السعودية تخصص 24.5 مليار دولار لتنفيذ مبادرات في البيئة والمياه والزراعة

الفضلي: رؤية الوزارة في قطاع المياه تضمنت المحافظة على الموارد المائية

وزير البيئة والمياه المهندس عبد الرحمن الفضلي خلال كلمته مساء أول من أمس (تصوير: إقبال حسين)
وزير البيئة والمياه المهندس عبد الرحمن الفضلي خلال كلمته مساء أول من أمس (تصوير: إقبال حسين)
TT

السعودية تخصص 24.5 مليار دولار لتنفيذ مبادرات في البيئة والمياه والزراعة

وزير البيئة والمياه المهندس عبد الرحمن الفضلي خلال كلمته مساء أول من أمس (تصوير: إقبال حسين)
وزير البيئة والمياه المهندس عبد الرحمن الفضلي خلال كلمته مساء أول من أمس (تصوير: إقبال حسين)

أكد وزير البيئة والمياه والزراعة في السعودية المهندس عبد الرحمن الفضلي، أن بلاده تتجه نحو طرح مزيد من المشاريع على القطاع الخاص، مؤكدًا على أن البنية التحتية للاقتصاد تشجع كثيرًا على المضي قدمًا في ملفات الشراكة بين القطاعين العام والخاص.
وشدد المهندس الفضلي خلال تصريحات صحافية مساء أول من أمس، على أن تكلفة المياه على المستهلك النهائي في السعودية منخفضة للغاية، مضيفا: «السعودية تبحث عن استدامة المياه، وتعزيز مصادرها، والتكلفة الحالية على المستهلك النهائي تعتبر ضمن النطاق الأقل بين دول العالم، كما أنها لا تشكل 30 في المائة من التكلفة الفعلية».
وأوضح أن وزارة البيئة والمياه والزراعة في السعودية، حصلت على دعم من حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، بمبلغ يصل حجمه إلى 92 مليار ريال (24.5 مليار دولار)، مضيفا: «يأتي هذا الدعم لمبادرات الوزارة في قطاعاتها الثلاثة لتحقيق 16 هدفًا استراتيجيًا، لتستثمر عناصر القوة ومجالات الفرص وتعظيم الاستفادة القصوى من الوصول إلى النتائج المرجوة منها، وذلك لتحقيق الأهداف الإنمائية المتوافقة مع (رؤية المملكة 2030)».
وقال المهندس الفضلي خلال افتتاحه أعمال المنتدى السعودي للمياه والبيئة في الرياض مساء أول من أمس، إن المنتدى يناقش أبرز ما استجد في قطاعي المياه والبيئة، حيث ينعقد للسنة الثانية عشرة على التوالي، مبينًا أنها مناسبة مهمة تُعنى بقضايا المياه والبيئة، مما جعله محط اهتمام المستثمرين، والمقاولين، والمصنّعين، والمستهلكين، ومقدمي الخدمة في هذين القطاعين الحيويين والمهمين.
وبين المهندس الفضلي أن رؤية الوزارة في قطاع المياه تضمنت المحافظة على الموارد المائية وتنميتها واستدامتها وترشيد استخداماتها، وذلك بوضع استراتيجية وطنية للمياه، ومن أهم أهدافها التطوير المؤسسي، والعمل على تهيئة البيئة المناسبة لخصخصة خدمات المياه، وتعزيز مصادر وأمن الإمداد المائي، والاستفادة المثلى من التقنيات الحديثة، وإشراك القطاع الخاص في إطار مؤسسي يشمل إنتاج المياه، والنقل والتوزيع، وزيادة السعات التصميمية لمحطات معالجة مياه الصرف وإعادة استخدامها، ورفع كفاءة المحطات الثنائية إلى ثلاثية، والتوسع في إنشاء محطات جديدة للاستفادة الكاملة من المياه المعالجة، والحد من استنزاف المياه الجوفية، وخفض نسبة الهدر في شبكات المياه.
وأكد أن الوزارة تسعى للاستفادة المثلى من مياه الأمطار من خلال اعتماد تنفيذ مئات السّدود، في مناطق المملكة كافة، لتُضاف إلى 535 سدًا قائمًا حاليًا، تزيد سعتها التخزينية عن ملياري متر مكعب، حيث نُفّذ على بعض هذه السدود محطات تنقية بلغ عدد المنفذ منها وما هو في طور التنفيذ 57 محطة، بطاقة إنتاجية تبلغ 991 ألف متر مكعب يوميًا، يُستفاد منها في إمدادات مياه الشرب في عدد من مناطق المملكة.
وأوضح وزير البيئة والمياه السعودي، أن قطاع تحلية المياه المالحة، يضع المملكة في الصدارة والريادة على مستوى العالم في مجال صناعة التحلية، وقال: «صدرت الموافقة على تخصيص قطاع التحلية، والعمل جار حاليًا لاستكمال هذا البرنامج».
وتناول وزير البيئة والمياه والزراعة قطاع البيئة، مبينًا أن رؤية الوزارة تضمنت تحقيق الاستدامة البيئية، وذلك بمنهجية وضع استراتيجية بيئية شاملة لتعزيز حوكمة القطاع ورفع الوعي البيئي، وتضمين الوضع البيئي في استراتيجيات قطاع الدولة، ورفع مستوى الخدمات البيئية، مبينًا أن التوجه العام لقطاع البيئة يكمن في وضع استراتيجية وطنية شاملة للبيئة، وإطار مؤسسي مناسب للقطاع، وآليات لتفعيل الرقابة والالتزام بالأنظمة البيئية وتطوير برامج ونظم رصد الملوثات ومراجعة الرسوم والمخالفات البيئية، وتطوير القدرات البشرية لقطاع البيئة، وتفعيل دور القطاع الخاص والجمعيات التطوعية، وكذلك العمل على تنمية الحياة الفطرية والغابات، والإدارة المتكاملة للنفايات وإعادة التدوير بالتعاون مع الجهات ذات العلاقة.
وأشار المهندس الفضلي إلى أن الوزارة أقرت 18 مبادرة لحماية البيئة وتطوير الأرصاد والخدمات التي تقدمها، ومبادرتين لتنمية الغابات والمراعي، وتطوير المتنزهات الوطنية واستثمارها.
وفي التصريحات الصحافية عقب افتتاحه للمنتدى مساء أول من أمس، أكد المهندس الفضلي أن المياه في السعودية توزع من خلال إما الشركة الوطنية للمياه أو المديرية العامة للمياه، وقال: «هي توزع من خلال شركات وجهات حكومية بنسبة مائة في المائة، ولدينا إدارة نضمن من خلالها أن جودة هذه المياه هي جودة تتطابق مع المواصفات السعودية».
وتأتي هذه التطورات في الوقت الذي تتحرك فيه السعودية بشكل جاد نحو تفعيل الخصخصة في كثير من القطاعات الحيوية؛ الأمر الذي عزز من أهمية عقد مزيد من ملتقيات الاستثمار في المياه، حيث طرحت المملكة مؤخرًا فرصًا استثمارية ضخمة بقيمة 220 مليار ريال (58.6 مليار دولار) للاستثمار في قطاع المياه على وجه التحديد.
وتستهدف السعودية رفع مستوى إنتاج المياه المحلاة بنسبة مائة في المائة خلال 15 عامًا، فيما من المنتظر أن يسهم القطاع الخاص بحصة أكبر في إنشاءات المحطات المستقبلية لتحلية المياه، وهو الأمر الذي تدعمه «رؤية المملكة 2030». وهي الرؤية التي تستهدف نقل اقتصاد البلاد إلى مرحلة ما بعد النفط، وزيادة مساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي، مما يعزز بالتالي من النشاط الاقتصادي للمملكة.



الدردري لـ«الشرق الأوسط»: الناتج السوري خسر 54 مليار دولار في 14 عاماً

TT

الدردري لـ«الشرق الأوسط»: الناتج السوري خسر 54 مليار دولار في 14 عاماً

الأمين العام المساعد للأمم المتحدة مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للدول العربية د. عبد الله الدردري (تركي العقيلي)
الأمين العام المساعد للأمم المتحدة مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للدول العربية د. عبد الله الدردري (تركي العقيلي)

كشف الأمين العام المساعد للأمم المتحدة مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للدول العربية الدكتور عبد الله الدردري، أن الأمم المتحدة أعطت البرنامج الضوء الأخضر لبدء التواصل مع الحكومة المؤقتة السورية الجديدة تعزيزاً للعمل الإنساني وبدء مسار التعافي لإعادة تفعيل الاقتصاد السوري، خصوصاً أن البلاد خسرت 54 مليار دولار من ناتجها المحلي خلال 14 عاماً.

وقال الدردري في حديث إلى «الشرق الأوسط» بمناسبة وجوده في الرياض للمشاركة في فعاليات مؤتمر «كوب 16»، إنه وجّه مكتب البرنامج في دمشق اعتباراً من (الخميس) للتواصل مع الجهات الحكومية وبدء عملية التقييم التي تحتاج إليها البلاد.

كان نظام بشار الأسد قد ترك خلفه تحديات اقتصادية كبيرة مع انهيار شبه كامل للبنية التحتية الاقتصادية وتدمير آلاف المنازل وتشريد الملايين.

رجل سوري يتحدث عبر هاتفه المحمول وهو يقف على درج مبنى مدمَّر في مدينة حرستا شرق دمشق (أ.ب)

واستعرض الدردري الوضع الراهن في سوريا، فقال «إن تقديراتنا الأولية أن الاقتصاد السوري خسر حتى الآن 24 عاماً من التنمية البشرية، فيما سجل الناتج المحلي الإجمالي تراجعاً كبيراً من 62 مليار دولار في عام 2010 إلى 8 مليارات فقط اليوم، أي خسر 54 مليار دولار في 14 عاماً. أما معدل الفقر، فارتفع من نحو 12 في المائة عام 2010 إلى أكثر من 90 في المائة. وبات معدل الفقر الغذائي يتجاوز 65 في المائة من السكان».

وإذ أوضح أن أمام سوريا مرحلة صعبة، قال إن تقديرات البرنامج تشير إلى أنه من أصل 5 ملايين و500 ألف وحدة سكنية، فإن نحو مليوني وحدة سكنية دمِّرت بالكامل أو جزئياً.

وعن تكلفة عملية إعادة الإعمار، أوضح الدردري أن احتساب تكلفة إعادة بناء الوحدات السكنية يحتاج إلى تحديث، كون أسعار البناء تختلف اليوم. لكنه شدد على أن أخطر ما جرى في سوريا هو الضعف المؤسساتي مقارنةً بما كان عليه الوضع قبل عام 2011، «حيث كانت هناك مؤسسات دولة قوية، فيما تراجعت بشكل كبير اليوم». من هنا، فإن تركيز برنامج الأمم المتحدة اليوم هو على الدعم المؤسساتي، «لأنه من دون مؤسسات قادرة على التخطيط والتنفيذ والمتابعة، لا توجد تنمية ولا إعادة إعمار»، كما يركز على القطاع الخاص الذي استطاع أن يصمد رغم كل الهزات، والجاهز اليوم لتلقف أي حالة من الأمن والانفتاح للعمل.

وقال: «خلال الساعات الـ48 الأخيرة، ولمجرد أن الحكومة المؤقتة أعلنت أن الاقتصاد السوري هو اقتصاد سوق حر مع بعض الإجراءات السريعة لتسيير عمل التجارة وغيرها، تحسن سعر صرف الليرة السورية أمام الدولار من 30 ألف ليرة إلى 14 ألف ليرة، مما يعني تحسناً بأكثر من 50 في المائة».

رجل يعد النقود بمحطة بنزين في مدينة حلب شمال سوريا (أ.ف.ب)

ولكن كيف يرى نائب الوزراء السوري السابق للشؤون الاقتصادية بين سنوات 2006 و2011، خريطة طريق إعادة النهوض بالاقتصاد السوري؟ أجاب: «في الحقيقة، لا أرى فرقاً بين دوري في الأمم المتحدة وبين عملي سابقاً. فسوريا تحتاج إلى إصلاح حوكمي سريع وفعال، بمعنى أنها تحتاج إلى إصلاح القضاء، وتطوير المؤسسات وترسيخ مبدأ الفصل بين السلطات، وترسيخ القانون. كما أنها بحاجة إلى رؤية للمستقبل، وإلى حوار وطني. تحتاج إلى تحديد الوضع الراهن في المجال الاقتصادي وأين هو موقع البلاد في هذا الإطار. هي تحتاج إلى رسم سيناريوهات التعافي والنمو... وهو ما تراه الأمم المتحدة أيضاً لإعادة إحياء البلاد».

وأضاف: «سندعم كل ما من شأنه أن يجعل سوريا جاذبة للاستثمار، وإرساء منظومة لحماية اجتماعية فاعلة... فنمو اقتصادي يقوده القطاع الخاص وعدالة اجتماعية من خلال منظومات حماية اجتماعية متكاملة هما ما تحتاج إليه سوريا، وهما ما سنعمل عليه».

وعود بمساعدة غزة

وفي ما يتعلق بالوضع في غزة، قال الدردري إن التقديرات الأولية جداً تشير إلى أنها تحتاج إلى 50 مليار دولار، موضحاً أن إعادة تعويم الاقتصاد الفلسطيني إلى ما كان عليه في عام 2022، إنما يحتاج إلى معونات إنسانية تقدَّر بـ600 مليون دولار سنوياً على مدى السنوات العشر المقبلة.

فلسطينيون يتفقدون الدمار في منطقة استهدفتها غارة جوية إسرائيلية قرب مخيم النصيرات للاجئين (أ.ف.ب)

وعن الجهات المستعدة لتأمين هذه المبالغ، قال: «هناك وعود بأن المجتمع الدولي مستعد للمساعدة، ولكن إلى الآن لا شيء ملموساً».

وأضاف: «هناك حاجة ماسة إلى رفع القيود عن عمل الفلسطينيين، وعن أموال المقاصة التي يجب أن تذهب إلى السلطة الفلسطينية، وأن يُسمح للاقتصاد الفلسطيني بالاندماج».

خسائر لبنان من الحرب

وشرح الدردري أن لبنان خسر 10 في المائة من ناتجه المحلي الإجمالي خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة بسبب الحرب مع إسرائيل، تضاف إلى ما نسبته 35 في المائة خسارة في الناتج المحلي منذ 2019. في حين دُمر نحو 62 ألف منزل وأكثر من 5 آلاف منشأة اقتصادية.

شخصان يتعانقان على أنقاض المباني المتضررة في قرية جون بقضاء الشوف بلبنان (رويترز)

ووُضع برنامج للتعافي الاقتصادي في لبنان يعتمد بشكل أساسي على تعزيز المجتمعات المحلية والشركات الصغيرة وإعادة إحياء التمويل في لبنان، وعلى دعم البلديات التي تأثرت بشكل كبير، وعلى الجمعيات الأهلية. وتوقع أن يستعيد لبنان تعافيه مع استمرار حالة الهدوء، وذلك بفعل أهمية الدور الذي يلعبه قطاعه الخاص.