الرقم مليون لم يشفع للاجئ السوري يحيى المحاصر في شمال لبنان

قال لـ «الشرق الأوسط» إنه توقع أن يكون رقمه «ورقة رابحة تفتح الأبواب»

يحيى اللاجئ السوري الذي يحمل الرقم مليون في لبنان مع والدته في الغرفة  التي يسكنها بمنطقة الضنية ({الشرق الأوسط})
يحيى اللاجئ السوري الذي يحمل الرقم مليون في لبنان مع والدته في الغرفة التي يسكنها بمنطقة الضنية ({الشرق الأوسط})
TT

الرقم مليون لم يشفع للاجئ السوري يحيى المحاصر في شمال لبنان

يحيى اللاجئ السوري الذي يحمل الرقم مليون في لبنان مع والدته في الغرفة  التي يسكنها بمنطقة الضنية ({الشرق الأوسط})
يحيى اللاجئ السوري الذي يحمل الرقم مليون في لبنان مع والدته في الغرفة التي يسكنها بمنطقة الضنية ({الشرق الأوسط})

لم يشفع الرقم مليون، الذي يحمله يحيى، اللاجئ السوري في لبنان، على البطاقة التي أصدرتها له مفوضية شؤون اللاجئين مطلع الشهر الحالي، في تأمين بعض الطعام أو عمل ما ليعول أسرته، بعد أن ضجّت بقصته شاشات التلفزة ومواقع التواصل الاجتماعي، وكان بطل فيلم قصير بثته الأمم المتحدة على موقع «يوتيوب»، غابت كل الأضواء عنه اليوم وبقي هو في العتمة، غير مدرك أي مستقبل ينتظره.
قد تشبه قصة يحيى قصص مئات الآلاف من السوريين الذين فروا من بلادهم قبل أكثر من ثلاثة أعوام هربا من الموت المحتم، ليجدوا في لبنان موتا بطيئا في ظل غياب مقومات الحياة الأساسية.
يعيش الشاب السوري ابن الأعوام الـ18، بعد وصوله إلى منطقة الضنية شمال لبنان قبل نحو شهرين آتيا من حمص، في غرفة صغيرة مظلمة مع والدته وشقيقتيه. هو حاليا رب الأسرة والوالد والابن في آن، بعد أن فقد والده في المعارك الدائرة في سوريا.
واجه الشاب السوري وأفراد أسرته الحصار العسكري في حمص لأشهر طويلة، لكنّه يجد نفسه اليوم عاجزا عن مواجهة حصار معنوي تفرضه ظروف العيش الحالية في لبنان. يقول لـ«الشرق الأوسط»: «أنا حاليا دون عمل، واضطررت أخيرا إلى بيع خاتم خطوبة والدتي وسوارها كي نشتري بعض الطعام، فالمال الذي كان معنا صرفناه ولا أحد ينظر إلى حالتنا».
ويتنافس اللبنانيون واللاجئون السوريون على سوق العمل الضيق نسبيا في لبنان، وهو ما يؤدي إلى ارتفاع نسبة البطالة. وقدرت منظمة العمل الدولية نسبة البطالة في لبنان بنحو 22 في المائة في عام 2013، بينما يقدر البنك الدولي هذه النسبة بنحو 34 في المائة. وكشفت منظمة العمل الدولية، في تقرير لها بعنوان «اتجاهات العمل العالمية لعام 2014»، أن تدفق النازحين السوريين إلى لبنان قد يزيد حجم القوى العاملة بنسبة 30 إلى 50 في المائة.
ويصف يحيى الرقم مليون الذي يحمله بـ«المميز والحزين في آن، كونه يعني أن هناك مليون سوري يعيشون في ظروف صعبة في لبنان بعيدا عن أرضهم»، ويضيف: «لا أنكر أنني لوهلة توقعت أن يكون هذا الرقم أشبه بورقة رابحة ستفتح أمامي أكثر من باب، إلا أنه ومع مرور الأيام تبين أن الرقم وحده مميز لكنّه لم يأتِ لي حتى بوظيفة».
لا يطمح يحيى إلا لتأمين ظروف عيش أفضل لعائلته بعدما اضطر إلى ترك الدراسة قبل ثلاث سنوات مع احتدام المعارك في حمص. يقول: «حاولت حينها أن أدرس تحت القصف... حاولت أن أذهب إلى الثانوية... لكن الحصار كبّلنا وكان ما كان».
في الغرفة التي يعيش فيها اليوم يحيى ووالدته وشقيقتاه، بضع فرش وأقمشة تغطي النافذة الوحيدة التي تبعث النور لقاطنيها. يبحث الشاب السوري عن أفق أوسع في بساتين البلدة اللبنانية التي يسكنها والتي تشبه، كما يقول، إلى حد بعيد البساتين المحيطة بمنزله في حمص. وتخطى عدد اللاجئين السوريين المسجلين في لبنان مليوناً و29 ألفا، بحسب مفوضية الأمم المتحدة، أما عددهم الإجمالي (أي المسجلون وغير المسجلين) فيلامس المليونين، بحسب مصادر رسمية. ويعيش معظم هؤلاء اللاجئين إما في شقق استأجروها وإما في غرف صغيرة وإما لدى عائلات لبنانية مضيفة وإما في مخيمات عشوائية منتشرة على الأراضي اللبنانية تفتقر إلى أدنى حد من مقومات العيش.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».