برامج التعارف والزواج التلفزيونية تثير جدلا في تركيا

تحظى بمتابعة الملايين وتقدم نمطًا جريئًا يثير استياء المحافظين

برامج التعارف والزواج تجذب الجمهور وتثير القلق في المجتمع التركي  -  ... وتفجر الغضب في أوساطه («الشرق الأوسط»)
برامج التعارف والزواج تجذب الجمهور وتثير القلق في المجتمع التركي - ... وتفجر الغضب في أوساطه («الشرق الأوسط»)
TT

برامج التعارف والزواج التلفزيونية تثير جدلا في تركيا

برامج التعارف والزواج تجذب الجمهور وتثير القلق في المجتمع التركي  -  ... وتفجر الغضب في أوساطه («الشرق الأوسط»)
برامج التعارف والزواج تجذب الجمهور وتثير القلق في المجتمع التركي - ... وتفجر الغضب في أوساطه («الشرق الأوسط»)

فجرت برامج التعارف والزواج، التي تعتبر واحدة من أكثر فئات برامج التوك شو على القنوات التركية والتي تجتذب شرائح واسعة من الجمهور، حالة من الجدل، لكثرة الحوادث المرتبطة بها وبعض تصرفات المشاركين فيها التي تتنافى مع تقاليد المجتمع التركي الذي يشكل المحافظون غالبيته.
وتجتذب برامج التوك شو الاجتماعية، لا سيما برامج التعارف والزواج، شرائح واسعة من المشاهدين، وتركز بشكل أساسي على شرائح الشباب والمرأة وكبار السن، وتنافس المسلسلات التركية المعروفة بنسب مشاهدتها العالية، بحيث تجتذب هذه البرامج المشاهدين في فترة الصباح والظهيرة، فيما تنفرد المسلسلات بوقت المساء في مواسم عرضها.
لكن برامج التعارف والزواج بما تحويه من اختلاط بين الفتيات والشباب وما ينشأ عنها من مناقشات وشجارات أحيانا بين المشاركات فيها بسبب الغيرة، وما يتسرب من وقت لآخر عبر مواقع التواصل الاجتماعي عن نشوء علاقات غير شرعية بين بعض المشاركين فيها، حركت هيئة الشؤون الدينية في تركيا إلى أن تتخذ وقفة للتوعية من خطر هذه البرامج، وتأكيد أنها لا يمكن أن تكون الوسيلة المثلى للزواج الذي يعد رابطا لبنية حياة تستمر عمرا طويلا.
استشعار هيئة الشؤون الدينية التركية لخطر هذه البرامج سواء لغرابة ما يجري فيها أو احتمالات تأثيرها سلبا على المجتمع، وكذلك ما ينتج عنها من حالات زواج تنتهي سريعا، وبالتالي تسهم في زيادة حالات الطلاق والتفكك الأسري في المجتمع، جعلها تتحرك للتصدي لها عبر تخصيص خطبة الجمعة الأسبوع الماضي لهذا الموضوع.
وشنت الهيئة في الخطبة الموحدة التي توزع على جميع المساجد، والتي يزيد عددها على 800 ألف مسجد في جميع أنحاء تركيا، هجوما على هذه البرامج من خلال الحديث عن الزواج في الإسلام، وضرورة أن يكون قائما على الوفاء وقيم الأسرة والمسؤولية والأخلاق، لافتة إلى أن ما تقوم به هذه البرامج يشجع على الأمور اللاأخلاقية ويدمر قيم الأسرة.
ولفتت هيئة الشؤون الدينية إلى أن هناك آلاف الحالات التي فشل فيها الزواج، بسبب الخيانة والعنف ضد الزوجات والعنف الأسري عموما الذي يصل إلى حد القتل، وأن الضحية في الغالب هم النساء والأطفال، وذكرت أن الإحصائيات الرسمية تشير إلى وقوع 131 ألفا و380 حالة طلاق مقابل 620 ألفا و982 حالة زواج في عام 2015، وبلغ عدد الأطفال الذين تضرروا من حالات الطلاق إلى 110 آلاف طفل.
وتستحوذ برامج التعارف والزواج على اهتمام الملايين في أنحاء تركيا، وتستقطب فئة النساء والشباب وحتى الرجال، ويتقدم إليها الراغبون في الزواج من مختلف الأعمار ومن يبحثون عن شريك الحياة، وتعرض هذه البرامج على ثلاث قنوات في وقت واحد من الثالثة إلى السادسة مساء، لكن عدد حالات الزواج التي تسفر عنها قليلة بالقياس إلى حجم المشاركين فيها الذين يستمر بعضهم في حضور البرامج لسنوات.
بدأت هذه البرامج على قناة «فلاش تي في» منذ 10 سنوات، وكان أول من قدمها هي المذيعة إسراء إرول، وكان يحمل اسم «ديستي ازدواج»، وهي كلمة عثمانية قديمة تعني «الزواج»، ثم استمرت إسراء إرول في تقديم هذا البرنامج 10 سنوات بلا انقطاع، متنقلة به بين قناة وأخرى، وأصبح البرنامج الآن يقدم الآن على قناة «إيه تي في» ويحمل اسم «عند إسراء إرول».
ويتقدم من يريدون الالتحاق بالبرنامج عن طريق ملء استمارة بيانات عبر الإنترنت أو الاتصال بالهاتف، ويحضر الراغبون إلى الاستوديو يوميا، حيث يتم عقد لقاءات التعارف على الهواء مباشرة.
وتشهد الحلقات، التي تبث يوميا، كثيرا من المشاجرات بين الراغبين في الزواج وكذلك حالات التنافس بين الشباب والفتيات وظهور مشاعر الغيرة والغضب والحزن، وفي بعض الحالات ينتهي الأمر بالزواج، لكن هناك من يمكثون بالبرنامج لأعوام ويألفهم الجمهور.
ومن أشهر البرامج أيضا والذي يأتي في المرتبة الثانية بعد برنامج إسراء إرول برنامج «إذا كنت تريد أن تتزوج تعال» الذي تقدمه الممثلة السابقة سعدة سايان ومعها أوغور أرصلان على قناة «شو تي في»، ويتسم هذا البرنامج بجرعة كبيرة من الانفتاح، ويختلف عن برنامج إسراء إرول بالسماح للمشاركين والمشاركات بعرض هواياتهم في الرقص والغناء، وترتفع فيه سخونة الأحداث وحكايات الغيرة والتنافس، وتصل إلى مشاجرات عائلية أحيانا بين ذوي المشاركين في البرنامج.
كما أن مذيعته كونها مطربة وممثلة سابقة، اشتهرت بأدوار الإغراء في السينما، تشارك في إضفاء مزيد من الجو الاستعراضي على البرنامج، الذي تكثر فيه أيضا حالات كبار السن الراغبين ممن تخطوا سن الستين في الزواج بعكس برنامج إسراء إرول الذي يجتذب الشباب من صغار السن.
أما البرنامج الثالث فتقدمه زوهال طوبال، الممثلة السابقة، ويأتي برنامجها في المرتبة الثالثة بين برامج الزواج، وهو يحمل اسم «الزواج عند زوهال طوبال»، ويعرض حاليا على قناة «ستار» بعد أن كان يعرض حتى الموسم الماضي على قناة «فوكس».
وشهد البرنامج العام قبل الماضي فضيحة مدوية، بسبب حالة زواج تمت بواسطة البرنامج، وتبين أن عقد الزواج بها كان مزورا، فضلا عن اكتشاف وجود حالات من حضور البرنامج جاءوا للشهرة فقط، حيث يرتبطون بعلاقات خارج البرنامج، ونشرت لهم صور على مواقع التواصل تؤكد وجود هذه العلاقات، وأحيانا تكون علاقات خارجة ومرفوضة من المجتمع.
ويتنقل راغبو الزواج بين هذه البرامج، التي حقق مقدموها شهرة واسعة أيضا، كما أصبحت مجالا لشهرة كثير ممن يحضرونها طلبا للزواج بحكم بقائهم فيها لأشهر وربما لأعوام، فالبعض يأتي للشهرة لا للزواج، وفي بعض الحالات تبين أن بعض الشباب والفتيات الذين يأتون للبرامج ويتظاهرون بأنهم لا يعرفون بعضهم يرتبطون بعلاقات خارج هذه البرامج.
وتشير بحوث المشاهدة الخاصة بالبرامج في تركيا إلى أن برنامج القضايا والجريمة «عطف وحزم» يأتي في مقدمة البرامج التي تقبل عليها النساء، تليها برامج التعارف والزواج، ويتقدمها برنامج إسراء إرول، ثم برامج السياسة والأخبار في المرتبة الثالثة، وبالنسبة للرجال تأتي الأخبار في المرتبة الأولى.



«أبل» و«ميتا»... صراع متجدد يثير تساؤلات بشأن «خصوصية البيانات»

شعار ميتا (رويترز)
شعار ميتا (رويترز)
TT

«أبل» و«ميتا»... صراع متجدد يثير تساؤلات بشأن «خصوصية البيانات»

شعار ميتا (رويترز)
شعار ميتا (رويترز)

مرة أخرى يتجدَّد الصراع بين عملاقَي التكنولوجيا «أبل»، و«ميتا»، مثيراً تساؤلات بشأن مدى «حماية خصوصية بيانات المستخدمين». وبينما رأى خبراء التقتهم «الشرق الأوسط» أن المعركة الأخيرة جزء من نزاع مستمر بين «أبل»، و«ميتا» يتيح لهما البقاء على عرش التكنولوجيا الرقمية، فإنهم أشاروا إلى أن تأثير الصراع بشأن الخصوصية قد يمتد إلى مواقع الأخبار.

المعركة الأخيرة بدأت منتصف الشهر الحالي، مع تحذير وجَّهته شركة «أبل» بشأن تقديم منافستها «ميتا» مالكة «فيسبوك» و«إنستغرام» نحو «15 طلباً للوصول العميق إلى البيانات، في إطار قانون الأسواق الرقمية الجديد بالاتحاد الأوروبي، وهو ما قد يضعف حماية بيانات المستخدمين».

ووفق «أبل»، فإنه «إذا حصلت طلبات (ميتا) على الموافقة، فسيكون باستطاعتها من خلال تطبيقاتها: (فيسبوك)، و(إنستغرام)، و(واتساب)، رؤية كل الرسائل القصيرة ورسائل البريد الإلكتروني والصور والمواعيد، وكل بيانات مكالمات المستخدمين». ونبَّهت «أبل»، في بيانها، إلى أن «مجموعة من الشركات تستخدم قانون الأسواق الرقمية الأوروبي؛ للوصول إلى بيانات المستخدمين». ولكن في المقابل، نفت «ميتا» هذه الاتهامات، وعدَّتها «حججاً تستخدمها (أبل) في إطار ممارساتها المضادة لحرية المنافسة». وقالت، في بيان لها، إن «(أبل) لا تعتقد بالتوافق بين الأجهزة الأخرى».

تعليقاً على ما هو حاصل، قال أنس بنضريف، الصحافي المغربي المتخصص في شؤون الإعلام الرقمي، إن «الصراع الأخير بين (أبل) و(ميتا) هو امتداد لمعارك سابقة متكررة ومتجددة بين عملاقَي التكنولوجيا». وأردف: «هناك قانونان يحكمان السوق الرقمية في أوروبا: الأول هو قانون الخدمات الرقمية الذي يستهدف منع الاحتكار وحماية بيانات المستخدمين. والثاني هو قانون الأسواق الرقمية الذي يجبر الشركات على إتاحة معلوماتها للمطوّرين».

وأوضح بنضريف أن «الصراع الأخير بين (أبل) و(ميتا) مرتبط بقانون التسويق الرقمي، إذ تعدّ (ميتا) من المطوّرين المتاحة تطبيقاتهم، مثل (إنستغرام) و(فيسبوك) على هواتف (أبل)». وتوقّع أن تنتهي المعركة لصالح «ميتا»، مبرراً ذلك بأن «حجة (أبل) ضعيفة وغير كافية، وخصوصية بيانات المستخدمين محمية قانوناً في أوروبا، إلا أن مخالفة (ميتا) لقوانين حماية الخصوصية تُعرِّضها لغرامات كبيرة... وفي أي حال الصراع هو جزء من معركة تستهدف الضغط على (أبل) لفتح خدماتها وإتاحتها على منتجات تابعة لشركات أخرى».

للعلم، حسب قانون الأسواق الرقمية الأوروبي، لا يسمح للشركات المشغّلة للمنصّات الحصول على امتيازات خاصة. وتطالب المفوضية الأوروبية شركة «أبل» بأن تغدو أجهزتها متوافقة مع التكنولوجيا التي تنتجها شركات أخرى.

وبموجب إجراءات المفوضية الأوروبية يتوجب على «أبل» تقديم وصف واضح للمراحل والمواعيد النهائية المختلفة والمعايير والاعتبارات التي ستطبقها أو تأخذها في الاعتبار عند تقييم طلبات التشغيل البيني من مطوري التطبيقات، مع تزويد المطورين بتحديثات منتظمة، وتقديم التعليقات وتلقيها فيما يتعلق بفاعلية حل التشغيل البيني المقترح. ومن المتوقع صدور قرار من المفوضية بشأن ما إذا كانت «أبل» تلتزم بشرط قابلية التشغيل البيني، بحلول مارس (آذار) المقبل، وفق ما نقلته «رويترز».

من جهة ثانية، صرَّح محمد الصاوي، الصحافي المصري المتخصص في الرصد والتحليل الإعلامي، لـ«الشرق الأوسط» شارحاً أن «التوترات المستمرة بين (أبل) و(ميتا)، إلى جانب قانون الأسواق الرقمية في الاتحاد الأوروبي، تسلط الضوء على الأهمية المتزايدة لتنظيم شركات التكنولوجيا الكبرى، خصوصاً فيما يتعلق بالخصوصية والمنافسة». وأضاف أن «التحذير الذي أطلقته (أبل) بشأن (ميتا) أثار ذلك جدلاً حول ما إذا كانت مثل هذه الممارسات قد تضعف حماية البيانات للمستخدمين، والتركيز المتجدد على قانون الأسواق الرقمية يعد جزءاً من جهود الاتحاد الأوروبي لمنع شركات التكنولوجيا الكبرى من استغلال هيمنتها، حيث يهدف القانون إلى ضمان المنافسة العادلة عن طريق تقييد الشركات من منح نفسها مزايا خاصة، أو الوصول إلى بيانات المستخدمين بشكل مفرط دون موافقة».

وأشار الصاوي إلى أن «تأثير قانون الأسواق الرقمية يمتد إلى ما هو أبعد من شركات التكنولوجيا الكبرى، حيث قد يؤثر أيضاً على المواقع الإخبارية، لا سيما تلك التي تعتمد على منصات مثل (فيسبوك) في توزيع منتجاتها». وأوضح أن «القانون قد يجبر المنصات على معاملة أكثر عدلاً، ما يضمن ألا تتضرر المواقع الإخبارية من الخوارزميات أو ممارسات البيانات المتحيزة، كما يفرض إعادة التفكير في كيفية جمع البيانات الشخصية ومشاركتها وحمايتها عبر المنصات، مما يشير إلى تحول نحو أنظمة رقمية أكثر شفافية».

وعدّ الصاوي «قانون الأسواق الرقمية محاولةً لإعادة التوازن في ديناميكيات القوة في السوق الرقمية، ما قد يؤثر بشكل كبير على المبدعين في مجال المحتوى، بما في ذلك المواقع الإخبارية، في كيفية تفاعلهم مع المنصات... في حين يضمن استمرار الصراع بين (أبل) و(ميتا) بقاءهما متربعتين على عرش المنافسة الرقمية».

وحقاً، يأتي الصراع الأخير بين «أبل» و«ميتا» في وقت قرَّرت فيه هيئة حماية البيانات الآيرلندية فرض غرامة قيمتها 251 مليون يورو على شركة «ميتا»؛ بسبب عملية اختراق واسعة لبيانات نحو 29 مليون مستخدم على مستوى العالم في عام 2018.