إعدامات «جند الأقصى» تفاقم المواجهات مع «تحرير الشام» في الشمال السوري

قيادي في «الحر»: محاولات إخراج التنظيم إلى مناطق «داعش» تبوء بالفشل

إعدامات «جند الأقصى» تفاقم المواجهات مع «تحرير الشام» في الشمال السوري
TT

إعدامات «جند الأقصى» تفاقم المواجهات مع «تحرير الشام» في الشمال السوري

إعدامات «جند الأقصى» تفاقم المواجهات مع «تحرير الشام» في الشمال السوري

تستمر المعارك بين تنظيم «جند الأقصى» المحسوب على «داعش» و«هيئة تحرير الشام» التي تهيمن عليها «جبهة النصرة» سابقا، في إدلب بعد فشل اقتراح إخراج مقاتلي التنظيم الذين يقدّر عددهم بألف و200 شخص، إلى مناطق التنظيم في ريف حلب الشرقي. وأتت يوم أمس المعلومات التي أشارت إلى قيام «جند الأقصى» بإعدام 150 أسيرا لديها لتفاقم الوضع الطرفين.
وقال قيادي في «الجيش الحر» في إدلب لـ«الشرق الأوسط» إن أحد الأسرى الفارين أكد أن «جند الأقصى» أعدم جميع المعتقلين لديه، معظمهم من «جيش النصر» وعدد كبير من «تحرير الشام»؛ وهو ما أعاد الأمور إلى نقطة الصفر وأفشل كل محاولات إخراج التنظيم إلى مناطق «داعش». ويبدو أن المواجهات مستمرة حتى النهاية، ولا سيما أن «تحرير الشام» تعتبر أن المنطقة تحت سيطرتها ويجب أن تبقى كذلك، وبالتالي فإن الخلاف بين الطرفين ليس عقائديا إنما لمصالح خاصة»، لافتا إلى أن «جند الأقصى» تسيطر اليوم على نحو 3 قرى بين ريف حلب الشمالي وريف إدلب الجنوبي بعدما كانت تسيطر على 8 قرى قبل اشتداد المعارك».
واتهمت قيادة «جيش النصر» التابعة لـ«الجيش السوري الحر»: «جند الأقصى» بالقيام بتصفية العشرات من عناصرهم بالقرب من مدينة خان شيخون بريف إدلب. وذكر رئيس أركان الجيش، النقيب طالب أبو الحسن، أن «لواء الأقصى» أسر 72 عنصرًا من «جيش النصر» قبل ثمانية أيام، ليتم يوم أمس الثلاثاء إعدام 71 مقاتلاً، فيما استطاع أحدهم الهرب، كاشفا عن تنفيذ عملية إعدام جماعية بحق زملائه.
في المقابل، قال «المرصد السوري لحقوق الإنسان»: إن مصير نحو 150 مقاتلا من الأسرى والمحتجزين لدى تنظيم «جند الأقصى» في منطقة حاجز الخزانات بمنطقة خان شيخون في الريف الجنوبي لإدلب لا يزال مجهولا. وأشار إلى أن رواية إعدام 150 مقاتلا جاءت على لسان مقاتل قال إنه فرَّ من منطقة الخزانات، مشيرا إلى أنه حصل في الوقت عينه على نسخ من شريط مصور تظهر مقاتلين من المحتجزين في منطقة الحاجز يقولون إنهم متواجدون في منطقة الخزانات ليل الثلاثاء الـ14 من فبراير (شباط) الحالي، وأنهم سيخضعون لـ«دورات استتابة».
وكان المرصد أعلن أن 69 على الأقل عدد المقاتلين من الطرفين، قضوا في القصف والاشتباكات والتفجيرات والإعدامات التي جرت في الاقتتال الذي دار منذ يوم الاثنين بين الطرفين، حيث قضى 39 على الأقل، بينهم ما لا يقل عن قياديين اثنين من مقاتلي «هيئة التحرير الشام»، إضافة إلى 16 على الأقل جرى إعدامهم، على يد عناصر «جند الأقصى» خلال هجومهم على مقرات «الهيئة»، ولفت إلى أن معظم الإعدامات تمّت في الهجوم على مقر الحسبة في منطقة خان شيخون بريف إدلب الجنوبي، كذلك قضى ما لا يقل عن 30 من مقاتلي «جند الأقصى» الذين قضوا في الاقتتال مع «هيئة تحرير الشام» من ضمنهم 4 على الأقل فجّروا أنفسهم بعربات مفخخة وأحزمة ناسفة في ريفي إدلب وحماه، ويرجح «المرصد» ارتفاع عدد القتلى بسبب وجود العشرات من الطرفين، ممن لا يزال مصيرهم مجهولاً حتى الآن.
وكانت «هيئة تحرير الشام» تمكنت أول من أمس من السيطرة على قرية تل عاس بالريف الجنوبي، بعد كسر حصون تنظيم جند الأقصى في القرية عقب اشتباكات استمرت لساعات، ترافقت مع قصف واستهدافات متبادلة بين الطرفين، أسفرت عن مزيد من الخسائر البشرية بينهما، كما لفت «المرصد السوري» إلى أن «هيئة تحرير الشام» تقدمت وسيطرت فجر أمس على بلدة كفرسجنة بريف إدلب الجنوبي عقب انسحاب تنظيم جند الأقصى منها يوم أول من أمس، كذلك تقدمت «هيئة تحرير الشام» إلى قرية معرزيتا الواقعة شمال كفرسجنة وسيطرت عليها، ليرتفع إلى 6 على الأقل عدد القرى والبلدات التي خسرها تنظيم جند الأقصى لصالح هيئة تحرير الشام خلال الـ24 ساعة الماضية في ريفي حماه الشمالي وإدلب الجنوبي، وهي: التمانعة، كفرزيتا، الركايا، تل عاس، كفرسجنة، معرزيتا. كما كان تنظيم جند الأقصى قد انسحب قبل 3 أيام من بلدة الهبيط وقريتي مدايا وكفر عين بالريف الجنوبي الإدلبي، فيما لا يزال تنظيم جند الأقصى يسيطر على مقر الحسبة شمال خان شيخون الذي سيطر عليه يوم أول من أمس، كما لا يزال «جند الأقصى» يسيطر في ريفي حماه الشمالي وإدلب الجنوبي على بلدات وقرى خان شيخون، ومورك، وطيبة الإمام، ولطمين، ولحايا، والمصاصنة، والبويضة، ومعركبة، والصياد، وتل جعفر شمال شرقي خان شيخون، ومحيط قرية حيش، من أصل 17 بلدة وقرية على الأقل كان قد استكمل السيطرة عليها الأسبوع الماضي.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.