«هيئة تحرير الشام» تخير «جند الأقصى» في حماه بين «التوبة أو الاستئصال»

معارك الطرفين شملت ريفي حماه وإدلب... والأهالي يستغيثون

«هيئة تحرير الشام» تخير «جند الأقصى» في حماه بين «التوبة أو الاستئصال»
TT

«هيئة تحرير الشام» تخير «جند الأقصى» في حماه بين «التوبة أو الاستئصال»

«هيئة تحرير الشام» تخير «جند الأقصى» في حماه بين «التوبة أو الاستئصال»

ارتفعت حدة المواجهات في ريف حماه الشمالي في سوريا، أمس، على نطاق واسع، بين فصيلين متشددين، حيث توعّدت «هيئة تحرير الشام» التي تهيمن عليها «جبهة النصرة»، تنظيم «لواء جند الأقصى»، بمواصلة القتال ضدّه، إلى أن يقوم بـ«فتح الطرق وإزالة الحواجز والكف عن خطف المجاهدين، والتوبة عن تكفير المسلمين والنزول لمحكمة شرعية»، فيما نبه مصدر في الجيش الحرّ، إلى أن قتال «الأقصى» في ريف حماه، يضعف فصائل المعارضة المعتدلة، ويساعد قوات النظام على استعادة بعض البلدات التي خسرتها في الأشهر الأخيرة.
وفي مؤشر على بلوغ الصراع نقطة اللاعودة، أصدرت «هيئة تحرير الشام» في بيان، أمس، بعنوان «إعذار وإنذار لجماعة لواء الأقصى»، شرحت فيه أسباب القتال الدائر. وقالت إن «محاربة (جند الأقصى) جاء بسبب تكفيره عموم فصائل المجاهدين في الساحة الشامية، ورفضه النزول لمحكمة شرعية وتنسيقه وارتباطه بجماعة خوارج البغدادي» (في إشارة إلى تنظيم داعش). وأضافت الهيئة التي تتشكّل من فصائل تدور في فلك جبهة «فتح الشام» (النصرة سابقًا)، أنه «أمام هذه المعطيات السابقة، كان خيارنا قتالهم ومحاربتهم حتى يفتحوا الطرق ويزيلوا الحواجز ويكفوا عن خطف المجاهدين ويتوبوا عن تكفيرهم المسلمين وينزلوا لمحكمة شرعية».
وتواصلت المعارك بين الطرفين، حيث دارت اشتباكات عنيفة في ريف حماه الشمالي، وامتدت إلى الأطراف الشمالية الشرقية والغربية لمدينة خان شيخون وأطراف بلدة التمانعة بريف إدلب الجنوبي. وأعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان، أن «اشتباكات عنيفة دارت فجر أمس بين (جند الأقصى) من جهة، و(هيئة تحرير الشام) المشكلة حديثًا من جهة أخرى، على محوري التمانعة ومحيط خان شيخون وتل عاس بريف إدلب الجنوبي ومحور كفرزيتا بريف حماه الشمالي الخاضعة لسيطرة التنظيم»، مؤكدًا أن المواجهات «اندلعت على خلفية هجوم شنته (هيئة تحرير الشام) عقب رفض (جند الأقصى) الانضمام لها، وترافقت مع قصف واستهدافات متبادلة بين الطرفين، وسط دوي انفجار ناجم عن مفخخة فجرها التنظيم وأسفرت عن سقوط خسائر بشرية».
من جهتها، أطلقت «الفعاليات الثورية» والأهالي، نداء استغاثة إلى طرفي النزاع عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ناشدتهما «وقف الاقتتال الدائر في كفرزيتا، وفتح ممر آمن لنقل الجرحى إلى خارج البلدة».
مصدر في الجيش الحرّ بريف حماه وضع هذه المواجهات، في إطار الحرب التي أعلنتها «فتح الشام» على «جند الأقصى» بعد فك الارتباط معها. وقال لـ«الشرق الأوسط»، إن «هيئة تحرير الشام، التي ينضوي في صفوفها عدد من الفصائل الموالية لـ(جبهة النصرة)، تبدو عازمة على استئصال هذا الفصيل من ريفي حماه وإدلب، لأن استمراره وتمدده يقلصان من نفوذها في الشمال السوري»، مشيرًا إلى أن «مقاتلي (تحرير الشام) شنّوا هجمات منظمة على مواقع الجند (الأقصى)، وانتزعوا السيطرة على بعضها، غير أن استخدام الأخير المفخخات والانتحاريين حدّ من تقدم الهيئة، لكنه لن يستطيع الصمود أمامها طويلاً».
وتحدث ناشطون عن «تقدم كبير حققته (هيئة تحرير الشام)، التي باتت تسيطر على معظم بلدة التمانعة»، لكنهم أشاروا إلى أن «مقاتلي (جند الأقصى) هاجموا أيضًا مبنى الحسبة في مدينة خان شيخون ومبنى محكمة موقا شمال خان المدينة، وبلدتي جبالا ومعرتماتر، وتمكنوا من السيطرة على المناطق المذكورة».
التداعيات السلبية لهذه المعارك لا تقف عند حدود الصراع بين رفاق الأمس، وأعداء اليوم، باعتبار أن جنوح «جند الأقصى» نحو بسط نفوذه على مناطق واسعة في ريف حماه، أصاب الفصائل المعتدلة التي تقاتل قوات النظام، حيث أشار المصدر في الجيش الحرّ إلى أن النظام «يبقى المستفيد الأول من انتقال (جند الأقصى) إلى هذه المنطقة». وقال: «منذ أن اصطدم هذا التنظيم مع فصائل محسوبة على الجيش الحرّ، منها جيش النصر، والفرقة الوسطى، وأجناد الشام، بدأ النظام بتنفيذ هجمات على المناطق المحررة في ريف حماه، وفتح ثغرات للتقدم، واستطاع السيطرة على نقاط مهمة في بلدة الجنابرة»، موضحًا أن «فصائل المعارضة لا تزال ترابط بقوة في المناطق الاستراتيجية، مثل حلفايا وكفر نبودة وسهل الغاب».
وكانت جبهة فتح الشام (جبهة النصرة سابقًا)، أعلنت في شهر يناير (كانون الثاني) الماضي، عن فك بيعة «جند الأقصى» لها تنظيميًا، وعزت أسباب فك الارتباط لعدم انصياع التنظيم للأوامر بناء على «السمع والطاعة، وعدم قبول مقاتلي الأخير بـ(البيعة)»، باعتبار أن أميرهم أقدم على المبايعة من تلقاء نفسه، ومن دون إجماع.
بدوه نقل «مكتب أخبار سوريا»، عن الناشط الإعلامي المعارض محمد شقلوب في ريف إدلب، تأكيده، أن المواجهات بين «جند الأقصى» و«هيئة تحرير الشام» تركزت في مدينتي كفرزيتا بريف حماه الشمالي وخان شيخون بريف إدلب الجنوبي، إذ اقتحم عناصر الجند سجنا تابعًا للهيئة في خان شيخون، وقتلوا الحراس وأطلقوا سراح السجناء، كما أصيب عدد من المدنيين في كفرزيتا جراء الاشتباكات.



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.