المراهقون... أولوية في التجنيد لدى «داعش»

تعليمات صدرت إليهم بالبقاء داخل أوطانهم وشن هجمات بالاعتماد على أي أسلحة متاحة

المراهقون... أولوية في التجنيد لدى «داعش»
TT

المراهقون... أولوية في التجنيد لدى «داعش»

المراهقون... أولوية في التجنيد لدى «داعش»

بدأ التهديد الإرهابي الناشئ عن تنظيم داعش يتخذ شكلاً جديدًا الفترة الماضية؛ الأطفال الإرهابيون الذين يرتبطون بصلات مباشرة بالتنظيم المسلح أو يستقون منه إلهامهم فحسب. وحتى في الوقت الذي يعاني فيه التنظيم انتكاسات داخل ميادين القتال في العراق وسوريا، فإنه يعمد إلى اجتذاب المراهقين المقيمين بدول غربية الذين تصدر إليهم تعليمات بالبقاء داخل أوطانهم وشن هجمات ضد أهداف بعينها بالاعتماد على أي أسلحة متاحة لديهم، مثل السكاكين أو العبوات الناسفة بدائية الصنع. تجدر الإشارة في هذا الصدد إلى أن السلطات الفرنسية أعلنت الجمعة أن فتاة تبلغ من العمر 16 عامًا كانت بين 4 ألقي القبض عليهم جنوب البلاد، بناءً على الاشتباه في تخطيطهم لشن هجوم إرهابي.
في هذا الصدد، أوضح دانييل كولر، مدير المعهد الألماني لدراسات التحول إلى الراديكالية وسبل مكافحتها، أن «حجم الفيديوهات والمواد الدعائية الصادرة عن (داعش) وموجهة إلى الأطفال قفزت على نحو بالغ الشهور الأخيرة. ولم نشهد لمثل هذه القفزة مثيلاً من قبل، من حيث الحجم أو المستوى. إنهم يدركون جيدًا أنه في الغرب لا أحد يتوقع أن يتحول صبي في الـ10 من عمره إلى إرهابي مشتبه به».
من ناحية أخرى، ألقت السلطات الألمانية القبض على طالب لجوء سوري يبلغ 16 عامًا، في سبتمبر (أيلول) الماضي، بعد اكتشافها وجود اتصالات بين الصبي وأحد أعضاء «داعش» الذي كان يعلمه كيفية تصنيع قنبلة.
وفي ديسمبر (كانون الأول)، قام صبي عراقي لا يتجاوز عمره 12 عامًا - بتوجيه من أحد أفراد «داعش» داخل الشرق الأوسط وكان يجري التواصل بينهما عبر تطبيق تبادل الرسائل المشفر «تليغرام» - بمحاولة تفجير قنبلة قرب مركز تسوق في مدينة لودفيغسهافن. إلا أن القنبلة لم تنفجر.
وأوضح مسؤولون أن التنظيم استهدف الصبي بعد موجة بحث عبر مواقع إلكترونية راديكالية. ولاحقًا، ألقي القبض على شريك له في النمسا عمره 17 عامًا.
وفي الشهر الماضي، صدر حكم بالسجن 6 سنوات ضد فتاة تبلغ 15 عامًا - ابنة ألماني اعتنق الإسلام وأم مغربية - بعد مهاجمتها، فبراير (شباط) الماضي، ضابط شرطة بسكين مطبخ والتسبب في إصابات خطيرة له بالرقبة. جاء الهجوم في أعقاب تقرب أحد عناصر «داعش» إليها عبر خدمة تبادل رسائل نصية.
وتشير إحصاءات إلى أنه داخل ألمانيا، تورط 10 قاصرين على الأقل في 5 مخططات على امتداد الشهور الـ12 الماضية. وفي الوقت الذي أشارت فيه أصابع الاتهام إلى مسلحين متخفين في صورة لاجئين عن وباء الإرهاب الذي ضرب ألمانيا، شكل غالبية القصر تهديدات محلية النشأة.
يذكر أن 3 صبية، تبلغ أعمارهم جميعًا 16 عامًا، صنعوا قنبلة بدائية في المنزل وألقوها على معبد للسيخ، مما أدى إلى إصابة 3، بينهم واحد في حالة خطيرة. أما زعيم المجموعة الذي يطلقون عليه «الأمير»، فألماني المولد وينتمي والداه إلى أصول تركية.
وداخل أحد القطارات، هاجم طالب لجوء أفغاني (17 عامًا)، سبق أن أعلن البيعة لـ«داعش»، الركاب أثناء تحرك القطار في جنوب ألمانيا، مستخدمًا سكينًا وبلطة، مما أسفر عن إصابة 4 أشخاص، بينهم 2 في حالة خطيرة.
وألقت السلطات القبض على طالب لجوء سوري (16 عامًا)، في كولونيا، بعد الكشف عن أدلة تشير إلى اتصاله بممثل عن «داعش» كان يمرر إليه تفاصيل بخصوص كيفية صنع قنبلة.
الأسوأ من ذلك أن السلطات اعترفت بأن مجتمع الاستخبارات غالبًا ما يكون عاجزًا عن الانتباه إلى التهديد الصادر عن هؤلاء المراهقين. المعروف أن المسؤولين يفتقرون إلى السلطة القانونية التي تتيح لهم تعقب الأطفال على النحو ذاته الذي يراقبون به البالغين، الأمر الذي يشكل ما وصفته السلطات الألمانية واحدًا من أكبر التحديات أمامها على صعيد مكافحة الإرهاب.
من جانبها، حددت الوكالات الاستخباراتية هنا 120 قاصرًا على الأقل تحولوا إلى الراديكالية على نحو ينذر بالخطر، إلا أن بعضهم من المتعذر مراقبته على نحو مكثف بسبب القوانين المحلية التي تكفل حماية الأطفال، حسبما أفاد مسؤولون.
في هذا الصدد، شرح هانز جورج ماسين، رئيس وكالة الاستخبارات الألمانية الداخلية: «تركز وكالتنا بصورة أساسية على البالغين. ولا يسمح لنا بمراقبة القصر وتسجيل معلومات عنهم في قاعدة البيانات لدينا إلا في حالات استثنائية فقط، لكن حتى في هذه الحالات ينبغي أن تبلغ أعمارهم 14 أو أكثر. في الظروف المعتادة، لا يتوقع الناس أن يرتكب الأطفال أعمالاً إرهابية، لكن تبقى الحقيقة أنهم قادرون على ذلك - بل ويفعلونه».
واستطرد قائلاً: «الأمر المثير للقلق حقًا أن الناس دومًا يحولون أنظارهم في الاتجاه الآخر، ويقولون إن الأمر لا يعدو كونه تأثير فترة المراهقة وغدًا سينضج هؤلاء الصبية ويتجاوزون الأمر بالتأكيد. وغالبًا ما يكون الآباء والأمهات غير مدركين لحقيقة ما يفعله أطفالهم داخل غرفهم».
الملاحظ أنه منذ اندلاع الحرب الأهلية في سوريا، ناضلت أوروبا للتعامل مع نمط جديد من جهود استقطاب الأفراد باتجاه الفكر الراديكالي دفعت بآلاف من المواطنين المسلمين إلى السفر إلى الشرق الأوسط غالبًا للانضمام إلى «داعش». إلا أنه مع نجاح تركيا ودول أخرى في إعاقة وصول المقاتلين الأجانب إلى سوريا والعراق على نحو أكثر فاعلية، زادت صعوبة الرحلة. وعليه، طرأ تحول على أهداف الشباب المتحول إلى الفكر الراديكالي باتجاه الداخل في بلدانهم الأوروبية، حسبما أفاد مسؤولون بوكالات استخباراتية أوروبية.
من جانبهم، يعمد مسؤولو التجنيد التابعون لـ«داعش» إلى مراقبة الأطفال الذين يدخلون إلى المواقع الدعائية الخاصة بالتنظيم أو غرف الدردشة الراديكالية، لتحديد أيهم قابل لتجنيده. وعادة ما يعمدون إلى تحريض الصبية الذين يقع عليهم الاختيار على ارتكاب أعمال عنف من خلال إقناعهم بأن الله يبتسم لأولئك الذين يدافعون عن دينه.
* حجم الفيديوهات الصادرة عن «داعش» والموجهة إلى الأطفال قفز على نحو بالغ أخيرًا
- تورط 10 قاصرين على الأقل داخل ألمانيا في 5 مخططات على امتداد الشهور الـ12 الماضية
- الوكالات الاستخباراتية تراقب 120 قاصرًا على الأقل تحولوا إلى الراديكالية على نحو ينذر بالخطر
- مسؤولو «داعش» يدخلون إلى المواقع الدعائية الخاصة بالتنظيم أو غرف الدردشة لتحديد الأطفال القابلين للتجنيد

* خدمة «واشنطن بوست»
خاص بـ {الشرق الأوسط}



إشهار تكتل واسع للقوى اليمنية لمواجهة الانقلاب الحوثي

جانب من ممثلي القوى اليمنية المشاركين في بلورة التكتل الحزبي الجديد (إكس)
جانب من ممثلي القوى اليمنية المشاركين في بلورة التكتل الحزبي الجديد (إكس)
TT

إشهار تكتل واسع للقوى اليمنية لمواجهة الانقلاب الحوثي

جانب من ممثلي القوى اليمنية المشاركين في بلورة التكتل الحزبي الجديد (إكس)
جانب من ممثلي القوى اليمنية المشاركين في بلورة التكتل الحزبي الجديد (إكس)

بهدف توحيد الصف اليمني ومساندة الشرعية في بسط نفوذها على التراب الوطني كله، أعلن 22 حزباً ومكوناً سياسياً يمنياً تشكيل تكتل سياسي جديد في البلاد، هدفه استعادة الدولة وتوحيد القوى ضد التمرد، وإنهاء الانقلاب، وحل القضية الجنوبية بوصفها قضيةً رئيسيةً، ووضع إطار خاص لها في الحل النهائي، والحفاظ على النظام الجمهوري في إطار دولة اتحادية.

إعلان التكتل واختيار نائب رئيس حزب «المؤتمر الشعبي» ورئيس مجلس الشورى أحمد عبيد بن دغر رئيساً له، كان حصيلة لقاءات عدة لمختلف الأحزاب والقوى السياسية - قبل مقاطعة المجلس الانتقالي الجنوبي - برعاية «المعهد الوطني الديمقراطي الأميركي»، حيث نصَّ الإعلان على قيام تكتل سياسي وطني طوعي للأحزاب والمكونات السياسية اليمنية، يسعى إلى تحقيق أهدافه الوطنية.

القوى السياسية الموقعة على التكتل اليمني الجديد الداعم للشرعية (إعلام محلي)

ووفق اللائحة التنظيمية للتكتل الوطني للأحزاب والمكونات السياسية، ستكون للمجلس قيادة عليا تُسمى «المجلس الأعلى للتكتل» تتبعه الهيئة التنفيذية وسكرتارية المجلس، على أن يكون المقر الرئيسي له في مدينة عدن، العاصمة المؤقتة للبلاد، وتكون له فروع في بقية المحافظات.

وبحسب اللائحة التنظيمية للتكتل، فإن الأسس والمبادئ التي سيقوم عليها هي الدستور والقوانين النافذة والمرجعيات المتفق عليها وطنياً وإقليمياً ودولياً، والتعددية السياسية، والتداول السلمي للسلطة، والعدالة، والمواطنة المتساوية، والتوافق والشراكة، والشفافية، والتسامح.

ونصَّ الباب الثالث من اللائحة التنظيمية على أن «يسعى التكتل إلى الحفاظ على سيادة الجمهورية واستقلالها وسلامة أراضيها، والتوافق على رؤية مشتركة لعملية السلام، ودعم سلطات الدولة لتوحيد قرارها وبسط نفوذها على كافة التراب الوطني، وتعزيز علاقة اليمن بدول الجوار، ومحيطه العربي والمجتمع الدولي».

وكان المجلس الانتقالي الجنوبي، الشريك في السلطة الشرعية، شارك في اللقاء التأسيسي للتكتل الجديد، لكنه عاد وقاطعه. وأكد المتحدث الرسمي باسمه، سالم ثابت العولقي، أن المجلس الانتقالي الجنوبي يتابع نشاط التكتل الذي تعمل عليه مجموعة من الأطراف لإعلانه، ويؤكد عدم مشاركته في هذا التكتل أو الأنشطة الخاصة به، وأنه سيوضح لاحقاً موقفه من مخرجات هذا التكتل.

ومن المقرر أن يحل التكتل الجديد محل «تحالف الأحزاب الداعمة للشرعية»، الذي تأسس منذ سنوات عدة؛ بهدف دعم الحكومة الشرعية في المعركة مع جماعة الحوثي الانقلابية.

ويختلف التكتل الجديد عن سابقه في عدد القوى والأطراف المكونة له، حيث انضم إليه «المكتب السياسي للمقاومة الوطنية» بقيادة العميد طارق صالح عضو مجلس القيادة الرئاسي، و«مؤتمر حضرموت الجامع»، وغيرهما من القوى التي لم تكن في إطار التحالف السابق.

ووقَّع على الإعلان كل من حزب «المؤتمر الشعبي العام»، وحزب «التجمع اليمني للإصلاح»، و«الحزب الاشتراكي اليمني»، و«التنظيم الناصري»، و«المكتب السياسي للمقاومة الوطنية»، و«الحراك الجنوبي السلمي»، وحزب «الرشاد اليمني»، وحزب «العدالة والبناء».

كما وقَّع عليه «الائتلاف الوطني الجنوبي»، و«حركة النهضة للتغيير السلمي»، وحزب «التضامن الوطني»، و«الحراك الثوري الجنوبي»، وحزب «التجمع الوحدوي»، و«اتحاد القوى الشعبية»، و«مؤتمر حضرموت الجامع»، وحزب «السلم والتنمية»، وحزب «البعث الاشتراكي»، وحزب «البعث القومي»، وحزب «الشعب الديمقراطي»، و«مجلس شبوة الوطني»، و«الحزب الجمهوري»، وحزب «جبهة التحرير».

وذكرت مصادر قيادية في التكتل اليمني الجديد أن قيادته ستكون بالتناوب بين ممثلي القوى السياسية المُشكِّلة للتكتل، كما ستُشكَّل هيئة تنفيذية من مختلف هذه القوى إلى جانب سكرتارية عامة؛ لمتابعة النشاط اليومي في المقر الرئيسي وفي بقية فروعه في المحافظات، على أن يتم تلافي القصور الذي صاحب عمل «تحالف الأحزاب الداعمة للشرعية»، الذي تحوَّل إلى إطار لا يؤثر في أي قرار، ويكتفي بإعلان مواقف في المناسبات فقط.

بن دغر مُطالَب بتقديم نموذج مختلف بعد إخفاق التحالفات اليمنية السابقة (إعلام حكومي)

ووفق مراقبين، فإن نجاح التكتل الجديد سيكون مرهوناً بقدرته على تجاوز مرحلة البيانات وإعلان المواقف، والعمل الفعلي على توحيد مواقف القوى السياسية اليمنية والانفتاح على المعارضين له، وتعزيز سلطة الحكومة الشرعية، ومكافحة الفساد، وتصحيح التقاسم الحزبي للمواقع والوظائف على حساب الكفاءات، والتوصل إلى رؤية موحدة بشأن عملية السلام مع الجماعة الحوثية.