فرنسا وألمانيا تدعمان المبادرة التونسية لتنظيم حوار وطني في ليبيا

القضاء التونسي يستمع إلى شهادة السجين الليبي الثاني في قضية اختطاف الدبلوماسيين التونسيين في ليبيا

وزير الخارجية التونسي المنجي الحامدي متوسطا وزيري خارجية فرنسا لوران فابيوس والمانيا فرانك فالتر شتاينماير في مؤتمر صحافي في تونس أمس (إ.ب.أ)
وزير الخارجية التونسي المنجي الحامدي متوسطا وزيري خارجية فرنسا لوران فابيوس والمانيا فرانك فالتر شتاينماير في مؤتمر صحافي في تونس أمس (إ.ب.أ)
TT

فرنسا وألمانيا تدعمان المبادرة التونسية لتنظيم حوار وطني في ليبيا

وزير الخارجية التونسي المنجي الحامدي متوسطا وزيري خارجية فرنسا لوران فابيوس والمانيا فرانك فالتر شتاينماير في مؤتمر صحافي في تونس أمس (إ.ب.أ)
وزير الخارجية التونسي المنجي الحامدي متوسطا وزيري خارجية فرنسا لوران فابيوس والمانيا فرانك فالتر شتاينماير في مؤتمر صحافي في تونس أمس (إ.ب.أ)

أعرب لوران فابيوس وزير الخارجية الفرنسي، وفرانك فالتر شتاينماير وزير الخارجية الألماني، عن دعمهما للمبادرة التونسية لتنظيم حوار وطني في ليبيا تحت إشراف منظمة الأمم المتحدة. وقالا في ندوة إعلامية مشتركة عقداها على أثر انتهاء زيارتهما إلى تونس، إن فرنسا وألمانيا ستعبئان جهودهما في كل الميادين لمحاربة الإرهابيين ومحاصرة الأنشطة الإرهابية.
وقالا إن الإرهاب يهدد تونس ويحاصر انتعاشتها الاقتصادية، خاصة مع تواصل تفجر الأوضاع الأمنية في ليبيا. وبشأن نتائج الزيارة التي قاما بها إلى تونس يومي 24 و25 أبريل (نيسان) الجاري، لخص الوزيران الأمر في كلمتين فقط تمثلان مفتاح هذه الزيارة، وهما على حد قولهما، «الثقة والتعبئة».
وقال فابيوس وزير الخارجية الفرنسي إن التعبير عن الثقة في تونس تترجمه عدة إنجازات، من بينها نجاح البلاد في إنجاز دستور تقدمي والاقتراب من التصديق على القانون الانتخابي في انتظار إجراء ثاني انتخابات بعد الثورة. وأضاف قائلا: «إن النجاح السياسي لا بد أن يترجم عبر النجاحات الاقتصادية». وأشار إلى تخصيص فرنسا مبلغ 500 مليون يورو لدعم تونس، بالإضافة إلى تقديم فرنسا مبلغ 150 مليون يورو لتهيئة مجموعة من الأحياء الشعبية. وأعلن عن وجود مشروع اتفاق بين تونس وفرنسا لتحويل مبلغ 60 مليون يورو من قروض إلى استثمارات.
وأعرب عن تشجيع الحكومة الفرنسية للاستثمار في تونس لأنه، على حد قوله، «استثمار في الديمقراطية». وقال إن الحوار بين فرنسا وتونس سيتواصل خلال زيارة جمعة إلى باريس مطلع الأسبوع المقبل. وأشار فرانك فالتر شتاينماير وزير الخارجية الألماني خلال الندوة الصحافية إلى أن الزيارة ليست من قبيل الصدفة، بل تأتي ضمن الإصرار المشترك من ألمانيا وفرنسا على دعم مسار الانتقال الديمقراطي في تونس التي تعد تجربة انتقال نموذجية. وقال إن ما يحدث في تونس يحظى بالاهتمام، وعبر عن أسفه لفشل تجارب الانتقال الديمقراطي في بلدان أخرى.
وأكد أن الأمن في البلدان المجاورة له أهمية كبرى على نجاح التجربة التونسية. وقال في نهاية كلمته: «إننا سعداء باستقبال رئيس الحكومة التونسية في ألمانيا خلال شهر يونيو (حزيران) المقبل»، في إشارة إلى الدعوة التي وجهتها أنجيلا ميركل للمهدي جمعة لزيارة ألمانيا. ووصف المنجي الحامدي وزير الخارجية التونسي الزيارة بالحدث غير المسبوق الذي جاء لدعم مجهودات الحكومة التونسية في المجال الاقتصادي ومن ثم الإعداد لإجراء الانتخابات. وقال: «إن الزيارة تعد إشارة قوية من دولتين من أكبر دول الاتحاد الأوروبي لما حققته تونس من قفزة نوعية ستؤسس لعلاقات استراتيجية متطورة»، على حد تعبيره.
على صعيد آخر، استمع قاضي التحقيق بالمحكمة الابتدائية بتونس العاصمة يوم أمس، إلى الموقوف الليبي الثاني في قضية اختطاف الدبلوماسيين التونسيين في ليبيا. والسجين الليبي متهم في قضية أحداث الروحية التي وقعت سنة 2011 وراح ضحيتها ضابط سام في الجيش التونسي وجرح آخرون.
ويأتي هذا التحقيق إثر طلب تقدمت به وزارة الشؤون الخارجية إلى النيابة العمومية بالمحكمة الابتدائية بتونس للبحث في ملابسات عملية اختطاف التونسيين بليبيا من قبل مجموعة طلبت مقايضتهما بالليبيين الموقوفين في أحداث الروحية، وهو ما رفضته السلطات التونسية.
وكان القضاء التونسي استمع قبل ثلاثة أيام إلى سجين ليبي في القضية نفسها، كما استمع أول من أمس إلى شهادة رضا البوكادي السفير التونسي لدى ليبيا. وكان سفيان السليطي المتحدث باسم وزارة المحكمة الابتدائية بتونس، أكد أن المحكمة التونسية استمعت إلى السجينين الليبيين بوصفهما شاهدين وليسا متهمين.
وأعلن تنظيم ليبي سلفي يطلق على نفسه اسم «شباب التوحيد» اختطاف التونسي محمد بالشيخ الموظف بالسفارة التونسية لدى ليبيا يوم 21 مارس (آذار) الماضي ثم أعاد الكرة واختطف العروسي القنطاسي المستشار الأول بالسفارة يوم 17 أبريل الجاري، وطلب مقايضة الموظفين بالسفارة التونسية لدى ليبيا بالسجينين الليبيين المحكوم ضدهما بالسجن لمدة 16 سنة.
في غضون ذلك، رحبت آمال كربول وزيرة السياحة التونسية يوم أمس، بمساءلة المجلس الوطني التأسيسي (البرلمان) ومحاسبتها بشأن دخول 61 من حاملي الجنسية الإسرائيلية إلى تونس. وقالت في أول ندوة صحافية تعقدها منذ توليها مقاليد الوزارة في ظل إجراءات أمنية مشددة، إنها ستكون أمام فرصة لإطلاع التونسيين على حجم العمل الذي قامت به منذ ما يقرب من 80 يوما على دخولها الوزارة.
وفسرت كربول بحضور عدد غفير من ممثلي وسائل الإعلام المحلية والأجنبية الإجراءات والتقاليد المتعارف عليها سواء في عهد النظام السابق أو حكومات «الترويكا» بشأن دخول اليهود الحاملين للجنسية الإسرائيلية، وقالت إن الدخول كان يحصل دون توثيق للمسألة، وفق تعبيرها. وقللت من خطورة هذه المسألة، وقالت إنها استشارت وزارتي الداخلية والخارجية حول دخول الإسرائيليين بغرض الحج، فأعلمتاها بعدم وجود توجيهات مكتوبة، على حد قولها، وأن دخولهم يخضع للتقاليد المتبعة مند عقود من الزمن.
وحملت أعضاء المجلس التأسيسي تداعيات قرار منع قدوم اليهود لحج كنيس «الغريبة» (جنوب شرقي تونس).
وجددت آمال كربول ترحيبها بقدوم كل الجنسيات والأطياف الدينية، بما فيها الطائفة اليهودية، قائلة إنها لا ترغب في الخوض في المسائل السياسية، وقالت إنها «تركت السياسة للساسة»، على حد قولها، في إشارة منها إلى لائحة سحب الثقة منها التي وقعها قرابة 80 من أعضاء المجلس التأسيسي. وبينت بهذه المناسبة أن الحج إلى كنيس «الغريبة» من قبل الطائفة اليهودية يعد مؤشرا كبيرا على نجاح الموسم السياحي الموالي.
وكشفت في هذا الصدد أن وزراء الثقافة والشؤون الدينية والسياحة التونسيين سيواكبون حجة الغريبة في الفترة المتراوحة بين 16 و18 مايو (أيار) المقبل. وفجرت آمال كربول منذ تعيينها وزيرة للسياحة في حكومة مهدي جمعة، جدلا واسعا بعد الكشف عن زيارتها إسرائيل ضمن هياكل الأمم المتحدة، وهو ما وضعها في مأزق سياسي جعلها تعلن التلويح بالاستقالة قبل تسلم مهامها في الوزارة. ووعد رئيس الحكومة بالنظر في ملف اتهام الوزيرة وأبدى استعدادا للتخلي عنها في حال ثبوت إدانتها.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.