«البنتاغون» يؤكد التزام واشنطن بحماية منطقة باب المندب

شدد على تضامن أميركا مع حلفائها ضد أي عدوان

«البنتاغون» يؤكد التزام واشنطن بحماية منطقة باب المندب
TT

«البنتاغون» يؤكد التزام واشنطن بحماية منطقة باب المندب

«البنتاغون» يؤكد التزام واشنطن بحماية منطقة باب المندب

أكد مصدر مسؤول في البنتاغون، لـ«الشرق الأوسط»، أن الولايات المتحدة الأميركية تقف مع حلفائها ضد أي اعتداء يواجههم، وذلك على خلفية الاعتداء الذي استهدف فرقاطة سعودية في أثناء عمل الفرقاطة بمراقبة دورية لغرب ميناء الحديدة في اليمن، مما أسفر عن «استشهاد» وإصابة عدد من أفراد طاقم السفينة.
وأفاد المصدر بأن الولايات المتحدة الأميركية ملتزمة بعملية التدفق الحر للتجارة في منطقة باب المندب، وجميع مناطق العالم، إذ إن الفرقاطة السعودية التي تعرضت لهجوم إرهابي من قبل ميليشيات الحوثي المسلحة، كانت تقوم بدوريات في السواحل المحيطة باليمن لحماية المياه الإقليمية للمملكة واليمن، بالإضافة إلى ضمان وسلامة خطوط الملاحة الدولية في مضيق باب المندب الاستراتيجي.
وشدد المصدر على أن البحرية الأميركية تقف متحدة مع شركائها (في إشارة إلى السعودية) ضد أي عدوان أو هجوم في أي مكان بالعالم، مضيفًا: «إن البحرية الأميركية تقف متحدة مع شركائها المتحالفة معهم، كما أن القوات البحرية شريكة ضد أي محاولة لعرقلة نشاط بحري قانوني».
ويأتي رد الفعل الأميركي بعد أن هددت الإدارة الأميركية الجديدة على كل أصعدتها بزيادة العقوبات على إيران التي تدعم ميليشيات الحوثي المسلحة، مؤكدة أن العبث الإيراني والميليشيات التي تدعمها ستواجه حزمًا أميركيًا مختلفًا عن الإدارة السابقة.
ويعود تاريخ الهجوم الإرهابي الذي استهدف الفرقاطة السعودية إلى بداية الشهر الحالي، فبراير (شباط)، إذ اعتدت ميليشيا الحوثي المسلحة في اليمن على الفرقاطة في الجزء الخلفي منها بزورق حوثي أثناء قيامها بدورية مراقبة، جنوب البحر الأحمر، مما أسفر عن اندلاع النار فيها، واستشهاد وإصابة عدد من طاقمها، إلا أنه بحسب التصريحات العسكرية لقائد السفينة السعودية، تم احتواء الأضرار، وواصلت الفرقاطة مهام دورياتها.
وعبّر رئيس هيئة الأركان العامة عن فخر واعتزاز رجال القوات المسلحة السعودية بالمشاركة في العمليات العسكرية في تحالف دعم الشرعية في اليمن، من خلال كل أفرعها، ومنها الفرقاطة التي تعرضت لهجوم إرهابي أثناء قيامها بدوريات في السواحل المحيطة باليمن لحماية المياه الإقليمية للمملكة واليمن، بالإضافة إلى ضمان وسلامة خطوط الملاحة الدولية في مضيق باب المندب الاستراتيجي.
وقال الفريق أول ركن عبد الرحمن البنيان، رئيس هيئة الأركان العامة السعودية، إن مثل هذا الحادث لن يثني قوات تحالف دعم الشرعية في اليمن عن مواصلة عملياتها العسكرية حتى تحقيق هدفها الرئيسي في مساعدة الشعب اليمني والحكومة الشرعية في استعادة الدولة، وحماية مقدراتها، من الميليشيات الحوثية الانقلابية.
يذكر أن وزارة الخارجية اليمنية أكدت، في بيان نقلته وكالة الأنباء اليمنية، أن استهداف الفرقاطة السعودية استهداف لأمن سواحلها، ووصول المساعدات الإنسانية إلى الميناء، مشددة على أنه يعد تهديدًا سافرًا وغير مسبوق للملاحة الدولية، في الوقت الذي أدانت فيه بأشد العبارات عملية استهداف مبنى التنسيق والتهدئة، التابع للأمم المتحدة، في ظهران الجنوب بالسعودية، من قبل ميليشيا الحوثي وصالح الانقلابية.
ونوّهت بأن الحادث يكشف النيات الواضحة للانقلابيين، المتمثلة في رفضهم أي مساع نحو السلام، كما أنه على المجتمع الدولي تذكر هذين الحادثين اللذين اعتبرتهما «مجرد رقم بسيط أمام ما ترتكبه الميليشيات الانقلابية بشكل يومي بحق المدنيين المسالمين في مختلف المدن اليمنية».
وأضافت: «إن الميليشيات الحوثية، ومن تحالف معها، لا يلتزمون بأي اتفاقات، ولا يحترمون أي مواثيق أو قوانين دولية، وينبغي العمل بحزم لإخضاعهم لتنفيذ القرارات الدولية، ومنع وصول الأسلحة المهربة إليهم».
وأكد مجلس الوزراء السعودي أمس أن الحادث الذي تعرضت له الفرقاطة السعودية من قبل ميليشيا الحوثي وصالح الانقلابية لن يثني قوات تحالف دعم الشرعية في اليمن عن مواصلة عملياتها العسكرية حتى تحقيق هدفها الرئيسي ومساعدة الشعب اليمني والحكومة الشرعية في استعادة الدولة وحماية مقدراتها من الميليشيات الانقلابية.
وأضاف المجلس أن ما تعرضت له الفرقاطة السعودية أثناء قيامها بدورية مراقبة غرب ميناء الحديدة من هجوم إرهابي من قبل زوارق انتحارية تابعة لميليشيا الحوثي وصالح الانقلابية واستشهاد اثنين وإصابة ثلاثة من أفراد طاقمها يعد تطورا خطيرا يهدد الملاحة الدولية في البحر الأحمر ويؤثر على تدفق المساعدات الإنسانية والطبية للميناء والمواطنين اليمنيين.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.