تشكيل لجان أميركية ـ إسرائيلية يغضب المستوطنين

تتولى البت في ملفات شائكة بينها قواعد الاستيطان وإيران والجاسوس بولارد

فلسطينيون يتسلقون جدار الفصل الإسرائيلي خلال مظاهرة في الذكرى الـ12 لانطلاق الاحتجاجات ضده (أ.ف.ب) - مواجهة بين فلسطيني وشرطي إسرائيلي خلال مظاهرة ضد الاستيطان في الحرم الإبراهيمي أمس (أ.ف.ب)
فلسطينيون يتسلقون جدار الفصل الإسرائيلي خلال مظاهرة في الذكرى الـ12 لانطلاق الاحتجاجات ضده (أ.ف.ب) - مواجهة بين فلسطيني وشرطي إسرائيلي خلال مظاهرة ضد الاستيطان في الحرم الإبراهيمي أمس (أ.ف.ب)
TT

تشكيل لجان أميركية ـ إسرائيلية يغضب المستوطنين

فلسطينيون يتسلقون جدار الفصل الإسرائيلي خلال مظاهرة في الذكرى الـ12 لانطلاق الاحتجاجات ضده (أ.ف.ب) - مواجهة بين فلسطيني وشرطي إسرائيلي خلال مظاهرة ضد الاستيطان في الحرم الإبراهيمي أمس (أ.ف.ب)
فلسطينيون يتسلقون جدار الفصل الإسرائيلي خلال مظاهرة في الذكرى الـ12 لانطلاق الاحتجاجات ضده (أ.ف.ب) - مواجهة بين فلسطيني وشرطي إسرائيلي خلال مظاهرة ضد الاستيطان في الحرم الإبراهيمي أمس (أ.ف.ب)

مع وصول رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى تل أبيب، عائدًا من لقاء اعتبره «تاريخيًا» مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب، وإعلانه لوزرائه، بشكل احتفالي، توصله إلى «تفاهمات مهمة» في البيت الأبيض حول مواضيع الاستيطان وإيران والجاسوس جوناثان بولارد، انتفض رفاقه في المعسكر اليميني وراحوا يعربون عن خيبة أملهم وقلقهم من هذه التفاهمات.
وكان نتنياهو «بشّر» وزراءه بأنه حقق «الكثير من المكاسب في اللقاء التاريخي مع الرئيس ترمب»، في مقدمتها «متابعة الملفات المهمة بلجان ثنائية تبدأ العمل فورًا». وقال إنه وترمب كانا متطابقين في الموضوع الإيراني، مشيرًا إلى أن الرئيس الأميركي وافقه على أن «إيران تنوي السيطرة على العالم بالقوة، وتطوّر الأسلحة البعيدة المدى لضرب الولايات المتحدة نفسها». وحسب مصدر سياسي في تل أبيب، فإن نتنياهو قال لترمب: «صحيح أن الإيرانيين كتبوا على الصاروخ الباليستي الجديد (تدمير إسرائيل واجب علينا)، إلا أن صاروخًا بمدى 4000 كيلومتر سيكون موجهًا إلى واشنطن مباشرة. وكي يدمروا إسرائيل ليسوا في حاجة إلى صاروخ كهذا».
وأشار رئيس الوزراء الإسرائيلي إلى أن إحدى اللجان ستبحث في طلبه رفع القيود على تحركات المواطن اليهودي الأميركي جوناثان بولارد المدان بالتجسس لإسرائيل وأمضى 30 سنة في سجن أميركي، ولا يُسمح له اليوم بالتحرك الحر، ويمنع من السفر إلى الخارج. وطلب نتنياهو السماح له بالهجرة إلى إسرائيل وتلقي العلاج الذي يحتاجه في مرضه. فاتفق على إقامة لجنة متابعة. كما تقرر أن تقام لجنة كهذه تبحث في مسألة البناء الاستيطاني. وهذه خصوصًا صدمت رفاق نتنياهو داخل حزبه، «ليكود»، وكذلك داخل حزب المستوطنين «البيت اليهودي».
وقال مصدر مقرب من رئيس حزب «البيت اليهودي» الوزير نفتالي بنيت، إن الأخير ورفيقته في الحزب وزيرة القضاء أييلت شكيد، سعيدان جدًا بامتناع نتنياهو عن استخدام تعبير «حل الدولتين»، لكنهما منزعجان جدًا من قرار «إقامة لجنة أميركية - إسرائيلية تحدد معايير البناء في المستوطنات». واعتبرا ذلك «عودة إلى سياسة (الرئيس الأميركي السابق) باراك أوباما بتقييد البناء الاستيطاني». وطالباه بالإيفاء بوعوده للمستوطنين في بؤرة عمونة بإقامة مستوطنة خاصة بهم.
وقال مسؤولون آخرون في المستوطنات، كانوا فقط قبل 24 ساعة يحتفلون ويقيمون الأفراح بدفن حل الدولتين، إنهم يشعرون بأنهم مخدوعون. وعبروا عن غضبهم من عدم الخروج بقرارات محددة في موضوعي حل الدولتين والاستيطان. وقال أحدهم: «ما زالت لدينا علامات استفهام. والضبابية حول وضع البناء المستقبلي في يهودا والسامرة (أي المستوطنات في الضفة الغربية) لم تتبدد في أعقاب اللقاء، وكذلك بالنسبة إلى خطط مستقبلية متعلقة بالشرق الأوسط». وتساءل نداف هعتسني: «هل يمكن لرئيس حكومة مثل نتنياهو أن يتفق علينا مع ترمب؟ يبدو أن الجواب إيجابي. فما كان علينا أن نصدق نتنياهو في شيء. لقد ركب علينا، وعندما وثقنا به وصلينا للرب أن يحميه وينجحه، باعنا».
وادعى مسؤول في «ليكود» من لوبي مؤيدي المستوطنات أن نتنياهو وترمب وضعا خطة كبيرة للتسوية المستقبلية للصراع في الشرق الأوسط. وأن هذه الخطة ترمي إلى رسم حدود إسرائيل الدائمة مقابل مناطق السلطة الفلسطينية. وأنها أيضًا ستشمل مناطق الكتل الاستيطانية في الضفة الغربية إضافة إلى منطقة أخرى غير معرّفة بعد.
ونقلت صحيفة المستوطنين «مكور ريشون»، أمس، عن «وزير رفيع المستوى» قوله إن «الفرق بين أوباما وترمب هو أن أوباما أراد أن يأتي باتفاق ويفرضه على إسرائيل، بينما ترمب يريد أن يأتي باتفاق مع نتنياهو ويفرضه على الفلسطينيين. ويعني ذلك، أنه سيكون أمام الفلسطينيين خياران في هذه الحالة: إما أن يقبلوا بما يتبقى من الضفة الغربية، بعد أن يقرر نتنياهو وترمب بشأن حدود إسرائيل، وعندها يكون الحديث عن حل الدولتين، أو أن يرفض الفلسطينيون وعندها ستكون هناك دولة واحدة... وبقية المناطق ستبقى كما هي».
وتابعت أنه في هذه الحالة ستسعى الولايات المتحدة إلى إقناع أكبر عدد ممكن من دول العالم بالانضمام إلى اتفاق ترمب ونتنياهو والاعتراف به. لكن الوزراء الكبار المذكورين أعلاه يتخوفون من أن يطرح نتنياهو اتفاقًا كهذا على أنه إنجاز وأن يذهب به إلى الانتخابات. وفي المقابل، هناك إمكانية لحدوث انشقاق آخر في «ليكود»، مثلما حدث لدى تنفيذ خطة الانفصال عن غزة. ويرى هؤلاء القياديون أن نتنياهو سيواجه صعوبة في تمرير اتفاق كهذا داخل حزبه، لأن سيناريو الاتفاق سيعني الانسحاب من مناطق في الضفة توجد فيها مستوطنات مثل «ألون موريه» و«ايتمار».
ونفى الناطق بلسان نتنياهو، أمس، أن يكون تراجع عن حل الدولتين. واتهم الفلسطينيين بأنهم «هم الذين يتهربون من هذا الحل لأنهم ليسوا معنيين بالسلام ولا يريدون التخلي عن موقفهم العنصري في رفض اعتبار إسرائيل دولة الشعب اليهودي». وأكد أنه «في حال قبول إسرائيل كدولة يهودية والموافقة على شروط إسرائيل الأمنية، بما في ذلك اعتبار نهر الأردن الحدود الآمنة، فإن السلام سيتحقق».



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.