الأمن التركي يكثف متابعته لأبناء الجاليات الناطقة بالروسية

بوتين يشدد على أهمية التعاون في مجال التصدي للإرهاب

بوتين وإردوغان خلال افتتاح المسجد الجامع الكبير في موسكو عام 2015 («الشرق الأوسط»)
بوتين وإردوغان خلال افتتاح المسجد الجامع الكبير في موسكو عام 2015 («الشرق الأوسط»)
TT

الأمن التركي يكثف متابعته لأبناء الجاليات الناطقة بالروسية

بوتين وإردوغان خلال افتتاح المسجد الجامع الكبير في موسكو عام 2015 («الشرق الأوسط»)
بوتين وإردوغان خلال افتتاح المسجد الجامع الكبير في موسكو عام 2015 («الشرق الأوسط»)

عززت قوى الأمن التركية في الآونة الأخيرة التدابير الأمنية، ومتابعتها للمسلمين الناطقين باللغة الروسية المتواجدين على الأراضي التركية بصورة مؤقتة، وكذلك أبناء الجاليات المسلمة الروسية في تركيا. ومن غير الواضح ما إذا كانت السلطات التركية قد أقرت تلك التدابير بناء على تفاهم مع روسيا أم لا، إلا أنه من الأكيد أن هذا النشاط سيلقى ترحيبا من الجانب الروسي، لا سيما أن الأمن الروسي يتحدث دومًا عن توجه شبان من مختلف المدن الروسية، وبصورة خاصة من منطقة القوقاز، أو من مواطني جمهوريات آسيا الوسطى المقيمين في روسيا، عبر تركيا، إلى سوريا للالتحاق بصفوف تنظيم داعش الإرهابي. من جانب آخر يمكن أن ترى موسكو في هذا الأمر خطوة تركية تؤكد عزم السلطات في أنقرة على إغلاق قنوات عبور الإرهابيين عبر تركيا نحو «داعش» في سوريا. وذكرت وكالة «رويترز» نقلا عن مسلمين روس يعيشون في إسطنبول قولهم، إن الشرطة التركية داهمت منازل مهاجرين ناطقين بالروسية يعيشون في المدينة، واعتقلت كثيرًا منهم ورحّلت غيرهم. ومن المعروف عن بعض من استهدفتهم السلطات التركية أنهم متعاطفون مع حركات متشددة. وعلى الجانب الروسي تعلن السلطات الروسية من حين لآخر عن توقيف أشخاص كانوا يخططون لمغادرة البلاد باتجاه تركيا، ومن ثم إلى سوريا للقتال مع «داعش». وفي كثير من الحالات يشير الأمن الروسي إلى عمليات تجنيد لمواطنين روس تجري عبر الإنترنت، يكون مصدرها عنصرًا من الجماعات الإرهابية، مقيمًا في تركيا، أو سوريا، أو المنطقة الحدودية بين البلدين. لذلك من شأن الإجراءات التركية الأخيرة أن تساعد روسيا في مواجهة الإرهابيين القادمين من القوقاز، لا سيما أن السلطات التركية تقوم بتسليم بعض من تعتقلهم من الجالية الروسية المسلمة للسلطات في روسيا، حسب «رويترز».
من جانب آخر يبدو أن السلطات التركية قررت تكثيف متابعة أبناء الجالية الروسية المسلمة في البلاد، بعد سلسلة هجمات إرهابية أعلنت «داعش» المسؤولية عنها، تقول السلطات التركية إن أشخاصا ناطقين بالروسية قاموا بتنفيذها. ففي يونيو (حزيران) الماضي ألقى الأمن التركي القبض على اثنين من أبناء منطقة شمال القوقاز اشتبه بضلوعهما في الهجوم الذي تعرض له مطار أتاتورك وأسفر عن مقتل 45 شخصًا. كما وجهت تركيا الاتهام لمواطن أوزبكي بتنفيذ الهجوم بسلاح ناري على نادٍ ليلي في إسطنبول في ليلة رأس السنة قتل فيه 39 شخصًا. وقال مصدر أمني تركي إن العمليات زادت بعد الهجمات الأخيرة، مؤكدًا أن المداهمات في المناطق التي يعيش فيها أجانب أظهرت أن متشددين يعيشون ويختبئون وسط هذه الجاليات. ونقلت «رويترز» عن مسؤول أمني روسي قوله إن موسكو تقدم لأنقرة قوائم بأسماء من يشتبه بأنهم «إسلاميون متشددون» منذ عامين أو 3 أعوام، لافتًا إلى أن تركيا لم تبدأ استخدام تلك المعلومات إلا بعد الهجمات الأخيرة؛ لأنها أصبحت هدفًا واضحًا للجهاديين.
في شأن متصل أعلنت هيئة الأمن الفيدرالي الروسية، أمس، عن توقيف مجموعة من مواطني آسيا الوسطى، كانوا يحاولون التوجه نحو سوريا للقتال في صفوف «داعش». وذكر فرع هيئة الأمن الفيدرالي في منطقة سخالين، على الحدود مع اليابان، أن حرس الحدود في مقاطعة سخالين، بالتعاون مع فروع هيئة الأمن في أقاليم روسية، تمكن من الكشف عن مجموعة من مواطني جمهوريات آسيا الوسطى، كانوا عازمين على دخول الأراضي السورية، عبر دولة ثالثة (في إشارة إلى تركيا) للمشاركة في نشاط «داعش»، موضحًا أنهم كانوا يفعلون ذلك نتيجة رضوخهم لتأثير آيديولوجي من جانب عضو في المجموعة. وأكد الأمن الروسي أن جميع الموقوفين، وهم 4 أشخاص، كانوا يقيمون على الأراضي الروسية بصورة غير شرعية، وبموجب قرار المحكمة تم ترحيلهم إلى أوطانهم وتسليمهم لأجهزة الأمن هناك.
وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد أعرب عن قناعته بضرورة «نقل التعاون مع الزملاء الأجانب، في مجال التصدي للإرهاب إلى مستويات جديدة، على الرغم من كل التعقيدات التي تظهر على مختلف اتجاهات الحياة الدولية»، لافتًا إلى أنه «بالدرجة الأولى بالطبع يجب علينا أن نعزز عملنا مع شركائنا في منظمات مثل الأمم المتحدة ومعاهدة الأمن الجماعي، ومنظمة شنغهاي للتعاون»، معربا عن قناعته بأن «استئناف الحوار مع الاستخبارات الأميركية والاستخبارات في الدول الأخرى الأعضاء في الناتو، يصب في خدمة مصالح الجميع». وفي كلمة أمام الاجتماع السنوي لكبار المسؤولين في هيئة الأمن الفيدرالي والاستخبارات الروسية، شدد بوتين على أهمية التعاون في مجال التصدي للإرهاب، وأشار إلى أنه «حتى التعاون على مستوى بسيط، مثل تبادل المعلومات حول قنوات ومصادر تمويل الإرهابيين، وحول الأشخاص المتورطين أو المشتبه بتورطهم في النشاط الإرهابي، يعزز بشكل ملموس جهودنا المشتركة» في مجال التصدي للإرهاب.
وتوقف بوتين عند الوضع في الشرق الأوسط، وقال إن «الوضع في العالم خلال العام الماضي لم يكن مستقرًا، ولم يتحسن. بل على العكس، أصبح كثير من التحديات والتهديدات أكبر، وتفاقم التنافس العسكري والسياسي والاقتصادي بين مراكز القوى الإقليمية والدولية، وبين بعض الدول»، وتأكيدا منه لما قاله، تناول بوتين في كلمته أمام كبار ضباط الاستخبارات الروسية الوضع في الشرق الأوسط، وقال إن «النزاعات الدامية مستمرة في عدد من دول الشرق الأوسط، وآسيا وأفريقيا، وتشارك فيها مجموعات الإرهاب الدولي»، واصفًا تلك المجموعات بأنها «عمليًا جيوش إرهابية، تحصل على دعم سري، وعلني أحيانًا من جانب بعض الدول»، حسب قوله.
وطالب بوتين هيئة الأمن الفيدرالي والأجهزة الأمنية الخاصة، بأن تركز لاحقًا بصورة خاصة على التصدي للإرهاب، واضعًا أمام الأمن مهمة الحد من نشاط المجموعات الإرهابية، والكشف عن مصادر تمويلها، ونشاطها التخريبي عبر الإنترنت، فضلا عن الحد من نشاط «مبعوثي» المنظمات الإرهابية من الدول الأخرى، مشددًا على ضرورة «قطع قنوات تسلل عناصر مجموعات الإرهاب الدولي إلى روسيا».



الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
TT

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

ووفقاً للتقرير العالمي بشأن الاتجار بالأشخاص والصادر عن مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، فإنه في عام 2022 -وهو أحدث عام تتوفر عنه بيانات على نطاق واسع- ارتفع عدد الضحايا المعروفين على مستوى العالم 25 في المائة فوق مستويات ما قبل جائحة «كوفيد- 19» في عام 2019. ولم يتكرر الانخفاض الحاد الذي شهده عام 2020 إلى حد بعيد في العام التالي، وفقاً لما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

وقال التقرير: «المجرمون يتاجرون بشكل متزايد بالبشر لاستخدامهم في العمل القسري، بما في ذلك إجبارهم على القيام بعمليات معقدة للاحتيال عبر الإنترنت والاحتيال الإلكتروني، في حين تواجه النساء والفتيات خطر الاستغلال الجنسي والعنف القائم على النوع»، مضيفاً أن الجريمة المنظمة هي المسؤولة الرئيسية عن ذلك.

وشكَّل الأطفال 38 في المائة من الضحايا الذين تمت معرفتهم، مقارنة مع 35 في المائة لأرقام عام 2020 التي شكَّلت أساس التقرير السابق.

وأظهر التقرير الأحدث أن النساء البالغات ما زلن يُشكِّلن أكبر مجموعة من الضحايا؛ إذ يُمثلن 39 في المائة من الحالات، يليهن الرجال بنسبة 23 في المائة، والفتيات بنسبة 22 في المائة، والأولاد بنسبة 16 في المائة.

وفي عام 2022؛ بلغ إجمالي عدد الضحايا 69 ألفاً و627 شخصاً.

وكان السبب الأكثر شيوعاً للاتجار بالنساء والفتيات هو الاستغلال الجنسي بنسبة 60 في المائة أو أكثر، يليه العمل القسري. وبالنسبة للرجال كان السبب العمل القسري، وللأولاد كان العمل القسري، و«أغراضاً أخرى» بالقدر نفسه تقريباً.

وتشمل تلك الأغراض الأخرى الإجرام القسري والتسول القسري. وذكر التقرير أن العدد المتزايد من الأولاد الذين تم تحديدهم كضحايا للاتجار يمكن أن يرتبط بازدياد أعداد القاصرين غير المصحوبين بذويهم الذين يصلون إلى أوروبا وأميركا الشمالية.

وكانت منطقة المنشأ التي شكلت أكبر عدد من الضحايا هي أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى بنسبة 26 في المائة، رغم وجود كثير من طرق الاتجار المختلفة.

وبينما يمكن أن يفسر تحسين الاكتشاف الأعداد المتزايدة، أفاد التقرير بأن من المحتمل أن يكون مزيجاً من ذلك ومزيداً من الاتجار بالبشر بشكل عام.

وكانت أكبر الزيادات في الحالات المكتشفة في أفريقيا جنوب الصحراء وأميركا الشمالية ومنطقة غرب وجنوب أوروبا، وفقاً للتقرير؛ إذ كانت تدفقات الهجرة عاملاً مهماً في المنطقتين الأخيرتين.