي تواجه البشرية. ويضيف أن الحكومات المنشغلة بالحد من انتشار الأسلحة النووية والكيماوية، تتغاضى عن خطر الحرب البيولوجية.
وفي تقرير آخر على هامش المؤتمر الأمني في ميونيخ، تركز الصحيفة ذاتها على تحذير وزير الدفاع البريطاني لروسيا من التدخل في الشأن الليبي. في تقرير وضعت له عنوانا: «فالون يحذر روسيا: ارفعي يدك عن ليبيا».
وتقول الصحيفة إنه في وقت تنظر فيه بريطانيا وحلفاؤها في حلف شمال الأطلسي (ناتو) في إرسال المزيد من المساعدات لهذا البلد الممزق، وفي المساعدة في بناء قواته المسلحة، قال السير مايكل فالون إن روسيا «تختبر» حلف الناتو بمفاتحتها رجلا قويا في ليبيا منافسا للحكومة الليبية المدعومة من الأمم المتحدة في طرابلس، في إشارة إلى المشير خليفة حفتر، الذي يشرف على تحالف من الجماعات المسلحة حول ميناء بنغازي شرقي البلاد رافضا الاعتراف بالحكومة.
وتناولت أكثر من صحيفة من الصحف البريطانية البيان الذي أصدره مؤسس موقع «فيسبوك» ومديره التنفيذي، مارك زوكربيرغ، ووضع فيه تصوراته عن مستقبل موقعه والاقتصاد العالمي والعولمة.
وننتقل إلى الصحافة البلجيكية في بروكسل، حيث كان التركيز على موافقة البرلمان الأوروبي على قواعد تضييق الخناق على المقاتلين الأجانب، الذين يسافرون إلى مناطق الصراعات مثل سوريا والعراق، ويعودون إلى دول الاتحاد ويشكلون تهديدا خطيرا، بحسب ما ذكرت صحيفة «ستاندرد» اليومية البلجيكية. ثم ننتقل إلى فرنسا وفي صحف باريس، تعليقات حول موقف الرئيس الأميركي دونالد ترمب من حل الدولتين إلى جانب الانكباب على متابعة حملة الانتخابات الرئاسية الفرنسية ومفاجآتها التي لم تنته فصولا بعد. ولعل الأبرز في هذا المجال هو مضي الصحافة قدما بمعالجة موضوع احتمال وصول اليمين المتطرف إلى الحكم في فرنسا. فبعد «لوباريزيان» وعدد غير قليل من الأسبوعيات، جاء دور «لوبينيون» كي تسأل في صدر صفحتها الأولى: «هل بإمكان مارين لوبان الفوز؟»، «هذا السؤال بات على كل لسان قبل أقل من ثمانين يوما على موعد الانتخابات»، قالت «لوبينيون». الصحيفة عرضت الموضوع على عدد من المختصين وقد أظهرت استنتاجاتهم أن «الاحتمال لم يعد مستبعدا حتى لو كانت فرضية التصويت ضد مرشحة حزب (الجبهة الوطنية) ما زالت قائمة».
وفيما يخص تعليقات الصحف حول موقف دونالد ترمب من حل الدولتين، «هل سيفرض حل الدولة الواحدة نفسه»، تساءلت «لاكروا»، فيما «لوفيغارو» اعتبرته «مفقودا». «الموقف الأميركي أرعن وخطير»، كتبت «لبيبراسيون».
هذا فيما خصصت «لوفيغارو» في سياق آخر، تحقيقا عن «حزب الله» اللبناني الذي بات «بفضل تجربته العسكرية في سوريا بمصاف الجيش الإقليمي القوي، ما جعل إسرائيل تستعد لحرب جديدة»، كما أشار كاتب المقال جورج مالبرونو.



هل تنجح مساعي دمج صُنّاع المحتوى داخل غُرف الأخبار؟

صحف سعت لاجتذاب صُنّاع المحتوى (متداولة)
صحف سعت لاجتذاب صُنّاع المحتوى (متداولة)
TT

هل تنجح مساعي دمج صُنّاع المحتوى داخل غُرف الأخبار؟

صحف سعت لاجتذاب صُنّاع المحتوى (متداولة)
صحف سعت لاجتذاب صُنّاع المحتوى (متداولة)

يبدو أن ثمة تطوراً جديداً ربما يظهر داخل «غرف الأخبار»، بعدما سعت صحف بارزة، مثل «واشنطن بوست»، لاجتذاب صُنّاع المحتوى بهدف «تعزيز التواصل مع الجمهور»، في حين أثارت مساعي دمج صُنّاع المحتوى (المؤثرون) داخل غُرف الأخبار تساؤلات بشأن «ضمانات التوازن بين المعايير المهنية والتكيّف مع تطلّعات الجمهور».

ووفق تقرير معهد «رويترز لدراسة الصحافة»، العام الماضي، فإن «الجمهور من الفئات الأقل من أربعين عاماً يعيرون اهتماماً أكبر لصُنّاع المحتوى، أو ما يطلقون عليهم لقب (مؤثرون)، بوصفهم مصدراً للمعلومات وكذلك الأخبار».

كما أشارت دراسة استقصائية ضمن مبادرة «بيو-نايت» الأميركية، المعنية برصد التغيرات في كيفية استهلاك الأخبار والمعلومات، في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، إلى أن أكثر من خُمس البالغين في الولايات المتحدة يعتمدون بانتظام على «المؤثرين» للحصول على الأخبار.

ومع ذلك، فإن معظم هؤلاء «المؤثرين» الذين ينشرون الأخبار لا ينتمون إلى مؤسسات إخبارية ولا يخضعون لتدريب صحافي. وحسب دراسة أجرتها منظمة «اليونيسكو» ونُشرت نتائجها، نهاية نوفمبر الماضي، فإن غالبية هؤلاء المؤثرين (62 في المائة) لا يتحقّقون من صحة المعلومات التي يشاركونها مع جمهورهم، ما يُثير مخاوف من انتشار «المعلومات الزائفة».

ومعروف أن ثمة تجارب بدأت تخوضها أخيراً غرف الأخبار للدمج بين الصحافي المدرب وصانع المحتوى صاحب الكاريزما والجمهور. وظهرت، في هذا الإطار، نماذج؛ مثل: «واشنطن بوست»، والمنصة الأميركية «مورنينغ بيرو» التي أطلقت بالفعل مبادرات يقودها صُنّاع محتوى على منصات التواصل الاجتماعي، غير أن الاتجاه لا يزال قيد التجربة والتقييم، حسب ما يبدو.

الخبير في إدارة وتحليل بيانات «السوشيال ميديا»، مهران كيالي، رهن نجاح تجربة دمج صُنّاع المحتوى في غرف الأخبار بـ«تنظيم العلاقة بين الطرفين»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إنه «على غرف الأخبار أن توفّر لصُنّاع المحتوى أدوات؛ مثل: التحقق من المصادر، والالتزام بأخلاقيات الصحافة، في حين يقدّم صُنّاع المحتوى خبراتهم في الإبداع الرقمي وفهم الجمهور على المنصات الحديثة». وأضاف: «كما يجب تقنين العلاقة من خلال وضع إطار واضح يحدّد المسؤوليات وأسلوب العمل».

غير أن كيالي أشار إلى «تحديات أمام تجربة دمج صُنّاع المحتوى في غرف الأخبار»، قائلاً: «هناك نظرة سلبية من قِبل بعض الصحافيين التقليديين تجاه صُنّاع المحتوى، بل هم يعدونهم دخلاء على المهنة، رغم امتلاكهم جمهوراً واسعاً وتأثيراً كبيراً». وأضاف: «بعض المؤسسات الصحافية تعاني صعوبة التكيّف مع أسلوب المحتوى السريع والبسيط الذي يتناسب مع منصات التواصل الاجتماعي، خشية خسارة الصورة الوقورة أمام الجمهور».

وعدّ كيالي أن غرف الأخبار قبل أن تستعين بصُنّاع المحتوى، هي بحاجة إلى «التجهيزات والإجراءات التي تمكّن الصحافيين من إنتاج ونشر محتوى رقمي جذاب بسرعة».

وعن الحلول لتجاوز هذه التحديات، أوضح الخبير في إدارة وتحليل بيانات «السوشيال ميديا» أنه «يجب على المؤسسات تحديث سياساتها وتوفير الدعم الفني والتدريب اللازم للصحافيين، مع تغيير النظرة السلبية تجاه صُنّاع المحتوى والبحث عن تعاون».

وأشار كذلك إلى أهمية تحقيق التوازن بين المهنية والتطوير، قائلًا: «بعض غرف الأخبار تحتاج إلى تعزيز مصداقيتها بالالتزام بمبادئ الصحافة، من خلال تجنّب المصادر غير الموثوقة وتدقيق المعلومات قبل نشرها»، و«لجذب الجمهور، يجب تقديم محتوى يلامس اهتماماته بأسلوب مبسط مع استخدام أدوات حديثة مثل الفيديوهات القصيرة؛ مما يضمن الجمع بين الدقة والجاذبية لتعزيز الثقة بعصر المنافسة الرقمية».

المحاضرة في الإعلام الرقمي بالجامعة البريطانية في القاهرة، ياسمين القاضي، ترى أن بعض المؤسسات الإخبارية لا تزال تعتمد الاستراتيجيات «القديمة» نفسها على وسائل التواصل الاجتماعي، وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «منذ سنوات تبنّت بعض وسائل الإعلام مفهوم (التحويل إلى منصات) من خلال جمع المعلومات وتدقيقها، وهو الدور الأصيل للصحافة، ثم نشرها بأسلوب يحاكي وسائل التواصل الاجتماعي، غير أن هذا الاتجاه ربما لن يكون كافياً في ضوء احتدام المنافسة مع صُنّاع المحتوى، مما أفرز اتجاه الاستعانة بـ(المؤثرين)».

وأوضحت القاضي أن «الغرض من دمج صُنّاع المحتوى في غرف الأخبار، هو تقديم المعلومات المدققة بأسلوب مبتكر». وأضافت أن «الاستعانة بشخصية مؤثرة لنقل المعلومات لا تعني بالضرورة المساس بمصداقية المحتوى ودقته، فالأمر يعتمد على مهارة كُتّاب المحتوى، فكلما كان الكُتاب صحافيين محترفين يسعون لتطوير أدواتهم ضمنت منصة الأخبار تقديم معلومات دقيقة وموثوقة».