السلطات المصرية تكيل الضربات لروابط الألتراس

أحالت قادتهم للقضاء العسكري وأجهضت احتجاجاتهم

السلطات المصرية تكيل الضربات لروابط الألتراس
TT

السلطات المصرية تكيل الضربات لروابط الألتراس

السلطات المصرية تكيل الضربات لروابط الألتراس

قبل أربع سنوات فقط، كانت روابط مشجعي كرة القدم المصرية قادرة على شل حركة العاصمة القاهرة، لكن الضربات الأمنية والملاحقات القضائية قوضت قدرة تلك الروابط، فيما تستعد السلطات المصرية لسحقها بإحالة قياداتهم أمس للتحقيق أمام النيابات العسكرية، تمهيدًا لمحاكمتهم أمام القضاء العسكري، في اتهامات تتعلق بمحاولة قلب نظام الحكم وإنشاء تنظيم يستهدف تنفيذ أعمال إرهابية.
وقال المحامي أسامة الجوهري، الذي يتولى الدفاع عن عدد من قيادات الألتراس لـ«الشرق الأوسط» إن «النيابة أحالت موكليه إلى نيابتين عسكريتين في قضيتين منفصلتين، تمهيدًا لمحاكمتهم أمام القضاء العسكري».
ومثلت روابط المشجعين المعروفة بـ«الألتراس» تحديًا للسلطات المصرية خلال السنوات الماضية، وفي مارس (آذار) عام 2013 تمكن ألوف منهم من شل حركة القاهرة وإضرام النيران في مبنى اتحاد كرة القدم وأحد الأندية الاجتماعية لضباط الشرطة وإغلاق طرق وجسور رئيسية، في مشهد أعاد للأذهان حريق القاهرة في خمسينات القرن الماضي.
وتشكلت تلك الروابط خلال السنوات الأخيرة من حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك، ودخلوا في صراعات مع الأجهزة الأمنية التي سعت إلى تحجيمهم، ما دفعهم للانخراط في ثورة 25 يناير 2011 التي دعت لها حركات احتجاجية بالتزامن مع احتفالات الشرطة بعيدها، احتجاجا على ممارستها.
واتخذت العلاقة بين الألتراس وقوى الأمن منعطفا جديدا بعد مقتل 72 مشجعا في مدينة بورسعيد الساحلية عام 2012 في القضية التي عرفت إعلاميا بـ«مذبحة استاد بورسعيد» والتي أدين فيها قيادات شرطية، ومقتل 20 آخرين في القاهرة فيما عرف بمذبحة استاد الدفاع الجوي، التي حلت ذكراهما في فبراير (شباط) الحالي.
وقال الجوهري وهو محامي القيادي في رابطة ألتراس وايت نايتس (رابطة مشجعي نادي الزمالك) إن النيابة أحالت موكله إلى نيابة مدينة نصر العسكرية لاتهامه بمحاولة اقتحام مقر الأمن الوطني في مايو (أيار) 2013.
وأضاف قائلا إن موكله نفى صلته بهذه الواقعة التي تشمل 15 آخرين، بعضهم من أنصار جماعة الإخوان المسلمين وليبراليين وأعضاء في حركة 6 أبريل، لافتا إلى أن الإحالة استندت فقط على محضر التحريات، رغم أن الصور والمقاطع المصورة لتلك الوقائع لم تظهر وجود سيد مشاغب أو أعضاء الألتراس الآخرين (3 متهمين) في تلك الواقعة.
كما أحيل مشاغب ومتهمون آخرون لنيابة شمال القاهرة العسكرية لاتهامه بإضرام النيران في قاعة المؤتمرات شرق القاهرة ومحاولة إحراق استاد الهدف (غرب القاهرة) واستاد القاهرة الدولي (شرق القاهرة).
وكان حريق نشب في مارس (آذار) عام 2015، بقاعة المؤتمرات الدولية بمدينة نصر، وأسفر عن إصابة 19 شخصا على الأقل بعد أن تصاعدت الأدخنة من القاعات والمباني. وشهد محيط قاعة المؤتمرات الدولية تصاعدا كثيفا للأدخنة التي نجمت عن الحريق.
ويسمح الدستور المصري بمحاكمة المدنيين أمام القضاء العسكري في بعض الحالات، وتنص المادة التي أثارت جدلا واسعا إبان مناقشات تعديل الدستور على أنه «لا يجوز محاكمة مدني أمام القضاء العسكري، إلا في الجرائم التي تمثل اعتداء مباشرا على المنشآت العسكرية أو معسكرات القوات المسلحة أو ما في حكمها (...)».
ونسبت النيابة للمتهمين محاولة قلب نظام الحكم، والتحريض على التظاهر، وإنشاء جماعة تعمل بعيدا عن مبادئ الدولة، وإنشاء تنظيم وايت نايتس يستهدف تنفيذ أعمال إرهابية ضد الدولة، كما وجهت إليهم تهمة حيازة زجاجات مولوتوف (حارقة).
وتعد إحالة قادة الألتراس للمحاكم العسكرية أعنف حلقة في سلسلة المواجهات بين سلطات الدولة وتلك الروابط.
وكانت السلطات المصرية قد علقت النشاط الرياضي عقب أحداث مذبحة بورسعيد، لكنه استؤنف لاحقا مع وضع ضوابط صارمة للحضور الجماهيري، قبل حظر دخول الجماهير عقب مذبحة الدفاع الجوي 2015.
ويحاكم سيد مشاغب أمام القضاء العادي في قضية مذبحة الدفاع الجوي، كما صدر حكم ببراءته في قضية الاعتداء على رئيس نادي الزمالك النائب مرتضى منصور.
وتسعى السلطات المصرية لإعادة الجماهير إلى ملاعب كرة القدم خلال الفترة المقبلة لكنها تسعى على ما يبدو لإنهاء ظاهرة الألتراس قبل الإقدام على اتخاذ القرار.



«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
TT

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)

تشهد أجزاء واسعة من اليمن هطول أمطار غزيرة مع اقتراب فصل الشتاء وانخفاض درجة الحرارة، متسببة في انهيارات طينية وصخرية تهدد حياة السكان وتلحق الأضرار بالممتلكات والأراضي، في حين لم تتجاوز البلاد آثار فيضانات الصيف الماضي التي ترصد تقارير دولية آثارها الكارثية.

وتسببت الأمطار الأخيرة المستمرة لمدد طويلة، والمصحوبة بضباب كثيف وغيوم منخفضة، في انهيارات صخرية أغلقت عدداً من الطرق، في حين أوقع انهيار صخري، ناجم عن تأثيرات أمطار الصيف الماضي، ضحايا وتسبب في تدمير منازل بمنطقة ريفية شمال غربي البلاد.

وعطلت الانهيارات الصخرية في مديرية المقاطرة التابعة لمحافظة لحج (جنوبي غرب) استمرار العمل في تحسين وصيانة طريق هيجة العبد التي تربط محافظة تعز المجاورة بباقي محافظات البلاد، بعد أن أغلقت الجماعة الحوثية بقية الطرق المؤدية إليها منذ نحو 10 أعوام، وتسببت تلك الأمطار والانهيارات في إيقاف حركة المرور على الطريق الفرعية.

أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

ويواجه السائقون والمسافرون مخاطر شديدة بسبب هذه الأمطار، تضاف إلى مخاطر أخرى، مما أدى إلى صعوبة التنقل.

ودعت السلطات المحلية في المحافظة السائقين والمسافرين إلى توخي الحذر الشديد في الطرق الجبلية والمنحدرات المعرضة للانهيارات الطينية والصخرية والانجرافات، وتجنب المجازفة بعبور الوديان ومسارات السيول المغمورة بالمياه.

وكان انهيار صخري في مديرية الطويلة، التابعة لمحافظة المحويت (شمالي غرب)، أدى إلى مقتل 8 أشخاص، وإصابة 3 آخرين، بعد سقوط كتلة صخرية هائلة كانت مائلة بشدة فوق منزل بُني أسفلها.

وتزداد الانهيارات الصخرية في المناطق التي تتكون من الصخور الرسوبية الطبقية عندما يصل وضع الكتل الصخرية المائلة إلى درجة حرجة، وفق الباحث اليمني في الجيمورفولوجيا الحضرية (علم شكل الأرض)، أنس مانع، الذي يشير إلى أن جفاف التربة في الطبقات الطينية الغروية أسفل الكتل المنحدرة يؤدي إلى اختلال توازن الكتل الصخرية، وزيادة ميلانها.

ويوضح مانع لـ«الشرق الأوسط» أن الأمطار الغزيرة بعد مواسم الجفاف تؤدي إلى تشبع التربة الجافة، حيث تتضخم حبيباتها وتبدأ في زحزحة الكتل الصخرية، أو يغير الجفاف من تموضع الصخور، وتأتي الأمطار لتكمل ذلك التغيير.

انهيار صخري بمحافظة المحويت بسبب أمطار الصيف الماضي يودي بحياة 8 يمنيين (إكس)

وينبه الباحث اليمني إلى خطر يحدق بغالبية القرى اليمنية، ويقول إنها عرضة لخطر الانهيارات الصخرية بسبب الأمطار أو الزلازل، خصوصاً منها تلك الواقعة على خط الصدع العام الممتد من حمام علي في محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء)، وحتى ساحل البحر الأحمر غرباً.

استمرار تأثير الفيضانات

تواصل الأمطار هطولها على أجزاء واسعة من البلاد رغم انتهاء فصل الصيف الذي يعدّ موسم الأمطار الرئيسي، وشهد هذا العام أمطاراً غير مسبوقة تسببت في فيضانات شديدة أدت إلى دمار المنازل والبنية التحتية ونزوح السكان.

وطبقاً لـ«الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر»، فإن اليمن شهد خلال هذا العام موسمين رئيسيين للأمطار، الأول في أبريل (نيسان) ومايو (أيار)، والثاني بدأ في يوليو (تموز) إلى نهاية سبتمبر (أيلول)، و«كانا مدمرَين، بسبب أنماط الطقس غير العادية والأمطار الغزيرة المستمرة في جميع أنحاء البلاد».

ووفقاً للتقييمات الأولية التي أجرتها «جمعية الهلال الأحمر اليمني»؛ فقد تأثر 655 ألفاً و11 شخصاً، ينتمون إلى 93 ألفاً و573 عائلة بالأمطار الغزيرة والفيضانات التي ضربت البلاد أخيراً، ما أسفر عن مقتل 240 شخصاً، وإصابة 635 آخرين، في 20 محافظة من أصل 22.

فيضانات الصيف الماضي ألحقت دماراً هائلاً بالبنية التحتية في عدد من محافظات اليمن (أ.ب)

وألحقت الأمطار أضراراً جسيمة بمواقع السكان والنازحين داخلياً ومنازلهم وملاجئهم المؤقتة والبنية التحتية، مما أثر على آلاف الأسر، وكثير منهم كانوا نازحين لسنوات، حيث أبلغت «المجموعة الوطنية للمأوى والمواد غير الغذائية» في اليمن، عن تضرر 34 ألفاً و709 من المآوي، بينها 12 ألفاً و837 تضررت جزئياً، و21 ألفاً و872 تضررت بالكامل.

ونقل التقرير عن «المنظمة الدولية للهجرة» أن الفيضانات ألحقت أضراراً بالبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك تدمير الأنظمة الكهربائية، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي وتعطيل تقديم الرعاية الصحية، وتسبب في تدمير الملاجئ، وتلوث مصادر المياه، وخلق حالة طوارئ صحية، وفاقم التحديات التي يواجهها النازحون.

تهديد الأمن الغذائي

وتعدّ الأراضي الزراعية في محافظة الحديدة الأعلى تضرراً بـ77 ألفاً و362 هكتاراً، ثم محافظة حجة بـ20 ألفاً و717 هكتاراً، وهو ما يعادل نحو 12 و9 في المائة على التوالي من إجمالي الأراضي الزراعية، بينما تأثر نحو 279 ألف رأس من الأغنام والماعز، وفقاً لتقييم «منظمة الأغذية والزراعة (فاو)».

شتاء قاسٍ ينتظر النازحين اليمنيين مع نقص الموارد والمعونات وتأثيرات المناخ القاسية (غيتي)

وكانت الحديدة وحجة والجوف الأعلى تضرراً، وهي من المحافظات الأكبر إنتاجاً للماشية، خصوصاً في الجوف، التي يعتمد نحو 20 في المائة من عائلاتها على الماشية بوصفها مصدر دخل أساسياً.

وتوقع «الاتحاد» أن العائلات الأعلى تضرراً من الفيضانات في كل من المناطق الرعوية والزراعية الرعوية غير قادرة على تلبية احتياجاتها الغذائية الدنيا في غياب المساعدة، مما يؤدي إلى ازدياد مخاطر انعدام الأمن الغذائي خلال الأشهر المقبلة.

وتشمل الاحتياجات الحرجة والعاجلة في المناطق المتضررة من الفيضانات؛ المأوى الطارئ، والغذاء، والمواد غير الغذائية، والمياه، والصرف الصحي، والملابس، والحماية، والمساعدات النقدية متعددة الأغراض، والإمدادات الطبية لضمان استمرارية وظائف مرافق الرعاية الصحية.

ودعت «مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين» إلى التحرك العالمي، والعمل على تخفيف آثار تغير المناخ بالتزامن مع انعقاد «مؤتمر المناخ»، مقدرة أعداد المتضررين من الفيضانات في اليمن خلال العام الحالي بنحو 700 ألف.

وسبق للحكومة اليمنية الإعلان عن أن الفيضانات والسيول، التي شهدتها البلاد هذا العام، أثرت على 30 في المائة من الأراضي الزراعية.