أسعار المنازل القديمة في السعودية تدخل دورة جديدة من الانخفاض

عقاريون: تشكل عبئًا على حركة المؤشر العقاري

انخفاض الطلب على العقارات في السعودية بشكل عام أثر على أسعار المنازل القديمة (تصوير: خالد الخميس)
انخفاض الطلب على العقارات في السعودية بشكل عام أثر على أسعار المنازل القديمة (تصوير: خالد الخميس)
TT

أسعار المنازل القديمة في السعودية تدخل دورة جديدة من الانخفاض

انخفاض الطلب على العقارات في السعودية بشكل عام أثر على أسعار المنازل القديمة (تصوير: خالد الخميس)
انخفاض الطلب على العقارات في السعودية بشكل عام أثر على أسعار المنازل القديمة (تصوير: خالد الخميس)

انعكس انخفاض الطلب على العقارات في السعودية بشكل عام، على المنازل القديمة التي تعد الحلقة الأضعف في الحركة العقارية؛ إذ بات الإقبال عليها محدودًا، مما أسهم في دخولها دورة جديدة من انخفاض الأسعار.
وأوضح عدد من العقاريين لـ«الشرق الأوسط»، أن تراكمات عدة أعاقت حركة بيع وشراء المنازل القديمة، أهمها أسعارها المرتفعة، ومساحاتها الواسعة، ووقوعها في أحياء عادةً ما تكون ذات كثافة سكانية عالية، فيما أكد آخرون أن تصاميمها لم تعد مناسبة للحياة العصرية، كما أن العائد الاستثماري منها غير مجدٍ، إضافة إلى أن شروط التمويل للشراء بالآجل قد تقف عائقًا أمام حركتها.
وذكر راشد التميمي، المدير العام لشركة «مستقبل الإعمار» العقارية القابضة، أن «المنازل القديمة تعرف عالميًا باسم (الكلاسيكية) أو التقليدية المبنية على الطراز القديم، وهي ذات طلب وسعر مرتفع على المستوى الدولي، إلا أن هذا الأمر لا يشمل العقار المحلي؛ إذ لا يزال الطلب عليها منخفضًا إلى حد كبير»، عازيًا ذلك إلى «ارتفاع أسعار العقار بشكل عام، وهو ما جعل سعر القديم منها مقاربًا للجديد، بل إن بعضها يزيد على الجديد بفارق المساحات وأماكن البناء»، لافتًا إلى أن «بعضها تزيد مساحته على 800 متر؛ وهو ما لا توفره المنازل الجديدة».
وأضاف أن الإقبال على البيوت القديمة «ضعيف جدًا» بالنسبة للمتجهين لقطاع الاستثمار، «نظرًا لقلة جذبها وارتفاع تكاليف ترميمها، مما جعل أسعارها تنخفض بنسبة 15 في المائة مقارنة بقيمتها خلال السنوات الثلاث الماضية، خصوصًا بعد تفعيل وانتشار التمويلات العقارية التي باتت مسيطرة في حركة القطاع العقاري بفروعه كافة».
وتتبنى معظم جهات تمويل العقار، وعلى رأسها البنوك، سياسة التركيز على المنازل الجديدة والابتعاد عن القديمة عبر اشتراط مدة معينة لعمر العقار، وهو الأمر الذي أسهم في تجمد حركة العقارات القديمة التي أصبحت مقتصرة على من يمتلك قيمة المنزل نقدًا، كما أن معظم الراغبين في التملك يتجهون إلى شراء المنازل الجديدة، وهو الأمر الذي أسهم في كساد القديمة التي أصبحت تشكل عبئًا على الحركة العقارية بشكل عام وجعلها تتذيل الخيارات العقارية.
وأشار مشعل الغامدي، الذي يدير شركة «العقار المثالي» للاستثمارات العقارية، إلى أن السوق تسجل انخفاضًا كبيرًا في حركة بيع المنازل القديمة، «لأن النظام القديم في البناء أصبح من الماضي وغير مناسب للحياة العصرية». وتابع: «المتطلبات الحالية للمساكن تختلف عمّا كان دارجًا خلال العقود الماضية، خصوصًا التي بنيت قبل عقدين من الزمان، وأصبح أسلوب الحياة فيها قديمًا إلى حد كبير»، موضحًا أن نقص الإقبال عليها أدى لانخفاض أسعارها، «إلا أنها لم تصل إلى الحد الذي يحفّز المستهلك على شرائها».
وحول المميزات التي قد تجذب بعض المشترين للقديمة على حساب الجديدة، أوضح الغامدي أن القديمة رغم مرور الدهر عليها، فإن الجميع يتفق على أن بنيتها التحتية أفضل بكثير عن البنايات الجديدة التي بني معظمها بطريقة «تجارية» غير عملية، لافتًا إلى أن المنازل القديمة لا تزال شريحة تفضلها حتى الآن، إلا أنهم قلة وفي تناقص.
يذكر أن القطاع العقاري المحلي شهد تطورًا كبيرًا خلال السنتين الأخيرتين، عبر سن القوانين التي فرضت واقعًا جديدًا، خصوصًا مع دخول الحكومة في عملية توفير المنازل للمواطنين عبر مشاريع غير ربحية، وهو ما ألقى بظلاله على تقييد حركة التضخم وحصرها في أضيق نطاق. ويرى بعض العقاريين أن المنازل القديمة تعد من القطاعات التي تضررت من ذلك.
وفي السياق ذاته، عدّ عبد الله البواردي، الذي يمتلك شركة «الالتزام» للأعمال العقارية، أن ارتفاع أسعار مواد البناء، الذي يصب بشكل مباشر في تكاليف عمليات الترميم، أثر بشكل كبير على حركة المنازل العتيقة، «حيث أصبح من المكلف جدًا إعادة ترميم المنازل، خصوصًا أن معظمها ذو مساحات شاسعة تحتاج إلى مئات آلاف الريالات من أجل إعادتها لحالتها الأصلية، وهو ما جعل منها خيارًا غير مرغوب بالنسبة للمشترين الذين يرون أن عملية الترميم أصبحت مكلفة إلى حد كبير... وهو ما يرجح كفة الجديد على حساب القديم».
وأضاف أن «نسبة كبيرة من الراغبين في تملك المساكن يبتاعونها عن طريق التمويل والسداد بالآجل، وهو ما ترفضه الجهات التمويلية التي تشترط اشتراطات صارمة في حال كان المنزل مستخدمًا ومبنيًا على الطراز القديم، وهو الأمر الأكثر تأثيرا في قلة الطلب عليها»، مشيرًا إلى أن «كثرة المشكلات التي تعتري المنازل القديمة في مجال التملك ونقل الملكية من الأمور الإضافية التي أسهمت في ضعف الحركة وتباطؤ عملية نقل الملكية والإفراغ، نظرًا لارتباط نسبة كبيرة منها بورثة أو بعدد من الشركاء، أو حتى ارتباط بعضها بالعائلة الكبيرة، وهو الأمر الذي يدخل المشتري في دوامة من الانتظار وفصل القضاء عند الخلاف بين البائعين والملاك».



«كوفيد ـ 19» يوقف إجراءات تسليم المساكن في السودان

ينتظر أن ينطلق برنامج التوعية والتثقيف بالسكن الرأسي لرفع الوعي بهذا النوع من البناء
ينتظر أن ينطلق برنامج التوعية والتثقيف بالسكن الرأسي لرفع الوعي بهذا النوع من البناء
TT

«كوفيد ـ 19» يوقف إجراءات تسليم المساكن في السودان

ينتظر أن ينطلق برنامج التوعية والتثقيف بالسكن الرأسي لرفع الوعي بهذا النوع من البناء
ينتظر أن ينطلق برنامج التوعية والتثقيف بالسكن الرأسي لرفع الوعي بهذا النوع من البناء

في وقت تجري فيه الاستعدادات لعقد اجتماع بين الصندوق القومي للإسكان ووزارة المالية والتخطيط الاقتصادي وبنك السودان، لبحث سبل توفير تمويل لمشروعات الإسكان للمواطنين عبر قروض طويلة الأجل، ألغت الحكومة أول من أمس، وأوقفت، إجراءات تسليم المساكن للموطنين والتقديم لها، خوفاً من حدوث إصابات بـ«كورونا»، أثناء الاصطفاف للتقديم والتسلم.
وكان الصندوق القومي للإسكان قد طرح مباني سكنية جاهزة للمواطنين في معظم المناطق الطرفية بالعاصمة الخرطوم، وبقية الولايات، وذلك ضمن مشروع السودان لتوفير المأوى للمواطنين، الذي سيبدأ بـ100 ألف وحدة سكنية لذوي الدخل المحدود. وقد بدأ المشروع بفئة العمال في القطاعات الحكومية في جميع ولايات السودان العام الماضي، بواقع 5 آلاف منزل للمرحلة الأولى، تسدد بالتقسيط على مدى 7 سنوات. ويتضمن مشروع إسكان عمال السودان 40 مدينة سكنية في جميع مدن البلاد، لصالح محدودي الدخل، ويستفيد من المشروع في عامه الأول أكثر من مليونين.
وقد أقام المواطنون مواقع أمام مقر الصندوق القومي للإسكان، وباتوا يتجمعون يومياً بأعداد كبيرة، ما سبب إزعاجاً لدى إدارة الصندوق والشارع العام، وذلك بعد قرار سياسي من والي ولاية الخرطوم، لدعوة المواطنين للتقديم للحصول على سكن شعبي.
ووفقاً للدكتور عبد الرحمن الطيب أيوبيه الأمين العام المكلف للصندوق القومي للإسكان والتعمير في السودان لـ«الشرق الأوسط» حول دواعي إصدار قرار بوقف إجراءات التسليم والتقديم للإسكان الشعبي، وعما إذا كان «كورونا» هو السبب، أوضح أن تلك التجمعات تسببت في زحام شديد، حيث نصب المتقدمون للوحدات السكنية خياماً أمام مقر الصندوق في شارع الجمهورية، بعد قرار الوالي في وقت سابق من العام الماضي بدعوة المواطنين للتقديم. وظلت تلك التجمعات مصدر إزعاج وإرباك للسلطات، ولم تتعامل معهم إدارة الصندوق، إلى أن جاء قرار الوالي الأخير بمنع هذه التجمعات خوفاً من عدوى «كورونا» الذي ينشط في الزحام.
وبين أيوبيه أن الخطة الإسكانية لا تحتاج لتجمعات أمام مباني الجهات المختصة، حيث هناك ترتيبات وإجراءات للتقديم والتسلم تتم عبر منافذ صناديق الإسكان في البلاد، وعندما تكون هناك وحدات جاهزة للتسليم يتم الإعلان عنها عبر الصحف اليومية، موضحاً أن كل ولاية لديها مكاتب إدارية في كل ولايات السودان، وتتبع الإجراءات نفسها المعمول بها في العاصمة.
ولم يخفِ أيوبيه أزمة السكن في البلاد، والفجوة في المساكن والوحدات السكنية، والمقدرة بنحو مليوني وحدة سكنية في ولاية الخرطوم فقط، لكنه أشار إلى أن لديهم خطة مدروسة لإنشاء 40 ألف مدينة سكنية، تم الفراغ من نسبة عالية في العاصمة الخرطوم، بجانب 10 آلاف وحدة سكنية.
وقال إن هذه المشاريع الإسكانية ستغطي فجوة كبيرة في السكن الشعبي والاقتصادي في البلاد، موضحاً أن العقبة أمام تنفيذها هو التمويل، لكنها كمشاريع جاهزة للتنفيذ والتطبيق، مشيراً إلى أن لديهم جهوداً محلية ودولية لتوفير التمويل لهذه المشاريع.
وقال إن اجتماعاً سيتم بين الصندوق القومي للإسكان وبنك السودان المركزي ووزارة المالية والتخطيط الاقتصادي، لتوفير الضمانات بالنسبة للتمويل الخارجي واعتماد مبالغ للإسكان من الاحتياطي القانوني للمصارف المحلية.
وأكد الدكتور عبد الرحمن على أهمية التنسيق والتعاون المشترك بين الجهات المعنية لإنفاذ المشروع القومي للمأوى، وتوفير السكن للشرائح المستهدفة، مجدداً أن أبواب السودان مشرعة للاستثمار في مجال الإسكان. وأشار إلى أن الصندوق القومي للإسكان سيشارك في معرض أكسبو في دبي في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، وذلك بجناح يعرض فيه الفرص الاستثمارية في السكن والوحدات السكنية في السودان، وسيتم عرض كل الفرص الجاهزة والمتاحة في العاصمة والولايات.
وقال إن هناك آثاراً متوقعة من قرار رفع العقوبات الاقتصادية الأميركية على البلاد، ومن المتوقع أن يسهم كثيرا في إنعاش سوق العقارات واستقطاب رؤوس أموال لصالح التوسع في مشروعات الإسكان. وأبان أن الصندوق استطاع خلال السنوات الماضية إحداث جسور للتعاون مع دول ومنظمات واتحادات ومؤسسات مختلفة، وحالت العقوبات دون استثمارها بالشكل المطلوب، مشيرا إلى أن جهودهم ستتواصل للاستفادة من الخبرات والموارد المالية المتاحة عبر القروض والمنح والاستثمارات.
وأكمل الصندوق القومي للإسكان في السودان تحديد المواقع والدراسات لمشروع المأوى القومي ومنازل العمال، حيث ستشيد المنازل بأنماط مختلفة من السكن الاقتصادي، الشعبي، الاستثماري، الريفي، والمنتج، بتمويل من البنوك العاملة في البلاد، وفق خطة الصندوق.
وقد طرحت إدارة الصندوق عطاءات منذ بداية العام الجاري لتنفيذ مدن سكنية، كما دعت المستثمرين إلى الدخول في شراكات للاستثمار العقاري بالولايات لتوفير المأوى للشرائح المستهدفة، إلا أن التمويل وقف عثرة أمام تلك المشاريع.
وطرح الصندوق القومي للإسكان في ولاية الخرطوم أن يطرح حالياً نحو 10 آلاف وحدة سكنية لمحدودي الدخل والفئويين والمهنيين في مدن العاصمة الثلاث، كما يطرح العديد من الفرص المتاحة في مجال الإسكان والتطوير العقاري، حيث تم الانتهاء من تجهيز 5 آلاف شقة و15 ألفا للسكن الاقتصادي في مدن الخرطوم الثلاث.
وتم تزويد تلك المساكن بخدمات الكهرباء والطرق والمدارس وبعض المرافق الأخرى، بهدف تسهيل وتوفير تكلفة البناء للأسرة، حيث تتصاعد أسعار مواد البناء في البلاد بشكل جنوني تماشياً مع الارتفاع الذي يشهده الدولار مقابل الجنيه السوداني والأوضاع الاقتصادية المتردية التي تمر بها البلاد حالياً.
يذكر أن الصندوق القومي للإسكان لديه خطة لتوسيع قاعدة السكن لمحدودي الدخل، عبر الإسكان الرأسي، الذي يتكون من مجمعات سكنية، كل مجمع يضم بناية من 7 أدوار، ويتكون الطابق من 10 شقق سكنية، بمساحات من 180 إلى 300 متر مربع.
ويتوقع الصندوق أن يجد مشروع الإسكان الرأسي والشقق، رواجاً وإقبالاً في أوساط السودانيين محدودي الدخل، خاصة أنه أقل تكلفة وأصبح كثير من السودانيين يفضلونه على السكن الأفقي، الأمر الذي دفع الصندوق لتنفيذ برامج إعلامية لرفع مستوى وعي وثقافة المواطنين للتعامل مع السكن الجماعي والتعاون فيما بينهم.
ووفقاً لمسؤول في الصندوق القومي للإسكان فإن برنامج التوعية والتثقيف بالسكن الرأسي، يتضمن كيفية المحافظة على خدمات البناية، ورفع وعيهم بهذا النوع من البناء، حتى تتحول الخرطوم إلى عاصمة حضارية وجاذبة. وأضاف المصدر أن برنامج التوعية بالسكن في الشقق ودوره في تقليل تكلفة السكن، سيتولاه فريق من اتحاد مراكز الخدمات الصحافية، الذي يضم جميع وسائل الإعلام المحلية، مما سيوسع قاعدة انتشار الحملات الإعلامية للسكن الرأسي.
تغير ثقافة المواطن السوداني من السكن التقليدي (الحوش) إلى مساحات صغيرة مغلقة لا تطل على الشارع أو الجيران، ليس أمرا هينا. وبين أن خطوة الصندوق الحالية للاعتماد على السكن الرأسي مهمة لأنها تزيل كثيرا من المفاهيم المغلوطة عن السكن في الشقق السكنية.
يذكر أن الصندوق القومي للإسكان عام 2018 بدأ بالتعاون مع شركة هيتكو البريطانية للاستثمار، لتنفيذ مشروع الإسكان الفئوي الرأسي، الذي يستهدف بناء 50 ألف وحدة سكنية بالعاصمة الخرطوم، وكذلك مشروع لبناء أكبر مسجد في السودان، بمساحة 5 كيلومترات، وبناء 3 آلاف شقة ومحلات تجارية.