البرلمان الليبي يطالب بتعديل اتفاق الصخيرات بعد تراجع الأمم المتحدة

ميليشيات الغويل تخوض معارك ضد ميليشيات السراج في طرابلس

جندي ليبي يقف عند مدخل مدينة طرابلس التي شهدت معارك عنيفة بين الميليشيات المتناحرة على السلطة أمس (أ.ف.ب)
جندي ليبي يقف عند مدخل مدينة طرابلس التي شهدت معارك عنيفة بين الميليشيات المتناحرة على السلطة أمس (أ.ف.ب)
TT

البرلمان الليبي يطالب بتعديل اتفاق الصخيرات بعد تراجع الأمم المتحدة

جندي ليبي يقف عند مدخل مدينة طرابلس التي شهدت معارك عنيفة بين الميليشيات المتناحرة على السلطة أمس (أ.ف.ب)
جندي ليبي يقف عند مدخل مدينة طرابلس التي شهدت معارك عنيفة بين الميليشيات المتناحرة على السلطة أمس (أ.ف.ب)

فيما شهدت العاصمة الليبية طرابلس اشتباكات عنيفة مجددا بين الميليشيات المتناحرة على السلطة، طلب رئيس البرلمان الليبي، المستشار عقيلة صالح، من الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس تعديل اتفاق الصخيرات، الذي تم توقعيه نهاية العام قبل الماضي في مدينة الصخيرات المغربية برعاية أممية، بما في ذلك الفقرات المتعلقة بوضع المشير خليفة حفتر، القائد العام للجيش الوطني الليبي الموالي للبرلمان المعترف به دوليا.
واندلعت اشتباكات عنيفة في حي الهضبة بجنوب العاصمة طرابلس، مساء أول من أمس، بين ميليشيات مسلحة بعد خلاف حول السيطرة على أحد المباني. وقالت مصادر أمنية إن الاشتباكات وقعت بين ميليشيات موالية لحكومة الإنقاذ الوطني، التابعة لبرلمان طرابلس برئاسة خليفة الغويل في مواجهة ميليشيات مسلحة أخرى، تابعة لحكومة السراج، مشيرة إلى أن معارك شوارع جرت بين قوة الردع والتدخل المشتركة، وقوة تابعة للمجلس العسكري لمدينة مصراتة.
واستمرت أمس حالة التوتر بين الطرفين بعد المعارك التي شهدت استخدام صواريخ ومدافع الهاون، في إطار محاولة ميليشيات الغويل السيطرة على مقرات حكومية ووزارات تابعة لحكومة السراج. وأعلنت حكومة الغويل عن تشكيل ميليشيات جديدة باسم «الحرس الوطني»، زعمت أنها تستهدف تحقيق الاستقرار والتعاون مع المؤسسات الأمنية كافة لتحقيق أهدافها، إضافة إلى مكافحة تنظيم داعش المتشدد.
وفى إطار الصراع على السلطة سياسيا في طرابلس، أعلن عبد الرحمن السويحلي، رئيس المجلس الأعلى للدولة، غير المعترف به دوليا، طرد نوري أبو سهمين، رئيس برلمان طرابلس من عضوية المجلس، وتعيين عضو آخر مكانه، إضافة إلى تعيين ثلاثة أعضاء آخرين.
وقال المكتب الإعلامي للسويحلي: إنه أصدر قرار طرد أبو سهمين بناء على النظام الداخلي للمجلس الأعلى للدولة، ووفقًا لقوائم الانتخابات التي أجريت عام 2012.
من جهة أخرى، اقترح رئيس البرلمان الليبي، عقيلة صالح، في رسالة خطية إلى الأمين العام للأمم المتحدة، تعديل بنود المادة الثامنة من اتفاق الصخيرات، ومراجعة وتعديل الفقرة المتعلقة بمهام القائد الأعلى للجيش الليبي، معتبرا أنه ينبغي معالجة هذه المادة من الأحكام الإضافية من الاتفاق السياسي؛ حفاظًا على استمرارية الجيش، وتحرره من النفوذ السياسي.
كما دعا إلى إعادة النظر في تشكيلة مجلس الدولة، بحيث تضم أعضاء المؤتمر الوطني العام (البرلمان) السابق، وإعادة هيكلة المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني المقترحة ليضم ثلاثة أعضاء فقط. وقال صالح في رسالته «لن نكون معارضين لاتفاق الصخيرات في حال إدخال بعض التعديلات على فقراته، مع إضافة بعض الملاحق له بغرض إنهاء الانقسام الحالي في البلاد، والوصول إلى مصالحة حقيقية من دون إقصاء أو تهميش لأحد؛ تحقيقًا للمصالحة الوطنية».
وجاء الكشف عن رسالة صالح في وقت لوّحت فيه الأمم المتحدة للمرة الأولى رسميا إلى إمكانية أن تؤدي المفاوضات، الرامية إلى تفعيل حكومة الوفاق الوطني، إلى نتيجة في الأسابيع المقبلة، خصوصا بالنسبة إلى قوات المشير خليفة حفتر في شرق البلاد.
وبدا أن هناك توافقا متناميا في ليبيا والمجتمع الدولي على دعم إجراء تغيير على تركيبة قيادة الحكومة، التي يقودها فائز السراج من العاصمة الليبية طرابلس، وتحظى بدعم من الأمم المتحدة. وفي هذا السياق، قال مارتن كوبلر، رئيس البعثة الأممية ليبيا، عقب إفادة أمام مجلس الأمن في مقر الأمم المتحدة بنيويورك «لقد فتحنا الطريق أمام تعديل محدود على الاتفاق السياسي الليبي، لكن يجب أن يكون ذلك في إطار عملية ليبية يقودها الليبيون».
وأعلن مجلس الأمن في ختام الاجتماع، أنه «يتفهم القلق المتزايد لدى الليبيين الذين يرغبون في اتفاق سياسي أكثر شمولية»، حسب السفير الأوكراني فولوديمير يلشنكو، الذي يترأس المجلس خلال شهر شباط (فبراير (شباط) الحالي.
من جهتها، دعمت بريطانيا قيام حكومة موسعة، حيث قال مساعد السفير البريطاني، بيتر ويلسون «إننا في حاجة إلى حكومة كاملة بالفعل تضم الفاعلين الأساسيين كافة في ليبيا، ونحتاج إليها؛ لأنها السبيل الوحيد لإعادة الاستقرار» إلى البلاد.
من جهته، أبلغ العقيد أحمد المسماري، الناطق الرسمي باسم الجيش الوطني الليبي، «الشرق الأوسط»، أن طائرات سلاح الجو التابعة للجيش شنت فجر أمس ما وصفه بـ«غارات جوية قوية» على تمركزات تنظيم القاعدة الإرهابي بقاعدة الجفرة. وقال المسماري إن «الضربات كانت محكمة... وتأتي في مرحلة تدمير وشل حركة العدو قبيل المعركة مع القوات البرية».
وأوضح المسماري، أن المعركة التي تخوضها حاليا قوات الجيش ضد فلول الجماعات الإرهابية المحاصرة في مدينة بنغازي بشرق البلاد، تعتبر منتهية لصالح الجيش، وقال: إن منطقتي قنفودة والقوارشة كانتا قلعتَي الإرهابيين، لكنهما أصبحتا الآن من المناطق المدنية التي يحميها الجيش.
ورفض المسماري توقيع السراج مع الجانب الإيطالي على اتفاقية لمكافحة الهجرة غير المشروعة، معتبرا أن هذا يؤدي إلى جريمة منظمة لجلب مجتمع آخر مختلف تماما أخلاقيا وأمنيا، وقال بهذا الخصوص «لسنا ملزمين بتطبيق اتفاقية من خارج البرلمان الشرعي... وهناك مؤامرة تحاك على الوطن من جهات سياسية لمصالحهم الشخصية»، مشيرا إلى أنه تم إنشاء ركن حرس الحدود للحد من الهجرة غير الشرعية، وإيطاليا تخالف القوانين، على حد قوله.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.