استقرار الوضع اللبناني ينعكس تفاؤلاً بإعادة تحريك السوق العقارية

توقعات بعودة الاستثمارات الخليجية وزيادة الطلب على القروض السكنية

بعد 5 سنوات من الركود... يسود التفاؤل قطاع العقارات اللبناني بتحسن قريب للأحوال (تصوير: نبيل إسماعيل)
بعد 5 سنوات من الركود... يسود التفاؤل قطاع العقارات اللبناني بتحسن قريب للأحوال (تصوير: نبيل إسماعيل)
TT

استقرار الوضع اللبناني ينعكس تفاؤلاً بإعادة تحريك السوق العقارية

بعد 5 سنوات من الركود... يسود التفاؤل قطاع العقارات اللبناني بتحسن قريب للأحوال (تصوير: نبيل إسماعيل)
بعد 5 سنوات من الركود... يسود التفاؤل قطاع العقارات اللبناني بتحسن قريب للأحوال (تصوير: نبيل إسماعيل)

يسود التفاؤل لدى المعنيين في سوق العقارات اللبنانية، التي عانت على امتداد السنوات الخمس الماضية ركودا شبه كامل نتيجة أسباب محلية وخارجية عدة. معطيات عدة تجعل هؤلاء يعولون عليها؛ لتنعكس تغيرات كبيرة في هذا القطاع انطلاقا من الوضع اللبناني، الذي بات يعتبر اليوم مستقرا سياسيا وأمنيا بعد تخبط دام سنوات. وهو الأمر الذي أدى بدوره إلى عودة العلاقات اللبنانية – العربية، وتحديدا الخليجية منها إلى سابق عهدها، بحيث من المتوقع أن تظهر نتائجها بالتحديد على القطاعين العقاري والسياحي في الفترة المقبلة، وذلك في موازاة المبادرات التي تعمل على تقديمها المصارف والمؤسسات المعنية بالقروض السكنية، ولا سيما لجهة تخفيض أسعار الفائدة، من دون أن يعني ذلك ارتفاعا بالأسعار.
وفي وقت يجمع فيه معظم الخبراء على أن عودة الحياة السياسية إلى طبيعتها منذ انتخاب رئيس للجمهورية نهاية العام الماضي، ساهمت في تحريك السوق العقارية في لبنان، يؤكد روني لحود، رئيس مجلس إدارة ومدير عام المؤسسة العام للإسكان، أن قطاع الإسكان لم يكن في ركود، ولا سيما فيما يتعلق بالشقق الصغيرة التي تستهدف الطبقة المتوسطة والفقيرة، كاشفا عن أن عام 2016 سجل توقيع عدد اتفاقيات بيع شقق صغيرة أعلى من عام 2015، مشيرا في الوقت عينه إلى أن خطوة تخفيض الفائدة على القروض ستساهم بدورها في زيادة الطلب.
وفي هذا الإطار، يرى جوزيف ساسين، رئيس مجلس الإدارة المدير العام لمصرف الإسكان، أنه «بعد ركود أربع سنوات، بدأت السوق في التحرك إيجابا، بالدرجة الأولى، بفضل تخفيض فوائد الإقراض لدى مصرف الإسكان من 5 إلى 3 في المائة؛ ما عزّز الطلب على شراء العقارات». مع العلم أن مصرف الإسكان مملوك بنسبة 20 في المائة من الحكومة اللبنانية، وبنسبة 80 في المائة من المصارف اللبنانية.
ويقول ساسين في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «الركود الذي عانى منه القطاع طوال السنوات الماضية ناتج من الأوضاع السياسية والانقسامات التي أدت إلى تأخر في انتخاب رئيس، وما رافقها من أزمات وحروب في المناطق المحيطة بلبنان، لكن اليوم يمكن القول إن هناك نفحة تفاؤلية لدى الشعب اللبناني بشكل عام، والمغتربين اللبنانيين بشكل خاص، الذين يحرصون على شراء منازل لسكنهم المستقبلي أو لسكن عائلاتهم، إضافة طبعا إلى الاستثمارات الخليجية».
ويوضح أن «التحرك الإيجابي بدأ منذ بداية العام الحالي، ويمكن القول إنه إذا استمرت الوتيرة نفسها في فبراير (شباط) الحالي، يمكن عندها أن يظهر التقرير الذي سنصدره نهاية الشهر زيادة في الشراء عشرة أضعاف عن الشهرين الأول والثاني من العام الماضي».
ويلفت ساسين إلى أن «سوق العقارات، وتحديدا حركة البناء، تنسجم مع متطلبات السوق؛ وبخاصة لناحية الطاقة الشرائية للطبقة المتوسطة، أي الشقق المتوسطة والصغيرة التي تلقى طلبا كبيرا من قبل محدودي الدخل، بينما تبقى المساحات الكبيرة، التي لم تتأثّر أسعارها سلبا أو إيجابا طوال المرحلة السابقة، من اهتمام غير اللبنانيين، ولا سيما العرب والخليجيون.. وهذه السوق من المتوقع أن تزدهر في الفترة المقبلة بعد عودة العلاقات اللبنانية الخليجية إلى سابق عهدها».
وعما إذا كانت هناك توقعات بارتفاع أسعار العقارات، يشرح أن «العرض السكني القائم والمتراكم منذ أربع سنوات لا يزال يفوق الطلب، وبالتالي لا نتوقع زيادة في الأسعار، إنما التغيّر البسيط قد يكون على هامش التفاوض حول السعر، الذي كان يتراوح في الفترة الماضية ما بين 8 و15 في المائة، أما اليوم هذا الهامش لم يعد موجودا إلى حد كبير».
من جهته، يقسم شربل قرقماز، نقيب خبراء التخمين العقاري في لبنان، المستثمرين الذين «يتحكمون» في السوق العقارية في لبنان إلى ثلاث فئات، هي اللبناني المقيم، واللبناني المغترب، والخليجي. ويوضح في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن «هذه الفئات يعوّل عليها جميعها اليوم في عودة الحركة إلى السوق العقارية، بعدما كان الوضعان الأمني والسياسي قد ساهما في تراجع إقدام الأولى والثانية على الشراء، وأثرّت الحرب في سوريا وما تلاها من أوضاع سياسية وأمنية في لبنان على تراجع استثمار الخليجيين بنسبة تخطت الـ60 في المائة».
ويرى أن كل المعطيات اليوم هي لصالح القطاع العقاري، موضحا أنه «بدءا من زيارة الرئيس اللبناني ميشال عون إلى السعودية وقطر، ومن ثم زيارة وزير الدولة لشؤون الخليج ثامر السبهان إلى لبنان وتعيين سفير جديد للمملكة، وإعلانه تشجيع عودة السعوديين إلى لبنان، والزيارة المتوقعة لأمير قطر وعدد من الوزراء، كلّها عوامل بدأت مؤشراتها الإيجابية تظهر على القطاع العقاري عبر زيادة الطلب بنسبة ما بين 25 و30 في المائة خلال أول شهرين من العام الجديد بعد ارتياح شامل».
وفي حين يلفت قرقماز إلى تراجع الاستثمارات الخليجية في السنوات الأخيرة نتيجة بعض الخلافات والأزمة السورية، بحيث كان الجمود العقاري سيد الموقف، يتوقع «أن تصل نسبة الزيادة على الطلب في الفترة المقبلة من الخليجيين بنسبة ما بين 30 و50 في المائة، والتالي أن يكون موسم الصيف مزدهرا سياحيا واقتصاديا وعقاريا»، لافتا في الوقت عينه إلى أن المستثمرين الذين توجّهوا في السنوات الأخيرة إلى تركيا سيجدون ضالتهم اليوم في لبنان في ظل الأوضاع التي يعيشها هذا البلد.
وانطلاقا من أن توجه الخليجيين يكون دائما نحو شراء الشقق الفخمة والكبيرة، يتوّقع بالتالي أن تؤدي عودة الخليجيين وثقة المغتربين إلى تصريف هذا النوع من العقارات بعد ركود طويل.
هذا التفاؤل بالسرعة في تحريك عجلة السوق، يرى فيه رجا مكارم، الخبير العقاري والمدير التنفيذي لشركة «رامكو» للاستثمارات العقارية: «تسرعا»... معتبرا أن واقع السوق العقارية في لبنان اليوم، يدعو إلى «التفاؤل الحذر» نتيجة استمرار الركود الذي يحتاج إلى قوة دفع.
ويوضح مكارم لـ«الشرق الأوسط»، أن «الوضع العام في البلد، من السياسة إلى الأمن والاقتصاد، يدعو إلى التفاؤل... لكن انعكاس هذا الأمر على السوق فعليا يحتاج إلى وقت، انطلاقا من معطيات عدة، هي بالدرجة الأولى استمرار انحسار الطلب الخليجي على اعتبار أن عودة المستثمرين لا تكون بين ليلة وضحاها، وإن بدأت العلاقات اللبنانية الخليجية تعود إلى طبيعتها. كذلك، فإن المغتربين الذين يشكلون 40 في المائة من نسبة المشترين لا يبدو أن عودتهم قريبة، ولا سيما أن بلاد الاغتراب، ومن بينها الخليج، وأفريقيا حيث يقيم قسم كبير من اللبنانيين، تعاني بعضها بدورها أزمات اقتصادية».
ويربط مكارم أيضا الوضع السياسي اليوم بعودة الحركة إلى السوق العقارية، معتبرا أن «التخبط في قانون للانتخابات يجعل المواطن اللبناني غير مرتاح لما ستؤول إليه الأمور»، مستبعدا انفراجا ملموسا قبل إجراء الانتخابات النيابية وعودة الحياة السياسية إلى طبيعتها في لبنان. كذلك، يجد أن «الاستحقاق الأكبر» حسب وصفه: «سيكون عند انتهاء الحرب السورية، التي من شأنها أن تخلق دفعا للاقتصاد اللبناني، الذي سيكون المنصة الرئيسية لإعادة إعمار سوريا... لتبدأ بعد ذلك نتائجه بالظهور في واقع السوق المحلية».
ويرى أن الحديث عن خفض أسعار الفوائد لا يعدو كونه يهدف إلى إراحة ذوي الدخل المحدود الذين استمر طلبهم على شراء المنازل الصغيرة والمتوسطة، مستفيدين من تقديمات المؤسسة العامة للإسكان ومصرف الإسكان، لكن ذلك لا يعطي قوة طلب في السوق.
ويتفق مكارم مع جوزيف ساسين، لجهة وفرة الشقق الموجودة في السوق العقارية وغير المبيعة، قائلا: «خلال السنوات الأخيرة، كان يسجّل زيادة بناء المشروعات والأبنية السكنية في مقابل تراجع الطلب على الشراء»، موضحا أنه «قبل عشر سنوات تقريبا، كانت الشقق تباع قبل الانتهاء من المشروعات؛ لكن بعد ذلك بدأت تنخفض نسبة الشراء تدريجيا إلى أن وصلت اليوم إلى 40 في المائة، بحيث ينتهي العمل في البناء ويبقى ما يزيد على 60 في المائة من الشقق غير مبيعة». وذكر، أن آخر إحصاء أصدرته شركة «رامكو» في منتصف عام 2016، يظهر أن هناك 2200 ألف متر مربع، أي ما يقارب 650 ألف شقة، غير مبيعة.
وفي حين يتفق روني لحود، رئيس مجلس إدارة ومدير عام المؤسسة العام للإسكان، مع الرأي القائل أن الوضع القائم وخفض الفائدة من شأنه التأثير إيجابا في حركة السوق العقارية، لكنه يرى في الوقت عينه أن وصف «الركود العقاري» لا ينطبق على طلب ذوي الدخل المحدود.
ويوضح لحود لـ«الشرق الأوسط» أن قطاع الإسكان لم يكن في ركود، ولا سيما فيما يتعلق بالشقق الصغيرة التي تستهدف الطبقة الفقيرة، والدليل على ذلك تسجيل توقيع 5050 اتفاقية بيع عام 2016، بعدما كانت 4600 في عام 2015، وبالتالي ضخّ ألف مليار ليرة لبنانية (نحو 6.6 مليار دولار) في السوق العقارية اللبنانية، مشيرا إلى أن نسبة شراء الشقق، عبر قروض المؤسسة، كانت قد سجّل أعلاها بين عامي 2009 و2010. بحيث وصلت إلى 6 آلاف اتفاقية.
ويضيف، أن «القروض التي نقدمها تصل كحد أقصى إلى 270 مليون ليرة، أي 180 ألف دولار، لشراء شقق تتراوح مساحتها بين 130 و140 مترا مربعا. وبالتالي، يبقى المعدل الوسطي للفئة المستفيدة نحو 195 مليون ليرة، أي نحو 125 ألف دولار، وهي ترتكز في نسبتها الأكبر في منطقة جبل لبنان».
مع العلم أن الشقق الفخمة وذات المساحات الكبيرة بأسعارها المرتفعة، لا تدخل ضمن تمويل المؤسسة العامة للإسكان، على عكس مصرف الإسكان الذي يغطي قروضها، والتي يصنّف مشتروها ضمن الطبقتين الوسطى والعليا بشكل أساسي، وقد تصل القروض التي يحصلون عليها إلى نحو 600 ألف دولار. وفي حين من المتوقع خلال أيام قليلة أن تأخذ المؤسسة العامة للإسكان القرار نفسه الذي اتخذه «مصرف الإسكان»، بتخفيض أسعار الفائدة على قروضها الجديدة بنسبة 30 في المائة، أي من 4.67 و5 في المائة إلى 3.25 و3.50 في المائة، يرى لحود أن «هذا الأمر من شأنه أن يرفع الطلب على القروض وشراء المنازل عبر المؤسسة بما لا يزيد على 5 أو 10 في المائة كحد أقصى، على اعتبار أن الفئة التي تستفيد من هذه القروض هي الفقيرة أو المتوسطة والتي لا يزيد مدخولها الشهري، للزوج والزوجة معا، على أربعة ملايين ليرة (نحو 2700 دولار)».
ويؤكد، أن مؤسسة الإسكان التي تمنح القروض عبر المصارف، كانت ولا تزال الأوفر بالنسبة للمواطن اللبناني الذي يستفيد من تقديمات تنفرد بها، كأن تدفع عنه قيمة الفوائد خلال الـ15 عاما الأولى، ليعود في الـ15 عاما التالية بدفعها، وإعفاءه من تسجيل المنزل وبدل الرهن وفكّه، وبدل قيمة الطوابع المالية.



«كوفيد ـ 19» يوقف إجراءات تسليم المساكن في السودان

ينتظر أن ينطلق برنامج التوعية والتثقيف بالسكن الرأسي لرفع الوعي بهذا النوع من البناء
ينتظر أن ينطلق برنامج التوعية والتثقيف بالسكن الرأسي لرفع الوعي بهذا النوع من البناء
TT

«كوفيد ـ 19» يوقف إجراءات تسليم المساكن في السودان

ينتظر أن ينطلق برنامج التوعية والتثقيف بالسكن الرأسي لرفع الوعي بهذا النوع من البناء
ينتظر أن ينطلق برنامج التوعية والتثقيف بالسكن الرأسي لرفع الوعي بهذا النوع من البناء

في وقت تجري فيه الاستعدادات لعقد اجتماع بين الصندوق القومي للإسكان ووزارة المالية والتخطيط الاقتصادي وبنك السودان، لبحث سبل توفير تمويل لمشروعات الإسكان للمواطنين عبر قروض طويلة الأجل، ألغت الحكومة أول من أمس، وأوقفت، إجراءات تسليم المساكن للموطنين والتقديم لها، خوفاً من حدوث إصابات بـ«كورونا»، أثناء الاصطفاف للتقديم والتسلم.
وكان الصندوق القومي للإسكان قد طرح مباني سكنية جاهزة للمواطنين في معظم المناطق الطرفية بالعاصمة الخرطوم، وبقية الولايات، وذلك ضمن مشروع السودان لتوفير المأوى للمواطنين، الذي سيبدأ بـ100 ألف وحدة سكنية لذوي الدخل المحدود. وقد بدأ المشروع بفئة العمال في القطاعات الحكومية في جميع ولايات السودان العام الماضي، بواقع 5 آلاف منزل للمرحلة الأولى، تسدد بالتقسيط على مدى 7 سنوات. ويتضمن مشروع إسكان عمال السودان 40 مدينة سكنية في جميع مدن البلاد، لصالح محدودي الدخل، ويستفيد من المشروع في عامه الأول أكثر من مليونين.
وقد أقام المواطنون مواقع أمام مقر الصندوق القومي للإسكان، وباتوا يتجمعون يومياً بأعداد كبيرة، ما سبب إزعاجاً لدى إدارة الصندوق والشارع العام، وذلك بعد قرار سياسي من والي ولاية الخرطوم، لدعوة المواطنين للتقديم للحصول على سكن شعبي.
ووفقاً للدكتور عبد الرحمن الطيب أيوبيه الأمين العام المكلف للصندوق القومي للإسكان والتعمير في السودان لـ«الشرق الأوسط» حول دواعي إصدار قرار بوقف إجراءات التسليم والتقديم للإسكان الشعبي، وعما إذا كان «كورونا» هو السبب، أوضح أن تلك التجمعات تسببت في زحام شديد، حيث نصب المتقدمون للوحدات السكنية خياماً أمام مقر الصندوق في شارع الجمهورية، بعد قرار الوالي في وقت سابق من العام الماضي بدعوة المواطنين للتقديم. وظلت تلك التجمعات مصدر إزعاج وإرباك للسلطات، ولم تتعامل معهم إدارة الصندوق، إلى أن جاء قرار الوالي الأخير بمنع هذه التجمعات خوفاً من عدوى «كورونا» الذي ينشط في الزحام.
وبين أيوبيه أن الخطة الإسكانية لا تحتاج لتجمعات أمام مباني الجهات المختصة، حيث هناك ترتيبات وإجراءات للتقديم والتسلم تتم عبر منافذ صناديق الإسكان في البلاد، وعندما تكون هناك وحدات جاهزة للتسليم يتم الإعلان عنها عبر الصحف اليومية، موضحاً أن كل ولاية لديها مكاتب إدارية في كل ولايات السودان، وتتبع الإجراءات نفسها المعمول بها في العاصمة.
ولم يخفِ أيوبيه أزمة السكن في البلاد، والفجوة في المساكن والوحدات السكنية، والمقدرة بنحو مليوني وحدة سكنية في ولاية الخرطوم فقط، لكنه أشار إلى أن لديهم خطة مدروسة لإنشاء 40 ألف مدينة سكنية، تم الفراغ من نسبة عالية في العاصمة الخرطوم، بجانب 10 آلاف وحدة سكنية.
وقال إن هذه المشاريع الإسكانية ستغطي فجوة كبيرة في السكن الشعبي والاقتصادي في البلاد، موضحاً أن العقبة أمام تنفيذها هو التمويل، لكنها كمشاريع جاهزة للتنفيذ والتطبيق، مشيراً إلى أن لديهم جهوداً محلية ودولية لتوفير التمويل لهذه المشاريع.
وقال إن اجتماعاً سيتم بين الصندوق القومي للإسكان وبنك السودان المركزي ووزارة المالية والتخطيط الاقتصادي، لتوفير الضمانات بالنسبة للتمويل الخارجي واعتماد مبالغ للإسكان من الاحتياطي القانوني للمصارف المحلية.
وأكد الدكتور عبد الرحمن على أهمية التنسيق والتعاون المشترك بين الجهات المعنية لإنفاذ المشروع القومي للمأوى، وتوفير السكن للشرائح المستهدفة، مجدداً أن أبواب السودان مشرعة للاستثمار في مجال الإسكان. وأشار إلى أن الصندوق القومي للإسكان سيشارك في معرض أكسبو في دبي في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، وذلك بجناح يعرض فيه الفرص الاستثمارية في السكن والوحدات السكنية في السودان، وسيتم عرض كل الفرص الجاهزة والمتاحة في العاصمة والولايات.
وقال إن هناك آثاراً متوقعة من قرار رفع العقوبات الاقتصادية الأميركية على البلاد، ومن المتوقع أن يسهم كثيرا في إنعاش سوق العقارات واستقطاب رؤوس أموال لصالح التوسع في مشروعات الإسكان. وأبان أن الصندوق استطاع خلال السنوات الماضية إحداث جسور للتعاون مع دول ومنظمات واتحادات ومؤسسات مختلفة، وحالت العقوبات دون استثمارها بالشكل المطلوب، مشيرا إلى أن جهودهم ستتواصل للاستفادة من الخبرات والموارد المالية المتاحة عبر القروض والمنح والاستثمارات.
وأكمل الصندوق القومي للإسكان في السودان تحديد المواقع والدراسات لمشروع المأوى القومي ومنازل العمال، حيث ستشيد المنازل بأنماط مختلفة من السكن الاقتصادي، الشعبي، الاستثماري، الريفي، والمنتج، بتمويل من البنوك العاملة في البلاد، وفق خطة الصندوق.
وقد طرحت إدارة الصندوق عطاءات منذ بداية العام الجاري لتنفيذ مدن سكنية، كما دعت المستثمرين إلى الدخول في شراكات للاستثمار العقاري بالولايات لتوفير المأوى للشرائح المستهدفة، إلا أن التمويل وقف عثرة أمام تلك المشاريع.
وطرح الصندوق القومي للإسكان في ولاية الخرطوم أن يطرح حالياً نحو 10 آلاف وحدة سكنية لمحدودي الدخل والفئويين والمهنيين في مدن العاصمة الثلاث، كما يطرح العديد من الفرص المتاحة في مجال الإسكان والتطوير العقاري، حيث تم الانتهاء من تجهيز 5 آلاف شقة و15 ألفا للسكن الاقتصادي في مدن الخرطوم الثلاث.
وتم تزويد تلك المساكن بخدمات الكهرباء والطرق والمدارس وبعض المرافق الأخرى، بهدف تسهيل وتوفير تكلفة البناء للأسرة، حيث تتصاعد أسعار مواد البناء في البلاد بشكل جنوني تماشياً مع الارتفاع الذي يشهده الدولار مقابل الجنيه السوداني والأوضاع الاقتصادية المتردية التي تمر بها البلاد حالياً.
يذكر أن الصندوق القومي للإسكان لديه خطة لتوسيع قاعدة السكن لمحدودي الدخل، عبر الإسكان الرأسي، الذي يتكون من مجمعات سكنية، كل مجمع يضم بناية من 7 أدوار، ويتكون الطابق من 10 شقق سكنية، بمساحات من 180 إلى 300 متر مربع.
ويتوقع الصندوق أن يجد مشروع الإسكان الرأسي والشقق، رواجاً وإقبالاً في أوساط السودانيين محدودي الدخل، خاصة أنه أقل تكلفة وأصبح كثير من السودانيين يفضلونه على السكن الأفقي، الأمر الذي دفع الصندوق لتنفيذ برامج إعلامية لرفع مستوى وعي وثقافة المواطنين للتعامل مع السكن الجماعي والتعاون فيما بينهم.
ووفقاً لمسؤول في الصندوق القومي للإسكان فإن برنامج التوعية والتثقيف بالسكن الرأسي، يتضمن كيفية المحافظة على خدمات البناية، ورفع وعيهم بهذا النوع من البناء، حتى تتحول الخرطوم إلى عاصمة حضارية وجاذبة. وأضاف المصدر أن برنامج التوعية بالسكن في الشقق ودوره في تقليل تكلفة السكن، سيتولاه فريق من اتحاد مراكز الخدمات الصحافية، الذي يضم جميع وسائل الإعلام المحلية، مما سيوسع قاعدة انتشار الحملات الإعلامية للسكن الرأسي.
تغير ثقافة المواطن السوداني من السكن التقليدي (الحوش) إلى مساحات صغيرة مغلقة لا تطل على الشارع أو الجيران، ليس أمرا هينا. وبين أن خطوة الصندوق الحالية للاعتماد على السكن الرأسي مهمة لأنها تزيل كثيرا من المفاهيم المغلوطة عن السكن في الشقق السكنية.
يذكر أن الصندوق القومي للإسكان عام 2018 بدأ بالتعاون مع شركة هيتكو البريطانية للاستثمار، لتنفيذ مشروع الإسكان الفئوي الرأسي، الذي يستهدف بناء 50 ألف وحدة سكنية بالعاصمة الخرطوم، وكذلك مشروع لبناء أكبر مسجد في السودان، بمساحة 5 كيلومترات، وبناء 3 آلاف شقة ومحلات تجارية.