المغرب: تحقيق في تلميحات أمين عام «الاستقلال» إلى إمكانية اغتياله

الحزب اتهم أجهزة في الدولة بتصفية قياديين سياسيين

حميد شباط
حميد شباط
TT

المغرب: تحقيق في تلميحات أمين عام «الاستقلال» إلى إمكانية اغتياله

حميد شباط
حميد شباط

قررت وزارة العدل المغربية فتح تحقيق بشأن تلميح حميد شباط، الأمين العام لحزب الاستقلال، إلى إمكانية اغتياله، عبر تصريحات إعلامية، وذلك بناء على طلب من وزارة الداخلية.
كان أمين الحزب قد أثار ضجة كبيرة، عندما لمح في مقال نشره على موقعه الإلكتروني، إلى إمكانية تعرضه للتصفية الجسدية، أسوة بما حدث لقياديين سياسيين، متهمًا جهات في الدولة ضمنيًا (الدولة العميقة) باغتيال أحمد الزايدي، القيادي في حزب الاتحاد الاشتراكي، وعبد الله بها وزير الدولة المنتمي لحزب العدالة والتنمية.
وكان السياسيان قد ماتا عام 2014 في منطقة تسمى «وادي الشراط»، بضواحي الرباط، في حادثين منفصلين. الأول توفي غرقًا داخل سيارته، والثاني قضى بعد ذلك بأيام فقط في حادث قطار مفجع بالمكان ذاته، وهو ما أثار وقتها تساؤلات عن إمكانية أن يكون الحادثان مدبرين، إلا أن التحقيقات كشفت عكس ذلك.
وجاء في المقال الذي نشر الأربعاء: «للأسف الذين يعتقدون أنهم يتحكمون في اللعبة السياسية يعتبرون أن مرحلة التخلص من حميد قد حانت، وهو ما يحيل إلى أساليب (واد الشراط)».
وذكر مصدر قريب من وزارة الداخلية، لوكالة الصحافة الفرنسية، أن الوزارة أرسلت، أول من أمس، مذكرة إلى وزارة العدل تطلب منها فتح تحقيق حول المقال المذكور، كما أكد مصدر في وزارة العدل استجابتها لهذا الطلب.
وبالنظر لخطورة الاتهامات التي تضمنها المقال المذكور، سارع الحزب إلى سحبه من الموقع، مشددًا على أن «مضمون المقال يعبر عن رأي صاحبه، ولا يمثل في شيء مواقف حزب الاستقلال»، لا سيما أن المقال ذاته لمح إلى إمكانية تعرض للاغتيال من قبل «أطراف في الدولة العميقة»، وذلك في إطار حملة يرى الحزب أنه يتعرض لها منذ مدة.
وقد زادت حدة هذه الحملة بعد تصريحات أمينه العام ضد موريتانيا، ووصلت إلى حد التشكيك في مصدر ثروته، والهدف كما يقول الحزب «محاولة خوصصة حزب الاستقلال، لتمر لمحاصرة حزب العدالة والتنمية، والتخلص من أحزاب الشعب إلى الأبد»، حسب المقال ذاته.
كما أن نفسه لمح، في حوار مع قناة «فرانس 24»، إلى احتمال اغتياله، قبل أن يصدر شريط فيديو يوضح ما قصده من كلامه عن «موته بشكل طبيعي أو شهيدًا»، حيث قال إنه كان يقصد استهدافه من قبل خلايا إرهابية كانت تعتزم اغتيال سياسيين، قبل أن تحبط مخططاتها الأجهزة الأمنية، موضحًا أنه تأكد من ورود اسمه ضمن لائحة المستهدفين، وقال إن القصة معروفة، وسبق أن نشرتها بعض الصحف.
وفي سياق آخر، قرر حزب الاستقلال توقيف ثلاثة من قيادييه عن ممارسة أي مهام حزبية، بسبب عدم انضباطهم وخضوعهم لقوانين الحزب، والإضرار بمصالحه، وذلك على خلفية تصريحات أدلوا بها ضد حميد، الأمين العام للحزب، عقب تصريحاته التي قال فيها إن موريتانيا جزء من المغرب، والتي كادت أن تتسبب في أزمة دبلوماسية بين البلدين.
وذكرت لجنة التأديب والتحكيم في الحزب أنها قررت بإجماع أعضائها مؤاخذة كل من أحمد توفيق حجيرة وياسمينة بادو وكريم غلاب، وهم وزراء سابقون، بارتكابهم مخالفة قوانين الحزب، والإضرار بمصالحه، وعدم الانضباط لمقرراته، ومعاقبتهم تأديبيًا بالحكم عليهم بالتوقيف من ممارسة مهامهم وأنشطتهم الحزبية، محليًا ووطنيًا، لمدة 18 شهرًا، مع كل ما يترتب على ذلك من أثر قانوني، وذلك ابتداء من تاريخ صدور هذا القرار.
وأوضحت اللجنة أن القياديين الثلاثة كانوا قد تبرؤوا علانية من مضمون بيان اللجنة التنفيذية للحزب، وساهموا في صياغته وصادقوا عليه بإصدار بيانات وتصريحات إعلامية تطعن في مضمونه وشرعيته، في إشارة إلى البيان الذي أصدره الحزب ردًا على بيان الحزب الحاكم في موريتانيا، حيث أوضح حزب الاستقلال أن تصريحات الأمين العام جاءت في سياق سرد تاريخي لا غير.
وتعليقًا على قرار توقيف مهامه، قال حجيرة إن القرار «يفتقد للشرعية، ولا قانونية له على الإطلاق، ولا يعدو كونه حلقة عادية ضمن مسلسل (البلطجة) الذي عرفه الحزب منذ المؤتمر 16 الذي لم تفلح مؤسسات الحزب في تقويمه». ولفت حجيرة إلى أن القرار جاء من أجل منعه من الترشح للأمانة العامة للحزب، وأنه سيجمد عضويته إذا ما انتخب مجددا في المؤتمر الـ17 للحزب، المقرر عقده أواخر مارس (آذار) المقبل.



النفايات ترفع معدل الاحتباس الحراري والتلوث في اليمن

مواقع غير رسمية مليئة بالنفايات الخطرة في اليمن تسبب التلوث (إعلام محلي)
مواقع غير رسمية مليئة بالنفايات الخطرة في اليمن تسبب التلوث (إعلام محلي)
TT

النفايات ترفع معدل الاحتباس الحراري والتلوث في اليمن

مواقع غير رسمية مليئة بالنفايات الخطرة في اليمن تسبب التلوث (إعلام محلي)
مواقع غير رسمية مليئة بالنفايات الخطرة في اليمن تسبب التلوث (إعلام محلي)

كشف مرصد مختص بالبيئة عن استخدام الأقمار الاصطناعية في الكشف عن تأثير مواقع النفايات غير الرسمية في اليمن على البيئة وزيادة معدل الاحتباس الحراري، وقال إن هذه المواقع تشكل مخاطر تلوث بيئية كبيرة عبر الهواء والماء والتربة، فضلاً عن المواد المسرطنة والمعادن الثقيلة.

ووفق دراسة لمرصد الاستشعار عن بُعد، فإن الحرب في اليمن أثرت بشكل عميق على إدارة النفايات الصلبة، مما أدى إلى زيادة الإغراق والمخاطر على البيئة والصحة العامة، وقالت الدراسة إنه يتم استخدم الأقمار الاصطناعية في تحديد مواقع الإغراق، وبالتالي المساعدة في إيجاد التدابير العلاجية وسياسات إدارة النفايات.

إحراق النفايات في اليمن يؤدي إلى إطلاق الغازات فضلاً عن المواد المسرطنة (إعلام محلي)

وأوضح المرصد أنه رغم تراجع حدة الصراع الذي دام قرابة عقد من الزمان في اليمن، فإن البلاد لا تزال بعيدة عن السلام، إذ احتلت في بداية الصراع بالفعل المرتبة 160 من أصل 177 على مؤشر التنمية البشرية، مما عزز مكانتها بوصفها واحدة من أكثر دول العالم فقراً.

وأثناء الصراع أشار المرصد إلى نشوء عديد من تحديات إدارة النفايات، ما أدى إلى انتشار مواقع الإغراق غير الرسمية وتفاقم المخاطر البيئية والصحية، كما أدت الحرب إلى إجهاد الموارد الاقتصادية، وتعطيل البنية التحتية للنفايات، وتحويل الانتباه بعيداً عن إدارتها.

وأكدت الدراسة أن مواقع النفايات غير الرسمية المليئة بالنفايات الخطرة تسبب تلوث الهواء أثناء إحراقها، ما يؤدي إلى إطلاق غازات مثل ثاني أكسيد الكبريت، فضلاً عن المواد المسرطنة والمعادن الثقيلة، ورجحت أن يكون تفشي الكوليرا في اليمن عام 2016، الذي أسفر عن وفاة 3000 شخص، مرتبطاً بالنفايات الطبية غير المعالجة التي تلوث المجاري المائية.

100 حريق سنوياً

وأوضح المرصد أنه استعمل الأقمار الاصطناعية لتحديد ومراقبة مثل هذه المواقع باستخدام نظام معلومات الحرائق التابع لوكالة «ناسا»، وكشف عن تسجيل 1350 حريقاً بين أكتوبر (تشرين الأول) 2014، وأكتوبر2023، وقال إن هذه الحرائق تتركز في المناطق الحضرية على طول السواحل الغربية والجنوبية المكتظة بالسكان في اليمن.

ووفق ما جاء في دراسة المرصد فإن الصور أظهرت أن غالبية الحرائق وقعت في عامي 2019 و2021، حيث وقعت 215 و226 ​​حادثة على التوالي، بينما شهدت الفترة بين 2014 و2016 عدداً أقل من الحرائق، حيث سُجل 17 حريقاً فقط في عام 2016، لكن المرصد نبه إلى أنه على الرغم من انخفاض وتيرة الحرائق في عامي 2022 و2023، فإن كلا العامين لا يزالان يسجلان أكثر من 100 حريق سنوياً.

نظام إدارة النفايات المتدهور يسبب ضرراً كبيراً على البيئة والسكان في اليمن (إعلام محلي)

وبحسب البيانات فإن مواقع هذه النفايات كانت حول المدن الكبرى، إذ كان لدى كل من صنعاء والحديدة مكبّان جديدان للنفايات، كما ظهر معظم النفايات حول مدينة عدن؛ التي شهدت انخفاضاً كبيراً في معدلات جمع النفايات، وهو ما يفسر انتشار المكبات غير الرسمية.

ومع ذلك أكدت الدراسة أن ظهور مكبات النفايات غير الرسمية الجديدة لم يكن متأثراً بما إذا كانت المنطقة خاضعة لسيطرة الحوثيين أو الحكومة، كما أن قربها من مكبات النفايات الرسمية لم يمنع تشكلها، كما يتضح من حالات في عدن والمكلا.

ضرر على البيئة

نبهت دراسة مرصد الاستشعار عن بُعد، أن نظام إدارة النفايات المتدهور في اليمن يسبب ضرراً كبيراً على البيئة والسكان، ذلك أن لها تأثيرات على البيئية والمناخية، خصوصاً في ميناء «رأس عيسى» النفطي على البحر وصنعاء.

ففي «رأس عيسى» أوردت الدراسة أن ممارسات الإلقاء غير السليمة بالقرب من الساحل تساهم بشكل كبير في تلوث المياه البحرية والجوفية، كما يتسرب السائل الناتج عن تراكم النفايات إلى التربة ويصل إلى المياه الساحلية، مما يؤدي إلى تعطيل النظم البيئية البحرية وتعريض الأنواع للخطر.

وتقول الدراسة إن المواد البلاستيكية تتحلل من هذه المكبات إلى جزيئات بلاستيكية دقيقة، تبتلعها الكائنات البحرية وتتراكم بيولوجياً من خلال سلسلة الغذاء، أما في صنعاء، فتساهم مكبات النفايات في تغير المناخ بشكل كبير، ويرجع ذلك في المقام الأول إلى انبعاثات غاز الميثان؛ لأنه مع تحلل النفايات العضوية بشكل لا هوائي، يتم إطلاق الغاز مما يؤدي إلى تفاقم ظاهرة الاحتباس الحراري والتلوث الجوي المحلي.

مسؤولة في اللجنة الدولية للصليب الأحمر الدولي تتفقد مكب القمامة غربي صنعاء (الصليب الأحمر)

وطالب المرصد باستراتيجية شاملة للتخفيف من هذه التأثيرات، بما في ذلك أنظمة التقاط غاز مكبات النفايات واستخدامه لتحويل الميثان إلى طاقة، وممارسات تحويل النفايات مثل التسميد وإعادة التدوير للحد من النفايات العضوية.

ولكنه رأى أن الصراع المستمر في اليمن غالباً ما يهمش جهود حماية البيئة، مما يجعل من الصعب معالجة هذه القضايا الحرجة بشكل فعال.

وأعاد مرصد الاستشعار عن بُعد التذكير بأن تحديد المخاطر البيئية الفعلية على الناس والنظم البيئية أمر مستحيل باستخدام هذه الأساليب وحدها. وقال إن تحديد المواقع «ليس سوى جزء صغير من الحل». وأكد أن معالجة إدارة النفايات الصلبة ستظل معقدة طالما بقي الوضع السياسي في اليمن على حاله.