3 اتجاهات في العراق تتحكم في قضية «خور عبد الله»

3 اتجاهات في العراق تتحكم  في قضية «خور عبد الله»
TT

3 اتجاهات في العراق تتحكم في قضية «خور عبد الله»

3 اتجاهات في العراق تتحكم  في قضية «خور عبد الله»

أظهرت الأزمة المستمرة حول اتفاقية خور عبد الله القائمة بين العراق ودولة الكويت، ما لم تظهره أزمة أخرى من حيث «الانقسام» و«اللامبالات» حول تفسيرها أو عدم الاهتمام بها، بين القوى الشيعية المختلفة من جهة، والقوى السياسية الأخرى الكردية والسنيّة.
وإذا كانت القوى الشيعية المختلفة ذهبت أقصى اليمين والشمال في تفسيراتها بشأن قضية خور عبد الله باعتبار وقوعه في أقصى الجنوب العراقي، فإن الاعتبارات الجيوسياسية ربما حكمت موقف القوى السياسية الأخرى، الكردية والسنيّة، بحيث لم يصدر عن أغلب ممثليها ردود فعل معلنة وواضحة حيال قضية الخور.
ويقول الوزير والنائب السابق عن محافظة البصرة وائل عبد اللطيف لـ«الشرق الأوسط»: «الغريب أن لا محافظة عراقية - عدا البصرة - تحدثت عن قضية خور عبد الله، وكأنها تخص البصريين فقط وليس عموم العراق».
القوى الشيعية المختلفة ما زالت تعبر عن وجهات نظر، منتقدة في أغلبها لقضية الخور. ولعل أحدث ما صدر حول القض ية أمس هو إعلان كتلة «الإصلاح» التي يتزعمها وزير الخارجية إبراهيم الجعفري عزمها «تشكيل لجنة من المتخصصين لدراسة قضية خور عبد الله». وكان أتباع التيار الصدري خرجوا في مظاهرة حاشدة الجمعة الماضي في محافظة البصرة المحاذية للكويت احتجاجًا على قضية خور عبد الله.
بيد أن الواضح في القضية وجود ثلاثة اتجاهات شائعة ومتداولة تقف وراء كل واحدة دوافع سياسية محددة، الأولى تعود بالمشكلة إلى القرار الأممي 833 الصادر عن مجلس الأمن عام 1993 وتحمّل نظام الرئيس السابق صدام حسين المسؤولية كاملة، نتيجة غزوه للكويت في أغسطس (آب) 1990 وما ترتب على ذلك من نتائج على العراق. وفي هذا السياق قال رئيس التحالف الوطني السيد عمار الحكيم خلال مؤتمر صحافي عقده في محافظة ذي قار الأسبوع الماضي: «قضية خور عبد الله اتفاق أبرمه النظام الديكتاتوري السابق سنة 1993، حينها لم يكن ساسة اليوم الذين يعاتبون موجودين، لا أحد يقف ليلوم ذلك النظام، إنما تتوجه الملامة لحكومات ما بعد 2003، هناك من يريد إيقاع الشارع العراقي في مواجهة مع الساسة».
أما الاتجاه الثاني، فيسعى إلى تحميل مجلس النواب السابق وحكومة رئيس الوزراء السابق نوري المالكي مسؤولية الأزمة بعد مصادقتهما على قانون رقم 42 لسنة 2013 المتعلق بتصديق الملاحة في خور عبد الله بين العراق والكويت. ويمثل وجهة النظر هذه كثيرون يتقدمهم وزير النقل الأسبق عامر عبد الجبار الذي يقول: «الاتفاقية يتحمل مسؤوليتها البرلمان والحكومة السابقان، الحكومة الحالية لا تتحمل المسؤولية، لكنها استعجلت الخطوة، الاتفاقية التي قدمتها وزارة الخارجية عام 2014 فيها خروقات كثيرة».
وهناك جهة ثالثة تسعى إلى تحميل حكومة رئيس الوزراء الحالي حيدر العبادي مسؤولية أزمة الخور، الأمر الذي دفع العبادي إلى القول: «الضجة كلها مرتبطة بتحريرنا للجانب الأيسر من الموصل».
ويمكن للمراقب العادي ملاحظة، أنه رغم وجهات النظر الكثيرة، المختلفة والمتناقضة، تكاد لا تلتقي بمجموعها على أرضية واضحة ومفهومة تفسّر أبعاد المشكلة وملابساتها وعموم المشاكل الحدودية بين العراق والكويت، كي تتيح قاعدة بيانات رصينة يستفيد منها الجمهور الغاضب الذي يتهم الحكومات المتعاقبة بـ«الخيانة».
وفي هذا الإطار يتهم النائب عن محافظة البصرة وائل عبد اللطيف الحكومات منذ عهد الرئيس الراحل أحمد حسن البكر (1979 - 1968)، وحتى الحكومة الحالية بـ«خيانة البصرة وبيع حدودها ونفطها، من خلال بيع الأراضي والتفريط بحقول الزبير والسجّيل الأعلى وقبة صفوان النفطية لصالح الكويت».
وبالعودة إلى الأصل الذي أثار القضية، نلاحظ أن جهات اتهمها العبادي بالسعي إلى «ابتزاز هذه الدولة أو تلك» استفادت من مناقشة قام بها مجلس الوزراء في 24يناير (كانون الثاني) الماضي لتقرير تقدمت به وزارة الخارجية حول مقاييس عالمية جديدة لتحديد الحدود. وقال العبادي في مؤتمر صحافي عقده الأربعاء الماضي، أن الضجة الإعلامية حول الخور «غير مفهومة الدوافع بالنسبة لنا، لأن شيئا جديدا لم يحدث»، مضيقا: «أثير موضوع الحدود بين العراق الكويت في الأمم المتحدة مؤخرا، والموضوع بمجمله استكمال لمحضر اجتماع اللجنة العليا العراقية الكويتية الذي تمت الموافقة عليه في عهد حكومة رئيس الوزراء السابق نوري المالكي في 24 يناير (كانون الثاني) 2014».
ويؤكد العبادي أن كل ما قام به مجلس الوزراء في اجتماعه الأخير بشأن خور عبد الله هو «التوجيه باستمرار الجهد الهندسي (المتعلق بالحدود) من تخصيصات وزارة النقل (750 مليون دولار) ولم يتم تداول قضية الخور» ويرى أن الموضوع يتعلق بـ«قضية ملاحة وليس رسم حدود».



«جمعة رجب»... مناسبة حوثية لفرض الإتاوات وابتزاز التجار

مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)
مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)
TT

«جمعة رجب»... مناسبة حوثية لفرض الإتاوات وابتزاز التجار

مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)
مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)

استهلت الجماعة الحوثية السنة الميلادية الجديدة بإطلاق حملات جباية استهدفت التجار وأصحاب ورؤوس الأموال في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، بغية إجبارهم على دفع الأموال لتمويل احتفالات الجماعة بما تسميه «جمعة رجب».

وتزعم الجماعة الحوثية أن دخول اليمنيين في الإسلام يصادف أول جمعة من شهر رجب الهجري، ويستغلون المناسبة لربطها بضرورة الولاء لزعيمهم عبد الملك الحوثي تحت ادعاء أن نسبه يمتد إلى علي بن أبي طالب الذي أدخل اليمنيين في الإسلام قبل أكثر من 14 قرناً هجرياً. وفق زعمهم.

وذكرت مصادر مطلعة في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن مشرفين حوثيين برفقة عربات ومسلحين يتبعون عدة مكاتب تنفيذية تابعة للجماعة، نفذوا حملات واسعة ضد متاجر ومؤسسات تجارية في عدة مديريات في المدينة، وأجبروا ملاكها على دفع جبايات، بينما أغلقوا عدداً من المتاجر التي رفض ملاكها التبرع.

وأكدت المصادر أن الانقلابيين شرعوا في توسيع أنشطتهم الاستهدافية في تحصيل الإتاوات أكثر مما كان عليه قبل أشهر ماضية، حيث لم تستثنِ الجماعة حتى صغار التجار والباعة المتجولين والسكان الأشد فقراً.

الانقلابيون سيطروا بالقوة على مبنى الغرفة التجارية في صنعاء (إعلام محلي)

وفي ظل تجاهل الجماعة المستمر لفقر السكان في مناطق سيطرتها، أقرت ما تسمى اللجنة العليا للاحتفالات والمناسبات في اجتماع لها بصنعاء، إطلاق برنامج الفعاليات المصاحب لما يُسمى ذكرى «جمعة رجب»، بالتوازي مع بدء شنّ حملات جباية على التجار والسكان الذين يعانون من ظروف معيشية حرجة.

وهاجم بعض السكان في صنعاء كبار قادة الجماعة لجهة انشغالهم بابتكار مزيد من الفعاليات ذات المنحى الطائفي وتخصيص ميزانية ضخمة لأعمال الدعاية والإعلان، ومكافآت ونفقات لإقامة الندوات وتحركات مشرفيها أثناء حشد الجماهير إليها.

وكانت تقارير محلية اتهمت في وقت سابق قيادات حوثية بارزة في الجماعة يتصدرهم حمود عباد وخالد المداني بجباية مليارات الريالات اليمنية من موارد المؤسسات الحكومية الخاضعة لسلطات الجماعة في صنعاء، لافتة إلى أن معظم المبالغ لم يتم توريدها إلى حسابات بنكية.

تعميم صوري

في حين زعمت وسائل إعلام حوثية أن تعميماً أصدره القيادي في الجماعة حمود عباد المعين أميناً للعاصمة المختطفة، يقضي بمنع إغلاق أي محل أو منشأة تجارية إلا بعد اتخاذ ما سماها «الإجراءات القانونية»، نفى تجار وأصحاب مؤسسات تجارية بصنعاء توقّف عناصر الجماعة عن مداهمة متاجرهم وإغلاقها بعد رفضهم دفع جبايات.

تجمع للمارة في صنعاء أثناء محاولة اعتقال مالك أحد المطاعم (الشرق الأوسط)

وفي مسعى لتلميع صورتها عقب حملات التعسف كانت الجماعة أصدرت تعميماً يُلزِم قادتها في عموم المديريات والمكاتب التنفيذية في صنعاء بعدم إغلاق أي منشأة تجارية إلا بعد اتخاذ «الإجراءات اللازمة».

وحض التعميم الانقلابي كل الجهات على «عمل برامج شهرية» لتنفيذ حملات نزول ميداني لاستهداف المتاجر، مرة واحدة كل شهر عوضاً عن تنفيذ حملات نزول يومية أو أسبوعية.

واعترفت الجماعة الحوثية بوجود شكاوى لتجار وملاك منشآت تجارية من قيام مكاتب تنفيذية في صنعاء بتحصيل مبالغ مالية غير قانونية منهم بالقوة، وبإغلاق مصادر عيشهم دون أي مسوغ قانوني.

توسيع الاستهداف

اشتكى تُجار في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من تصاعد كبير في حملات الاستهداف وفرض الإتاوات ضدهم عقب صدور تلك التعليمات التي يصفونها بـ«غير الإلزامية».

ويتهم عدد من التجار القياديَين حمود عباد وخالد المداني، والأخير هو مشرف الجماعة على المدينة، بتكثيف الأنشطة القمعية بحقهم وصغار الباعة وإرغامهم في كل حملة استهداف على دفع جبايات مالية مقابل السماح لهم بمزاولة أنشطتهم التجارية.

الحوثيون يستهدفون المتاجر والشركات لإجبارها على دفع الأموال (إعلام حوثي)

ويتحدث (أحمد.و)، مالك محل تجاري بصنعاء، عن استهداف متجره بسوق شعبي في حي السنينة بمديرية معين بصنعاء من قِبَل حملة حوثية فرضت عليه دفع مبلغ مالي بالقوة بحجة تمويل مناسبة «جمعة رجب».

وذكر أن عناصر الجماعة توعدته بالإغلاق والاعتقال في حال عدم تفاعله مع مطالبها غير القانونية.

وتحدث أحمد لـ«الشرق الأوسط»، عن إغلاق عدد من المتاجر في الحي الذي يعمل فيه من قِبَل مسلحي الجماعة الذين قال إنهم اعتقلوا بعض ملاك المحلات قبل أن يتم الإفراج عنهم بعد أن رضخوا لدفع الجبايات.