شاشة الناقد

مطاردة المقاومين الكوريين في «عصر الظلال»
مطاردة المقاومين الكوريين في «عصر الظلال»
TT

شاشة الناقد

مطاردة المقاومين الكوريين في «عصر الظلال»
مطاردة المقاومين الكوريين في «عصر الظلال»

- الفيلم: The Age of Shadows
- إخراج: كيم جي - وون
- أكشن، مغامرات | كوريا
- تقييم: (****)
في السنوات العشر الأخيرة تكاثرت عدد الأفلام الكورية والصينية التي تتناول موضوع احتلال اليابان لأراضيهما خلال الحرب العالمية الثانية. هذا الفيلم يعود لما قبل تلك الحرب ليصور فترة احتلال أخرى، من ناحية، وليدمج الموضوع بحبكة جاسوسية مثيرة كحكاية ومثيرة كأحداث.
من مطلعه وحتى نهايته بعد 140 دقيقة، يوفر الفيلم ضروبًا جديدة في فن تصميم حركات القتال ويكشف عن حقائق حول عشرينات القرن الماضي لم يكن يعرفها سوى من لا يزال حيًا من أهل البلدين أو من دوّنها في سجلات ووثائق. لكن هذه الحقائق لا ترد هنا بصفتها دليل الهاتف، بل تستفيد من رغبة المخرج كيم جي - وون، العائد إلى الإخراج بعد ثلاث سنوات من الغياب، إنجاز شروط الفيلم التشويقي والحركي القائم على المغامرة الجاسوسية.
يبدأ الفيلم بمحاصرة رجل اسمه جان - أوك (بارك هي سون) مطلوب من البوليس الياباني؛ كونه أحد قادة المقاومين الكوريين ضد الاحتلال. لنحو خمس دقائق، نتابع الرجل وهو ينفذ من فخ ليدخل آخر ثم ينطلق هأربا فوق أسطح المنازل وفي الأزقة عبر سلسلة من التصاميم الإخراجية المتسارعة واللافتة. في النهاية يصاب جان - أوك في أصبع قدمه فيزيل أصبعه ثم يطلق النار على نفسه منتحرًا.
من البداية إذًا، هناك ذلك التناقض بين الممكن والمحتمل وبين المحتمل والغريب، لكن الفيلم يوظف كل ذلك في طيات بحثه عن الجديد والمثير ولا يأبه لتفسير منطقي بقدر ما يهتم بتوريد مشهد غريب أو غير متوقع. حسب الفيلم أيضًا فإنه من حقائق التاريخ أن تجار السلاح آنذاك كانوا مجريين، وأنهم كانوا يمدون الثوار الكوريين بما يرغبونه من سلاح لقاء ما يطلبونه هم من ثمن. مهمّـة الكابتن جونك - سكول (سونغ كانغ - هو) هي القضاء على هذه التجارة وإلقاء القبض على الثوار الكوريين. مهمّـة صعبة لوجهتين: الأولى أن عليها أن تكون صعبة لكي يوفر الفيلم فصولاً من التشويق والحركة، والثانية لأن الكابتن جونك - سكول هو كوري بدوره، ولو أنه اختار التعاون مع القيادة اليابانية.
لا يوفر المخرج جيم - وون سبيلاً لتقديم أحداث مثيرة إلا وعمد إليها. هناك مشاهد مطاردات ومشاهد تحريات ومشاهد درامية من المواجهات. هناك مطاردات على الأرض وفوق السطوح وفي القطارات. والعنف ليس بعيد المنال بالنسبة لهذا الفيلم ولو أنه لا يثير الانزعاج بقدر ما يثير غرابة الموقف.
كل هذا ضمن إنتاج يضمن مشاهد لا تحصى منضبطة تحت قبضة مخرج يعرف ما يريد وكيف يصل إليه. وفي وقت تزداد نجاحات الأفلام الكورية تجاريًا حول العالم (تم عرض هذا الفيلم سينمائيًا في صالات الولايات المتحدة) فإن «عصر الأشباح» هو خير دعاية لها، ومن أكثرها إثارة للشغف.

لا يستحق:(*)
وسط: (**)
جيد: (***)
ممتاز: (****)
تحفة: (*****)



هوليوود ترغب في صحافيين أقل بالمهرجانات

جوني دَب خلال تصوير فيلمه الجديد (مودي بيكتشرز)
جوني دَب خلال تصوير فيلمه الجديد (مودي بيكتشرز)
TT

هوليوود ترغب في صحافيين أقل بالمهرجانات

جوني دَب خلال تصوير فيلمه الجديد (مودي بيكتشرز)
جوني دَب خلال تصوير فيلمه الجديد (مودي بيكتشرز)

عاش نقادُ وصحافيو السينما المنتمون «لجمعية هوليوود للصحافة الأجنبية» (كنت من بينهم لقرابة 20 سنة) نعمة دامت لأكثر من 40 عاماً، منذ تأسيسها تحديداً في السنوات الممتدة من التسعينات وحتى بُعيد منتصف العشرية الثانية من العقد الحالي؛ خلال هذه الفترة تمتع المنتمون إليها بمزايا لم تتوفّر لأي جمعية أو مؤسسة صحافية أخرى.

لقاءات صحافية مع الممثلين والمنتجين والمخرجين طوال العام (بمعدل 3-4 مقابلات في الأسبوع).

هذه المقابلات كانت تتم بسهولة يُحسد عليها الأعضاء: شركات التوزيع والإنتاج تدعو المنتسبين إلى القيام بها. ما على الأعضاء الراغبين سوى الموافقة وتسجيل حضورهم إلكترونياً.

هذا إلى جانب دعوات لحضور تصوير الأفلام الكبيرة التي كانت متاحة أيضاً، كذلك حضور الجمعية الحفلات في أفضل وأغلى الفنادق، وحضور عروض الأفلام التي بدورها كانت توازي عدد اللقاءات.

عبر خطّة وُضعت ونُفّذت بنجاح، أُغلقت هذه الفوائد الجمّة وحُوّلت الجائزة السنوية التي كانت الجمعية تمنحها باسم «غولدن غلوبز» لمؤسسة تجارية لها مصالح مختلفة. اليوم لا تمثّل «جمعية هوليوود للصحافة الأجنبية» إلّا قدراً محدوداً من نشاطاتها السابقة بعدما فُكّكت وخلعت أضراسها.

نيكول كيدمان في لقطة من «بايبي غيرل» (24A)

مفاجأة هوليوودية

ما حدث للجمعية يبدو اليوم تمهيداً لقطع العلاقة الفعلية بين السينمائيين والإعلام على نحو شائع. بعضنا نجا من حالة اللامبالاة لتوفير المقابلات بسبب معرفة سابقة ووطيدة مع المؤسسات الإعلامية المكلّفة بإدارة هذه المقابلات، لكن معظم الآخرين باتوا يشهدون تقليداً جديداً انطلق من مهرجان «ڤينيسيا» العام الحالي وامتد ليشمل مهرجانات أخرى.

فخلال إقامة مهرجان «ڤينيسيا» في الشهر التاسع من العام الحالي، فُوجئ عدد كبير من الصحافيين برفض مَنحِهم المقابلات التي اعتادوا القيام بها في رحاب هذه المناسبة. أُبلغوا باللجوء إلى المؤتمرات الصحافية الرّسمية علماً بأن هذه لا تمنح الصحافيين أي ميزة شخصية ولا تمنح الصحافي ميزة مهنية ما. هذا ما ترك الصحافيين في حالة غضب وإحباط.

تبلور هذا الموقف عندما حضرت أنجلينا جولي المهرجان الإيطالي تبعاً لعرض أحد فيلمين جديدين لها العام الحالي، هو «ماريا» والآخر هو («Without Blood» الذي أخرجته وأنتجته وشهد عرضه الأول في مهرجان «تورونتو» هذه السنة). غالبية طلبات الصحافة لمقابلاتها رُفضت بالمطلق ومن دون الكشف عن سبب حقيقي واحد (قيل لبعضهم إن الممثلة ممتنعة لكن لاحقاً تبيّن أن ذلك ليس صحيحاً).

دانيال غريغ في «كوير» (24A)

الأمر نفسه حدث مع دانيال كريغ الذي طار من مهرجان لآخر هذا العام دعماً لفيلمه الجديد «Queer». بدءاً بـ«ڤينيسيا»، حيث أقيم العرض العالمي الأول لهذا الفيلم. وجد الراغبون في مقابلة كريغ الباب موصداً أمامهم من دون سبب مقبول. كما تكرر الوضع نفسه عند عرض فيلم «Babygirl» من بطولة نيكول كيدمان حيث اضطر معظم الصحافيين للاكتفاء بنقل ما صرّحت به في الندوة التي أقيمت لها.

لكن الحقيقة في هذه المسألة هي أن شركات الإنتاج والتوزيع هي التي طلبت من مندوبيها المسؤولين عن تنظيم العلاقة مع الإعلاميين ورفض منح غالبية الصحافيين أي مقابلات مع نجوم أفلامهم في موقف غير واضح بعد، ولو أن مسألة تحديد النفقات قد تكون أحد الأسباب.

نتيجة ذلك وجّه نحو 50 صحافياً رسالة احتجاج لمدير مهرجان «ڤينيسيا» ألبرتو باربيرا الذي أصدر بياناً قال فيه إنه على اتصال مع شركات هوليوود لحلّ هذه الأزمة. وكذلك كانت ردّة فعل عدد آخر من مديري المهرجانات الأوروبية الذين يَرون أن حصول الصحافيين على المقابلات حقٌ مكتسب وضروري للمهرجان نفسه.

لا تمثّل «جمعية هوليوود للصحافة الأجنبية» إلّا قدراً محدوداً من نشاطاتها السابقة

امتعاض

ما بدأ في «ڤينيسيا» تكرّر، بعد نحو شهر، في مهرجان «سان سيباستيان» عندما حضر الممثل جوني دَب المهرجان الإسباني لترويج فيلمه الجديد (Modi‪:‬ Three Days on the Wings of Madness) «مودي: ثلاثة أيام على جناح الجنون»، حيث حُدّد عدد الصحافيين الذين يستطيعون إجراء مقابلات منفردة، كما قُلّصت مدّة المقابلة بحدود 10 دقائق كحد أقصى هي بالكاد تكفي للخروج بحديث يستحق النشر.

نتيجة القرار هذه دفعت عدداً من الصحافيين للخروج من قاعة المؤتمرات الصحافية حال دخول جوني دَب في رسالة واضحة للشركة المنتجة. بعض الأنباء التي وردت من هناك أن الممثل تساءل ممتعضاً عن السبب في وقت هو في حاجة ماسة لترويج فيلمه الذي أخرجه.

مديرو المهرجانات يَنفون مسؤولياتهم عن هذا الوضع ويتواصلون حالياً مع هوليوود لحل المسألة. الاختبار المقبل هو مهرجان «برلين» الذي سيُقام في الشهر الثاني من 2025.

المديرة الجديدة للمهرجان، تريشيا تاتل تؤيد الصحافيين في موقفهم. تقول في اتصال مع مجلة «سكرين» البريطانية: «الصحافيون مهمّون جداً لمهرجان برلين. هم عادة شغوفو سينما يغطون عدداً كبيراً من الأفلام».

يحدث كل ذلك في وقت تعرّضت فيه الصحافة الورقية شرقاً وغرباً، التي كانت المساحة المفضّلة للنشاطات الثقافية كافة، إلى حالة غريبة مفادها كثرة المواقع الإلكترونية وقلّة عدد تلك ذات الاهتمامات الثقافية ومن يعمل على تغطيتها. في السابق، على سبيل المثال، كان الصحافيون السّاعون لإجراء المقابلات أقل عدداً من صحافيي المواقع السريعة الحاليين الذين يجرون وراء المقابلات نفسها في مواقع أغلبها ليس ذا قيمة.

الحل المناسب، كما يرى بعض مسؤولي هوليوود اليوم، هو في تحديد عدد الصحافيين المشتركين في المهرجانات. أمر لن ترضى به تلك المهرجانات لاعتمادها عليهم لترويج نشاطاتها المختلفة.