السياسة الخارجية الأميركية تهيمن على مؤتمر ميونيخ الدولي للأمن

ماتيس: العلاقة بين ضفتي الأطلسي هي «الحصن المنيع»

وزيرة الدفاع الألمانية أورسولا فان دير ليان ووزير الدفاع الأميركي جميس ماتيس (أ.ف.ب)
وزيرة الدفاع الألمانية أورسولا فان دير ليان ووزير الدفاع الأميركي جميس ماتيس (أ.ف.ب)
TT

السياسة الخارجية الأميركية تهيمن على مؤتمر ميونيخ الدولي للأمن

وزيرة الدفاع الألمانية أورسولا فان دير ليان ووزير الدفاع الأميركي جميس ماتيس (أ.ف.ب)
وزيرة الدفاع الألمانية أورسولا فان دير ليان ووزير الدفاع الأميركي جميس ماتيس (أ.ف.ب)

هيمنت السياسة الخارجية للإدارة الأميركية الجديدة على مؤتمر ميونيخ الدولي للأمن الذي انطلقت فعالياته، أمس (الجمعة)، في عاصمة ولاية بافاريا الألمانية. وكان قد وجه الرئيس الأميركي دونالد ترمب مرارًا في الماضي انتقادات حادة إلى الاتحاد الأوروبي والحلف الأطلسي.
وأمس، حذرت وزيرة الدفاع الألمانية الجمعة الولايات المتحدة من أي خطاب يمكن أن يهدد تماسك الاتحاد الأوروبي والحلف الأطلسي، مشددة على أن اللحمة الأوروبية هي لصالح واشنطن. وقالت أورسولا فان دير ليان خلال مؤتمر ميونيخ للأمن إن «أصدقاءنا الأميركيين يعرفون أن نبرتهم حيال أوروبا والحلف الأطلسي لها تأثير مباشر على تماسك أوروبا. إن اتحاد أوروبي مستقر هو لصالح الولايات المتحدة، وكذلك حلف أطلسي موحد».
وقال رئيس المؤتمر والسفير الألماني الأسبق لدى الولايات المتحدة، فولفغانغ إشينجر، إن هذا العام سيكون الأكثر إثارة وحساسية منذ سنوات بسبب الوضع السياسي العالمي. وأضاف إشينجر: «لم يحدث من قبل أن أثير مثل هذا العدد الكبير من علامات الاستفهام بشأن السياسة الخارجية»، في إشارة إلى البيت الأبيض والأزمات في سوريا وأوكرانيا، بالإضافة إلى التحركات الشعبوية داخل أوروبا.
المؤتمر، الذي افتتحته وزيرة الدفاع الألمانية ونظيرها الأميركي جميس ماتيس، ويستمر حتى يوم الأحد، يعد من أهم اللقاءات المعنية بالسياسة الأمنية على مستوى العالم. ويشارك فيه 30 رئيس دولة وحكومة ونحو 80 وزير خارجية ودفاع.
وأعلن وزير الدفاع الأميركي، أمس (الجمعة)، أن العلاقة بين ضفتي الأطلسي هي «الحصن المنيع» بوجه زعزعة الاستقرار، محاولاً طمأنة الحلفاء القلقين من الغموض في مواقف الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترمب.
وقال ماتيس إن «العلاقة بين ضفتي الأطلسي تبقى حصننا المنيع ضد انعدام الاستقرار والعنف»، مضيفًا: «إنني على ثقة بأننا سنعزز شراكاتنا، ونواجه أولئك الذين يعمدون إلى مهاجمة أبرياء أو آلياتنا الديمقراطية وحرياتنا».
وكان ترمب قد أثار قلقًا كبيرًا بين حلفاء «الناتو» خلال حملته الرئاسية، عندما أشار إلى التحالف العسكري بأنه «عفا عليه الزمن». وعلى الرغم من أنه هو وفريقه يؤكدان منذ ذلك الحين التزام الولايات المتحدة تجاه «الناتو»، يسود شعور عميق بالقلق بين الحلفاء، لا سيما في ضوء التساؤلات بشأن علاقات الإدارة الجديدة مع روسيا. وبجانب السياسة الخارجية الأميركية غير واضحة الملامح بعد، سيتطرق المشاركون في المؤتمر أيضًا إلى قضايا أخرى تتعلق بالتوترات مع روسيا والحرب في سوريا والنزاع الأوكراني ومستقبل الاتحاد الأوروبي.
ومن المقرر أن يعرض نائب الرئيس الأميركي مايك بنس اليوم (السبت)، خلال المؤتمر ملامح السياسة الأمنية للبيت الأبيض، كما من المنتظر أن يلتقي المستشارة أنجيلا ميركل. وقال إشينجر إنه يأمل في أن يخفف المؤتمر بعضًا من حالة عدم اليقين الحالية. تجدر الإشارة إلى أن مؤتمر ميونيخ الدولي للأمن هو ثالث ملتقى يشارك فيه مسؤولون بالإدارة الأميركية الجديدة عقب اجتماع وزراء دفاع الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي (الناتو) في بروكسل واجتماع وزراء خارجية مجموعة العشرين في بون.
ومن بين الحضور في المؤتمر، وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، والأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ، ورئيسا أوكرانيا وأفغانستان.
وكانت قد رحبت رئيسة ليتوانيا داليا جريباوسكايتي بمشاركة نائب الرئيس الأميركي في المؤتمر، معتبرة ذلك إشارة جيدة. وقالت جريباوسكايتي في تصريحات للإذاعة الليتوانية قبيل توجهها إلى ميونيخ، أمس (الجمعة): «هذا يعني أن أمن أوروبا والعالم لا يزال له الأولوية لدى الولايات المتحدة». وذكرت جريباوسكايتي أنه من المخطط أن يلتقي بنس على هامش المؤتمر مع رؤساء دول البلقان الثلاثة. ومن المتوقع أن تدور المحادثات خلال هذا اللقاء حول التوترات مع روسيا. وتنتظر ليتوانيا وإستونيا ولاتفيا المزيد من المساعدات من حلف شمال الأطلسي (الناتو) والولايات المتحدة في ظل التوترات مع الجارة الروسية.
ومن جانب آخر، عقد وزيرا الخارجية الأميركي والصيني الجمعة اجتماعًا على انفراد في ألمانيا في أول لقاء على هذا المستوى بين البلدين منذ انتخاب دونالد ترمب، على خلفية توتر قائم بينهما. وبدأ اللقاء بين ريكس تيلرسون ووانغ يي قبل الظهر على هامش اجتماع وزاري لمجموعة العشرين في بون، على ما أفاد به صحافي وكالة الصحافة الفرنسية. وتركز البحث خلاله على نقاط التوتر الأخيرة بين واشنطن، مثل تايوان والجزر المتنازع عليها في بحر الصين الجنوبي، وكذلك التجارة.
وأثيرت شكوك حول حضور الوزير الصيني اجتماع مجموعة العشرين، أو حتى مبدأ عقد لقاء مع نظيره الأميركي، بعد الاحتكاك الذي حصل بين بكين وواشنطن بشأن تايوان بعد وصول ترمب إلى سدة الرئاسة.
كما أثار تيلرسون غضب بكين حين لوح بفرض حصار لمنعها من الوصول إلى الجزر المتنازع عليها في بحر الصين الجنوبي، في موقف نددت به الصحافة الصينية محذرة من أنه قد يؤدي إلى «مواجهة عسكرية». وأخيرًا، تعتبر الصين الهدف الأول لانتقادات إدارة ترمب على الصعيد التجاري، وهي تتهم بكين بالتسبب بخسارة وظائف في الولايات المتحدة من خلال سياستها التصديرية، ملوحة باتخاذ تدابير حمائية ضدها.



من تنصيب ترمب إلى انتهاء حرب أوكرانيا... أهم الأحداث المتوقعة لعام 2025

ترمب خلال مناسبة بمدينة فينكس في ولاية أريزونا يوم 22 ديسمبر 2024 (رويترز)
ترمب خلال مناسبة بمدينة فينكس في ولاية أريزونا يوم 22 ديسمبر 2024 (رويترز)
TT

من تنصيب ترمب إلى انتهاء حرب أوكرانيا... أهم الأحداث المتوقعة لعام 2025

ترمب خلال مناسبة بمدينة فينكس في ولاية أريزونا يوم 22 ديسمبر 2024 (رويترز)
ترمب خلال مناسبة بمدينة فينكس في ولاية أريزونا يوم 22 ديسمبر 2024 (رويترز)

هناك الكثير من الأحداث المهمة المنتظر حدوثها في عام 2025، بدءاً من تنصيب الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب ومروراً بالانتخابات في أوروبا واضطراب المناخ والتوقعات بانتهاء حرب أوكرانيا.

ونقل تقرير نشرته شبكة «سكاي نيوز» البريطانية تفاصيل هذه الأحداث المتوقعة وكيفية تأثيرها على العالم ككل.

تنصيب دونالد ترمب

سيشهد شهر يناير (كانون الثاني) الحدث الأكثر أهمية بالنسبة للولايات المتحدة الأميركية، بل وربما للعالم أجمع، وهو تنصيب ترمب ليصبح الرئيس السابع والأربعين لأميركا.

وسيقع هذا التنصيب في يوم 20 يناير، وقد تعهد الرئيس المنتخب بالقيام بتغييرات جذرية في سياسات بلاده الداخلية والخارجية فور تنصيبه.

ونقل مراسل لشبكة «سكاي نيوز» عن أحد كبار مستشاري ترمب قوله إنه يتوقع أن يوقّع الرئيس المنتخب على الكثير من «الأوامر التنفيذية» الرئاسية في يوم التنصيب.

وتنبأ المستشار بأنه، بعد لحظات من أدائه اليمين الدستورية «سيلغي ترمب قدراً كبيراً من إرث الرئيس الحالي جو بايدن ويحدد اتجاه أميركا للسنوات الأربع المقبلة».

وعلى الصعيد المحلي، سيقرّ ترمب سياسات هجرة جديدة جذرية.

وقد كانت الهجرة قضية رئيسية في الحملة الانتخابية للرئيس المنتخب، حيث إنه وعد بترحيل الملايين وتحقيق الاستقرار على الحدود مع المكسيك بعد عبور أعداد قياسية من المهاجرين بشكل غير قانوني في عهد بايدن.

ويتوقع الخبراء أن تكون عمليات الترحيل الجماعي التي وعد بها خاضعة لمعارك قانونية، إلا أن فريق ترمب سيقاتل بقوة لتنفيذها.

ومن المتوقع أيضاً أن يصدر ترمب عفواً جماعياً عن أولئك المتورطين في أحداث الشغب التي وقعت في 6 يناير 2021، حين اقتحم الآلاف من أنصاره مبنى الكونغرس بهدف منع التصديق على فوز بايدن بالانتخابات.

وعلى الصعيد الدولي، يتوقع الخبراء أن يكون لرئاسة ترمب تأثيرات عميقة على حرب أوكرانيا، والصراع في الشرق الأوسط، وأجندة المناخ، والتعريفات الجمركية التجارية.

ومن المتوقع أن ينسحب ترمب من اتفاقية باريس للمناخ؛ الأمر الذي سيجعل أميركا غير ملزمة بأهداف خفض الانبعاثات الكربونية.

وفيما يتعلق بأوكرانيا، قال ترمب إنه يستطيع تحقيق السلام وإنهاء الحرب في غضون 24 ساعة.

أما بالنسبة للصراع في الشرق الأوسط، فقد هدَّد الرئيس الأميركي المنتخب حركة «حماس» بأنه «إذا لم يتم إطلاق سراح الرهائن في غزة قبل 20 يناير (موعد تنصيبه) سيكون هناك جحيم يُدفع ثمنه في الشرق الأوسط». إلا أن الخبراء لا يمكنهم توقع كيف سيكون رد فعل ترمب المتوقع في هذا الشأن.

انتخابات أوروبا

سيبدأ العام بانتخابات في اثنتين من أبرز دول أوروبا، وهما فرنسا وألمانيا.

سينصبّ التركيز أولاً على برلين - من المرجح أن ينتهي الأمر بالليبرالي فريدريش ميرز مستشاراً لألمانيا؛ مما يحرك بلاده أكثر نحو اليمين.

ويتوقع الخبراء أن تكون أولويات ميرز هي السيطرة على الهجرة.

أما في فرنسا، فسيبدأ رئيس الوزراء الفرنسي السابق إدوارد فيليب في الترويج لنفسه ليحلّ محل إيمانويل ماكرون رئيساً، بحسب توقعات الخبراء.

ويعتقد الخبراء أيضاً أن يتطور دور جورجيا ميلوني وينمو من «مجرد» كونها زعيمة لإيطاليا لتصبح قناة الاتصال بين أوروبا وترمب.

علاوة على ذلك، ستجري رومانيا انتخابات لاختيار رئيس جديد في مارس (آذار) المقبل.

الأوضاع في الشرق الأوسط

يقول الخبراء إن التنبؤ بما قد يحدث في الشرق الأوسط هو أمر صعب للغاية.

وعلى الرغم من تهديد ترمب بتحويل الأمر «جحيماً» إذا لم يتم إطلاق سراح الرهائن الموجودين في غزة، فإن وضع الرهائن لا يزال غير معروف وغير محسوم.

وعلى الرغم من التفاؤل الأخير بشأن المفاوضات، لا تزال الخلافات قائمة بين «حماس» وإسرائيل. لكن وقف إطلاق النار لا يزال محتملاً.

لكن أي هدنة ربما تكون مؤقتة، وهناك الكثير من الدلائل على أن الجيش الإسرائيلي ينوي البقاء في غزة في المستقبل المنظور مع تزايد الدعوات إلى احتلال دائم بين الساسة الإسرائيليين من أقصى اليمين.

وما لم يتحسن الوضع الإنساني في غزة بشكل كبير وسريع، فإن سمعة إسرائيل الدولية سوف تستمر في التردي في حين تنظر محكمة العدل الدولية في اتهامات بالإبادة الجماعية.

ويتوقع الخبراء أن يفكر نتنياهو في ضرب إيران، سواء لردع الحوثيين أو للتصدي للبرنامج النووي للبلاد، لكن قد يتراجع عن ذلك إذا لم يحصل على دعم من الرئيس الأميركي القادم.

ومن بين الأحداث التي يدعو الخبراء لمراقبتها من كثب هذا العام هي صحة المرشد الإيراني المسن علي خامنئي، التي كانت مصدراً لكثير من التكهنات في الأشهر الأخيرة، حيث ذكرت الكثير من التقارير الإعلامية أنها متردية للغاية.

أما بالنسبة لسوريا، فسيحتاج قادة سوريا الجدد إلى العمل على دفع البلاد للاستقرار وجمع الفصائل الدينية والعسكرية المختلفة، وإلا فإن التفاؤل المفرط الذي شوهد بعد الإطاحة ببشار الأسد سينقلب وتحلّ محله تهديدات بوقوع حرب أهلية جديدة بالبلاد.

العلاقات بين الصين والولايات المتحدة

قد تكتسب المنافسة بين الصين والولايات المتحدة زخماً كبيراً هذا العام إذا نفَّذ دونالد ترمب تهديداته التجارية.

وقد هدد الرئيس الأميركي المنتخب بفرض تعريفة جمركية بنسبة 60 في المائة على جميع السلع الصينية؛ وهو ما قد يشعل حرباً تجارية عالمية ويتسبب في انهيار اقتصادي.

وتستعد بكين لمثل هذه المتاعب، وهي منخرطة بالفعل في إجراءات تجارية انتقامية مع الولايات المتحدة.

ودبلوماسياً، وفي حين توجد جهود لقلب العلاقة المتوترة بين المملكة المتحدة والصين، من المرجح أن تستمر مزاعم التجسس واتهامات التدخل الصيني في السياسة الأميركية، وهي اتهامات تنفيها بكين بشدة.

حرب أوكرانيا

يتوقع الخبراء أن تنتهي حرب أوكرانيا في عام 2025، مشيرين إلى أن القتال سيتوقف على الأرجح وأن الصراع سيتجمد.

وأشار الجانبان الروسي والأوكراني مؤخراً إلى استعدادهما لتقديم تنازلات من أجل التوصل إلى اتفاق سلام.

وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لـ«سكاي نيوز» إنه على استعداد للتنازل عن الأراضي التي تسيطر عليها كييف، بينما قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن روسيا مستعدة لتقديم تنازلات أيضاً.

إنه تحول دراماتيكي في اللهجة، نتج من انتخاب دونالد ترمب، بحسب الخبراء الذين قالوا إن المحادثات والتوصل لصفقة بات أمراً حتمياً الآن.

ومهما كانت النتيجة، ستقدمها روسيا للعالم على أنها انتصار لها.

ويعتقد الخبراء أن الكرملين يأمل في اختتام المفاوضات قبل التاسع من مايو (أيار)، الذي يصادف الذكرى الثمانين لانتصار الاتحاد السوفياتي على ألمانيا النازية، ليكون الاحتفال الروسي مزدوجاً.

لكن المشاكل لن تنتهي عند هذا الحد بالنسبة لبوتين. فمع ارتفاع التضخم، وانخفاض قيمة الروبل، وضعف الإنتاجية، سيكون الاقتصاد هو معركة روسيا التالية.