جدل سياسي حاد في تونس حول مشاركة مسلحين تونسيين دعمًا لنظام الأسد

مصدر سوري أكد مشاركة فصيل يحمل اسم برلماني تونسي راحل

جدل سياسي حاد في تونس حول مشاركة مسلحين تونسيين دعمًا لنظام الأسد
TT

جدل سياسي حاد في تونس حول مشاركة مسلحين تونسيين دعمًا لنظام الأسد

جدل سياسي حاد في تونس حول مشاركة مسلحين تونسيين دعمًا لنظام الأسد

دعا نور الدين البحيري، رئيس كتلة حركة النهضة (حزب إسلامي ممثل في البرلمان التونسي) إلى فتح تحقيق قضائي بشأن تسفير عدد من التونسيين إلى سوريا، وانضمامهم إلى مجموعات مسلحة تدعم نظام بشار الأسد، والتثبت من مدى صدقية الأخبار المتداولة حول تورط بعض المجموعات الحزبية التونسية وغيرها في عمليات التسفير.
وطالب البحيري مكتب مجلس نواب الشعب (البرلمان التونسي) وكتله البرلمانية بالتعجيل بتشكيل اللجنة البرلمانية للتحقيق في جرائم تسفير التونسيين إلى بؤر الحروب، وسوريا من أخطرها، وتعميق البحث والتقصي وكشف الحقيقة، حتى لا يفلت أحد من العقاب، على حد تعبيره، وحتى تتوفر لمؤسسات الدولة كل المعطيات عن كل الإرهابيين داخل البلاد وخارجها، وعن كل من دعمهم وساندهم وسهل سفرهم للمشاركة في القتال.
وقال البحيري: «إن انضمام عدد من التونسيين لمجموعات مسلحة في سوريا داعمة لنظام بشار الأسد، والمشاركة في الحرب الدائرة هناك بعد أن وجدت الدعم لمغادرة تونس دون علم السلطات وفي غفلة من الجميع، يضاعف المخاوف على أمن البلاد» على حد تعبيره.
ويعكس البحيري من خلال هذه الدعوة الهجوم على بعض خصومه السياسيين من اليساريين والقوميين، الذين اتهموا تحالف الترويكا بزعامة حركة النهضة بتسهيل تسفير التونسيين والتحاقهم بالتنظيمات الإرهابية، خلال فترة حكمه من 2011 إلى 2013.
وقطع الرئيس التونسي السابق المنصف المرزوقي العلاقات الدبلوماسية مع النظام السوري سنة 2012، بصفة مفاجئة، بسبب «ارتكابه مجازر في حق الشعب السوري»، وتتمسك التيارات السياسية القومية بإعادة تلك العلاقات، وتعتبر ما يتعرض له النظام السوري والمنطقة العربية «حربا استعمارية لتقسيم المنطقة من جديد».
واعتبر البحيري أن تدريب تونسيين على القتال واستعمال الأسلحة وصناعة المتفجرات تحت أي عنوان كان، غير شرعية الدولة ومؤسساتها، مساس بالأمن القومي لتونس وتهديد جدي لاستقرارها.
ونبه البحيري إلى «أن المجموعات الإرهابية في سوريا تقتات من بعضها بعضا، وتنتقل من موقع لآخر حسب ما تطلبه مصالح الذين يحركونها، هذا إذا لم يثبت أن تنظيم داعش الإجرامي الإرهابي في سوريا ليس إلا صنيعة النظام السوري وحلفائه لإجهاض مسار إنهاء حكم الاستبداد والفساد وإنقاذ نظام الشبيحة من الانهيار والسقوط».
وفي المقابل، قال زهير الحمدي رئيس حزب التيار الشعبي (تيار قومي) لـ«الشرق الأوسط»، إن دعوة البحيري لفتح تحقيق قضائي حول مشاركة تونسيين إلى جانب الجيش السوري، محاولة منه للتغطية على التهم التي وجهتها الساحة السياسية التونسية إلى حزبه، بالوقوف وراء تسفير آلاف التونسيين إلى بؤر التوتر في سوريا والعراق.
ونفى الحمدي أي صلة لكتيبة الشهيد محمد البراهمي بحزبه، وقال إن القيادات السياسية علمت بوجودها من خلال وسائل الإعلام. ووجه الحمدي التهمة إلى حركة النهضة بالوقوف وراء الإرهاب والاغتيالات السياسية وتسفير الشباب إلى بؤر التوتر في نطاق مشروعها بالمنطقة، وقال: «هناك فرق بين من يقاوم العدو ومن ينخرط ضمن المشروع السياسي المعروف»، على حد قوله.
وكان باسل خراط، المسؤول السياسي للحرس القومي العربي بحلب، قد أكد في تصريحات رسمية لوكالة تونس أفريقيا للأنباء (الوكالة التونسية الرسمية)، في أعقاب زيارة قام بها وفد إعلامي تونسي إلى الأراضي السورية، أن شبابا تونسيين يخوضون معركة مكافحة الإرهاب ضمن مقاتلي الحرس القومي العربي في سوريا. ويتشكل الحرس القومي العربي، من مجموعة من الشباب العرب قدموا من الجزائر وتونس ولبنان ومصر وفلسطين والعراق والأردن واليمن، للدفاع عن النظام السوري، وهو فصيل مسلح انبثق عن منظمة الشباب القومي العربي، التي تستند في مرجعيتها إلى الفكر الناصري، وتحمل أحد كتائب هذا الحرس اسم البرلماني التونسي الراحل محمد البراهمي، وهو من التيار القومي.
واعتبر الخراط أن «انخراط تونسيين في عملية الدفاع عن سوريا، يفند الصورة العامة السيئة بأن الشباب التونسي لا ينشط إلا ضمن الجماعات الإرهابية المسلحة، ويؤكد في المقابل وقوف الشعب التونسي عموما إلى جانب السوريين في محنتهم».



هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
TT

هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)

تزامناً مع الاستعداد لزيارة وفد من جامعة الدول العربية إلى دمشق خلال أيام، أثيرت تساؤلات بشأن ما إذا كان قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع سيشغل مقعد بلاده في اجتماعات الجامعة المقبلة.

وأعلن الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، السفير حسام زكي، في تصريحات متلفزة مساء الأحد، أنه «سيزور العاصمة السورية دمشق خلال أيام على رأس وفد من الأمانة العامة للجامعة لعقد لقاءات من الإدارة السورية الجديدة وأطراف أخرى؛ بهدف إعداد تقرير يقدم للأمين العام، أحمد أبو الغيط، وللدول الأعضاء بشأن طبيعة التغيرات في سوريا».

وكانت «الشرق الأوسط» كشفت قبل أيام عن عزم وفد من الجامعة على زيارة دمشق بهدف «فتح قناة اتصال مع السلطات الجديدة، والاستماع لرؤيتها»، وفقاً لما صرح به مصدر دبلوماسي عربي مطلع آنذاك.

وخلال تصريحاته، عبر شاشة «القاهرة والناس»، أوضح زكي أنه «قبل نحو ثلاثة أيام تواصلت الجامعة العربية مع الإدارة السورية الجديدة لترتيب الزيارة المرتقبة».

وبينما أشار زكي إلى أن البعض قد يرى أن الجامعة العربية تأخرت في التواصل مع الإدارة السورية الجديدة، أكد أن «الجامعة ليست غائبة عن دمشق، وإنما تتخذ مواقفها بناءً على قياس مواقف جميع الدول الأعضاء»، لافتاً إلى أنه «منذ سقوط نظام بشار الأسد لم يحدث سوى اجتماع واحد للجنة الاتصال العربية المعنية بسوريا منتصف الشهر الماضي».

وأوضح الأمين العام المساعد أن «الجامعة العربية طلبت بعد ذلك بأسبوع اجتماعاً مع الإدارة السورية الجديدة»، وقال: «نقدّر الضغط الكبير على الإدارة الجديدة، وربما عدم وجود خبرات أو أفكار كافية لملاحقة مثل هذه الطلبات».

وعقدت لجنة الاتصال الوزارية العربية المعنية بسوريا اجتماعاً بمدينة العقبة الأردنية، في 14 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أكدت خلاله الوقوف إلى جانب الشعب السوري في هذه المرحلة الانتقالية.

وحول الهدف من الزيارة، قال زكي: «هناك دول عربية تواصلت مع الإدارة الجديدة، لكن باقي أعضاء الجامعة الـ22 من حقهم معرفة وفهم ما يحدث، لا سيما أنه ليس لدى الجميع القدرة أو الرغبة في التواصل». وأضاف أن «الزيارة أيضاً ستتيح الفرصة للجانب السوري لطرح رؤيته للوضع الحالي والمستقبل».

ولن تقتصر زيارة وفد الجامعة إلى سوريا على لقاء الإدارة الجديدة، بل ستمتد لأطراف أخرى فصَّلها زكي بقوله: «سنلتقي أي أطراف من المجتمع المدني والقيادات الدينية والسياسية». لكنه في الوقت نفسه نفى إمكانية لقاء «قسد»، وقال «(قسد) وضعها مختلف، كما أنها بعيدة عن العاصمة، حيث ستقتصر الزيارة على دمشق».

ومنذ إطاحة نظام بشار الأسد، في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، تسعى الإدارة السورية الجديدة إلى طمأنة الدول العربية والمجتمع الدولي. وفي هذا السياق، تواصلت دول عربية عدة مع الإدارة الجديدة، سواء عبر زيارات رسمية أو وفود برلمانية واستخباراتية أو اتصالات هاتفية.

وهو ما وصفه رئيس وحدة الدراسات العربية والإقليمية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور محمد عز العرب، بـ«الانفتاح العربي». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «اختيار وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني للسعودية أولى محطاته الخارجية يعدّ تأكيداً على رغبة دمشق في تعميق علاقتها العربية، لا سيما مع حاجتها إلى دعمها من أجل رفع العقوبات عن البلاد وإعادة إعمارها».

وأكد عز العرب أن «زيارة وفد الجامعة العربية المرتقبة إلى دمشق ستعمّق العلاقات العربية - السورية، في سياق انفتاح متبادل بين الجانبين».

واتفق معه أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور أحمد يوسف أحمد، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الجامعة العربية تتحرك بما يتلاءم مع توجهات أعضائها أو على الأقل الدول الوازنة فيها».

هذا الانفتاح العربي يأتي إيماناً بأن «سوريا دولة كبيرة ومهمة»، بحسب الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، الذي قال: «سوريا تحتاج إلى كل الدعم العربي السياسي والمادي»، مضيفاً: «قد يكون الوضع غير مرضٍ للبعض، ويمكن تفهم هذا، لكن الشأن السوري أمر مرتبط بالسوريين أنفسهم إلى أن يبدأ في التأثير على دول قريبة».

وأضاف: «سوريا تمر بمرحلة جديدة، لكتابة التاريخ بأيدي مواطنيها، وعلى الدول العربية مدّ يد العون لها».

وبشأن شغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة، قال زكي إن «القرار بيد الدول العربية وليس الأمانة العامة»، موضحاً أنه «لو كانت سوريا غير ممثلة ومقعدها شاغر كان من الممكن بحث عودتها الآن وربما وضع بعض المطالب لتحقيق ذلك».

وأضاف: «الواقع يقول إن سوريا موجودة في الجامعة وتشغل مقعدها، أما من يمثلها في هذا المقعد فهو أمر سوري في الأساس. عند تغيير الحكم في أي دولة يمثل الحكم الجديد بلده في المنظمة». لكن زكي أشار في الوقت نفسه إلى أن «هناك أموراً تتعلق بتمثيل شخص معين للدولة، وهنا قد يكون الأمر مرتبطاً بمجلس الأمن، حيث إن هناك قرارات تخصّ التنظيم الذي يرأسه الشرع لا بد من التعامل معها بشكل سريع وسلس».

وقال: «سوريا دولة كبيرة وما يحدث لها يعني العرب، ونظام الحكم الحالي غير النمطي قد لا يسهل الانفتاح عليه، لكن في النهاية دولة بهذه التركيبة لا يمكن أن تترك من جانب العرب».

وأقرّ مجلس وزراء الخارجية العرب في اجتماع طارئ عقد في القاهرة في 7 مايو (أيار) 2023 عودة سوريا لمقعدها بالجامعة، منهياً قراراً سابقاً بتعليق عضويتها صدر في نوفمبر (تشرين الثاني) 2011، بعد 8 أشهر من اندلاع الاحتجاجات في سوريا.

بدوره، قال الكاتب والباحث السياسي السوري، غسان يوسف، لـ«الشرق الأوسط» إن «الإدارة الحالية هي التي تقود العملية السياسية في سوريا، وهي سلطة الأمر الواقع، وأي اجتماع في الجامعة العربية سيحضره من يمثل هذه الإدارة لأنه ليس هناك بديل آخر الآن».

بينما أكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة إن «شغل الشرع لمقعد بلاده يتطلب اعترافاً من الجامعة العربية بالإدارة الجديدة، فالتواصل الذي حدث حتى الآن لا يعني بالضرورة اعترافاً به». وأشار إلى أن «الأمر قد يرتبط أيضاً بقرارات مجلس الأمن بهذا الشأن وما إذا كان سيسقط تكييف (الإرهاب) عن (هيئة تحرير الشام)».

لكن أحمد أشار إلى أن «الانفتاح العربي الحالي قد يحل المسألة، لا سيما مع وجود سوابق تاريخيّة اعترفت فيها الجامعة بحكم انتقالي كما حدث في العراق عام 2003».

وفي سبتمبر (أيلول) عام 2003 أعلنت الجامعة العربية، عقب اجتماع على مستوى وزراء الخارجية، الموافقة على شغل مجلس الحكم الانتقالي العراقي مقعد بلاده في الجامعة بصورة مؤقتة إلى حين قيام حكومة شرعية في بغداد.

وأعرب عز العرب عن اعتقاده أن «الفترة المقبلة ستشهد رفعاً للعقوبات الدولية عن سوريا، وتعزيزاً لشرعية الإدارة الجديدة».

وبينما أكد غسان يوسف أن «العقوبات لم ترفع عن سوريا حتى الآن»، أبدى تفاؤلاً بـ«إمكانية تغير الوضع مع عقد مؤتمر الحوار الوطني في سوريا الذي سيعطي مشروعية للحكومة».

وكانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف سابقاً باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت علاقتها به عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما أن قائدها أحمد الشرع، وكان وقتها يكنى «أبو محمد الجولاني» مدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.