أجهزة المساعدة الصوتية تغزو العالم

من السهل تخيل مستقبل يصاحبك فيه مساعدك الشخصي الافتراضي في كل مكان تذهب إليه. وقبل مرور وقت طويل من الآن، سيكون «أليكسا» و«سيري» و«غوغل هوم» وغيرها من نظم المساعدة الصوتية قد أصبحت بالفعل جزءًا من المنظومة الأساسية لمنزلك، بحيث تتولى تلبية مختلف احتياجاتك.
على سبيل المثال، إذا رغبت في تناول كوب من الحليب، يمكنك إصدار أمر بذلك إلى جهاز التبريد. وإذا كنتَ قد نسيتَ إغلاق باب مرأب السيارة، يمكنك إصدار أمر بذلك عبر الميكروفون المثبت بمقدمة السيارة. وإذا كنت ترغب في طلب وجبة غذاء لتناولها فور انتهاء مشاركتك في سباق ماراثون، فإن باستطاعتك إصدار أمر بشراء ما ترغبه حتى من قبل اجتيازك خط نهاية السباق من خلال توجيه الأمر من خلال الساعة الذكية التي ترتديها.
* أجهزة ناطقة
في الواقع، فإن هذا التصور ليس بالغرابة التي قد يبدو عليها، خصوصًا بالنظر إلى أن «أليكسا» الموجودة في جهاز «إيكو» الذي طورته «أمازون» أصبح في كل مكان بالفعل؛ في هاتفك، وغرفة الفندق، وبمختلف أرجاء منزلك، بل وحتى في السيارة. ومنذ فتح «أمازون» الباب أمام تطوير «أليكسا»، أقدمت أعداد لا حصر لها من الشركات على دمج الأوامر الصوتية البسيطة في منتجاتها. ومع ذلك، لا يزال هذا العالم المرتبط يبدو بعيدًا بعض الشيء عن كثيرين. والواضح أن التحدي القائم هنا لا يرتبط بصناعة الأجهزة ذاتها، وإنما في خلق تجارب مستمرة ومتسقة أمام المستخدمين مع انتشار هذه الأجهزة. في الواقع، هذا الأمر ليس بالمستحيل، لكن من الواضح أنه سيستغرق بعض الوقت. ويقول الخبراء إن العامين المقبلين سيشهدان طرح كثير من الأجهزة الناطقة في الأسواق. واللافت أنه حتى هذه اللحظة لم يجرِ تدوين القواعد الحاكمة لكيفية تفاعل المستخدم مع جميع هذه الأجهزة المتصلة بشبكة الإنترنت، وكيف ستتفاعل هذه الأجهزة مع بعضها البعض. والمؤكد أن تنمية القواعد والمعايير ستستغرق بعض الوقت والتجارب.
وبطبيعة الحال، ينبغي ألا يُفرض على العميل تعلم لغة جديدة أو أسلوب مختلف للحديث كي يتمكن من التفاعل مع المساعد الافتراضي الناطق، وإنما ينبغي أن يتمتع بالقدرة على الحديث بالصورة الطبيعية التي يألفها، تمامًا مثلما يتحدث إلى بقية أقرانه من البشر.
ويبدو أن المساعد «أليكسا» من «(أمازون)، يطمح للدخول إلى أجهزة جديدة. وعلى سبيل المثال، عمدت (إل جي) إلى دمجها في جهاز التبريد الذكي (إنستافيو سمارت فريدج)، الذي من بين مميزاته قدرته على عرض مقترحات للغذاء عبر شاشة «إل سي دي» 29 بوصة عبر أمر بسيط يتمثل في عبارة: «أليكسا، اعرضي الوصفات»، كما نجحت شركة «أبتك» في إثارة ضجة كبيرة حول «لينكس»، وهو روبوت صغير يقدم استجابات مبسطة للأوامر التي تصدرها إلى «أليكسا»، بجانب تميزه بحركات راقصة جذابة.
في الوقت ذاته، هناك محاولات تقليد لا حدود لها لـ«إيكو» من قبل شركات مثل «ماتيل» و«لينوفو»، حتى «فورد» و«فولكس فاغن»، شاركتا في معرض الإلكترونيات الاستهلاكية بسيارات تضم «أليكسا» في اللوحة الموجودة بمقدمة السيارة.
* تفاعل لغوي بسيط
نظريًا، تبدو مسألة امتداد وجود «أليكسا» إلى كل مكان أمرًا جيدًا، ذلك أنه كلما زادت أعداد الأجهزة المدعومة من «أليكسا»، تزيد من انسيابية التجارب التي تخوضها. بيد أنه عمليًا، تجعل الطبيعة المفتوحة لخدمات «أليكسا» الصوتية من مسألة خلق تجربة متناغمة أمام المستخدم تحديًا هائلاً من حيث التصميم. وهنا يكمن السر وراء إقدام «أمازون» على تطوير إرشادات للمطورين الذين يمثلون أطرافًا ثالثة. وتتطلب هذه الإرشادات بالفعل من كل مستخدم الاستعانة بكلمة التنشيط «أليكسا». كما أنها تشجع على الاستعانة بكلمات بسيطة وواضحة في صياغة الأوامر.
ويقول بريان كراليفيتش، نائب رئيس شؤون تصميم تجارب المستخدمين للمنتجات الرقمية في «أمازون»: «يكمن هدفنا الجوهري في جعل تفاعلات (أليكسا) مع المستخدمين انسيابية وسهلة. لا ينبغي أن يجد المستخدم نفسه مضطرًا إلى تعلم لغة جديدة أو أسلوب مختلف في الحديث كي يتمكن من التفاعل معها. وإنما ينبغي أن يكون المستخدم قادرًا على الحديث إلى (أليكسا) بصورة طبيعية، مثلما يتحدث إلى أقرانه البشر، وأن تتمكن (أليكسا) من إجابته».
في الحقيقة، يكون هذا سهلاً عندما تطلب تشغيل أغنية أو تصدر أمرًا لجهاز التبريد بصنع ثلج. إلا أنه مع امتلاء منزلك بالأجهزة الذكية، فإن مخاطبة كل جهاز على حدة سيزداد صعوبة بمرور الوقت.
في هذا الصدد، شرح دان فولكنر، المسؤول رفيع المستوى لدى شركة «نيوانس» للبرمجيات في حديث نقله موقع «وايرد» الإلكتروني، أنه «على المستوى الأكبر، تحتاج إلى التفاعل مع الأجهزة على النحو الذي ترغبه. ويبقى السؤال هنا، هل من الممكن في غضون عامين أو ثلاثة أن يصبح لدينا ملايين وملايين المستخدمين يعكفون على تعلم الأسلوب المميز للحوار للتفاعل مع كل جهاز على نحو منفصل؟ من وجهة نظري، هذا لا يبدو أمرًا محتملاً».
* فهم الأوامر
إلا أنه في الوقت الراهن، تبدو غالبية هذه النوعية من الأجهزة بمثابة صور مختلفة لـ«إيكو»، في الواقع، عندما تتحدث إلى جهاز التبريد الخاص بك قائلاً: «أليكسا»، فإن باقي أجهزة المنزل التي أدمجت «أليكسا» بها تنصت إليك هي الأخرى. في هذا الإطار، عمدت «إل جي» للترويج لحقيقة أنه بإمكانك استدعاء سيارة أجرة تتبع «أوبر» من خلال جهاز التبريد الجديد الذي ابتكرته، لكن هذا يخلق مشكلة جديدة: ما الذي سيحدث عندما تصبح جميع أجهزة المطبخ قادرة على القيام بذلك؟ وماذا يحدث لو عجزت عدة أجهزة عن فهم ما تقوله؟
من بين الحلول المطروحة تنويع كلمة التنشيط بحيث يمكنك مخاطبة كل جهاز مباشرة. ويتمثل توجه آخر في السماح للجهاز بمحاولة فهم ما تعنيه. إذا كان هناك أكثر من جهاز «إيكو» داخل مدى السمع الخاص بك، فإن تقنية «إيكو للفهم المكاني» الصادرة من «أمازون» بمقدورها حساب مدى قربك من كل جهاز، بحيث يستجيب لك فقط أقربها منك. ومع ذلك، يبقى ذلك مجرد حل مؤقت. في ظل الظروف المثالية، من المفترض أن تتصل الأجهزة الذكية في منزلك بمركز رئيسي.
ويرى الخبراء أن رؤية المصممين تنصب حول فكرة أن القدرات الصوتية ينبغي دمجها على نحو أكبر داخل نسيج المنزل كي تصبح ذات فائدة حقيقية. ينبغي أن تصبح جميع الأجهزة مدركة لوجود بعضها، وقادرة على الحديث إلى هذه الأجهزة على نحو بيني. ومن أجل أن ينجح هذا، هناك حاجة للتعاون بين الجهات المنتجة للأجهزة المختلفة - أو سوق تهيمن عليها شركة واحدة. وتعمل مختلف الشركات مع شركات برمجيات أخرى للتوصل إلى سبيل لربط الأجهزة ببعضها. كما أن هناك حاجة لتحسين قدرة الأجهزة المختلفة على فهم اللغة الطبيعية والقدرة على استيعاب الإطار العام لدى هذه الأجهزة، بحيث تتمكن بسهولة من الحديث إلى الأجهزة الذكية الخاصة بك في أي مكان بسهولة.