«آستانة 2» ينتهي من دون بيان ختامي... ووعود روسية للمعارضة السورية

الجعفري وإيران يلقيان مسؤولية الفشل على الفصائل... وعلوش: ستستكمل المباحثات في أنقرة

رئيس وفد المعارضة إلى «آستانة 2» محمد علوش والناطق باسم الوفد أسامة أبو زيد في الاجتماع الذي استضافته العاصمة الكازاخية أمس (إ.ب.أ)
رئيس وفد المعارضة إلى «آستانة 2» محمد علوش والناطق باسم الوفد أسامة أبو زيد في الاجتماع الذي استضافته العاصمة الكازاخية أمس (إ.ب.أ)
TT

«آستانة 2» ينتهي من دون بيان ختامي... ووعود روسية للمعارضة السورية

رئيس وفد المعارضة إلى «آستانة 2» محمد علوش والناطق باسم الوفد أسامة أبو زيد في الاجتماع الذي استضافته العاصمة الكازاخية أمس (إ.ب.أ)
رئيس وفد المعارضة إلى «آستانة 2» محمد علوش والناطق باسم الوفد أسامة أبو زيد في الاجتماع الذي استضافته العاصمة الكازاخية أمس (إ.ب.أ)

كما كان متوقعا لم يتوصل المجتمعون في آستانة إلى أي اتفاق لتثبيت وقف إطلاق النار في سوريا ومن دون صدور بيان ختامي، واقتصار النتائج على تلقي المعارضة وعودا روسية متعلقة بالبنود الإنسانية، على أن يتم استكمال المباحثات في أنقرة.
وبعد «مفاوضات شاقة مع الجانب الروسي استمرت أربع ساعات»، وفق وصف رئيس وفد المعارضة السورية إلى مفاوضات آستانة، محمد علوش، أعلن أنه «سيتم نقل المفاوضات حول آليات وقف إطلاق النار إلى أنقرة» من دون تحديد الموعد. وقال علوش، في مؤتمر صحافي في آستانة، أمس: «تلقينا وعودا من موسكو بإيقاف القصف على مناطق المعارضة، وأنهم سيرسلون لنا جدول أعمال لفك الحصار عن الغوطة الشرقية على أن تصلنا عبر الضامن التركي، كما طرحوا آلية سريعة للإفراج عن المعتقلين تبدأ بتسليمهم لائحة من مائة اسم، وهو ما سنعمل على دراسته». وفيما أكّد رفض المعارضة أي دور إيراني شدّد على «ضرورة أن يكون هناك دور أساسي للمجموعة العربية؛ السعودية والأردن وقطر والإمارات العربية».
وفي وقت اعتبرت فيه مصادر في المعارضة أن أبرز ما كشفه مؤتمر آستانة «هو عمق الخلافات بين الطرفين الراعيين، تركيا وروسيا»، مؤكدة أن «تركيا كما المعارضة رفضت حتى البحث بالوثيقة الجديدة التي قدمتها موسكو»، حمّل كل من رئيس وفد النظام بشار الجعفري المعارضة مسؤولية الفشل برفض التوقيع على البيان الختامي، في وقت كانت وسائل إعلام روسية تروّج فيه لما قالت إنه «مشروع وثيقة ختامية يتضمن إنشاء مجموعة مشتركة لتثبيت وقف إطلاق النار، وقع عليه رؤساء وفود الدول الضامنة، روسيا وإيران وتركيا». وهو الأمر الذي نفاه مصدر كان حاضرا في اجتماعات آستانة، موضحا لـ«الشرق الأوسط»: «كان هناك تحفظ تركي على الوثيقة، واقتصر ممثلوها على وفد مصغّر لا يملك أساسا صلاحية التوقيع أو المناقشة».
مع العلم أن البروتوكول الذي عرضه الطرف الروسي وحصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، وطرح باسم المعارضة والنظام السوري كموقعين عليه، أشار إلى «التزام الطرفين بنظام وقف الأعمال العدائية المعلن عنه في 30 يناير (كانون الثاني) 2016، وإقرارهما بسلطات الاتحاد الروسي وتركيا بصفتهما ضامنين للاتفاق على آلية لتسجيل انتهاكات نظام وقف إطلاق النار وعلى نظام لتطبيق عقوبات على المنتهكين وتطرق إلى تفاصيل حول آلية تطبيق الاتفاق ومراقبته في سبع نقاط تفصيلية».
وأوضحت مصادر المعارضة لـ«الشرق الأوسط»: «رفضت الفصائل البحث في الوثيقة التي قدمت إليها اليوم، لأنها كانت قد قدمت في اجتماعات آستانة الأولى وثيقة تتضمن خطة كاملة لمراقبة ومعالجة خروقات وقف إطلاق النار، وكان يفترض أن تحصل على إجابة عنها، بحسب الوعود الروسية، فإذا بهم يقدمون لها وثيقة جديدة». وأضافت: «لا يمكن البدء في بحث ورقة جديدة قبل الحصول على جواب حول الأولى، لا سيما أن ما قدّم أمس يتضمن نقاطا غامضة وثغرات خطيرة».
و«رغم فشل آستانة، لا تجد المعارضة أمامها إلا خيار المشاركة في مفاوضات جنيف الأسبوع المقبل»، وفق ما قال مصدر في «الهيئة العليا التفاوضية» لـ«الشرق الأوسط»، موضحا «لغاية الآن لا يوجد قرار بالمقاطعة»، وأضاف: «الوضع دقيق وروسيا تبحث عن سبب لاستبدال وفد آخر بوفد الهيئة، معبّرا عن أمله بأن لا تكون مفاوضات جنيف أكثر سوءا من «آستانة». وفي حين لم يصدر أي تصريح رسمي عن ممثلي الدول الراعية، نقل تلفزيون المنار التابع لـ«حزب الله»، صباح أمس، عن رئيس وفد إيران في آستانة قوله إن المفاوضات تواجه صعوبات، ملقيا باللوم فيها على المعارضة السورية وأنصارها. وقال رئيس الوفد إن من المهم «أن نستمر بالمسار الصحيح» للمحادثات التي بدأت اليوم بعد تأخرها عن موعدها الأصلي بيوم واحد، بسبب تأخر وصول مفاوضي المعارضة السورية.
ورغم أن توماتوف إيدربيك المسؤول في وزارة الخارجية الكازخية، كان قد أفاد في وقت سابق بأن الجولة الحالية من مفاوضات آستانة ستختتم الخميس (أمس) بإعلان بيان مشترك، قال رئيس الوفد الروسي الكسندر لافرنتييف، أمس، إن «الاجتماع لم يكن له افتتاح رسمي، وبالتالي ليس من المهم صدور بيان ختامي عنه».
واعتبر «أن كل جانب من النظام والمعارضة كررا المواضيع نفسها، فلم يكن هناك داع لصدور بيان».
ولفت في مؤتمر صحافي في ختام الاجتماع إلى أن «عدم وجود بيان ختامي لا يعني وجود تناقضات أو خلافات بين الأطراف الضامنة، فلا داعي لإصدار بيان عن حصول توافق، ولكن أكدنا الموقف والنتيجة، وأن هناك نصا ختاميا لم نعلن عنه، وهو يثبت وجود توافق تركيا روسيا وإيران».
وبيّن أنه «خلال هذا اللقاء شارك وفدا النظام والمعارضة، بشكل أساسي، ورغم حالة عدم الثقة بين الطرفين فإنه كما أظهر الواقع، هناك كثير من وجهات النظر التي تجمع الطرفين». وشدد على أنه «كانت هناك مشاورات جادة، وعمل كبير ومضن مع الأطراف كلها على المستوى الثنائي والثلاثي والخبراء، ساهم بمناقشة كل التفاصيل حول سوريا للوصول إلى حل مناسب».
كما اعتبر أن «منصة آستانة فريدة وأثبتت فعاليتها، وناقشت عدة مواضيع، خصوصا وقف إطلاق النار، وتثبيته، لأنه أولوية، ولا بد من التعاون المشترك على المستوى الثنائي للوصول إلى التسوية».
وسبق حديث رئيس الوفد الروسي، حديث رئيس وفد النظام وممثله الدائم في الأمم المتحدة بشار الجعفري، حيث وجه اتهامات للمعارضة بعرقلة المفاوضات.
وكانت جلسة الاجتماع الرسمية قد استمرت نحو ساعة بتأخير دام ساعتين ونصف الساعة، وسط معلومات عن رفض المعارضة الدخول إلى الاجتماع بسبب فشل تطبيق وقف إطلاق النار المتفق عليه.

مسودة البروتوكول الروسي لوقف إطلاق النار

1 - الالتزام بالاتفاقية السابقة على امتداد الأراضي السورية، ولهذا الغرض سيتم إعداد خرائط تلحق بالبروتوكول خلال 15 يومًا من توقيع الضامنين عليه. وستوقع الأطراف على تلك الخرائط التي ستحدد خطوط التماس بين الأطراف ومناطق نفوذ كل طرف (مع الإشارة إلى المواقع المحتملة لوجود المجموعات الإرهابية والمجموعات غير الملتزمة بنظام وقف إطلاق النار)، ولا يجوز تغيير هذا الخط إلا بقرار منفصل يتفق عليه بين الأطراف والضامنين.
2 - ستستمر في عملياتها القتالية ضد تنظيم داعش في العراق والشام، وجبهة النصرة، والمجموعات الإرهابية الأخرى في مناطق سيطرتهم بما يتوافق مع الإجرائية (سيتم تحديدها بشكل منفصل).
3 - تعد قائمة الأعمال التالية من قبل الأطراف خرقًا لنظام وقف إطلاق النار:
* الأعمال العدائية وأي استخدام للقوة ضد بعضها، المجموعات التي تدعمها، والأجسام المشكلة من قبل الضامنين، والمنظمات الإنسانية الدولية العاملة في سوريا، وكذلك الهجوم والاستهداف بأي سلاح، بما في ذلك الصواريخ والهاون ومضادات الدبابات الموجهة على القوات المسلحة للأطراف وللمجموعات التي تدعمها.
* السيطرة على أراض تشغلها أطراف أخرى للاتفاق.
* مخالفة أحكام قرار مجلس الأمن الأممي «2254» بتاريخ 18 ديسمبر (كانون الأول) 2015.
* رفض السماح للوكالات الإنسانية بالوصول المستمر والآمن والسريع دون معوقات إلى مناطق سيطرتهم العملياتية (operating control)، وكذلك إعاقة وصول المساعدة الإنسانية إلى المحتاجين إليها.
* الاستخدام غير المتناسب للقوة الدفاعية (retaliatory force) (أي استخدامها بشكل يتجاوز بحد مفرط الحاجة إلى الحماية من تهديد مباشر) بغرض الدفاع عن النفس.
4 - ستلتزم الأطراف بالمبادئ الإنسانية والقانون الدولي الإنساني، وستتخذ كل التدابير اللازمة من أجل عودة آمنة وطوعية للاجئين والنازحين إلى مناطقهم، ومن أجل إعادة تأهيل المناطق المتضررة وإيصال المساعدات الإنسانية للمدنيين.
5 - تعمل الأطراف على تحقيق إجراءات بناء الثقة والإفراج عن المعتقلين تعسفيًا، وبالدرجة الأولى النساء والأطفال، وتبادل الأسرى والجثث.
6 - تنشئ الأطراف بمساهمة من روسيا الاتحادية وجمهورية تركيا آلية لتبادل الأشخاص المعتقلين قسريًا، تعمل على وضع قوائم لهؤلاء الأشخاص والإفراج المنتظم عنهم، بناء على أسس متساوية ومتفق عليها بشكل متبادل، بما يتفق مع القانون الدولي الإنساني.
7 - تعمل الهيئة الروسية - التركية المشتركة على مراقبة الامتثال لأحكام هذا البروتوكول ونظام وقف إطلاق النار.



15 ألف طالب يمني في تعز تسربوا خلال فصل دراسي واحد

المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
TT

15 ألف طالب يمني في تعز تسربوا خلال فصل دراسي واحد

المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)

في حين يواصل المعلمون في محافظة تعز اليمنية (جنوب غرب) الإضراب الشامل للمطالبة بزيادة رواتبهم، كشفت إحصائية حديثة أن أكثر من 15 ألف طالب تسربوا من مراحل التعليم المختلفة في هذه المحافظة خلال النصف الأول من العام الدراسي الحالي.

وعلى الرغم من قيام الحكومة بصرف الرواتب المتأخرة للمعلمين عن شهري نوفمبر (تشرين الثاني) وديسمبر (كانون الأول)، فإن العملية التعليمية لا تزال متوقفة في عاصمة المحافظة والمناطق الريفية الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية بسبب الإضراب.

ويطالب المعلمون بإعادة النظر في رواتبهم، التي تساوي حالياً أقل من 50 دولاراً، حيث يُراعى في ذلك الزيادة الكبيرة في أسعار السلع، وتراجع قيمة العملة المحلية أمام الدولار. كما يطالبون بصرف بدل الغلاء الذي صُرف في بعض المحافظات.

الأحزاب السياسية في تعز أعلنت دعمها لمطالب المعلمين (إعلام محلي)

ووفق ما ذكرته مصادر عاملة في قطاع التعليم لـ«الشرق الأوسط»، فإن محافظتي عدن ومأرب أقرتا صرف حافز شهري لجميع المعلمين يقارب الراتب الشهري الذي يُصرف لهم، إلا أن هذه المبادرة لم تُعمم على محافظة تعز ولا بقية المحافظات التي لا تمتلك موارد محلية كافية، وهو أمر من شأنه - وفق مصادر نقابية - أن يعمق الأزمة بين الحكومة ونقابة التعليم في تلك المحافظات، وفي طليعتها محافظة تعز.

ظروف صعبة

وفق بيانات وزعتها مؤسسة «ألف» لدعم وحماية التعليم، فإنه وفي ظل الظروف الصعبة التي يمر بها قطاع التعليم في مدينة تعز وعموم مناطق سيطرة الحكومة الشرعية المعترف بها دولياً، ازدادت تداعيات انقطاع الرواتب والإضراب المفتوح الذي دعت إليه نقابة المعلمين، مع إحصاء تسرب أكثر من 15 ألفاً و300 حالة من المدارس خلال النصف الأول من العام الدراسي الحالي.

وقال نجيب الكمالي، رئيس المؤسسة، إن هذا الرقم سُجل قبل بدء الإضراب المفتوح في جميع المدارس، وتعذر استئناف الفصل الدراسي الثاني حتى اليوم، معلناً عن تنظيم فعالية خاصة لمناقشة هذه الأزمة بهدف إيجاد حلول عملية تسهم في استمرار العملية التعليمية، ودعم الكادر التربوي، حيث ستركز النقاشات في الفعالية على الأسباب الجذرية لانقطاع الرواتب، وتأثيرها على المعلمين والمؤسسات التعليمية، وتداعيات الإضراب على الطلاب، ومستقبل العملية التعليمية، ودور المجتمع المدني والمنظمات المحلية والدولية في دعم قطاع التعليم.

المعلمون في عدن يقودون وقفة احتجاجية للمطالبة بتحسين الأجور (إعلام محلي)

وإلى جانب ذلك، يتطلع القائمون على الفعالية إلى الخروج بحلول مستدامة لضمان استمرارية التعليم في ظل الأزمات، ومعالجة الأسباب التي تقف وراء تسرب الأطفال من المدارس.

ووجهت الدعوة إلى الأطراف المعنية كافة للمشاركة في هذه الفعالية، بما في ذلك نقابة المعلمين اليمنيين، والجهات الحكومية المعنية بقطاع التعليم، ومنظمات المجتمع المدني المحلية والدولية.

آثار مدمرة

كانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) قد ذكرت منتصف عام 2024، أن أكثر من 4.5 مليون طفل في اليمن خارج المدرسة بسبب تداعيات سنوات من الصراع المسلح. وأفادت بأن شركاء التعليم يعيدون تأهيل وبناء الفصول الدراسية، ويقدمون المساعدة التعليمية للملايين، ويعملون على إعادة الآخرين إلى المدارس، وعدّت أن الاستثمار في التعليم هو استثمار في مستقبل الأجيال.

وتقول المنظمة إنه منذ بداية الحرب عقب انقلاب الحوثيين على السلطة الشرعية، خلفت الهجمات التي تعرض لها أطفال المدارس والمعلمون والبنية التحتية التعليمية آثاراً مدمرة على النظام التعليمي في البلاد، وعلى فرص الملايين من الأطفال في الحصول على التعليم.

1.3 مليون طفل يمني يتلقون تعليمهم في فصول دراسية مكتظة (الأمم المتحدة)

وأكدت المنظمة الأممية أن للنزاع والتعطيل المستمر للعملية التعليمية في جميع أنحاء البلاد، وتجزئة نظام التعليم شبه المنهار أصلاً، تأثيراً بالغاً على التعلم والنمو الإدراكي والعاطفي العام والصحة العقلية للأطفال كافة في سن الدراسة البالغ عددهم 10.6 مليون طالب وطالبة في اليمن.

ووفق إحصاءات «اليونيسيف»، فإن 2,916 مدرسة (واحدة على الأقل من بين كل أربع مدارس) قد دمرت أو تضررت جزئياً أو تم استخدامها لأغراض غير تعليمية نتيجة سنوات من النزاع الذي شهده اليمن.

كما يواجه الهيكل التعليمي مزيداً من العوائق، تتمثل في عدم حصول أكثر من ثلثي المعلمين (ما يقرب من 172 ألف معلم ومعلمة) على رواتبهم بشكل غير منتظم منذ عام 2016، أو انقطاعهم عن التدريس بحثاً عن أنشطة أخرى مدرة للدخل.