مصر وتونس... حكومتان مختلفتان تستخدمان {قطع اللعبة} نفسها

صندوق النقد والإرهاب وتباطؤ النمو... عوامل مشتركة بين الدولتين

مصر وتونس... حكومتان مختلفتان تستخدمان {قطع اللعبة} نفسها
TT

مصر وتونس... حكومتان مختلفتان تستخدمان {قطع اللعبة} نفسها

مصر وتونس... حكومتان مختلفتان تستخدمان {قطع اللعبة} نفسها

اتفقت مصر في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي على قرض بقيمة 12 مليار دولار من صندوق النقد الدولي، يُقدم خلال ثلاث سنوات، بغرض دعم الاقتصاد المصري، وتصحيح الاختلالات الكلية للاقتصاد. وحصلت مصر بالفعل على الشريحة الأولى نهاية العام الماضي، وكان الصندوق قد حاول إصلاح اختلالات الاقتصاد التونسي خلال الثلاثة أعوام الماضية، فهل نجح في مهمته؟
في عام 2013 قدم صندوق النقد الدولي خط ائتمان لتونس بقيمة 1.7 مليار دولار، ضمن برنامج دعم ما بعد الثورة، بالإضافة إلى دعم فني، وهذا بغرض تحسين المؤشرات الكلية للاقتصاد التونسي، ولكن هذه المؤشرات لم تتحسن بل تراجعت بشكل ملحوظ، مما أدى إلى إعلان الصندوق اتفاقًا جديدًا مع تونس على برنامج قرض بقيمة 2.8 مليار دولار في 2016.
في عامي 2011 و2012 انخفض معدل نمو الاقتصاد التونسي إلى 2.4 في المائة، وبعد الاستماع إلى نصائح الصندوق، وصل معدل النمو إلى 0.8 في المائة في 2015، وتبلغ تقديرات نمو تونس 1.5 في المائة في 2016، مع توقعات بارتفاعه 2.8 في المائة في 2017.
وتحتفظ تونس بمعدل نمو أقل من متوسط دول منطقة الشرق الأوسط من 2011 وحتى 2017.
عندما قرر الصندوق دعم تونس كان يتوقع، أن يتسبب برنامج الإصلاح الاقتصادي في وصول معدل النمو إلى 6 في المائة عام 2017، ولكن توقعات الصندوق انخفضت إلى أقل من النصف في 3 أعوام، رغم اتباع الحكومات التونسية تعليمات الصندوق.
والأمر لم يرتبط بمعدل النمو فقط، فمستهدفات الصندوق الأخرى من تخفيض عجز الموازنة وعجز الميزان التجاري ومعدلات البطالة، كلها لم تتحقق، بل تدهورت المؤشرات كافة.
حيث ارتفع عجز الموازنة من 2.7 في المائة من الناتج الإجمالي، في المتوسط في 2011 و2012 ما قبل القرض، إلى 5.1 في 2015، ومن المقدر أن موازنة 2016 أغلقت على عجز بنسبة 4.5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، تنخفض إلى 3.6 في المائة في العام الجديد وفقا لتقديرات الصندوق.
وفيما يخص علاج عجز الحساب الجاري، التخصص الأساسي لصندوق النقد الدولي، فقد ارتفع من 3.8 في المائة من الناتج الإجمالي في عامي 2011 و2012، إلى 8.8 في المائة في 2015، ومن المُتوقع أن تنخفض النسبة إلى 8 في المائة في 2016، وإلى 6.9 في المائة في 2017.
كما ارتفع معدل البطالة من 13.3 في المائة في عامي 2013 و2014 إلى 15 في المائة في 2016، وارتفع معدل البطالة بين الشباب من نحو 30 في المائة إلى 35 في المائة حاليا.
ووصل الدين العام إلى 63 في المائة من إجمالي الناتج المحلي الإجمالي، وفقا لآخر تقدير حكومي، مقارنة بنحو 46 في المائة في 2013.
ويُمكن إلقاء جزء من اللوم على الأوضاع السياسية والأمنية في تونس، فوفقًا للأرقام الرسمية التونسية، شهدت السياحة التونسية بعض التحسن منذ الهجمات الإرهابية في 2015، ولكنها لم تعد لأوضاع ما قبل الهجمات، فقد ارتفع عدد السياح الوافدين على تونس بنسبة 3.3 في المائة منذ بداية 2016 وحتى شهر أكتوبر (تشرين الأول) من العام الماضي مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق.
وكانت السياحة التونسية تلقت ضربة قوية في 2015 نتيجة لهجومين إرهابيين على متحف باردو ونُزل إمبريال في سوسة، اللذين خلفا 59 قتيلا من السياح، مما أدى إلى تراجع عدد السياح بنسبة فاقت 30 في المائة مقارنة بعام 2014.
كما شهدت تونس إضرابات كبيرة في صناعة الفوسفات الرئيسية، وانتخابات رئاسية وتغيير الحكومة أكثر من مرة، وتعاني من تباطؤ نمو الشريك التجاري الأول، الاتحاد الأوروبي، ولكن أيضًا السياسات الاقتصادية التقشفية التي تتضمن وقف زيادات الأجور، تؤدي إلى تباطؤ الطلب المحلي، المساهم الكبير في نمو الاقتصاد.
هذه الأوضاع نفسها شهدتها مصر من ارتفاع معدل البطالة إلى 12.6 في المائة من إجمالي قوة العمل، وتجاوز معدل ارتفاع الأسعار السنوي 25 في المائة، مع استمرار عجز الموازنة فوق حاجز 10 في المائة من الناتج الإجمالي، وتجاوز حجم الدين 100 في المائة من الناتج. كما شهدت مصر تفجيرًا إرهابيًا لطائرة ركاب روسية في أكتوبر 2015، تسبب في انهيار قطاع السياحة.
إلا أن المختلف هو أن محاولات مصر المتكررة للاتفاق مع صندوق النقد الدولي منذ 2011، نجحت في نهاية 2016، لذا فنتائج الاتفاق ما زالت منحسرة في قفزة الأسعار الكبيرة فقط، ولم تصل بعد لباقي المؤشرات الاقتصادية.
ويصل التشابه إلى حد التطابق في بعض الأحيان بين الاقتصادين المصري والتونسي، وحدث هذا بوضوح مع إقامة مؤتمر اقتصادي عالمي لجذب الاستثمارات الأجنبية في تونس.
وأقامت تونس (المنتدى الدولي لدعم الاقتصاد والاستثمار 2020)، نهاية نوفمبر الماضي، وهو مشابه لدرجة كبيرة للمؤتمر الاقتصادي الذي عقدته مصر في مارس (آذار) 2015، خاصة من حيث الاهتمام الإعلامي الكبير، وخلال المؤتمرين تمت دعوة مديري مؤسسات وصناديق استثمارية ومالية من عشرات الدول، بالإضافة إلى مئات المستثمرين المحليين والعالميين، وتم توقيع عدد كبير من الاتفاقيات الاستثمارية ومذكرات التفاهم إلا أن جزءا كبيرا منها لم يتم تحويله لأرض الواقع.
وهكذا سبقت مصر تونس إلى اللجوء لآلية المؤتمرات الكبرى لتنشيط الاقتصاد، وسبقت تونس مصر في اللجوء لصندوق النقد الدولي، وتعرضا لهجمات الإرهاب في وقت متقارب، وفي النهاية النتيجة متقاربة وإن اختلفت قليلا، ضعف واضح في المؤشرات الكلية للاقتصاد من عجز موازنة وعجز في الحساب الجــاري وتبــاطؤ نمو، ويبدو أن الاقتصادين يصنعان أشكالا مختلفة من النتــائج بنفس قطع البازل.



شركات البتروكيميائيات السعودية تتحول للربحية وتنمو 200% في الربع الثالث

موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)
موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)
TT

شركات البتروكيميائيات السعودية تتحول للربحية وتنمو 200% في الربع الثالث

موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)
موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)

سجلت شركات البتروكيميائيات المدرجة في السوق المالية السعودية (تداول) تحولاً كبيراً نتائجها المالية خلال الربع الثالث من 2024، مقارنةً بالربع المماثل من العام السابق، لتتحول إلى الربحية وبنسبة نمو تجاوزت 200 في المائة.إذ وصلت أرباحها إلى نحو 525 مليون دولار (1.97 مليار ريال) مقارنةً بتسجيلها خسائر في العام السابق وصلت إلى 516 مليون دولار (1.93 مليار ريال).

ويأتي هذا التحول للربحية في النتائج المالية لشركات القطاع، وتحقيقها لقفزة كبيرة في الأرباح، بفعل ارتفاع الإيرادات ودخل العمليات والهامش الربحي وزيادة الكميات والمنتجات المبيعة.

ومن بين 11 شركة تعمل في مجال البتروكيميائيات مدرجة في «تداول»، حققت 8 شركات ربحاً صافياً، وهي: «سابك»، و«سابك للمغذيات»، و«ينساب»، و«سبكيم»، و«المجموعة السعودية»، و«التصنيع»، و«المتقدمة»، و«اللجين»، في حين واصلت 3 شركات خسائرها مع تراجع بسيط في الخسائر مقارنةً بالربع المماثل من العام السابق، وهي: «كيمانول»، و«نماء»، و«كيان».

وبحسب إعلاناتها لنتائجها المالية في «السوق المالية السعودية»، حققت شركة «سابك» أعلى أرباح بين شركات القطاع والتي بلغت مليار ريال، مقارنةً بتحقيقها خسائر بلغت 2.88 مليار ريال للعام السابق، وبنسبة نمو تجاوزت 134 في المائة.

وحلت «سابك للمغذيات» في المركز الثاني من حيث أعلى الأرباح، رغم تراجع أرباحها بنسبة 21 في المائة، وحققت أرباحاً بقيمة 827 مليون ريال خلال الربع الثالث 2024، مقابل تسجيلها لأرباح بـ1.05 مليار ريال في الربع المماثل من العام السابق.

وفي المقابل، حققت «اللجين»، أعلى نسبة نمو بين الشركات الرابحة، وقفزت أرباحها بنسبة 1936 في المائة، بعد أن سجلت صافي أرباح بلغ 45.8 مليون ريال في الربع الثالث لعام 2024، مقابل أرباح بلغت 2.25 مليون ريال في العام السابق.

مصنع تابع لشركة كيميائيات الميثانول (كيمانول) (موقع الشركة)

توقعات استمرار التحسن

وفي تعليق على نتائج شركات القطاع، توقع المستشار المالي في «المتداول العربي» محمد الميموني خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن تستمر حالة التحسن في أرباح شركات قطاع البتروكيميائيات خلال الربعين المقبلين، بفعل حالة ترقب التحسن في الاقتصاد الصيني الذي يعد من أهم وأكبر المستهلكين لمنتجات شركات البتروكيميكال، والاستقرار المتوقع في الأوضاع الجيوسياسية، مضيفاً أن تلك العوامل ستعمل على بدء انفراج في أسعار منتجات البتروكيميكال، وتجاوزها للمرحلة الماضية في تدني وانخفاض أسعارها. وقال «لا أتوقع أن يكون هناك مزيد من التراجع، ومن المتوقع أن يبدأ الاستقرار في أسعار منتجات البتروكيميائيات خلال الربعين المقبلين، وهو مرهون بتحسن أسعار النفط، وتحسن الطلب على المنتجات».

وأشار الميموني إلى أن أسباب تراجع أرباح بعض شركات القطاع أو استمرار خسائرها يعود إلى انخفاض متوسط أسعار مبيعات منتجات البتروكيميكال نتيجة لاتجاه السوق والأسعار نحو الانخفاض بالإضافة إلى فترة الصيانة الدورية لعدد من مصانع شركات القطاع، وكذلك ارتفاع تكلفة وقود الديزل في الفترة منذ بداية يناير (كانون الثاني) 2024 وارتفاع تكلفة الشحن بسبب الاضطرابات الجيوسياسية التي أثرت على مسار الشحن من خلال مسار البحر الأحمر، وارتفاع تكاليف التمويل، ورغم اتجاه أسعار الفائدة نحو الانخفاض منذ سبتمبر (أيلول) الماضي، فإنه لم ينعكس بشكل جيد على وضع نتائج شركات البتروكيميكال حتى الآن، مجدِّداً توقعه بتحسن النتائج المالية لشركات القطاع خلال الربعين المقبلين.

تحسن الكفاءة التشغيلية

من جهته، قال المحلل المالي طارق العتيق، خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» إن شركات القطاع أظهرت منذ بداية السنة تحسناً في الكفاءة التشغيلية لجميع عملياتها وأدائها، وارتفاع في أعداد الكميات المنتجة والمبيعة، وتكيّف شركات القطاع مع تغير ظروف السوق. وقابل ذلك تحسّن ظروف السوق وزيادة الطلب على المنتجات البتروكيماوية، وتحسّن الهوامش الربحية ومتوسط الأسعار لبعض منتجات البتروكيميائيات الرئيسة.

وعّد العتيق تسجيل 8 شركات من أصل 11 شركة تعمل في القطاع، أرباحاً صافية خلال الربع الثالث، أنه مؤشر مهم على تحسن عمليات وأداء شركات القطاع، ومواكبتها لتغير الطلب واحتياج السوق، مضيفاً أن القطاع حساس جداً في التأثر بالظروف الخارجية المحيطة بالسوق وأبرزها: تذبذب أسعار النفط، والظروف والنمو الاقتصادي في الدول المستهلكة لمنتجات البتروكيميائيات وأهمها السوق الصينية، والأحداث الجيوسياسية في المنطقة وتأثيرها على حركة النقل والخدمات اللوجستية، لافتاً إلى أن تلك الظروف تؤثر في الطلب والتكاليف التشغيلية لمنتجات البتروكيميائيات، إلا أنها قد تتجه في الفترة الراهنة باتجاه إيجابي نحو تحسن السوق والطلب على منتجات البتروكيميائيات.