توتر أمني في العاصمة الليبية بعد اقتراب ميليشيات من مصراتة

البرلمان يرفض اتفاق السراج مع إيطاليا حول الهجرة غير الشرعية

توتر أمني في العاصمة الليبية بعد اقتراب ميليشيات من مصراتة
TT

توتر أمني في العاصمة الليبية بعد اقتراب ميليشيات من مصراتة

توتر أمني في العاصمة الليبية بعد اقتراب ميليشيات من مصراتة

سادت العاصمة الليبية طرابلس، أمس، حالة من التوتر والتقرب، بعد رصد تحركات ميليشيات موالية لحكومة الإنقاذ الوطني، التي يترأسها خليفة الغويل، بدت وكأنها تمهد للسيطرة على مقرات حكومية جديدة تابعة لحكومة غريمه فائز السراج المدعوم من بعثة الأمم المتحدة.
وتحدث شهود عيان ومصادر أمنية في طرابلس لـ«الشرق الأوسط» عن انتشار مسلحين، يُعتقد أنهم موالون للغويل، قرب بعض المقرات الحكومية التابعة لحكومة السراج في قلب طرابلس. وتزامنت هذه المعلومات مع اقتراب موكب يضم أكثر من 200 عربة كانت تحمل مقاتلين وأسلحة من مصراتة في غرب البلاد إلى طرابلس. وقال مصدر أمني إن الميليشيات التي باتت على مشارف طرابلس تحمل شعار الحرس الوطني، مشيرًا إلى أنها كانت على ما يبدو في طريقها لإعادة التمركز داخل طرابلس خلال الساعات المقبلة، تحسبًا لاندلاع مواجهات عسكرية جديدة بين الميليشيات المتنازعة على السلطة منذ نحو عامين في المدينة.
وتوجد في طرابلس حكومة الغويل الموالية للمؤتمر الوطني العام (البرلمان) المنتهية ولايته، بالإضافة إلى حكومة السراج التي تحظى بدعم دولي وبتأييد بعض الميلشيات المسلحة، لكنها لا تفرض سيطرتها بشكل كامل على جميع الميليشيات الموجودة في العاصمة.
من جهته، أعلن مجلس النواب الليبي أمس المعترف به دوليًا، رفضه لمذكرة التفاهم التي وقَّع عليها الخميس الماضي فائز السراج، رئيس حكومة الوفاق الوطني، مع رئيس الوزراء الإيطالي باولو جينتلوني في روما حول مكافحة الهجرة غير الشرعية، واعتبرها أمرًا «باطلاً».
وقال مجلس النواب في بيان أصدره إن المجلس الرئاسي، ورئيسه السراج، لا يحمل أي صفة قانونية في دولة ليبيا، وفقًا للإعلان الدستوري، معتبرًا أن قضية مهمة، مثل قضية الهجرة غير الشرعية، تُعدّ من القضايا المصيرية المرتبطة بقرار من الشعب الليبي، من خلال نوابه، الذين انتخبهم عبر صندوق الانتخاب ديمقراطيًا، وليس وفقًا لمصالح فرد أو أفراد لم ينالوا ثقة مجلس النواب، باعتباره السلطة الشرعية، ولا يخول لهم القانون ذلك.
كما انتقد المجلس إيطاليا، التي اعتبر أنها تحاول أن تزيح عن كاهلها الأعباء والمشكلات الخطيرة المترتبة عن الهجرة غير الشرعية، أمنيًا واقتصاديًا واجتماعيًا، مقابل قليل من الدعم المادي الملزمة به إيطاليا للحد من أعداد المهاجرين غير الشرعيين، الذي يقدم لليبيا حتى دون وجود هذه المذكرة.
وأضاف المجلس أنه وفقًا للإعلان الدستوري والأحكام الصادرة من القضاء الليبي بشأن بطلان المجلس الرئاسي المقترح، وحكومته وقراراته، وجميع ما يصدر عنه، يعلن مجلس النواب الليبي أن هذه المذكرة باطلة وغير ملزمة لمجلس النواب ودولة ليبيا، ولا يترتب عليها أي التزام مادي أو قانوني أو أخلاقي في الحاضر أو في المستقبل.
وانتقد عدد كبير من السياسيين الليبيين الاتفاق الموقع في روما لأنه ينص على إعادة المهاجرين إلى ليبيا، لكن السراج نفى أن يكون قد وافق على مثل هذا الإجراء.
وتتعرض خطط الأوروبيين لوقف تدفق المهاجرين عبر البحر لانتقادات منظمات دولية غير حكومية تخشى تعرضهم لسوء المعاملة في ليبيا، علما بأن معظم المراكب المحملة بالمهاجرين تنطلق من غرب البلاد باتجاه إيطاليا، حيث يستفيد المهربون والمهاجرون من الفوضى السائدة في هذا البلد منذ سقوط نظام معمر القذافي في 2011.
في غضون ذلك، أصدرت بريطانيا إشارات غَزَل للمرة الأولى تجاه الجيش الوطني، الذي يقوده المشير خليفة حفتر، حيث أشاد سفيرها لدى ليبيا بيتر ميليت بشجاعة أحد الجنود قبل مقتله على يد تنظيم داعش في مدينة بنغازي بالمنطقة الشرقية.
وقال ميليت، الذي يزور القاهرة لإجراء محادثات مع مسؤولين مصريين تتعلق بالأزمة الليبية، في تغريدة له عبر موقع «تويتر»: «هزتني بقوة قصة البطل سليمان، الجندي الليبي الشجاع الذي تحدى آسريه (الدواعش) في بنغازي».
وكان وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون قد دعا على هامش اجتماعات وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي في العاصمة البلجيكية بروكسل أخيرًا، إلى البناء على الاتفاق السياسي المبرم نهاية العام قبل الماضي في منتجع الصخيرات بالمغرب بين الفرقاء الليبيين، لخلق ما وصفه بشراكة حقيقية بين شرق وغرب ليبيا، تشمل حفتر، على حد تعبيره.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.