التزام «أوبك» في يناير يصل إلى أعلى مستوى له تاريخيًا

5 مسوحات قدرت إنتاجه بين 82 إلى 96 %

قادت السعودية التزام الدول الأعضاء في أوبك بينما قادت روسيا غير الأعضاء (رويترز)
قادت السعودية التزام الدول الأعضاء في أوبك بينما قادت روسيا غير الأعضاء (رويترز)
TT

التزام «أوبك» في يناير يصل إلى أعلى مستوى له تاريخيًا

قادت السعودية التزام الدول الأعضاء في أوبك بينما قادت روسيا غير الأعضاء (رويترز)
قادت السعودية التزام الدول الأعضاء في أوبك بينما قادت روسيا غير الأعضاء (رويترز)

هذه ليست المرة الأولى التي تتفق فيها منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) على خفض إنتاجها؛ ولكنها المرة الأولى التي تصل فيها نسبة التزام هذه الدول إلى مستويات بين 80 إلى 90 في المائة؛ وهي أعلى نسبة التزام لها تاريخيًا.
وأظهرت خمسة مسوحات لتقدير إنتاج دول منظمة أوبك في شهر يناير اطلعت عليها «الشرق الأوسط» عن التزام المنظمة بشكل كبير، حيث كان أقل نسبة التزام لأوبك هي 82 في المائة، بناء على مسح أجرته وكالة رويترز، فيما كان أعلى التزام هو بنسبة 96 في المائة أجرته وكالة أرغوس، وهي أحد ست وكالات معتمدة من قبل أوبك كمصدر ثانوي لتقدير إنتاج المنظمة شهريًا.
وكانت دول أوبك قد اتفقت مع كبار المنتجين المستقلين خارجها، ومن بينهم روسيا، على خفض إنتاج النفط بنحو 1.8 مليون برميل يوميا لمدة ستة أشهر ابتداء من يناير، وأن يكون التخفيض بناء على أرقام شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. وهذا أول اتفاق عالمي لخفض الإنتاج منذ عام 2001. وقررت أوبك أن تكون حصتها من التخفيض 1.2 مليون برميل يوميًا.
وفي الشهر الماضي، اتفقت اللجنة الوزارية المسؤولة عن مراقبة إنتاج الدول الداخلة في الاتفاق، على الآلية التي سيتم بها مراقبة إنتاج الدول، وهي الخطوة التي تستهدف تسريع عملية توازن السوق النفطية. وتتشكل اللجنة الوزارية من الكويت والتي تترأس اللجنة وفنزويلا والجزائر وروسيا وعمان.
وتعتمد أوبك في الاتفاق على مراقبة إنتاج دولها من خلال ست مصادر ثانوية، هي وكالة الطاقة الدولية، وإدارة معلومات الطاقة الأميركية، ووكالة أرغوس، ووكالة بلاتس، والبيت الاستشاري «اي إتش إس سيرا»، ونشرة «بي اي دبليو» النفطية الأسبوعية.
وتاريخيًا لم تتمكن دول أوبك من الالتزام بتخفيض الإنتاج بنسبة تتجاوز 76 في المائة، كما أوضح مصدر في أوبك لـ«الشرق الأوسط».
وأظهرت وكالة بلاتس العالمية لتسعير النفط، وهي إحدى الوكالات الستة المعتمدة، في تقرير بالأمس أن أوبك خفضت إنتاجها في يناير بنحو 1.14 مليون برميل يوميًا من مستوى أكتوبر، وهو ما يعني أن نسبة الالتزام هي 91 في المائة من إجمالي 1.2 مليون برميل يوميًا.
ويقول المحلل الاقتصادي الدكتور محمد الرمادي: «هذه نسبة كبيرة جدًا لم تشهدها أوبك طيلة الثلاثين عامًا الماضية، منذ أن بدأت أوبك في تطبيق تخفيض الإنتاج ونظام الحصص في عام 1983».
ويضيف الرمادي في تعليقه لـ«الشرق الأوسط»: «هناك ظروف ساعدت أوبك هذه المرة على الالتزام بشكل كبير، وهو أن الاتفاق قصير الأجل فهو يمتد لستة أشهر فقط. هذا أمر مغر جدًا للدول، فتخفيض ستة أشهر معناه أن ترتفع أسعار النفط بنحو 15 إلى 20 دولارًا عن مستويات أكتوبر».
وواصل النفط صعوده صوب 56 دولارا للبرميل مؤخرًا. ويرى غالبية وزراء أوبك بما فيهم الكويت والجزائر وإيران أن النفط هذا العام سيتداول بين 55 إلى 65 دولارا. وساهمت تخفيضات الإنتاج التي اتفقت عليها أوبك ومنتجون آخرون مستقلون في رفع الأسعار من أدنى مستوياتها في 12 عاما قرب 27 دولارا للبرميل قبل عام.
وكان عصام المرزوق، وزير النفط الكويتي، رئيس اللجنة الوزارية، قد صرح مؤخرًا «لن نقبل أي شيء أقل من التزام 100 في المائة بالتخفيضات المتفق عليها بين أوبك والمنتجين المستقلين».
وأوضح المرزوق للصحافيين في الكويت أواخر الشهر الماضي أن عدم وصول دول أوبك إلى نسبة 100 في المائة في يناير يعود إلى أن بعض الدول ستزيد التزامها تدريجيًا خلال الأشهر القادمة، ولكن الإيجابي في الأمر أن الكل بدأ التخفيض.
وفي الشهر الماضي أبدى وزير الطاقة السعودي خالد الفالح للصحافيين في فيينا عن رضاه وتفاؤله، وأضاف: «كما قلت الأسواق هي السبيل لإعادة التوازن وهذا يحدث». وتابع أن الالتزام بالاتفاق الذي ينص على بدء تخفيضات الإنتاج الشهر الحالي كان «رائعا».
وقال الفالح: «عادة ما يرفع المنتجون من خارج أوبك إنتاجهم لتعويض أي خفض طوعي من أوبك. نرى الآن تخفيضات طوعية من الجانبين».
وأظهرت غالبية المسوحات الخمسة التي اطلعت عليها «الشرق الأوسط» أن إنتاج السعودية من النفط الخام في يناير كان عند مستوى 9.98 مليون برميل يوميًا، وهو أقل من الرقم الذي من المفترض أن تصل إليه السعودية بحسب الاتفاق والبالغ 10.047 مليون برميل يوميًا.
ومما قلل من أثر خفض الإمدادات في يناير زيادة إنتاج ليبيا ونيجيريا اللتين جرى إعفاؤهما من اتفاق أوبك، نظرا لخسائر الإنتاج الناجمة عن الصراع. وضخت إيران - التي تم السماح لها بزيادة الإنتاج بموجب اتفاق أوبك نظرا للعقوبات التي عرقلت إمداداتها في الماضي - ما لا يقل عن 20 ألف برميل إضافية يوميا في يناير بحسب المسوحات.
وأعلنت أوبك مستوى مستهدفا للإنتاج عند 32.5 مليون برميل يوميا في اجتماعها في 30 نوفمبر (تشرين الثاني)، وهو مستوى يستند إلى أرقام منخفضة للإنتاج من ليبيا ونيجيريا ويشمل إندونيسيا التي جرى تعليق عضويتها في المنظمة بعد ذلك.



كوريا الجنوبية تتعهد بالحفاظ على استقرار الأسواق بعد عزل يون

مشاركون في مظاهرة يحملون لافتات تطالب المحكمة الدستورية بإقالة الرئيس يون سوك-يول في سيول (رويترز)
مشاركون في مظاهرة يحملون لافتات تطالب المحكمة الدستورية بإقالة الرئيس يون سوك-يول في سيول (رويترز)
TT

كوريا الجنوبية تتعهد بالحفاظ على استقرار الأسواق بعد عزل يون

مشاركون في مظاهرة يحملون لافتات تطالب المحكمة الدستورية بإقالة الرئيس يون سوك-يول في سيول (رويترز)
مشاركون في مظاهرة يحملون لافتات تطالب المحكمة الدستورية بإقالة الرئيس يون سوك-يول في سيول (رويترز)

تعهدت وزارة المالية في كوريا الجنوبية، يوم الأحد، بمواصلة اتخاذ تدابير استقرار السوق بسرعة وفعالية لدعم الاقتصاد، في أعقاب إقالة الرئيس يون سوك-يول، بسبب فرضه الأحكام العرفية بشكل مؤقت.

وأكدت الوزارة أنها ستستمر في التواصل بنشاط مع البرلمان للحفاظ على استقرار الاقتصاد، مشيرة إلى أنها تخطط للإعلان عن خطتها السياسية نصف السنوية قبل نهاية العام الحالي، وفق «رويترز».

وفي هذا السياق، دعا زعيم الحزب الديمقراطي المعارض، لي جاي-ميونغ، إلى تشكيل «مجلس استقرار وطني» يضم الحكومة والبرلمان لمناقشة القضايا المالية والاقتصادية وسبل تحسين مستوى معيشة المواطنين. وأشار إلى أن التحدي الأكثر إلحاحاً هو تراجع الاستهلاك بسبب الطلب المحلي غير الكافي، وتقلص دور الحكومة المالي. وأضاف لي أن معالجة هذا الأمر تتطلب مناقشة عاجلة لموازنة إضافية يمكن أن تشمل تمويلاً لدعم الشركات الصغيرة، بالإضافة إلى استثمارات في الذكاء الاصطناعي والبنية التحتية، لمواجهة تحديات نقص الطاقة.

وكان البرلمان الذي يسيطر عليه الحزب المعارض، قد مرر مشروع موازنة 2025 بقيمة 673.3 تريليون وون، متجاوزاً اقتراح الحكومة الذي بلغ 677.4 تريليون وون، وذلك دون التوصل إلى اتفاق مع حزب «قوة الشعب» الذي ينتمي إليه الرئيس يون والحكومة.

من جهته، أعلن بنك كوريا -في بيان- أنه سيعتمد على كافة الأدوات السياسية المتاحة بالتعاون مع الحكومة، للرد على التحديات الاقتصادية، وتفادي تصاعد التقلبات في الأسواق المالية وأسواق العملات الأجنبية. وأكد البنك ضرورة اتخاذ استجابة أكثر نشاطاً مقارنة بالفترات السابقة من الإقالات الرئاسية، نظراً للتحديات المتزايدة في الظروف الخارجية، مثل تصاعد عدم اليقين في بيئة التجارة، وازدياد المنافسة العالمية في الصناعات الأساسية.

كما أكدت الهيئة التنظيمية المالية في كوريا الجنوبية أن الأسواق المالية قد تشهد استقراراً على المدى القصير، باعتبار الأحداث السياسية الأخيرة صدمات مؤقتة؛ لكنها ستوسع من الموارد المخصصة لاستقرار السوق إذا لزم الأمر.

من جهة أخرى، شهدت أسواق الأسهم في كوريا الجنوبية ارتفاعاً للجلسة الرابعة على التوالي يوم الجمعة؛ حيث بدأ المستثمرون يتوقعون تراجع حالة عدم اليقين السياسي بعد تصويت البرلمان على إقالة الرئيس يون. كما لم يتوقع المستثمرون الأجانب أن تؤثر الاضطرابات السياسية الأخيرة بشكل كبير على نمو الاقتصاد أو تصنيفه الائتماني لعام 2025، إلا أنهم أشاروا إلى تأثيرات سلبية محتملة على معنويات السوق، مما قد يؤدي إلى زيادة في سعر صرف الوون مقابل الدولار الأميركي، واستمرار عمليات بيع الأجانب للأسواق المحلية.

غرفة تداول بأحد البنوك في سيول (رويترز)

وفي استطلاع أجرته «بلومبرغ»، أفاد 18 في المائة فقط من المشاركين بأنهم يعتزمون تعديل توقعاتهم بشأن نمو الاقتصاد الكوري الجنوبي لعام 2025، بسبب الأحداث السياسية الأخيرة، بينما أكد 82 في المائة أن توقعاتهم ستظل دون تغيير. كما توقع 64 في المائة من المشاركين أن يظل التصنيف الائتماني السيادي كما هو، في حين توقع 27 في المائة خفضاً طفيفاً. ووفقاً للاستطلاع، يُتوقع أن يتراوح سعر صرف الوون مقابل الدولار الأميركي بين 1.350 و1.450 وون بنهاية الربع الأول من 2025.

أما فيما يتعلق بأسعار الفائدة، فقد زادت التوقعات بتخفيضات مسبقة من قبل بنك كوريا؛ حيث توقع 55 في المائة من المشاركين عدم حدوث تغييرات، بينما توقع 27 في المائة تخفيضاً في الأسعار قريباً. وتوقع 18 في المائة تخفيضات أكبر. وأشار كيم سونغ-نو، الباحث في «بي إن كي للأوراق المالية»، إلى أن تحركات السوق ستعتمد بشكل كبير على قرارات لجنة السوق الفيدرالية الأميركية في ديسمبر (كانون الأول)؛ حيث قد يسهم أي تخفيض لأسعار الفائدة من جانب الولايات المتحدة في تعزيز توقعات تخفيض الفائدة في كوريا الجنوبية في الربع الأول من 2025.

وقد أكد كيم أن العوامل السياسية ليست المحرك الرئيسي للأسواق المالية؛ مشيراً إلى أن الاضطرابات السياسية عادة ما تكون لها تأثيرات قصيرة الأجل على الأسواق. وأضاف أن الركود الاقتصادي -وليس الأحداث السياسية- هو المصدر الرئيس للصدمات المالية الكبيرة.

كما أشار كثير من المسؤولين الماليين إلى أن إقالة الرئيس يون قد تعود بالفائدة على الاقتصاد الكوري الجنوبي. وفي مقابلة إعلامية، أكد محافظ هيئة الرقابة المالية، لي بوك هيون، أن عزل الرئيس سيكون خطوة إيجابية للاستقرار الاقتصادي في البلاد، معرباً عن اعتقاده بأن القضاء على حالة عدم اليقين السياسي أمر بالغ الأهمية لتحقيق استقرار الاقتصاد، وفق صحيفة «كوريا تايمز».

وفيما يخص التوقعات المستقبلية، أشار صندوق النقد الدولي في تقريره الأخير في نوفمبر (تشرين الثاني) إلى أن النمو الاقتصادي في كوريا الجنوبية من المتوقع أن يصل إلى 2.2 في المائة في 2024 بدعم من صادرات أشباه الموصلات، في حين يُتوقع أن يسجل الناتج المحلي الإجمالي نمواً بنسبة 2 في المائة في 2025 مع اقتراب الاقتصاد من إمكاناته الكاملة. وأكد الصندوق أن حالة عدم اليقين لا تزال مرتفعة، والمخاطر تميل إلى الاتجاه السلبي.

وبينما يظل التضخم قريباً من هدف بنك كوريا البالغ 2 في المائة، شدد الصندوق على ضرورة تطبيع السياسة النقدية تدريجياً في ظل هذه الظروف، مع الحفاظ على تدخلات محدودة في سوق الصرف الأجنبي لمنع الفوضى. كما أشار إلى أهمية تعزيز التوحيد المالي في موازنة 2025 لمواجهة ضغوط الإنفاق الطويلة الأجل، مع التركيز على السياسات المتعلقة بمخاطر العقارات.

كما أشار إلى أهمية الإصلاحات الاقتصادية على المدى المتوسط والطويل لدعم النمو وسط التحولات الهيكلية؛ مشيراً إلى ضرورة معالجة تراجع القوة العاملة من خلال تحسين الخصوبة، وزيادة مشاركة النساء في العمل، وجذب المواهب الأجنبية، بالإضافة إلى تعزيز تخصيص رأس المال، وتحسين مرونة المؤسسات المالية.