زيارة رسمية مرتقبة لنواب مصريين إلى الكونغرس الأميركي لبحث التعاون المشترك

مصادر برلمانية: إدراج «الإخوان» جماعة إرهابية ودور القاهرة في مكافحة التطرف... أهم الملفات

زيارة رسمية مرتقبة لنواب مصريين إلى الكونغرس الأميركي لبحث التعاون المشترك
TT

زيارة رسمية مرتقبة لنواب مصريين إلى الكونغرس الأميركي لبحث التعاون المشترك

زيارة رسمية مرتقبة لنواب مصريين إلى الكونغرس الأميركي لبحث التعاون المشترك

قالت مصادر في مجلس النواب المصري (البرلمان)، إن «نوابا من البرلمان المصري سوف يقومون بزيارة رسمية مُرتقبة لمجلس الشيوخ الأميركي (الكونغرس) قريبا، لبحث أوجه التعاون المشترك مع القاهرة».
وأضافت المصادر أن «ملف إدراج جماعة الإخوان المسلمين ضمن الجماعات الإرهابية، ودور مصر في مكافحة الإرهاب في المنطقة، وتنشيط الاستثمارات السياحية المصرية، ومكافحة الهجرة غير الشرعية، وتدعيم التعاون الاقتصادي والاستثمارات في مصر، أهم الملفات التي سيتم طرحها بين الجانبين».
وتستعد لجنة العلاقات الخارجية بالبرلمان المصري لزيارة مهمة للكونغرس الأميركي، وهي الزيارة الأولى عقب تنصيب دونالد ترمب رئيسا للولايات المتحدة الأميركية، وتسعى اللجنة خلال الزيارة إلى رسم خريطة جديدة للتعاون البرلماني بين البرلمان المصري والكونغرس الأميركي، خاصة في ظل توقعات لمزيد من التقارب في السياسات، بعد تولي ترمب رئاسة أميركا.
وزار وفد من الكونغرس الأميركي برئاسة بول راين رئيس مجلس الشيوخ، البرلمان المصري في أبريل (نيسان) الماضي، وتناولت الزيارة سبل تعزيز التعاون بين البلدين، وتشكيل جمعية صداقة برلمانية بين مصر وأميركا.
وأكد رئيس الكونغرس وقتها أن بلاده تدعم مصر باعتبارها أهم دولة في منطقة الشرق الأوسط، واستقرارها أمر ضروري وحيوي، ولذلك اختارها الكونغرس لتكون أول زيارة يقوم بها للخارج، مشيرا إلى أن أميركا تدعم الديمقراطية، ولا تدعم أي حزب سياسي، ولذلك فهي تدعم البرلمان المصري والقيادة المصرية.
ويشار إلى أن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي كان أول زعيم دولة يُهنئ الرئيس الأميركي ترمب عقب فوزه في الانتخابات الرئاسية.
مراقبون قالوا إن «تغييرات كبرى في العلاقات المصرية - الأميركية سوف تحدث الفترة المقبلة، خاصة في الملف السياسي، وما يتعلق برؤية الإدارة الأميركية لحالة حقوق الإنسان في مصر، بجانب ملف مواجهة الإرهاب، والتعاون الاقتصادي بين البلدين».
من جانبه، قال النائب طارق الخولي أمين سر العلاقات الخارجية بمجلس النواب في مصر، إن زيارة الكونغرس خطوة مهمة جدا في هذا التوقيت، لإعادة العلاقات بين البرلمان المصري والكونغرس إلى مسارها الطبيعي من التعاون المشترك.
ومن المرجح أن تتم الزيارة خلال مارس (آذار) المقبل، وكان مقررا أن تكون الزيارة في يناير (كانون الثاني) الماضي؛ لكن الوقت كان غير مناسب، بسبب تنصيب الرئيس الأميركي وقتها.
وأضاف الخولي أن الزيارة مهمة؛ لأنها تأتي في ظل وجود إدارة جديدة للولايات المتحدة الأميركية، لافتا إلى أن النواب المصريين يهدفون من زيارتهم تدعيم العلاقات المشتركة بين البلدين، وتجديد صياغة هذه العلاقات في ظل تقارب ملحوظ بين القيادة المصرية والأميركية.
وقالت المصادر البرلمانية نفسها، إن «وفد البرلمان المصري لأميركا سوف يؤكد أهمية دعم أميركا لمصر عسكريا لمكافحة الإرهاب ومنع وصوله لأوروبا عبر البحر المتوسط، وتأكيد أن مصر تستضيف ما يقرب من 5 ملايين مواطن من سوريا وليبيا واليمن وجنوب السودان رغم ظروفها الاقتصادية الصعبة، لذلك لا بد من مساعدة القاهرة في ذلك، فضلا عن تأكيد التمسك بوحدة الأراضي السورية». مضيفة أن اللقاءات ستشمل أيضا جميع القطاعات في الكونغرس الأميركي، وعلى رأسها لجنة العلاقات الخارجية التي يعول عليها البرلمان المصري أن تكون شريكا لإعادة جسور التواصل مرة أخرى في ظل غيابها خلال السنوات الخمس الماضية.
بدوره، قال النائب طارق رضوان وكيل لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب في مصر، إن من بين الملفات التي ستطرحها اللجنة خلال مناقشاتها بمجلس الشيوخ الأميركي، هو عرض ملف يشمل وثائق جرائم جماعة الإخوان الإرهابية في مصر منذ ثورة 30 يونيو (حزيران)، التي أطاحت بحكم جماعة الإخوان والرئيس الأسبق محمد مرسي، وحتى الآن، من تفجيرات استهدفت مدنيين وعناصر من الشرطة والجيش، إضافة إلى مسلسل جرائمهم في سيناء.
والرئيس الأميركي سبق وأن تعهد بسن قانون يعتبر الإخوان جماعة إرهابية، والعمل مع مصر لمحاربة الإرهاب، وتقديم الدعم الكامل لها في تحدياتها الاقتصادية والسياسية.
وأضاف وكيل لجنة الشؤون الخارجية، أن الوفد المصري سيفتح نقاشا حول فرص الاستثمار الجديدة في ظل خطوة تعويم الجنيه أم الدولار، وملف السياحة، ودور أميركا في توجيه رسالة للعالم بأن مصر دولة آمنة.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.