جنبلاط يطالب بـ «الستين معدلاً» و«حزب الله» بـ «النسبية الكاملة» الانتخابات النيابية

جدل قبل أسبوعين من انتهاء المهلة الدستورية لدعوة الهيئات الناخبة

مؤيدون للحزب الشيوعي اللبناني، خلال مظاهرة سارت من منطقة برج حمود إلى ساحة قصر الحكومة في بيروت، امس، طالبوا فيها بإجراء الانتخابات البنانية في موعدها (إ ب أ)
مؤيدون للحزب الشيوعي اللبناني، خلال مظاهرة سارت من منطقة برج حمود إلى ساحة قصر الحكومة في بيروت، امس، طالبوا فيها بإجراء الانتخابات البنانية في موعدها (إ ب أ)
TT

جنبلاط يطالب بـ «الستين معدلاً» و«حزب الله» بـ «النسبية الكاملة» الانتخابات النيابية

مؤيدون للحزب الشيوعي اللبناني، خلال مظاهرة سارت من منطقة برج حمود إلى ساحة قصر الحكومة في بيروت، امس، طالبوا فيها بإجراء الانتخابات البنانية في موعدها (إ ب أ)
مؤيدون للحزب الشيوعي اللبناني، خلال مظاهرة سارت من منطقة برج حمود إلى ساحة قصر الحكومة في بيروت، امس، طالبوا فيها بإجراء الانتخابات البنانية في موعدها (إ ب أ)

مع بدء العد العكسي للمهل الدستورية المتعلقة بالانتخابات النيابية التي يفترض أن تجري في شهر مايو (أيار) المقبل، تبدو مهمة التوصل إلى قانون انتخابي جديد ليست سهلة في ضوء الاختلاف في وجهات النظر بين الأفرقاء السياسيين، الكل وفق مصالحه السياسية.
وقبل أسبوعين من المهلة الأخيرة لدعوة الهيئات الناخبة في 21 فبراير (شباط)، دعا أمس، رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط إلى «الذهاب مباشرة إلى تطبيق الطائف أو قانون الستين معدلا». وقد نص «الطائف» على إنشاء مجلس شيوخ بعد إلغاء الطائفية السياسية تدريجيا أو كاملا مع الاحتفاظ ببعض الأعراف، على أن يبقى رئيس الجمهورية مسيحيا.
وقال جنبلاط في افتتاح المؤتمر الـ47 للحزب التقدمي الاشتراكي: «عندما يصبح المجلس النيابي لا طائفي، عندها نستطيع تطبيق النسبية. هذه مقاربتي للأمور للتأكيد على الشراكة، لأن التنوع جوهر لبنان، ونرفض نقل مقاعد نيابية، ولا نريد حصر طائفة أو مذهب في مكان ما».
وأضاف: «النسبية لم ترد في (الطائف) لا من قريب ولا من بعيد، ومصالحة الجبل أهم من العدد من المجلس النيابي.
من جهته، اعتبر عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب علي فياض أن الحل الأمثل هو اللجوء إلى نسبية بسيطة كاملة مع دوائر موسعة. ورأى فياض أن «كل نقاش في القانون الانتخابي خارج النسبية الكاملة سيصطدم بجدار الاستنسابية والانتقائية وعدم شمولية المعايير ووحدتها التي تحكم المقاربة الانتخابية». وأضاف: «حينما نرفض بعض الصيغ المطروحة، فإننا نرفضها لأسباب وجيهة، وبالأخص لأنها لا تناسب البلد، فبعضها قد يناسبنا من حيث النتائج السياسية، ولكن ليس هذا هو معيارنا».
وقد رأى النائب فياض أن «الحل الأمثل والأسهل والأقل تعقيدا لإقرار قانون انتخابي يستند إلى معايير واضحة ومفهومة، هو اللجوء إلى نسبية بسيطة كاملة مع دوائر موسعة، وعليه فإننا عندما نطالب بهذا الأمر، فلا يستطيع أي أحد أن يتهمنا أننا نفكر أو نتعاطى أو ننطلق من موقع فئوي حزبي أو طائفي أو سياسي، فهذا الموقع هو وطني متعال ينحاز فقط إلى المعايير الوطنية التي تنتج مصلحة وطنية لا لبس ولا شك فيها».
في المقابل، أكد أمين سر تكتل «التغيير والإصلاح» النائب إبراهيم كنعان أن «أحدا لن يأخذنا بمناورة سياسية أو مواقف متدحرجة إلى الستين أو التمديد لأننا لن نسير بهذه المعادلة». وشدّد في حديث تلفزيوني أن «قانون الانتخاب أولوية، ورئيس الجمهورية يضع الجميع أمام مسؤولياتهم لناحية ضرورة ترجمة الوعود إلى قانون جديد»، وهو الأمر الذي شكل قوة دفع لإقرار قانون انتخاب جديد».
وأضاف: «لا يكفي إضاعة الوقت لإرضاء الناس بصيغ ومشاريع والهروب من المسؤولية عند ساعة الحسم، والمطلوب إنهاء الجدل البيزنطي، والذهاب إلى معايير واضحة تحترم الميثاق وتحافظ على استقرار المؤسسات».
ولفت إلى أنه «إذا اصطدمت المساعي بموقف اعتراضي على قانون جديد، فموقف رئيس الجمهورية سيكون سقفا لتحرك كثير من الكتل وقد نصل إلى أزمة وبعدها انفراج، ونحن في سياق البحث عن الحلول، قد لا نمانع التضحية ولكن ليس على حساب الحقوق الدستورية والميثاقية لمن نمثل».
وعن موقف جنبلاط قال إن «رئيس اللقاء الديمقراطي خرج بموقفه المعلن في خلوة الحزب التقدمي الاشتراكي من الضبابية وحدد سقفه وهو قانون الستين معدلا»، مؤكدا أننا «لا نريد استفزاز أحد أو استهداف أحد، وجنبلاط من بينهم، ونريد الشراكة مع الجميع على أسس سليمة»، مشيرا إلى أن «هناك خللا على صعيد التمثيل المسيحي في كل الدوائر تقريبا، ومنها الشوف وعالية»، لافتا إلى أن «قانون الانتخاب مسألة استراتيجية دائمة، تبنى على أساس صحة التمثيل وقاعدة ديمقراطية صحيحة ولا تبنى على التحالفات السياسية الظرفية التي يمكن أن تتبدل مع تبدل القيادات السياسية».
وذكر بأن «الأكثرية والنسبية لم ترد في الطائف، بل الديمقراطية التوافقية التي تقوم على تمثيل الجميع بحسب أحجامهم، ونحن نعتبر أن النسبية تؤمن عدالة التمثيل في مجتمع تعددي، وأكثرية تحكم وأقلية تعارض».
من جهته، أكد النائب ميشال موسى أن «الاستحقاقات في لبنان تتم في ربع الساعة الأخير»، مشيرا إلى أن «هناك مساحة مشتركة في بعض القوانين المطروحة».
ولفت في حديث إذاعي إلى أن «شرط التمديد التقني يجب أن يكون بعد الاتفاق على قانون انتخابي جديد وإلا فلا تمديد»، معتبرا أن «كلام رئيس الجمهورية الأخير دعوة إلى الأفرقاء كافة للإسراع في التوافق على قانون جديد»، مشددا على أن «العماد ميشال عون هو حامي الدستور ولن يقدم على خطوة مجهولة أو خطرة».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.