مصممون يردون على دونالد ترمب بالاستعانة بمعاقين في عروضهم

ما بين التغيرات السياسية و«بريكست» أسبوع لندن للموضة يتبنى لغة الحب والاستيعاب

من عرض «تيتام جونز» - من عرض التركي «بورا أكسو»
من عرض «تيتام جونز» - من عرض التركي «بورا أكسو»
TT

مصممون يردون على دونالد ترمب بالاستعانة بمعاقين في عروضهم

من عرض «تيتام جونز» - من عرض التركي «بورا أكسو»
من عرض «تيتام جونز» - من عرض التركي «بورا أكسو»

أسبوع لندن للموضة لخريف 2017 وشتاء 2018 كان مختلفا تماما صباح أول من أمس الجمعة. الاختلاف لم يفرضه المكان فحسب، حيث إنه انتقل من «سومرست هاوس» إلى 180 ذي ستراند، بل أيضا فحوى رسالته المفعمة بالحب والانفتاح على ثقافات العالم واختلافاتهم. لم يُذكر اسم دونالد ترمب ولا مرة واحدة خلال الافتتاح ومع ذلك كان حاضرا مثل الكابوس الجاثم على مستقبل صناعة الموضة، سواء من خلال ارتداء من ناتالي ماسيني رئيسة المنظمة، وكارولاين راش الرئيس التنفيذي للمنظمة المنديل الأبيض الذي طالب موقع «بيزنيس أوف فاشن» بارتدائه للتعبير عن التضامن الإنساني ورفض السياسات الشعبوية التفريقية.
الفكرة الأساسية من الأسبوع عموما هي الاحتفال بإبداعات مصمميه وفي الوقت ذاته تأجيج الرغبة في الشراء، وإلا بارت هذه الإبداعات مهما كانت جمالياتها وفنيتها. لكن في وقت يشهد عدة تقلبات سياسية واقتصادية على حد سواء، يشعر الكل بأن اللغة يجب أن تتغير حتى تواجه هذه التغيرات. وهذا ما أشارت إليه ناتالي ماسيني في خطابها الافتتاحي قائلة: «صناعة الموضة تمر بعدة تغيرات، ما بين استراتيجية متابعة العروض اليوم وشرائها غدا، ودمج العروض الرجالية بالنسائية بالنسبة لبعض بيوت الأزياء، وكما نعرف أن التغيير يمكن أن يخض المتعارف عليه ويثير بعض المخاوف فهو أيضا يحفز على الإبداع والابتكار».
مخاوف ماسيني تركزت غالبا على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وتبعات هذا الخروج على مصممين ينتمي الكثير منهم إلى جنسيات أخرى. ثم لا ننسى أن أسبوع لندن بالذات كون شخصيته على احتضان كل من يتمتع بالموهبة بغض النظر عن جنسيته ولونه وجنسه، إلى حد أنه أصبح المنبر الذي يحلم به كل من أغلقت في وجهه الأبواب العالمية، أو فقط توخى في نفسه القدرة على الابتكار بجنون لا تُقدره أو تفهمه باقي العواصم. وليس أدل على هذا من أسماء أصبح لها شأن في الوقت الحالي من أمثال روكساندا إلينشيك من الصرب، بورا أكسو من تركيا، إيدون تشوي من كوريا الجنوبية، أشيش من الهند، الثنائي «بيتر بيلوتو» من النمسا، ماريا كاترانزو من اليونان وهلم جرا. لذلك فإن رفع أسبوع لندن راية الرفض للتفرقة ورسم الحدود وفرض التأشيرات ليس مستغربا.
بالنسبة لناتالي ماسيني التي حققت شهرتها كمؤسسة لأشهر موقع تسوق إلكتروني «نت أبورتيه» يمكن القول إنها غير النظرة إلى التسوق بشكل عام، فقد دخلت منظمة الموضة البريطانية من باب تجاري، ما يجعلها تفهم أهمية التسويق وغلبته على جانب الإبداع. بالنسبة لها، فإن ما يُطمئن في الوقت الحاضر أن معظم المصممين الشباب ينتمون إلى عصر الإنترنت ويُتقنون لغته. وهذا يعني أنه بإمكانهم التغلب على التغيرات من خلال التفاعل مع وسائل التواصل الاجتماعي بكل أشكالها. وعلى حد تعبيرها: «بإمكانهم بناء نماذج جديدة توازن بين التسويق التقليدي والتسويق المباشر المبني على التفاعل مع الزبائن عبر الإنترنت».
تبعات «بريكست» كانت أيضا على بال كارولاين تشارلز ومن أولوياتها، إذ ناشدت الحكومة البريطانية أن تراعي عند تفعيل البند 50 ضرورة تسهيل تنقلات المصممين والطلبة وتوفير تأشيراتهم من دون تعقيدات، مذكرة بأن صناعة الموضة تدر على الاقتصاد البريطاني أكثر من 28 مليار جنيه إسترليني وتوظف ما لا يقل عن 800.000 شخص. بل وأضافت ضاحكة أن شعبية الموضة زادت في السنوات الأخيرة إلى حد أنها تغلبت على شعبية كرة القدم، وهو ما لم يكن يخطر على البال منذ عقد من الزمن «بالنظر إلى هوس البريطانيين بهذه الرياضة».
لكن المشكلة التي تتخوف منها منظمة الموضة البريطانية وصناع الموضة عموما ليس فقط التنقلات والتأشيرات، بل أيضا التعليم وفتح الأبواب للطلبة من كل أنحاء العالم. فمعاهد الموضة البريطانية تعتبر من أهم المعاهد في العالم، من معهد سانترال سانت مارتن إلى معهد «كينغستون» و«ورويال كوليدج أوف آرت». فمن هذه المعاهد تخرج أهم المصممين ومن دونها يمكن «أن يفقد أسبوع لندن للموضة ثلث المواهب الموجودة فيه» حسب سارة موير، المشرفة على جانب التعليم في المنظمة. وأضافت أن ارتفاع رسوم الجامعات له تأثيرات سلبية لا تقل عن تأثيرات «بريكست»، لأن الكثير من المواهب تجد نفسها خارج اللعبة لأنها لا تستطيع دفع تكاليف هذه الجامعات. لحسن الحظ أن المنظمة تولت هذه المهمة في عام 2016 وعملت على تفعيلها بخلق مبادرات تشجيعية وجمع التبرعات لدعم هذه المواهب وتسهيل دخول المتفوقين منهم لهذه الجامعات مجانا. فمنذ سبتمبر (أيلول) من العام الماضي، قدمت ما لا يقل عن 100.000 جنيه إسترليني لـ12 طالبا، وتنوي أن تستوعب المزيد في المستقبل بفضل متبرعين من أمثال شركة «شواروفسكي» التي تبرعت في العام الماضي بـ700.000 جنيه إسترليني، يذهب نصفها تقريبا لدعم مبادرة الجيل الجديد من المصممين، وهو ما يعرف بـ«نيوجين» ونصفها الآخر لقسم التعليم.
الطريف أن تفاعل المصممين مع هذه التغيرات السياسية والاقتصادية كان واضحا في اليوم الأول، بل وفي أول عرض شهده الأسبوع على الساعة 9.30، وكان لدار «تيتام جونز»، التي استعانت بكل من العارضة كيلي نوكس التي ولدت من دون ذراع، وجاك آيرز الذي بُترت ساقه وعمره لا يتعدى الـ16 عاما وكان أول عارض معاق يشارك في عروض نيويورك. الرسالة كانت إشارة إلى استخفاف دونالد ترمب بصحافي معاق وهو ما أكدته أبيات شعر أُلقيت خلال العرض للشاعر كايت تامبست، ومقطع من خطاب ألقته النجمة ميريل ستريت في حفل الـ«غولدن غلوب» الأخير بهذا الشأن. الثنائي تيتام وجونز اعترفا بعد العرض بأن ما ألهم تشكيلتهما هو حبهما «للقصص الإنسانية ورفضهما لفكرة الجسد المثالي». ثم إن الكل يحب الموضة ويرغب في الأناقة والجودة أيا كانت مقاساتهم ومقاييسهم.



بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».