نتنياهو سيقزّم الموضوع الفلسطيني مع ترمب لكنه لن يستطيع التراجع عن حل الدولتين

نتنياهو سيقزّم الموضوع الفلسطيني مع ترمب لكنه لن يستطيع التراجع عن حل الدولتين
TT

نتنياهو سيقزّم الموضوع الفلسطيني مع ترمب لكنه لن يستطيع التراجع عن حل الدولتين

نتنياهو سيقزّم الموضوع الفلسطيني مع ترمب لكنه لن يستطيع التراجع عن حل الدولتين

غادر رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، تل أبيب، بعد ظهر أمس، متوجها إلى واشنطن للقاء الرئيس الأميركي، دونالد ترمب. وقد رافقه قادة معسكر يميني هيا له «زفة» من التصريحات والتهليلات المرحبة بالفرص المتاحة في العهد الأميركي الجديد، والمطالبة بعودة رئيس الحكومة بـ«إنجازات تاريخية» مثل: اعتراف أميركي بضم القدس الشرقية المحتلة إلى إسرائيل، أو الموافقة على ضم 60 في المائة من أراضي الضفة الغربية وإفساح المجال لتوسيع المستوطنات بلا قيود. غير أن نتنياهو، اضطر إلى لجمهم بتصريح صريح قال فيه: «لا تنسوا أنني تكلمت قبل ثلاثة أسابيع مع الرئيس ترمب، واتضح أن الأمور ليست بهذه السهولة».
وعلى إثر تزايد الضغوط عليه، من داخل حزبه أيضا وليس من حزب المستوطنين «البيت اليهودي»، قال نتنياهو قبيل صعوده إلى الطائرة، أمس: «الموضوع الفلسطيني هو واحد من عدة مواضيع ستبحث». وأضاف: «ليس هناك مجال للحديث عن حدود جغرافية».
وكانت مصادر سياسية سربت مزيدا من المعلومات عن لقاءات نتنياهو مع وزراء المجلس الوزاري المصغر، مساء أول من أمس، الذي استغرق أربع ساعات ونصف الساعة. ومنها حديث نتنياهو عن محادثته مع ترمب التي جرت في 22 من الشهر الماضي، أي بعد يومين من تنصيب ترمب. وقال نتنياهو، إن ترمب أكد له أنه مصر على محاولة التوصل إلى اتفاق بين إسرائيل والفلسطينيين.
وقال مسؤول إسرائيلي رفيع، مطلع على المحادثة، إن نتنياهو أكد أمام الوزراء، تفاصيل هذه المحادثة. وقال لهم، إن ترمب سأله كيف، وهل ينوي، دفع العملية السياسية مع الفلسطينيين، فقال له نتنياهو، إنه يؤيد حل الدولتين والتوصل إلى اتفاق دائم، لكن الفلسطينيين يرفضون. ومن ثم شرح له الأسباب التي تمنع التوصل إلى اتفاق سلام في الوقت الحالي. وحسب المسؤول الرفيع، فقال ترمب لنتنياهو: «إنهم سيرغبون بذلك وسيقدمون تنازلات». وكشف نتنياهو تفاصيل المحادثة التي أجراها مع ترمب، بعد إلحاح بينت وشكيد عليه بأن يعرض أمام ترمب موقفا يحدد إزالة حل الدولتين عن جدول الأعمال. وقالا لنتنياهو: «أنت تملك القدرة، أنه يقدرك. يمكنك إقناعه بالتخلي عن حل الدولتين». وقال المسؤول الرفيع، أن نتنياهو رد على بينت وشكيد قائلا إنه لا يعتقد أن هذا هو الواقع. وخلال ذلك ذكّر بمواقف ترمب، وأكد أنه يجب أخذ طابع وطبع الرئيس في الاعتبار.
وقال: «ترمب يؤمن بالتوصل إلى صفقة، وبإدارة المفاوضات السلمية بين إسرائيل والفلسطينيين. يجب الحذر وعدم القيام بأمور تؤدي إلى تحطيم الآليات. يحظر علينا الدخول في مواجهة معه». وقال نتنياهو إنه ينوي إعلان التزامه بحل الدولتين، ولكن، أيضا، تأكيد رفض الفلسطينيين وحقيقة أن جذور الصراع ليست المستوطنات أو الأراضي، وإنما عدم استعداد الفلسطينيين للاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية.
وحسب المسؤول الرفيع فقد حاول وزير الدفاع، أفيغدور ليبرمان، مساعدة نتنياهو، وقال للوزراء إن أول لقاء بين الزعيمين يهدف في الأساس، إلى خلق الكيمياء وعلاقات الثقة، بينما المسائل الجوهرية أقل أهمية ويمكن مناقشتها خلال اللقاءات المقبلة. وقال ليبرمان، إنه سيصل في الأسبوع المقبل إلى واشنطن ويلتقي مع وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس. وقال المسؤول الرفيع إنه جرى تخصيص جزء كبير من الجلسة للسياسة التي ستعرض أمام ترمب في موضوع البناء في المستوطنات. أما وزير المواصلات والاستخبارات يسرائيل كاتس، فقال لنتنياهو إنه يجب أن نطمح إلى التوصل مع ترمب إلى تفاهمات في موضوع البناء داخل منطقة النفوذ في المستوطنات، وكذلك في القدس الشرقية من دون قيود.
ويوم أمس، عقد قادة الليكود اجتماعا تحت عنوان مناصرة نتنياهو، لكنهم أبدوا فيه إصرارهم على تغيير السياسة الأميركية والإسرائيلية، لمصلحة رفض حل الدولتين. وقال الوزير بنيت في مؤتمر عقد حول القدس، إنه لا يوجد مجال بعد لدولة فلسطينية، «هناك دولتان فلسطينيتان، واحدة في الأردن وأخرى في غزة، ولا حاجة لدولة ثالثة».



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.