تصعيد عسكري ضد الميليشيات في تهامة... وحملة اختطاف للانقلابيين في 6 مديريات بالحديدة

الجيش يفشل محاولة تسلل في منطقة الضباب... والتحالف يستهدف الحوثيين في الوازعية

مجموعة من الحوثيين مع أنصارهم يحرقون دمية لطائرة أميركية وسط صنعاء متهمين الولايات المتحدة بالتدخل في اليمن (رويترز)
مجموعة من الحوثيين مع أنصارهم يحرقون دمية لطائرة أميركية وسط صنعاء متهمين الولايات المتحدة بالتدخل في اليمن (رويترز)
TT

تصعيد عسكري ضد الميليشيات في تهامة... وحملة اختطاف للانقلابيين في 6 مديريات بالحديدة

مجموعة من الحوثيين مع أنصارهم يحرقون دمية لطائرة أميركية وسط صنعاء متهمين الولايات المتحدة بالتدخل في اليمن (رويترز)
مجموعة من الحوثيين مع أنصارهم يحرقون دمية لطائرة أميركية وسط صنعاء متهمين الولايات المتحدة بالتدخل في اليمن (رويترز)

تكبدت ميليشيات الحوثي وصالح الانقلابية في مختلف المحافظات اليمنية التي تشهد مواجهات وعمليات تطهير للميليشيات الانقلابية من قبل الجيش اليمني، المدعوم من قبل التحالف العربي الذي تقوده السعودية، الخسائر البشرية الكبيرة في الأرواح والعتاد.
ففي جبهة الحديدة الساحلية، غرب اليمن، حيث ثاني أكبر ميناء في اليمن بعد ميناء عدن، التي تستعد قوات الجيش اليمني لتطهيرها من الميليشيات الانقلابية بعد استكمال تطهير ميدي وحرض، الحدودية مع المملكة العربية السعودية، بشكل كامل، تواصل القوات الموالية للجيش اليمني استهداف دوريات ونقاط عسكرية وتجمعات تتبع ميليشيات الحوثي وصالح الانقلابية في مناطق متفرقة من إقليم تهامة.
وتركزت الهجمات على الميلشيات الانقلابية في مدينة الحديدة الساحلية، عاصمة الإقليم، حيث قالت مصادر عسكرية لـ«الشرق الأوسط» إن «الميلشيات الانقلابية تتكبد يوميا الخسائر البشرية والمادية جراء استهدافهم من قبل القوات الموالية للحكومة في مدينة الحديدة، واستهدفت، أمس، دورية عسكرية كان على متنها ثلاثة من الانقلابين في شارع المواصلات، سقط على إثرها قتيل واثنان من الجرحى، إضافة إلى استهداف آخر بقنبلة يدوية لسيارة تتبع الميلشيات، كان على متنها أربعة من الميلشيات في شارع المعدل، مديرية الحوك، وأسفر الهجوم عن سقوط قتلى وجرحى منهم».
كما شنت القوات هجوما بالرصاص الحي من سلاح شخص على سيارة هايلوكس كان على متنها اثنان من الميليشيات الانقلابية في شارع الأربعين، وقتل أحدهما بينما أصيب آخر، وشنت هجوما مثله على مسلحين آخرين على متن سيارة في شارع صنعاء بالقرب من مبنى الجوازات، أصيب من فيها، أحدهم وصفت إصابته بالخطيرة.
ولم تكتف ميليشيات الحوثي وصالح بتضييق الخناق على الأهالي وارتكاب الانتهاكات اليومية بحق المواطنين، فقد أفاد شهود عيان لـ«الشرق الأوسط»، بأن «ميليشيات الحوثي وصالح الانقلابية شنت حملة اختطافات واسعة النطاق في مختلف مديريات محافظة الحديدة، وبشكل مكثف في مديريات: الخوخة واللحية وزبيد وبيت الفقيه والتحيتا وباجل، خلال الـ24 ساعة الماضية، من خلال مداهمات منازل المواطنين والاعتقالات من الطرقات، على خلفية اتهامهم بالتواصل مع قوات الجيش اليمني أو الاشتباه فيهم».
إلى ذلك، يستمر طيران التحالف في دعمه الجوي من خلال شن غاراته المركزة والمباشرة على الأهداف العسكرية والمواقع ومخازن أسلحة الميليشيات الانقلابية في مختلف مناطق إقليم تهامة، بما فيها غارات على مواقع للميلشيات في باب الناقة بمديرية باجل التابعة لمحافظة باجل، وغارات أخرى استهدفت معسكرا تدريبيا في منطقة كيلو 16 المدخل الشرقي لمدينة الحديدة.
كما شنت طائرات التحالف غاراته على مواقع وتجمعات للميليشيات الانقلابية شمال مديرية التحيتا وفي مديرية زبيد، وشوهد عشرات من الميلشيات تهرع بسيارات الإسعاف لإنقاذ عناصرها.
ومن جانبها، أعلنت المنطقة العسكرية الخامسة، تمكن مدفعية الجيش اليمني من تدمير عربة بي إم بي تابعة للميليشيات الانقلابية وسط مدينة ميدي، إضافة إلى تدمير طيران التحالف عربة وطقما عسكريا يتبع الميليشيات الانقلابية، ومواقع وتجمعات للميليشيات في مدينة ميدي.
وفي المحويت، التابعة لإقليم تهامة، التي يضم فيها الإقليم (الحديدة وريمة والمحويت وحجة وعاصمته الحديدة)، باشرت الميليشيات الانقلابية عملية حصار على قرية رئيس حزب التجمع اليمني للإصلاح في مدينة المحويت، حمود علي أحمد الحربي، الذي قتل خلال معارك جبهة ميدي ضد الميليشيات الانقلابية، ومنعت إقامة العزاء.
وقال شهود عيان إنهم شاهدوا خمسة أطقم عسكرية محملة بعناصر الميلشيات والسلاح على أطراف القرية تنتظر التوجيهات لاقتحام القرية وشن حملة اعتقال للمواطنين ممن تشتبه بهم أو المنتمين لحزب التجمع اليمني للإصلاح.
وفي جبهة تعز المشتعلة، حيث حققت قوات الجيش تقدما كبيرا في مختلف الجهات وتقترب من تطهير الشريط الساحلي لليمن بعد تطهيرها للساحل الغربي لتعز، بدعم من مقاتلات التحالف وطيران الأباتشي التابعة للتحالف العربي، أجبرت قوات الجيش اليمني ميليشيات الحوثي وصالح الانقلابية على التراجع والفرار من عدد من المواقع التي تشهد مواجهات في مختلف الجبهات بمحافظة تعز، بما فيها محيط أحياء المديهين المكلل، جنوب شرقي المدينة، والضباب، غربا، بعد معارك عنيفة اندلعت لساعات بين الجيش اليمني والميلشيات الانقلابية في محاولة من هذه الأخيرة التقدم واستعادة مواقع تم طردهم منها.
وقصفت الميلشيات الانقلابية منازل الأهالي في أحياء تعز الشرقية وفي الضباب والخمسين والربيعي، غربا، سقط على إثر ذلك جرحى من المدنيين، إضافة إلى قصف عنيف طال مديرية المعافر.
إلى ذلك، شنت طائرات التحالف العربي، غاراتها على مناطق متفرقة من محافظة تعز، وكبدت الميليشيات الانقلابية الخسائر البشرية والكبيرة. وتركزت الغارات العنيفة على مواقع وأهداف عسكرية تتبع ميليشيات الحوثي وصالح الانقلابية في منطقة الشقيراء ومفرق الوازعية، غرب المدينة.
في المقابل، دعت اللجنة التحضيرية لفعاليات فبراير (شباط) في محافظة تعز، جميع القوى السياسية والتكتلات الشبابية إلى إحياء الذكرى السادسة لثورة فبراير.
وقال بيان صادر عن اللجنة، حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه: «ستة أعوام مروا على بداية تاريخ اليمن الحديث، حيث انطلاقة ثورة فبراير المجيدة من مدينة تعز، منذ أطلق اليمنيون أصوات إرادتهم وحناجرهم (الشعب يريد إسقاط النظام) وخرجوا بالملايين لإسقاط نظام تسبب في تذيل اليمن ركب العالم».
وأضافت: «أتت الذكرى السادسة لثورة فبراير اليوم وهي لا تزال مستمرة هادرة، ويجب أن تستمر حتى الوصول لمبتغاها ونحقق أحلامنا وأهدافنا التي ما زالت في الانتظار، وندعو كل القوى السياسية والتكتلات الشبابية والمكونات للاحتفال بها ومنحها الزخم الذي يليق بها من خلال الفعاليات التي تعزز لدى أبناء شعبنا النضال والصمود الذي يحقق النصر الكبير ويوصلنا نحو كل الأحلام والتطلعات التي ناضل من أجلها اليمنيون».



أوضاع متردية يعيشها الطلبة في معاقل الحوثيين

طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
TT

أوضاع متردية يعيشها الطلبة في معاقل الحوثيين

طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)

قدَّم تقرير أممي حديث عن أوضاع التعليم في مديرية رازح اليمنية التابعة لمحافظة صعدة؛ حيثُ المعقل الرئيسي للحوثيين شمالي اليمن، صورة بائسة حول الوضع الذي يعيش فيه مئات من الطلاب وهم يقاومون من أجل الاستمرار في التعليم، من دون مبانٍ ولا تجهيزات مدرسية، بينما يستخدم الحوثيون كل عائدات الدولة لخدمة قادتهم ومقاتليهم.

ففي أعماق الجبال المرتفعة في المديرية، لا يزال الأطفال في المجتمعات الصغيرة يواجهون التأثير طويل الأمد للصراعات المتكررة في المحافظة، والتي بدأت منتصف عام 2004 بإعلان الحوثيين التمرد على السلطة المركزية؛ إذ استمر حتى عام 2010، ومن بعده فجَّروا الحرب الأخيرة التي لا تزال قائمة حتى الآن.

الطلاب اليمنيون يساعدون أسرهم في المزارع وجلب المياه من بعيد (الأمم المتحدة)

وفي المنطقة التي لا يمكن الوصول إليها إلا من خلال رحلة برية تستغرق ما يقرب من 7 ساعات من مدينة صعدة (مركز المحافظة)، تظل عمليات تسليم المساعدات والوصول إلى الخدمات الأساسية محدودة، وفقاً لتقرير حديث وزعته منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف)؛ إذ بينت المنظمة فيه كيف يتحمل الأطفال بشكل خاص وطأة الفرص التعليمية المحدودة، والمرافق المدرسية المدمرة.

مدرسة من دون سقف

وأورد التقرير الأممي مدرسة «الهادي» في رازح باعتبارها «مثالاً صارخاً» لتلك الأوضاع، والتي لا تزال تخدم مئات الطلاب على الرغم من الدمار الذي تعرضت له أثناء المواجهات بين القوات الحكومية والحوثيين، أثناء التمرد على السلطة المركزية؛ حيث تُركت هياكل خرسانية من دون سقف أو جدران.

ويؤكد مدير المدرسة -وفق تقرير «اليونيسيف»- أنها منذ أن أصيبت ظلت على هذه الحال، من ذلك الوقت وحتى الآن. ويقول إنهم كانوا يأملون أن يتم بناء هذه المدرسة من أجل مستقبل أفضل للطلاب، ولكن دون جدوى؛ مشيراً إلى أن بعض الطلاب تركوا الدراسة أو توقفوا عن التعليم تماماً.

مدرسة دُمّرت قبل 15 سنة أثناء تمرد الحوثيين على السلطة المركزية (الأمم المتحدة)

ويجلس الطلاب على أرضيات خرسانية من دون طاولات أو كراسي أو حتى سبورة، ويؤدون الامتحانات على الأرض التي غالباً ما تكون مبللة بالمطر. كما تتدلى الأعمدة المكسورة والأسلاك المكشوفة على الهيكل الهش، مما يثير مخاوف من الانهيار.

وينقل التقرير عن أحد الطلاب في الصف الثامن قوله إنهم معرضون للشمس والبرد والمطر، والأوساخ والحجارة في كل مكان.

ويشرح الطالب كيف أنه عندما تسقط الأمطار الغزيرة يتوقفون عن الدراسة. ويذكر أن والديه يشعران بالقلق عليه حتى يعود إلى المنزل، خشية سقوط أحد الأعمدة في المدرسة.

ويقع هذا التجمع السكاني في منطقة جبلية في حي مركز مديرية رازح أقصى غربي محافظة صعدة، ولديه مصادر محدودة لكسب الرزق؛ حيث تعمل أغلب الأسر القريبة من المدرسة في الزراعة أو الرعي. والأطفال -بمن فيهم الطلاب- يشاركون عائلاتهم العمل، أو يقضون ساعات في جلب المياه من بعيد، بسبب نقص مصادر المياه الآمنة والمستدامة القريبة، وهو ما يشكل عبئاً إضافياً على الطلاب.

تأثير عميق

حسب التقرير الأممي، فإنه على الرغم من التحديات والمخاوف المتعلقة بالسلامة، يأتي نحو 500 طالب إلى المدرسة كل يوم، ويحافظون على رغبتهم القوية في الدراسة، في حين حاول الآباء وأفراد المجتمع تحسين ظروف المدرسة، بإضافة كتل خرسانية في أحد الفصول الدراسية، ومع ذلك، فإن الدمار هائل لدرجة أن هناك حاجة إلى دعم أكثر شمولاً، لتجديد بيئة التعلم وإنشاء مساحة مواتية وآمنة.

واحد من كل 4 أطفال يمنيين في سن التعليم خارج المدرسة (الأمم المتحدة)

ويشير تقرير «يونيسيف»، إلى أن للصراع وانهيار أنظمة التعليم تأثيراً عميقاً على بيئة التعلم للأطفال في اليمن؛ حيث تضررت 2426 مدرسة جزئياً أو كلياً، أو لم تعد تعمل، مع وجود واحد من كل أربعة طلاب في سن التعليم لا يذهبون إلى المدرسة، كما يضطر الذين يستطيعون الذهاب للمدرسة إلى التعامل مع المرافق غير المجهزة والمعلمين المثقلين بالأعباء، والذين غالباً لا يتلقون رواتبهم بشكل منتظم.

وتدعم المنظمة الأممية إعادة تأهيل وبناء 891 مدرسة في مختلف أنحاء اليمن، كما تقدم حوافز لأكثر من 39 ألف معلم لمواصلة تقديم التعليم الجيد، ونبهت إلى أنه من أجل ترميم أو بناء بيئة مدرسية أكثر أماناً للأطفال، هناك حاجة إلى مزيد من الموارد.