اجتماع «النواة الصلبة» الداعمة للمعارضة الجمعة بحضور تيلرسون

دي ميستورا من باريس: أنتظر لائحة وفد المعارضة اليوم ولست راغبًا في أن «أضطر» للتدخل

دي ميستورا خلال جولة سابقة من مفاوضات آستانة (أ.ف.ب)
دي ميستورا خلال جولة سابقة من مفاوضات آستانة (أ.ف.ب)
TT

اجتماع «النواة الصلبة» الداعمة للمعارضة الجمعة بحضور تيلرسون

دي ميستورا خلال جولة سابقة من مفاوضات آستانة (أ.ف.ب)
دي ميستورا خلال جولة سابقة من مفاوضات آستانة (أ.ف.ب)

علمت «الشرق الأوسط» من مصادر رسمية فرنسية أن مشاورات تجري في الوقت الحاضر للدعوة إلى اجتماع لما يسمى «النواة الصلبة» للدول الداعمة للمعارضة السورية، وذلك على هامش اجتماعات مجموعة العشرين، التي ستنعقد في مدينة بون «ألمانيا» يومي 16 و17 من الشهر الحالي، أو إذا تعذر ذلك في مدينة ميونيخ «في الفترة عينها» بمناسبة انعقاد «مؤتمر الأمن» السنوي التقليدي في هذه المدينة.
وتجري في الوقت الحاضر اتصالات موسعة لضمان حضور جميع وزراء خارجية المجموعة التي تضم عشرة بلدان «الولايات المتحدة، وبريطانيا، وفرنسا، وألمانيا، وإيطاليا، والسعودية، والإمارات، وقطر، والأردن، وتركيا». وما يميز هذا الاجتماع عن غيره من الاجتماعات السابقة للمجموعة أنه الأول من نوعه الذي سيحضره وزير الخارجية الأميركي الجديد ريكس تيلرسون. وأفادت المصادر الفرنسية الرسمية بأن باريس تعمل مع ألمانيا ومع عواصم خليجية للدفع باتجاه حصول الاجتماع الذي في حال قيامه سيجرى قبل أيام قليلة من انطلاق الجولة الرابعة من مفاوضات جنيف المفترض أن تبدأ في العشرين من الشهر الحالي.
وترى المصادر الدبلوماسية أن أهمية الاجتماع تكمن في نقطتين رئيسيتين: الأولى، التعرف مباشرة من الوزير الأميركي الجديد عن خطط واشنطن بشأن الأزمة السورية التي لم يتبين بعد خيطها الأبيض من خيطها الأسود ولم يصدر بشأنها كلام أميركي رسمي مفصل، وجل ما رشح منها جاء نتيجة الاتصالات مع مستشاري الرئيس ترمب، التي تفيد بأن واشنطن ستركز في المرحلة المقبلة على نقطتين: تشديد الحرب على «داعش» ومواجهة النفوذ الإيراني في سوريا، إضافة إلى الحديث عن إقامة «مناطق آمنة»، ولكن حتى تاريخه، لم يطلع أحد على تفاصيل «الخطة» الأميركية وما إذا كان تنفيذها سيتم بالتفاهم مع النظام السوري «الذي يرفضها» وضمن أي شروط. أما النقطة الثانية، فتكمن في توفير الدعم السياسي للمعارضة السورية حتى لا تصل إلى جنيف في موقع ضعيف ولكن أيضا من أجل إعادة التركيز على محورية عملية الانتقال السياسي وعلى المرجعيتين، وهما بيان جنيف لعام 2012 والقرار الدولي رقم 2254.
وتعي المصادر الفرنسية أن المعارضة ستصل هذه المرة إلى جنيف وهي في وضع ضعيف بسبب التحولات التي حصلت ميدانيا، وأبرز معالمها سقوط حلب وتراجع الرقعة الجغرافية التي تسيطر عليها المعارضة المسلحة غير الجهادية. وترى هذه المصادر أنها نجحت قبل أسبوعين في سحب الملف السياسي من اجتماعات آستانة التي دعت إليها روسيا وتركيا وإيران وأعادته إلى رعاية الأمم المتحدة ووسيطها ستيفان دي ميستورا. من هنا، فإن الاجتماع المرتقب في بون أو ميونيخ نهاية الأسبوع المقبل سيكون بالغ الأهمية لجهة الدفع مجددا نحو التركيز على عملية الانتقال السياسي واعتبارها الطريق الوحيد الممكن من أجل وضع حد للحرب السورية والتركيز على محاربة التنظيمات الجهادية وتسهيل عملية إعادة الإعمار اللاحقة بمساهمة من الغربيين والبلدان الخليجية.
ومساء الجمعة، أجرى دي ميستورا مشاورات في باريس مع وزير الخارجية، جان مارك إيرولت، واستفاد من المناسبة ليعود إلى الجدل الذي أثارته تصريحات سابقة له بشأن تشكيل وفد المعارضة السورية إلى جنيف. وكان المبعوث الدولي قد أعلن أنه إذا لم تنجح المعارضة في تشكيل وفدها حتى الثامن من فبراير (شباط)، فإنه سيعمد إلى ذلك بنفسه وفق ما يخوله إياه القرار الدولي رقم 2254.
بيد أن المبعوث الدولي الذي من المرجح أن ينهي مهمته بعد جنيف، عدل ليل أول من أمس من مقاربته بعد ضغوطات سابقة تعرض لها؛ ومنها ما جاء من فرنسا للتراجع عن ادعائه تشكيل وفد المعارضة بنفسه. وقال دي ميستورا متحدثا للصحافة بعد لقائه إيرولت: «أشرت سابقا إلى أن القرار 2254 يعطي المبعوث الدولي، ليس حق تشكيل وفد المعارضة، لكن وضع اللمسات الأخيرة عليه». وأردف دي ميستورا قائلا: «لكنني أتمنى ألا أكون مضطرا لذلك»، متمنيا أن يحصل بحلول يوم الأحد على لائحة بأسماء وفد المعارضة تتمتع بـ«الصدقية» وتكون «مكتملة». وكان المبعوث الدولي يشير إلى الاجتماعات التي تجريها الهيئة العليا للمفاوضات ووفد آستانة وجهات أخرى لتشكيل وفد جامع. ومن خصائص وفد المعارضة، كما يريده دي ميستورا، أن يتمتع بـ«التوازن الجيد بين من يقاتلون ومن يقدمون المشورة السياسية» كما فهم منه أنه يريد وفدا مفاوضا من 15 شخصا. وينتظر أن تعمد المعارضة إلى التفاهم على وفد أوسع من الذي شارك في الجولات الثلاث السابقة عن طريق ضم ممثلين عن «المنصات» الأخرى «حميميم، القاهرة، آستانة». ويستبعد ضم الأكراد أي الحزب الديمقراطي الكردي أو وحدات حماية الشعب بسبب المعارضة الشديدة لتركيا. وبحسب مصادر واسعة الاطلاع في باريس تحدثت إليها «الشرق الأوسط»، فإن الطرف التركي حصل على «ضمانات» من روسيا تشير إلى أن الأكراد لن يدعوا إلى جنيف على الأقل في المرحلة الراهنة. لكن جميع هذه العناصر ستبقى مرهونة بما ستستقر عليه المقاربة الروسية وما سينتج عن اجتماعات آستانة في 15 الحالي بحضور الرعاة الثلاثة ووفدي النظام والمعارضة المسلحة وتلك التي تحصل مع المعارضة السورية «السياسية» ممثلة بالائتلاف الوطني السوري في موسكو.
في الجانب الفرنسي، لا تريد باريس «التعلق بحبال الهواء» كما يقول أحد مصادرها؛ بمعنى أنها لا تريد أن ترفع كثيرا سقف التوقعات، وقد تبدى ذلك في كلام الوزير إيرولت الذي حذر من أن هذه المحادثات قد تكون «مخيبة للآمال» في ظل «تعنت» النظام السوري، وشدد الوزير الفرنسي على أهمية «أن تكون هذه المفاوضات ذات مصداقية وأن يأتي الأطراف بنيات حسنة لأننا خضنا بالفعل تجارب مخيبة للآمال»؛ إذ فشلت الجولات السابقة «بسبب تعنت النظام واستحالة إقامة حوار».



الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
TT

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)

تعليقاً على الخطبة الأخيرة لزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، والتي حاول فيها ترهيب اليمنيين من الانتفاضة ضد انقلاب جماعته على غرار ما حدث في سوريا، بشّر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني باقتراب ساعة الخلاص من طغيان الانقلابيين في بلاده، وقال إن تلك الخطبة تؤكد أن الرجل «يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، ولا يرى ما يحدث حوله».

وكان الحوثي حاول في أحدث خطبه، الخميس الماضي، أن يطمئن جماعته بأن الوضع في اليمن يختلف عن الوضع السوري، مراهناً على التسليح الإيراني، وعلى عدد المجندين الذين استقطبتهم جماعته خلال الأشهر الماضية تحت مزاعم محاربة أميركا وإسرائيل ومناصرة الفلسطينيين في غزة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

وقال الإرياني في تصريح رسمي: «إن المدعو عبد الملك الحوثي خرج من كهفه بخطاب باهت، مرتبك ومتشنج، في محاولة بائسة لترهيب اليمنيين، وتصوير ميليشياته الإيرانية كقوة لا تُقهر».

وأضاف أن تلك الخطبة «تؤكد مرة أخرى أن زعيم الميليشيا الحوثية يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، لا يرى ما يحدث من حوله، ولا يدرك حجم الزلزال الذي ضرب المنطقة وأدى إلى سقوط المشروع التوسعي الإيراني، الذي سُخرت له على مدار أربعة عقود الإمكانات البشرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية والعسكرية والدينية، وارتداداته القادمة على اليمن بكل تأكيد».

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى أن الحوثي بدلاً من الاعتراف بأخطائه وخطاياه، والاعتذار والبحث عن مخرج له ولعصاباته، خرج ليهدد اليمنيين مجدداً بسفك دمائهم، مُكرراً مفردات التهديد والتخويف التي سبق أن استخدمها حسن نصر الله زعيم «حزب الله» ضد اللبنانيين والقوى السياسية اللبنانية.

وتساءل الإرياني بالقول: «ألم يردد حسن نصر الله، زعيم ميليشيا (حزب الله)، نفس الكلمات والوعيد؟ أين هو اليوم؟ وأين تلك (القوة العظيمة) التي وعد بها؟».

خطاب بائس

تحدث وزير الإعلام اليمني عن اقتراب ساعة الخلاص من الانقلاب، ووصف الخطاب الحوثي بـ«البائس»، وقال إنه يعكس واقعاً متجذراً في عقلية التطرف والعنف التي يُروج لها محور طهران، ويُظهر مدى تماهي الحوثي مع المشروع الإيراني المزعزع للأمن والاستقرار في المنطقة، وأضاف: «إن ما يمر به الحوثي اليوم هو مجرد صدى لما مر به نصر الله وغيره من زعماء الميليشيات المدعومة من إيران».

مسلح حوثي خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

ونوّه الإرياني إلى أن البعض كان ينتظر من زعيم الميليشيا الحوثية، بعد سقوط المحور الفارسي والهزيمة المُذلة لإيران في سوريا، التي كانت تمثل العمود الفقري لمشروعها التوسعي في المنطقة، و«حزب الله» خط دفاعها الأول، أن يخرج بخطاب عقلاني يعتذر فيه لليمنيين عن الانقلاب الذي أشعل نار الحرب، وعن نهر الدماء والدمار والخراب الذي خلّفه، وعن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها بحقهم على مدى السنوات الماضية.

وتابع الوزير اليمني بالقول: «على عبد الملك الحوثي أن يعلم أن ساعة الخلاص قد اقتربت، فقد بات اليمنيون الذين عانوا الويلات منذ عقد من الزمان، وسُفكت دماؤهم ونهبت أموالهم، وهُتكت أعراضهم، وشهدوا بأم أعينهم أسوأ أنواع التعذيب والانتهاكات في المعتقلات السرية، أكثر إصراراً من أي وقت مضى على تحرير وطنهم من قبضة ميليشياته الفاشية، ولن يفوتوا هذه اللحظة التاريخية، وسيبذلون الغالي والنفيس لتحرير وطنهم والحفاظ على هويتهم الوطنية والعربية».

مفاجآت سارة

أكد الإرياني أن المستقبل يحمل النصر لليمنيين، وأن الأيام «حبلى بالمفاجآت السارة» - وفق تعبيره - وأن مصير الميليشيات الحوثية لن يكون مختلفاً عن باقي الميليشيات الإيرانية في المنطقة. وشدد الوزير على أن اليمن لن يكون إلا جزءاً من محيطه العربي، وسيظل يقاوم ويواجه الظلم والطغيان والتسلط حتى يستعيد حريته وسيادته، مهما كلف ذلك من تضحيات.

اليمنيون يأملون سقوطاً قريباً لانقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران (إ.ب.أ)

وأضاف الوزير بالقول: «الشعب اليمني، الذي دفع ولا يزال أثماناً باهظة في معركة البقاء، لن يتوانى عن دفع المزيد من التضحيات لإعادة وطنه حراً مستقلاً خالياً من النفوذ الإيراني التخريبي، وتحقيق النصر والتحرر والكرامة».

يشار إلى أن الأحداث المتسارعة في سوريا التي قادت إلى سقوط نظام بشار الأسد فتحت باب التطلّعات في اليمن نحو سيناريو مشابه يقود إلى إنهاء انقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران بأقل التكاليف، خصوصاً بعد الضربات التي تلقتها طهران في لبنان، وصولاً إلى طي صفحة هيمنتها على دمشق.