زيارة دبي تبدأ بـ«مرحبا» وتنتهي في صالة رجال الأعمال

{تاج} يرقّص النافورة في غرفه... ويعلق القهوة على البرج

لقطة لجانب من مدينة دبي - رحلة بحرية في 90 دقيقة - رحلات السفاري والتمتع بمنظر الصحاري - جانب آخر من المدينة - برج خليفة - جانب من مطعم بومباي براسري بفندق {تاج دبي}
لقطة لجانب من مدينة دبي - رحلة بحرية في 90 دقيقة - رحلات السفاري والتمتع بمنظر الصحاري - جانب آخر من المدينة - برج خليفة - جانب من مطعم بومباي براسري بفندق {تاج دبي}
TT

زيارة دبي تبدأ بـ«مرحبا» وتنتهي في صالة رجال الأعمال

لقطة لجانب من مدينة دبي - رحلة بحرية في 90 دقيقة - رحلات السفاري والتمتع بمنظر الصحاري - جانب آخر من المدينة - برج خليفة - جانب من مطعم بومباي براسري بفندق {تاج دبي}
لقطة لجانب من مدينة دبي - رحلة بحرية في 90 دقيقة - رحلات السفاري والتمتع بمنظر الصحاري - جانب آخر من المدينة - برج خليفة - جانب من مطعم بومباي براسري بفندق {تاج دبي}

قد يختلف اثنان على تصنيف دبي كواحدة من أجمل مدن العالم، ولكن هناك إجماع كلي بأنها مدينة تعرف جيدا كيف تدلل ضيفها.
البعض يرى أنها مدينة يانعة وعصرية جدا، وهذه مسألة شخصية، واختلاف الرأي والذوق مهم جدا حتى لا يكون العالم مملا وتراتبيا.
ولا أعتقد بأن هناك سائحا واحدا لا يحلم برحلة مريحة وخدمات تدلـله منذ أن تطأ قدمه أرض المطار إلى أن يغادر المدينة.
السفر جميل ومتعب بنفس الوقت، ولكن هناك خدمات إذا عرفنا كيف نستفيد منها من شأنها أن تسهل علينا العناء وتجعل رحلتنا مريحة.
الوجهة دبي، الوصول في ساعات الفجر الأولى بتوقيت الإمارات، وما أن حطت الطائرة وفتحت أبوابها كان هناك من ينتظرنا مع لافتة تحمل عبارة «مرحبا»، ليس ترحيبا بنا فقط إنما هذا هو اسم صالة مرحبا في مطار دبي التي تقدم خدمة تسهيل معاملات الوصول وتسلم الحقائب ومرافقة المسافرين منذ لحظة وصولهم إلى أن يغادروا المطار.
إنها فعلا خدمة رائعة، خاصة إذا كانت رحلتك طويلة وتوقيتها غير مريح، فيصطحبك موظف الشركة إلى قاعة خاصة، مزودة بخدمة الواي فاي وتقدم فيها المأكولات الخفيفة والمشروبات، وفي الوقت الذي تتفحص فيه هاتفك الجوال وتستعيد نشاطك تكون حقائبك في طريقها إليك ليأخذك بعدها الموظف.
في دبي تقف عاجزا أمام الكم الهائل من الفنادق التي تتفوق على ذاتها من حيث الخدمة الراقية، حتى الأسماء اللامعة في عالم الفنادق العالمية تكون فروعها في الإمارات مميزة لأنها تبذل جهدا إضافيا تحدده هوية دبي التي ترنو إلى الرفاهية والفخامة.
وإذا كانت رحلتك قصيرة أنصحك بالنزول في وسط المدينة «داون تاون دبي» لأن أهم معالم المدينة موجود حولك وتكون أفضل طريقة لتفادي زحمة السير الخانقة.

أين تقيم؟

اخترنا فندق «تاج دبي» لموقعه في قلب المدينة على مسافة 5 دقائق عن دبي داون تاون و«مول دبي»، و9 أميال (15 كيلومترا) عن «مطار دبي الدولي»، مما يجعله إحدى الوجهات المفضلة للمسافرين من رجال الأعمال والسياح على حد سواء.
تشاهد من غرفه وأجنحته أفق المدينة العمراني لا سيما فترة المساء، خاصة أنه يبعد مسافة قصيرة عن أهم معالم المدينة مثل «دبي أوبرا، وبرج خليفة، وقناة دبي المائية، ونافورة دبي الراقصة».
ومساء كل يوم وتحديدا عند الساعة السادسة مساء كنت أنتظر موعد رقص النافورة الواقعة مقابل الفندق مباشرة، ويا له من منظر، ولأكثر دقة، تشاهد روعة النافورة من الغرف بشكل أوضح مما إذا ذهبت إليها بنفسك.
وفي الصباح الباكر كنت أنتظر استيقاظ الشمس لأتسامر معها وأرتشف القهوة التي تشعر وكأن الفنجان معلق على برج خليفة لقرب المسافة التي تفصل البرج العملاق من مبنى الفندق.

المركز الصحي
لا تكتمل الإقامة في فندق مميز إلا بعد زيارة مركزه الصحي، وهذا ما فعلناه، فزرنا مركز «جيفا» الصحي في فندق تاج الذي يقدم علاجات كثيرة مع التركيز على العلاجات الهندية التقليدية.
الأجواء جميلة جدا وملؤها الخصوصية، وبعد الانتهاء من العلاج الذي تختاره تستطيع الاسترخاء بالقرب من بركة السباحة الخارجية.

أين تأكل؟

مطعم تيسورو
يقدّم أشهى الوجبات الأصيلة ونكهات التوابل الحارّة، فضلاً عن مجموعة متنوعة من أشهى الأطباق المستوحاة من المطبخ الهندي والمطابخ العالمية. ويمتاز بتصميم يمزج بين اللمسات المعدنية الأنيقة والجدران الزجاجية، مما يتيح لضيوفه تناول الطعام أثناء مشاهدة المناظر الخارجية الخلّابة. كما يمكن للضيوف الجلوس والاسترخاء تحت ظل أشجار الزيتون الوارفة، وتذوق وجبة الفطور المقدّمة بأسلوب البوفيه المفتوح، ثم الاستمتاع بتناول وجبة الغداء، أو الكثير من المأكولات المحضرة حسب الطلب خصيصًا لوجبتي الغداء والعشاء. ويمكن أيضًا الجلوس على التراس والاستمتاع برؤية المباني الشاهقة وخاصة «برج خليفة» ودبي داون تاون.
وأنصح بتذوق ما يعرف بمأكولات الهند الشعبية «Indian Street Food» وهي عبارة عن خبز طري تتناوله مع يخنة لحم رائعة المذاق، وطريقة التقديم مختلفة حيث يوضع الخبز في كيس ورقي ليعطي نوعا من الأصالة للطبق التقليدي.
والطبق الثاني الذي أنصح به، هو الحمص الممزوج بالفاكهة مثل التوت، وتتناوله مع خبز رقيق جدا يكسوه الزعتر البري.

مطعم بومباي براسيري
يوفر المطعم أشهى نكهات وأطباق المطبخ الهندي الأصيل، إضافة إلى المأكولات الغريبة التي يتم تحضيرها أمام الضيوف في المطبخ المركزي المفتوح باستخدام فرن «التندور» أو فرن النار المفتوح «سيغري»؛ مما يوفر للضيوف وجهة مثالية لتذوق أشهى المأكولات وسط الأمسيات الساحرة للمدينة.

النافورة الراقصة
ترقص نافورة عملاقة وتقع على بحيرة برج خليفة في قلب المدينة أو داون تاون دبي على أنغام الموسيقى يوميا. وتعتبر النافورة الأضخم في العالم، يستخدم فيها 22 ألف غالون من الماء وتعلو إلى 150 مترا، وتتغير الألوان بتغير النغمات.
تم تصميم وتجهيز نافورة دبي الراقصة من قبل شركة WET وهي الشركة ذاتها التي قامت بتصميم نافورة فندق «بيلاجيو» في لاس فيغاس، يبلغ طول نافورة دبي الراقصة نحو الـ275 مترا وبإمكانها ضخ المياه لارتفاع 150 مترا للأعلى بشكل فني متناسق على ألحان عدد من الأغاني العربية والغربية، هذا بالإضافة لتأثيرات ضوئية جميلة تتماشى مع حركة مضخات المياه بشكل جميل.
تبدأ عروض نافورة دبي من الساعة السادسة مساء وحتى العاشرة ليلا، ولغاية الساعة 11:30 مساء نهاية الأسبوع. وتعاد عروض النافورة كل نصف ساعة على ألحان وأغانٍ مختلفة عربية وأجنبية ومن أفضل أوقات مشاهدة عرض النافورة الراقصة هو وقت الغروب.

برج خليفة
يشقّ برج خليفة عنان السماء بارتفاع 828 مترًا، مما منحه لقب أعلى مبنى في العالم حتى الآن، وهو يجمع بين الفن الراقي والجمال الهندسي والتراث العريق. يحتوي البرج على مكاتب تبلغ مساحتها آلاف الأمتار إلى جانب 900 وحدة سكنيّة خاصّة وفندق أرماني الذي يشمل 160 غرفة. تضمّ قمة البرج في الطابق 124 منصّة للمراقبة في الهواء الطلق. وأحدث إضافة تمّت للبرج هي منصّة «في عنان السماء» التي حطّمت الأرقام القياسيّة بمناظرها الأخّاذة وهي تقع في الطابق 148. وفي الطابق 122، يقع مطعم أتموسفير الأنيق الذي يعدّ أعلى مطعم في العالم ويتميّز بإطلالته الرائعة وقائمة الطعام التي لا تقلّ عنها روعة. كما يعتبر برج خليفة جنّة عشاق الفنون في العالم: فهو يضمّ أكثر من 1000 عمل فنّي أبدعه فنانون من الشرق الأوسط وفنانون عالميّون خصّيصًا للبرج.

رحلة بحرية في 90 دقيقة
إذا ا ردت التعرف على دبي من واجهتها البحرية، يمكنك ذلك من خلال قوارب سريعة تنطلق ابتداء من الساعة التاسعة صباحا وآخر رحلة عند الساعة الخامسة إلا ربع.
تبدأ الرحلة من منطقة المارينا لتصل إلى جميرة النخلة، ويتوقف هناك القارب لالتقاط بعض الصور.

رحلة سفاري
لا تكتمل زيارة دبي إلا بعد زيارة الصحراء والتمتع بروعتها من خلال رحلات تنظمها شركات سياحية بسيارات رباعية الدفع.
ويتخلل الرحلة التي تستغرق خمس ساعات ونصف الساعة ركوب الجمال والدراجات، وبعدها يقدم العشاء على طريقة الباربكيو مع برنامج ترفيهي إماراتي تقليدي.
وتعتبر هذه الرحلة من بين أكثر الرحلات التي يقوم بها السياح الذين يزورون دبي لأول مرة لأنها تبرز الجانب الأصيل والتقليدي للإمارات.
تنظم شركة «باتو دبي كروز» رحلات مائية فترة المساء، حيث يتمكن الضيف من تناول العشاء على متن قارب كبير. تمتد الرحلة لساعتين ونصف الساعة وتمر بالقرب من أجمل المباني والمعالم الساحرة في دبي.

أسرع طريقة للتعرف على دبي
إذا كانت زيارتك إلى دبي قصيرة أو بداعي العمل، أنصحك بالانضمام إلى واحدة من تلك الرحلات التي يشرف عليها دليل سياحي متخصص.
تبدأ الرحلة من أقدم الأماكن في دبي حيث بدأ تاريخ الإمارات، وبعدها تعبر مياه خور دبي بقارب خشبي قديم يطلق عليه اسم التاكسي المائي، لتصل بعدها إلى سوق الذهب وسوق البهارات، وهذه الرحلة تعيد عقارب الزمن إلى الوراء، تشتم خلالها رائحة البهارات المستوردة من الهند وشتى بقاع العالم.
وتمضي بالزيارة وتشاهد وأنت في طريقك أجمل القصور والمساجد.
ورؤية فندق برج العرب تفرض نفسها على نظرك فترى ذلك المبنى العملاق على شكل شراع يتوسط زرقة البحر يفرض حضوره لدرجة أنه من أبرز رموز دبي. وبعدها تصل إلى جزيرة النخلة في منطقة جميرا وتتعرف على معالم المارينا وبرج خليفة الأطول في العالم.

وقت العودة
اللحظات الحلوة في الحياة تكون سريعة وتمر كسرعة البرق، ففي الكثير من الأحيان نشعر بالإحباط عندما يحين موعد العودة، وعندما تدرك أن الرحلة أوشكت على الانتهاء، وبما أننا بدأنا رحلتنا إلى دبي بالرفاهية وبعناية فائقة ومن صالة «مرحبا» ننهيها على نفس المستوى وبل أفضل، بعدما بدأت طيران الإمارات، للمرة الأولى، في إتاحة المجال أمام ركابها لاستخدام صالاتها الخاصة في مطار دبي بغض النظر عن درجة سفرهم. ويمكن للركاب الآن دفع رسوم لدخول إحدى صالات الناقلة السبع في دبي، التي كانت مقتصرة في السابق على ركاب الدرجتين الأولى ورجال الأعمال.
ويمكن لركاب طيران الإمارات المؤهلين لدخول الصالات اصطحاب ضيوفهم المسافرين على رحلات الناقلة مقابل رسم قدره 100 دولار أميركي لصالات رجال الأعمال و«صالة الإمارات»، أو 200 دولار أميركي لصالات الدرجة الأولى. كما يمكن لركاب طيران الإمارات المؤهلين لدخول صالات درجة رجال الأعمال الترقية لاستخدام صالة الدرجة الأولى مقابل 100 دولار أميركي. ويمكن لضيوف الصالات الذين يدفعون الرسوم المكوث في الصالة لمدة أقصاها 4 ساعات.



قرى مصرية تبتكر نوعاً جديداً من السياحة التقليدية

قرية النزلة بمحافظة الفيوم قبلة عالمية لصناعة الفخار اليدوي (رويترز)
قرية النزلة بمحافظة الفيوم قبلة عالمية لصناعة الفخار اليدوي (رويترز)
TT

قرى مصرية تبتكر نوعاً جديداً من السياحة التقليدية

قرية النزلة بمحافظة الفيوم قبلة عالمية لصناعة الفخار اليدوي (رويترز)
قرية النزلة بمحافظة الفيوم قبلة عالمية لصناعة الفخار اليدوي (رويترز)

في الخلف من البقع السياحية السحرية بأنحاء مصر، توجد قرى مصرية تجذب السائحين من باب آخر، حيث يقصدونها للتعرف على الحرف التقليدية العتيقة والصناعات المحلية التي تنتجها هذه القرى وتتخصص فيها منذ عشرات السنوات، وفاقت شهرتها حدود البلاد.

ويشتهر كثير من القرى المصرية بالصناعات اليدوية، ذات البعدين التراثي والثقافي، مثل صناعة أوراق البردي، والأواني الفخارية، والسجاد اليدوي وغيرها، وهي الصناعات التي تستهوي عدداً كبيراً من الزوار، ليس فقط لشراء الهدايا التذكارية من منبعها الأصلي للاحتفاظ بها لتذكرهم بالأيام التي قضوها في مصر؛ بل يمتد الأمر للتعرف عن قرب على فنون التصنيع التقليدية المتوارثة، التي تحافظ على الهوية المصرية.

«الشرق الأوسط» تستعرض عدداً من القرى التي تفتح أبوابها للسياحة الحرفية، والتي يمكن إضافتها إلى البرامج السياحية عند زيارة مصر.

السياحة الحرفية تزدهر في القرى المصرية وتجتذب السائحين (صفحة محافظة المنوفية)

ـ الحرانية

قرية نالت شهرتها من عالم صناعة السجاد والكليم اليدوي ذي الجودة العالية، والذي يتم عرضه في بعض المعارض الدولية، حيث يقوم أهالي القرية بنقش كثير من الأشكال على السجاد من وحي الطبيعة الخاصة بالقرية.

والسجاد الذي يصنعه أهالي القرية لا يُضاهيه أي سجاد آخر بسبب عدم استخدام أي مواد صناعية في نسجه؛ حيث يتم الاعتماد فقط على القطن، والصوف، بالإضافة إلى الأصباغ النباتية الطبيعية، من خلال استخدام نباتي الشاي والكركديه وغيرهما في تلوين السجاد، بدلاً من الأصباغ الكيميائية، ما يضفي جمالاً وتناسقاً يفوق ما ينتج عن استخدام الأجهزة الحديثة.

تتبع قرية الحرانية محافظة الجيزة، تحديداً على طريق «سقارة» السياحي، ما يسهل الوصول إليها، وأسهم في جعلها مقصداً لآلاف السائحين العرب والأجانب سنوياً، وذلك بسبب تميُزها، حيث تجتذبهم القرية ليس فقط لشراء السجاد والكليم، بل للتعرف على مراحل صناعتهما المتعددة، وكيف تتناقلها الأجيال عبر القرية، خصوصاً أن عملية صناعة المتر المربع الواحد من السجاد تستغرق ما يقرُب من شهر ونصف الشهر إلى شهرين تقريباً؛ حيث تختلف مدة صناعة السجادة الواحدة حسب أبعادها، كما يختلف سعر المتر الواحد باختلاف نوع السجادة والخامات المستخدمة في صناعتها.

فن النحت باستخدام أحجار الألباستر بمدينة القرنة بمحافظة الأقصر (هيئة تنشيط السياحة)

ـ القراموص

تعد قرية القراموص، التابعة لمحافظة الشرقية، أكبر مركز لصناعة ورق البردي في مصر، بما يُسهم بشكل مباشر في إعادة إحياء التراث الفرعوني، لا سيما أنه لا يوجد حتى الآن مكان بالعالم ينافس قرية القراموص في صناعة أوراق البردي، فهي القرية الوحيدة في العالم التي تعمل بهذه الحرفة من مرحلة الزراعة وحتى خروج المنتج بشكل نهائي، وقد اشتهرت القرية بزراعة نبات البردي والرسم عليه منذ سنوات كثيرة.

الرسوم التي ينقشها فلاحو القرية على ورق البردي لا تقتصر على النقوش الفرعونية فحسب، بل تشمل أيضاً موضوعات أخرى، من أبرزها الخط العربي، والمناظر الطبيعية، مستخدمين التقنيات القديمة التي استخدمها الفراعنة منذ آلاف السنين لصناعة أوراق البردي، حيث تمر صناعة أوراق البردي بعدة مراحل؛ تبدأ بجمع سيقان النبات من المزارع، ثم تقطيعها كي تتحول إلى كُتل، على أن تتحول هذه الكتل إلى مجموعة من الشرائح التي توضع طبقات بعضها فوق بعض، ثم تبدأ عملية تجفيف سيقان النباتات اعتماداً على أشعة الشمس للتخلص من المياه والرطوبة حتى تجف بشكل تام، ثم تتم الكتابة أو الرسم عليها.

وتقصد الأفواج السياحية القرية لمشاهدة حقول نبات البردي أثناء زراعته، وكذلك التعرف على فنون تصنيعه حتى يتحول لأوراق رسم عليها أجمل النقوش الفرعونية.

تبعد القرية نحو 80 كيلومتراً شمال شرقي القاهرة، وتتبع مدينة أبو كبير، ويمكن الوصول إليها بركوب سيارات الأجرة التي تقصد المدينة، ومنها التوجه إلى القرية.

قطع خزفية من انتاج قرية "تونس" بمحافظة الفيوم (هيئة تنشيط السياحة)

ـ النزلة

تُعد إحدى القرى التابعة لمركز يوسف الصديق بمحافظة الفيوم، وتشتهر بصناعة الفخار اليدوي، وقد أضحت قبلة عالمية لتلك الصناعة، ويُطلق على القرية لقب «أم القرى»، انطلاقاً من كونها أقدم القرى بالمحافظة، وتشتهر القرية بصناعة الأواني الفخارية الرائعة التي بدأت مع نشأتها، حيث تُعد هذه الصناعة بمثابة ممارسات عائلية قديمة توارثتها الأجيال منذ عقود طويلة.

يعتمد أهل القرية في صناعتهم لتلك التحف الفخارية النادرة على تجريف الطمي الأسود، ثم إضافة بعض المواد الأخرى عليه، من أبرزها الرماد، وقش الأرز، بالإضافة إلى نشارة الخشب، وبعد الانتهاء من عملية تشكيل الطمي يقوم العاملون بهذه الحرفة من أهالي القرية بوضع الطمي في أفران بدائية الصنع تعتمد في إشعالها بالأساس على الخوص والحطب، ما من شأنه أن يعطي القطع الفخارية الصلابة والمتانة اللازمة، وهي الطرق البدائية التي كان يستخدمها المصري القديم في تشكيل الفخار.

ومن أبرز المنتجات الفخارية بالقرية «الزلعة» التي تستخدم في تخزين الجبن أو المش أو العسل، و«البوكلة» و«الزير» (يستخدمان في تخزين المياه)، بالإضافة إلى «قدرة الفول»، ويتم تصدير المنتجات الفخارية المختلفة التي ينتجها أهالي القرية إلى كثير من الدول الأوروبية.

شهدت القرية قبل سنوات تشييد مركز زوار الحرف التراثية، الذي يضمّ عدداً من القاعات المتحفية، لإبراز أهم منتجات الأهالي من الأواني الفخارية، ومنفذاً للبيع، فضلاً عن توثيق الأعمال الفنية السينمائية التي اتخذت من القرية موقعاً للتصوير، وهو المركز الذي أصبح مزاراً سياحياً مهماً، ومقصداً لهواة الحرف اليدوية على مستوى العالم.

صناعة الصدف والمشغولات تذهر بقرية "ساقية المنقدي" في أحضان دلتا النيل (معرض ديارنا)

ـ تونس

ما زلنا في الفيوم، فمع الاتجاه جنوب غربي القاهرة بنحو 110 كيلومترات، نكون قد وصلنا إلى قرية تونس، تلك اللوحة الطبيعية في أحضان الريف المصري، التي أطلق عليها اسم «سويسرا الشرق»، كونها تعد رمزاً للجمال والفن.

تشتهر منازل القرية بصناعة الخزف، الذي أدخلته الفنانة السويسرية إيفلين بوريه إليها، وأسست مدرسة لتعليمه، تنتج شهرياً ما لا يقل عن 5 آلاف قطعة خزف. ويمكن لزائر القرية أن يشاهد مراحل صناعة الخزف وكذلك الفخار الملون؛ ابتداء من عجن الطينة الأسوانية المستخدمة في تصنيعه إلى مراحل الرسم والتلوين والحرق، سواء في المدرسة أو في منازل القرية، كما يقام في مهرجانات سنوية لمنتجات الخزف والأنواع الأخرى من الفنون اليدوية التي تميز القرية.

ولشهرة القرية أصبحت تجتذب إليها عشرات الزائرين شهرياً من جميع أنحاء العالم، وعلى رأسهم المشاهير والفنانون والكتاب والمبدعون، الذين يجدون فيها مناخاً صحياً للإبداع بفضل طقسها الهادئ البعيد عن صخب وضجيج المدينة، حيث تقع القرية على ربوة عالية ترى بحيرة قارون، مما يتيح متعة مراقبة الطيور على البحيرة، كما تتسم بيوتها بطراز معماري يستخدم الطين والقباب، مما يسمح بأن يظل جوها بارداً طول الصيف ودافئاً في الشتاء.

مشاهدة مراحل صناعة الفخار تجربة فريدة في القرى المصرية (الهيئة العامة للاستعلامات)

ـ ساقية المنقدي

تشتهر قرية ساقية المنقدي، الواقعة في أحضان دلتا النيل بمحافظة المنوفية، بأنها قلعة صناعة الصدف والمشغولات، حيث تكتسب المشغولات الصدفية التي تنتجها شهرة عالمية، بل تعد الممول الرئيسي لمحلات الأنتيكات في مصر، لا سيما في سوق خان الخليلي الشهيرة بالقاهرة التاريخية.

تخصصت القرية في هذه الحرفة قبل نحو 60 عاماً، وتقوم بتصدير منتجاتها من التحف والأنتيكات للخارج، فضلاً عن التوافد عليها من كل مكان لاحتوائها على ما يصل إلى 100 ورشة متخصصة في المشغولات الصدفية، كما تجتذب القرية السائحين لشراء المنتجات والأنتيكات والتحف، بفضل قربها من القاهرة (70 كم إلى الشمال)، ولرخص ثمن المنتجات عن نظيرتها المباعة بالأسواق، إلى جانب القيمة الفنية لها كونها تحظى بجماليات وتشكيلات فنية يغلب عليها الطابع الإسلامي والنباتي والهندسي، حيث يستهويهم التمتع بتشكيل قطعة فنية بشكل احترافي، حيث يأتي أبرزها علب الحفظ مختلفة الأحجام والأشكال، والقطع الفنية الأخرى التي تستخدم في التزيين والديكور.

الحرف التقليدية والصناعات المحلية في مصر تجتذب مختلف الجنسيات (معرض ديارنا)

ـ القرنة

إلى غرب مدينة الأقصر، التي تعد متحفاً مفتوحاً بما تحويه من آثار وكنوز الحضارة الفرعونية، تقبع مدينة القرنة التي تحمل ملمحاً من روح تلك الحضارة، حيث تتخصص في فن النحت باستخدام أحجار الألباستر، وتقديمها بالمستوى البديع نفسه الذي كان يتقنه الفراعنة.

بزيارة القرية فأنت على مشاهد حيّة لأهلها وهم يعكفون على الحفاظ على تراث أجدادهم القدماء، حيث تتوزع المهام فيما بينهم، فمع وصول أحجار الألباستر إليهم بألوانها الأبيض والأخضر والبني، تبدأ مهامهم مع مراحل صناعة القطع والمنحوتات، التي تبدأ بالتقطيع ثم الخراطة والتشطيف للقطع، ثم يمسكون آلات تشكيل الحجر، لتتشكل بين أيديهم القطع وتتحول إلى منحوتات فنية لشخصيات فرعونية شهيرة، مثل توت عنخ آمون، ونفرتيتي، وكذلك التماثيل والأنتيكات وغيرها من التحف الفنية المقلدة، ثم يتم وضع المنتج في الأفران لكي يصبح أكثر صلابة، والخطوة الأخيرة عملية التلميع، ليصبح المنتج جاهزاً للعرض.

ويحرص كثير من السائحين القادمين لزيارة المقاصد الأثرية والسياحية للأقصر على زيارة القرنة، سواء لشراء التماثيل والمنحوتات من المعارض والبازارات كهدايا تذكارية، أو التوجه إلى الورش المتخصصة التي تنتشر بالقرية، لمشاهدة مراحل التصنيع، ورؤية العمال المهرة الذين يشكلون هذه القطع باستخدام الشاكوش والأزميل والمبرد، إذ يعمل جلّ شباب القرية في هذه الحرفة اليدوية.