قتلى وجرحى في مواجهات بين الأمن وأنصار الصدر على أبواب المنطقة الخضراء

العبادي أمر بالتحقيق والصدر حمله المسؤولية ودعا أنصاره إلى «انسحاب تكتيكي»

أتباع التيار الصدري يحتشدون في ساحة التحرير وسط بغداد أمس للمطالبة باستقالة المفوضية العليا للانتخابات (إ.ب.أ)... وجانب من المواجهات بين المتظاهرين والقوات الأمنية بعد محاولتهم العبور إلى «المنطقة الخضراء» (رويترز)
أتباع التيار الصدري يحتشدون في ساحة التحرير وسط بغداد أمس للمطالبة باستقالة المفوضية العليا للانتخابات (إ.ب.أ)... وجانب من المواجهات بين المتظاهرين والقوات الأمنية بعد محاولتهم العبور إلى «المنطقة الخضراء» (رويترز)
TT

قتلى وجرحى في مواجهات بين الأمن وأنصار الصدر على أبواب المنطقة الخضراء

أتباع التيار الصدري يحتشدون في ساحة التحرير وسط بغداد أمس للمطالبة باستقالة المفوضية العليا للانتخابات (إ.ب.أ)... وجانب من المواجهات بين المتظاهرين والقوات الأمنية بعد محاولتهم العبور إلى «المنطقة الخضراء» (رويترز)
أتباع التيار الصدري يحتشدون في ساحة التحرير وسط بغداد أمس للمطالبة باستقالة المفوضية العليا للانتخابات (إ.ب.أ)... وجانب من المواجهات بين المتظاهرين والقوات الأمنية بعد محاولتهم العبور إلى «المنطقة الخضراء» (رويترز)

رغم الإجراءات الأمنية المتشددة وقطع السلطات الحكومية جميع الطرق المؤدية إلى ساحة التحرير وسط بغداد بعوازل إسمنتية، فقد تمكن عشرات الآلاف من المتظاهرين القادمين من أحياء بغداد المختلفة ومحافظات وسط وجنوب العراق من الوصول إلى الساحة، أمس، للمطالبة بتغيير قانون الانتخابات وأعضاء المفوضية المستقلة للانتخابات العامة.
وجاءت مظاهرات أمس استمرارا للمظاهرة التي خرجت الخميس الماضي أمام المنطقة الخضراء، وتكثيفا للجهود التي تقوم بها اللجنة التنسيقية بين بعض التيارات المدنية وجماهير التيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر للضغط باتجاه إعادة هيكلة مفوضية الانتخابات من «أجل إعطاء فرصة لظهور وجوه جديدة في الانتخابات المقبلة عام 2018» كما يؤكد أغلب النشطاء والمتظاهرين، بعد أن «حامت شكوك كثيرة حول عمل مفوضية الانتخابات في الدورات الانتخابية السابقة» كما يقول عضو التيار الصدري جواد الجبوري. ويشك الصدر في أن أعضاء اللجنة الانتخابية موالون لغريمه رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، أحد أقرب حلفاء إيران في العراق.
وسارت الأمور بشكل طبيعي رغم الأعداد الكبيرة للمتظاهرين حتى منتصف النهار، لكن الأمور تفاقمت بعد البيان الذي أصدره مقتدى الصدر وقرأه الصحافي والناشط المدني أحمد عبد الحسين أمام جموع المتظاهرين، وقال فيه: «إذا شئتم الاقتراب من بوابة المنطقة الخضراء لإثبات مطالبكم وإسماعها لمن هم داخل الأسوار بتغيير المفوضية وقانونها حتى غروب شمس هذا اليوم فلكم ذلك». لكن الصدر حذر المتظاهرين من دخول المنطقة الخضراء حيث مقار الحكومة ومفوضية الانتخابات، مؤكدا تمسكه بسلمية المظاهرة بقوله: «خيارنا سلمي حتى تحقيق المطالب».
وعقب قراءة البيان تصاعدت وتيرة المواجهات بين المتظاهرين وقوات الأمن ومكافحة الإرهاب، بعد أن حاول بعض المتظاهرين عبور جسر الجمهورية المؤدي إلى «المنطقة الخضراء». وأسفرت المواجهات عن مقتل أحد المتظاهرين وجرح العشرات بعد أن استخدمت قوات الأمن الأسلحة الحية والغاز المسيل للدموع، استنادا إلى شهود عيان، لكن محافظ بغداد المقال، علي التميمي وهو عضو في التيار الصدري، أعلن مقتل 4 وجرح 320 متظاهرا، فيما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن عقيد في الشرطة قوله إن سبعة أشخاص قتلوا «جراء أعمال العنف... اثنان منهم من منتسبي قوات الأمن والخمسة الباقون من المتظاهرين»، وأضاف أن أكثر من مائتي شخص أصيب، معظمهم من المتظاهرين الذين تنشقوا الغاز المسيل للدموع، إلا أن 11 آخرين على الأقل أصيبوا بجروح أكثر خطورة تسببت بها العيارات المطاطية وعبوات الغاز المسيل للدموع.
وعقب المصادمات بين الجانبين، أصدر مقتدى الصدر بيانا آخر عبر المدون المقرب منه، صالح محمد العراقي، قال فيه: «بعض الجهات المجهولة استعملت القوة المفرطة ضد المتظاهرين العزل... فعلى الأمم المتحدة والمؤسسات الحقوقية التدخل فورا لإنقاذ المتظاهرين السلميين»، محملا رئيس الوزراء الذي «يدعي الإصلاح المسؤولية»، مضيفا: «سيكون ردنا نحن الثوار أقوى في المرة القادمة فدماء شهدائنا لن تذهب سدى». ودعا العبادي إلى الإصغاء إلى مطالب المحتجين بـ«تحقيق الإصلاح الفوري والاستماع لصوت الشعب وإزاحة الفاسدين». كما دعا الصدر أنصاره إلى «الانسحاب التكتيكي إلى إشعار آخر»، وذلك «حفاظا على دماء الأبرياء وإنقاذها من أيادي الإرهاب الحكومي».
وفي حين طالب رئيس الوزراء بحماية المتظاهرين وأكد حقهم بالتظاهر، أصدرت قيادة عمليات بغداد بيانا أعلنت فيه «استشهاد منتسب وجرح سبعة منتسبين آخرين» وذكرت في بيان أصدرته أن «الأمور سارت على ما يرام وتمتع المتظاهرون بالحماية الكافية، لكن بعض المتظاهرين تحرك خارج المنطقة المسموح بها للتظاهر وتعمد الاحتكاك بالأجهزة الأمنية». وأكدت «العثور على أسلحة نارية وسكاكين لدى بعض المتظاهرين»، الأمر الذي نفاه متظاهرون جملة وتفصيلا.
وعقب بيان قيادة العمليات وتضارب الأرقام حول أعداد القتلى والجرحى بين القوات الأمنية والمتظاهرين، أصدر العبادي أمرا بالتحقيق في الإصابات التي حصلت في الأجهزة الأمنية والمتظاهرين وملاحقة العناصر المسؤولة.
وفيما أكد رئيس مجلس النواب سليم الجبوري عزم البرلمان «أخذ المطالب المشروعة التي ينادي بها المتظاهرون» بعين الاعتبار، طالب رئيس مفوضية الانتخابات، سريست مصطفى، القائد العام للقوات المسلحة والمجتمع الدولي بحماية مجلسها وموظفيها، وذلك نتيجة تعرضهم لـ«التهديدات المباشرة» من قبل بعض مسؤولي التنسيقيات الخاصة بالمظاهرة، معتبرا أن «مفوضية الانتخابات تتعرض إلى ضغوط كبيرة من بعض الكتل السياسية، الهدف منها زجها في أتون الصراعات السياسية». في غضون ذلك، أعلن عضو مفوضية الانتخابات محسن الموسوي استقالته تضامنا مع المتظاهرين.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.