الجيش اليمني يفرض سيطرته على المخا.. والميليشيات تفر إلى المناطق المجاورة

تدمير 3 ألوية للانقلابيين.. و«أباتشي» التحالف حسمت المعركة

الجيش اليمني يفرض سيطرته على المخا.. والميليشيات تفر إلى المناطق المجاورة
TT

الجيش اليمني يفرض سيطرته على المخا.. والميليشيات تفر إلى المناطق المجاورة

الجيش اليمني يفرض سيطرته على المخا.. والميليشيات تفر إلى المناطق المجاورة

سيطرت قوات الجيش الوطني اليمني مدعومة بالمقاومة الجنوبية وبدعم عسكري كبير من قوات التحالف، مساء أمس، على مدينة المخا التاريخية ومينائها الاستراتيجي على ساحل البحر الأحمر، حسبما أبلغ «الشرق الأوسط» مصدر عسكري يمني رفيع، الذي أكد أن تحرير هذه المدينة يأتي في سياق عملية «الرمح الذهبي» التي يشرف عليها الرئيس عبد ربه منصور هادي بنفسه، الهادفة إلى تحرير السواحل الغربية للبلاد، في إطار تحرير جميع الأراضي التي تخضع لسيطرة الانقلابيين.
وقال شهود عيان لـ«الشرق الأوسط» إن مدرعات الجيش الوطني انتشرت في كل أرجاء المدينة، وقامت بتأمينها، وأنها منعت المواطنين من الاحتفال مؤقتًا بالنصر الكبير، وطالبتهم بأن يلزموا منازلهم حتى يتم التحقق عما إذا كان هناك بعض الجيوب أو القناصة. وذكرت مصادر خاصة لـ«الشرق الأوسط» أن العشرات من عناصر ميليشيات الحوثي وصالح وقعوا في قبضة الجيش الوطني، بينما فر آخرون باتجاه المناطق المجاورة.
وجاء تمشيط المدينة ودحر الميليشيات في أعقاب تدخل قوي ومباشر من قوات التحالف بالطيران الجوي ومروحيات «أباتشي»، الأمر الذي ساعد على دحر الانقلابيين وتحقيق النصر الكامل.
ووفقًا للمصادر العسكرية، فقد نجح الجيش الوطني اليمني في تدمير 3 ألوية وأخرى مما تسمى «كتائب الموت» التابعة لميليشيات الحوثي وصالح في المدينة الساحلية. وبتحرير المخا، وبذلك يكون الجيش اليمني اقترب أكثر من تحرير الشريط الساحلي على البحر الأحمر، وحرمان الانقلابيين من المنافذ البحرية بشكل كامل، وفقًا للواء أحمد سيف نائب رئيس هيئة الأركان في القوات المسلحة اليمنية، الذي قال إن فرض السيطرة على المخا يعني عسكريًا الضربة قبل القاضية للانقلابيين، إذ سيتقدم الجيش خلال الأيام المقبلة من اتجاه المخا، يقابله تقدم من اتجاه ميدي، ويصبح من خلالها على مشارف الحديدة، وبذلك يحرم الانقلابيين من مياه البحر الأحمر، واستخدام الموانئ في دعمه.
وأضاف اللواء سيف في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن عملية تحرير الشواطئ الغربية للبحر الأحمر، تأتي بعد أن تمادى الانقلابيون في استخدام هذه الشواطئ في عملية تهريب السلاح، الذي يصل من إيران وبعض الجزر الأفريقية، التي تعد محطة لهذه الأسلحة التي تنتقل إلى المخا.
ولفت إلى أن الانقلابيين عمدوا في هذه الشواطئ إلى تهديد سفن الملاحة الدولية كما حصل عند ضرب السفينة الإماراتية، وتهديد السفينة الأميركية في المياه الإقليمية، وكان لا بد من وقف هذه التجاوزات وتحرير الشريط الساحلي، ووفقًا لهذه المعطيات تم التخطيط لعملية تحرير الشواطئ الغربية إلى ميناء المخا واستعادته.
وعن الخطة العسكرية التي وضعت لتحرير مدينة المخا ومينائها، قال اللواء سيف: «الجيش اليمني عمد إلى تنفيذ الخطة العسكرية الكلاسيكية، التي سبقها حشد القوات بالتعاون مع المقاومة الجنوبية، والدفع بهذه القوات إلى الحد الأمامي الذي تنتشر فيه الميليشيات، ثم عمد الجيش اليمني إلى الالتفاف والتطويق وتدمير قوات العدو في جبهة (ذباب) وبالتالي وقعت معظم القوة العسكرية الموالية للانقلابيين في الأسر، ومنهم من فر من أرض المعركة وتحديدا في اللواء 170 دفاع جوي، وبعد هذه العملية تقدم الجيش نحو المدينة، وتمكن من تطويقها وتدمير اللواء حرس جمهوري 102 في المخا، الذي جلب به من صنعاء لمواجهة الجيش»، مشيرًا إلى أن طيران التحالف العربي الذي تقوده السعودية لعب دورًا محوريًا في ضرب أهداف رئيسية للميليشيات، إضافة إلى الدعم المدفعي المباشر من قوات التحالف.
وذكر أن بعض جيوب الانقلابيين المنتشرة في ميناء المخا عمدت إلى وضع أسلحة قرب خزانات الوقود ومحطة الكهرباء، ونشر قناصين على المباني المرتفعة، مع استخدام المدنيين دروعًا بشرية في مدينة المخا، وكان الانقلابيون يعولون على تقدم الجيش نحو تلك المواقع، إلا أن الجيش تعامل مع الموقف بخبرته الطويلة في مثل هذه المواجهات، ورغم أن الوقت كان مهمًا لتقدم الجيش، إلا أنه ارتأى تطويق تلك الأماكن واختيار التوقيت المناسب للهجوم الذي تم ظهر أمس، وجرى تطهير المدينة بشكل كامل، والمزارع المجاورة للمدينة.
ولم يفصح نائب رئيس هيئة الأركان، عن عدد الألوية التي شاركت في تحرير المخا لدواعٍ عسكرية، إلا أنه قال إن تحرير المدينة استغرق 3 أيام من العمليات المتواصلة، سبقها 7 أيام منذ خروج الجيش إلى خط «الحديدة، المخا»، ثم إلى طريق «تعز، المخا»، وعمدت القوات إلى قطع الطريق في هذا الاتجاه، وبالتالي أصبحت المخا مطوقةً، الأمر الذي ساعد في دخول الجيش وتطهير المدينة بالكامل.
وأضاف أن فرق نزع الألغام باشرت على الفور عملها، في الأماكن التي عمدت الميليشيات إلى زرع ألغام فيها مثل الميادين الرئيسية في المدينة، وأمام الميناء، وفي مؤسسات الدولة.
وتطرق إلى أن الجيش نجح في تدمير اللواء 17 مشاة التابع للانقلابيين، واللواء حرس جمهوري 102، واللواء 170 أرض سطح، إضافة إلى تدمير 3 كتائب ميليشيا حوثية تعرف بـ«كتائب الموت»، معتبرًا أن هذه الانتصارات تدل على ضعف القوة العسكرية والقتالية لدى الانقلابيين.
وعن خطة تأمين المدينة، قال اللواء سيف: «الخطة تعتمد على 3 محاور رئيسية، تشمل قطع الطريق بين (الحديدة، المخا) وعدم السماح بوصول أي عناصر للمدينة، فيما يعتمد المحور الثاني على نشر دوريات بالتعاون مع المقاومة الشعبية الموجودة في المعسكرات والجيش الوطني لملاحقة بقايا المتمردين في المزارع، إضافة إلى وضع خطة عسكرية من البحر لمنع نشر أي زوارق مفخخة يمكن استخدامها لتدمير أي مواقع حيوية في الميناء».



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.