أميركا تعيد فتح مطاراتها لرعايا 7 دول مسلمة بقرار قضائي

شركات الطيران تستأنف رحلاتها... وترمب يعد بإبطال القرار

جانب من مسيرة لندن المنددة بسياسات الرئيس الأميركي أمس (إ.ب.أ) ... ومتظاهرون ألمان يحملون لافتات في مظاهرة شبيهة في برلين أمس (إ.ب.أ)
جانب من مسيرة لندن المنددة بسياسات الرئيس الأميركي أمس (إ.ب.أ) ... ومتظاهرون ألمان يحملون لافتات في مظاهرة شبيهة في برلين أمس (إ.ب.أ)
TT

أميركا تعيد فتح مطاراتها لرعايا 7 دول مسلمة بقرار قضائي

جانب من مسيرة لندن المنددة بسياسات الرئيس الأميركي أمس (إ.ب.أ) ... ومتظاهرون ألمان يحملون لافتات في مظاهرة شبيهة في برلين أمس (إ.ب.أ)
جانب من مسيرة لندن المنددة بسياسات الرئيس الأميركي أمس (إ.ب.أ) ... ومتظاهرون ألمان يحملون لافتات في مظاهرة شبيهة في برلين أمس (إ.ب.أ)

أعلنت الولايات المتحدة الأميركية، أمس السبت، إعادة فتح أبواب الدخول إلى أراضيها لرعايا الدول الإسلامية السبع المشمولين بقرار حظر سابق اتخذه الرئيس الأميركي دونالد ترمب، وتعليق كل إجراءات العمل به، وذلك امتثالاً لأوامر القضاء الأميركي.
وقالت الحكومة الفيدرالية الأميركية، ممثلة في وزارتي الخارجية والأمن الداخلي، إن السلطات الفيدرالية أعادت تفعيل نحو 60 ألف تأشيرة دخول ملغية، وأصبح بمقدور حاملي هذه التأشيرات دخول البلاد، إلى أن يتم البت النهائي في دستورية قرار ترمب، وهو أمر منوط بالمحكمة الأميركية العليا، إذا ما تم رفع الأمر إليها.
وجاءت هذه التطورات بعد أن أصدر القاضي الفيدرالي في مدينة سياتل بولاية واشنطن، جيمس روبرت، حكمًا أوليًا قابلاً للاستئناف، يقضي بوقف تطبيق المرسوم الرئاسي في جميع الولايات. وأثار هذا الحكم القضائي حنق الرئيس الأميركي، الذي عبر عن غضبه الشديد في عدة تغريدات، وصف فيها الحكم القضائي بـ«السخيف وسيتم إلغاؤه»، مضيفًا أن «من يسمي نفسه بالقاضي سوف يعرض أمن البلاد للخطر». وتعهد ترمب بتحدي الحكم الأولي، ملوحًا بأن المعركة القضائية لا تزال مستمرة ولم تصل إلى نهايتها بعد.
وفي الوقت الذي تباطأت فيه وزارة العدل الأميركية في استئناف القرار، علمت «الشرق الأوسط» من مصادر أمنية أن ثلاث وكالات استخبارية رئيسية على الأقل، أبلغت الأطراف المعنية أن قرار حظر دخول مواطني البلدان السبع يعرض جهود مكافحة الإرهاب للخطر. وأوضح أحد هذه المصادر في تصريح خاص لـ«الشرق الأوسط»، مشترطًا عدم الإفصاح عن اسمه، أن البيت الأبيض لم يشرك وكالات جمع المعلومات في جلسات المداولة والتشاور بشأن القرار قبل صدوره، وأن هذا الأمر سبب لمسؤوليها حرجًا كبيرًا أمام جهات مهمة تتردد على الولايات المتحدة بصفة مستمرة. وأضاف المصدر قائلا: «صحيح أن الدول السبع التي لم تذكر بالاسم وإنما بالوصف في مرسوم ترمب توجد بها بؤر خطيرة للإرهاب، إلا أن هذا لا يعني أن جميع مواطنيها إرهابيون، أو أننا لا نحتاج إليهم في حربنا على تنظيمات داعش والقاعدة وغيرها..» وتابع: «هناك دولة من الدول السبع نعتبرها حاضنة للإرهاب»، في إشارة منه على ما يبدو إلى إيران، «ودولتان يتخذ منهما تنظيم داعش أرضًا خصبة له، (سوريا والعراق)، وبلدان مزقتهما الحرب الأهلية وليس لهما حكومة، ودولتان فاشلتان (اليمن والسودان)، يوجد بهما بؤر للإرهاب».
من جهته، قال البيت الأبيض إنه سيتقدم بطعن في أسرع وقت مكن. وأضاف في بيان: «تعتزم وزارة العدل الطعن في أقرب وقت ممكن في هذا الحكم الشائن، وستدافع عن الأمر التنفيذي الذي أصدره الرئيس ونعتقد أنه قانوني ومناسب». وتابع: «أمر الرئيس يهدف إلى حماية الوطن، ويتمتع الرئيس بسلطة دستورية، وتقع عليه مسؤولية حماية الشعب الأميركي».
أما حاكم ولاية واشنطن، جاي انسلي، فرحب بالحكم معتبرًا إياه انتصارا للولاية. وقال: «ما من أحد - ولا حتى الرئيس - فوق القانون». ورحبت جماعات تحتج على الحظر بحكم القاضي.
في موازاة ذلك، أمر قاض آخر في ولاية فرجينيا البيت الأبيض بتقديم قائمة بأسماء كل الأشخاص الذين مُنعوا من دخول الولايات المتحدة بسبب حظر السفر. وقالت وزارة الخارجية الأميركية يوم الجمعة إن عشرات الآلاف من تأشيرات الدخول ألغيت بموجب حظر السفر الذي فرضه الرئيس الأميركي دونالد ترمب على مواطني سبع دول ذات أغلبية مسلمة. وقال ويليام كوكس المتحدث باسم الشؤون القنصلية في وزارة الخارجية إن أقل من 60 ألف تأشيرة لأفراد ألغيت بشكل مؤقت امتثالاً للأمر التنفيذي. وكانت تقارير إعلامية قد ذكرت في وقت سابق نقلاً عن مدع حكومي في جلسة بمحكمة اتحادية أن عدد التأشيرات التي ألغيت أكثر من 100 ألف تأشيرة.
بهذا الصدد، صرّح المتحدث باسم وزارة الخارجية لوكالة الصحافة الفرنسية: «لقد تراجعنا عن السحب المؤقت للتأشيرات». وأضاف أن «حاملي التأشيرات التي لم يتم إلغاؤها يمكنهم السفر إذا كانت التأشيرة صالحة»، بانتظار النظر في شكل كامل في شكوى تقدم بها النائب العام لولاية واشنطن بوب فيرغسون، وتم بناء عليها تعليق تنفيذ المرسوم الرئاسي. وقال فيرغسون الجمعة، إن تعليق المحكمة لقرار ترمب يعني أن «الدستور انتصر... ولا أحد فوق القانون، حتى لو كان الرئيس».
من جهتها، سمحت كثير من شركات الطيران للمسافرين من مواطني الدول السبعة، والراغبين في التوجه إلى الأراضي الأميركية بالصعود في طائراتها بعد تجميد الحظر.
ورغم أن عددًا من شركات الطيران قالت إنها تنتظر تطورات الوضع، أعلنت شركات من بينها «إير فرانس» والخطوط القطرية وخطوط «لوفتهانزا» الألمانية والخطوط الجوية السويسرية أنها ستنقل المسافرين من مواطني تلك الدول، إذا كانت بحوزتهم تأشيرات سارية.
وقالت الخطوط الفرنسية لوكالة الصحافة الفرنسية إنه «ابتداءً من صباح اليوم (أمس)، بدأنا نطبق وعلى الفور القرار القضائي الأميركي. وسيتمكن جميع المسافرين من الصعود إلى الطائرات فور التأكد من أن أوراقهم صحيحة للسفر إلى الولايات المتحدة». وأكدت كثير من شركات الطيران الأخرى على مواقعها على الإنترنت أنها ستنقل المسافرين الذين يحملون تأشيرات حتى قبل نشر بيان وزارة الخارجية. وصرح مسؤول في مطار القاهرة، طلب عدم كشف هويته، أن شركات الطيران تلقت إشعارًا من مطار جون كيندي في نيويورك، بأنه لن يطبق أمر ترمب بشأن المسافرين إلى الولايات المتحدة الذين يحملون وثائق سارية عقب قرار المحكمة تعليق الحظر الرئاسي.
وتسبب القرار الذي أصدره ترمب الأسبوع الماضي بصدمة بعد أن حظر لمدة 90 يومًا دخول أي من مواطني سبع دول مسلمة هي إيران، والعراق، وليبيا، والصومال، والسودان، وسوريا، واليمن ودخول جميع اللاجئين لمدة 120 يومًا.



لماذا يثير الحلف النووي الروسي - الصيني المحتمل مخاوف أميركا وحلفائها؟

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع وزير الخارجية الصيني وانغ يي على هامش قمة مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو بالبرازيل 10 نوفمبر الحالي (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع وزير الخارجية الصيني وانغ يي على هامش قمة مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو بالبرازيل 10 نوفمبر الحالي (أ.ف.ب)
TT

لماذا يثير الحلف النووي الروسي - الصيني المحتمل مخاوف أميركا وحلفائها؟

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع وزير الخارجية الصيني وانغ يي على هامش قمة مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو بالبرازيل 10 نوفمبر الحالي (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع وزير الخارجية الصيني وانغ يي على هامش قمة مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو بالبرازيل 10 نوفمبر الحالي (أ.ف.ب)

يمثل الصعود العسكري للصين، وبخاصة برنامج تحديث ترسانتها النووية، هاجساً قوياً لدى دوائر صناعة القرار والتحليل السياسي والاستراتيجي في الولايات المتحدة، خصوصاً في ظل التقارب المزداد بين بكين، وموسكو التي تلوح بمواجهة عسكرية مباشرة مع الغرب على خلفية الحرب التي تخوضها حالياً في أوكرانيا.

وفي تحليل نشرته مجلة «ناشونال إنتريست» الأميركية، يتناول ستيفن سيمبالا أستاذ العلوم السياسية في جامعة براندواين العامة بولاية بنسلفانيا الأميركية، ولورانس كورب ضابط البحرية السابق والباحث في شؤون الأمن القومي في كثير من مراكز الأبحاث والجامعات الأميركية، مخاطر التحالف المحتمل للصين وروسيا على الولايات المتحدة وحلفائها.

ويرى الخبراء أن تنفيذ الصين لبرنامجها الطموح لتحديث الأسلحة النووية من شأنه أن يؤدي إلى ظهور عالم يضم 3 قوى نووية عظمى بحلول منتصف ثلاثينات القرن الحالي؛ وهي الولايات المتحدة وروسيا والصين. في الوقت نفسه، تعزز القوة النووية الصينية المحتملة حجج المعسكر الداعي إلى تحديث الترسانة النووية الأميركية بأكملها.

وأشار أحدث تقرير للجنة الكونغرس المعنية بتقييم الوضع الاستراتيجي للولايات المتحدة والصادر في أكتوبر (تشرين الأول) 2023، إلى ضرورة تغيير استراتيجية الردع الأميركية للتعامل مع بيئة التهديدات النووية خلال الفترة من 2027 إلى 2035. وبحسب اللجنة، فإن النظام الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة والقيم التي يستند إليها يواجه خطر نظام الحكم المستبد في الصين وروسيا. كما أن خطر نشوب صراع عسكري بين الولايات المتحدة وكل من الصين وروسيا يزداد، وينطوي على احتمال نشوب حرب نووية.

ولمواجهة هذه التحديات الأمنية، أوصت اللجنة الأميركية ببرنامج طموح لتحديث الترسانة النووية والتقليدية الأميركية، مع قدرات فضائية أكثر مرونة للقيام بعمليات عسكرية دفاعية وهجومية، وتوسيع قاعدة الصناعات العسكرية الأميركية وتحسين البنية التحتية النووية. علاوة على ذلك، تحتاج الولايات المتحدة إلى تأمين تفوقها التكنولوجي، وبخاصة في التقنيات العسكرية والأمنية الجديدة مثل الذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمية وتحليل البيانات الكبيرة، وفقاً لما ذكرته وكالة الأنباء الألمانية.

ولم يقترح تقرير اللجنة أرقاماً دقيقة للأسلحة التي تحتاجها الولايات المتحدة ولا أنواعها، لمواجهة صعود الصين قوة نووية منافسة وتحديث الترسانة النووية الروسية. ورغم ذلك، فإن التكلفة المرتبطة بتحديث القوة النووية الأميركية وبنيتها التحتية، بما في ذلك القيادة النووية وأنظمة الاتصالات والسيطرة والدعم السيبراني والفضائي وأنظمة إطلاق الأسلحة النووية وتحسين الدفاع الجوي والصاروخي للولايات المتحدة، يمكن أن تسبب مشكلات كبيرة في الميزانية العامة للولايات المتحدة.

في الوقت نفسه، فالأمر الأكثر أهمية هو قضية الاستراتيجية الأميركية والفهم الأميركي للاستراتيجية العسكرية الصينية والروسية والعكس أيضاً، بما في ذلك الردع النووي أو احتمالات استخدامه الذي يظهر في الخلفية بصورة مثيرة للقلق.

في الوقت نفسه، يرى كل من سيمبالا صاحب كثير من الكتب والمقالات حول قضايا الأمن الدولي، وكورب الذي عمل مساعداً لوزير الدفاع في عهد الرئيس الأميركي الراحل رونالد ريغان، أنه من المهم تحديد مدى تنسيق التخطيط العسكري الاستراتيجي الروسي والصيني فيما يتعلق بالردع النووي والبدء باستخدام الأسلحة النووية أو القيام بالضربة الأولى. وقد أظهر الرئيسان الصيني شي جينبينغ والروسي فلاديمير بوتين، تقارباً واضحاً خلال السنوات الأخيرة، في حين تجري الدولتان تدريبات عسكرية مشتركة بصورة منتظمة. ومع ذلك فهذا لا يعني بالضرورة أن هناك شفافية كاملة بين موسكو وبكين بشأن قواتهما النووية أو خططهما الحربية. فالقيادة الروسية والصينية تتفقان على رفض ما تعدّانه هيمنة أميركية، لكن تأثير هذا الرفض المشترك على مستقبل التخطيط العسكري لهما ما زال غامضاً.

ويمكن أن يوفر الحد من التسلح منتدى لزيادة التشاور بين الصين وروسيا، بالإضافة إلى توقعاتهما بشأن الولايات المتحدة. على سبيل المثال، حتى لو زادت الصين ترسانتها النووية الاستراتيجية إلى 1500 رأس حربي موجودة على 700 أو أقل من منصات الإطلاق العابرة للقارات، سيظل الجيش الصيني ضمن حدود معاهدة «ستارت» الدولية للتسلح النووي التي تلتزم بها الولايات المتحدة وروسيا حالياً. في الوقت نفسه، يتشكك البعض في مدى استعداد الصين للمشاركة في محادثات الحد من الأسلحة الاستراتيجية، حيث كانت هذه المحادثات تجري في الماضي بين الولايات المتحدة وروسيا فقط. ولكي تنضم الصين إلى هذه المحادثات عليها القبول بدرجة معينة من الشفافية التي لم تسمح بها من قبل بشأن ترسانتها النووية.

وحاول الخبيران الاستراتيجيان سيمبالا وكورب في تحليلهما وضع معايير تشكيل نظام عالمي ذي 3 قوى عظمى نووية، من خلال وضع تصور مستقبلي لنشر القوات النووية الاستراتيجية الأميركية والروسية والصينية، مع نشر كل منها أسلحتها النووية عبر مجموعة متنوعة من منصات الإطلاق البرية والبحرية والجوية. ويظهر التباين الحتمي بين الدول الثلاث بسبب الاختلاف الشديد بين الإعدادات الجيوستراتيجية والأجندات السياسة للقوى الثلاث. كما أن خطط تحديث القوة النووية للدول الثلاث ما زالت رهن الإعداد. لكن من المؤكد أن الولايات المتحدة وروسيا ستواصلان خططهما لتحديث صواريخهما الباليستية العابرة للقارات والصواريخ الباليستية التي تطلق من الغواصات والقاذفات الثقيلة بأجيال أحدث من منصات الإطلاق في كل فئة، في حين يظل الغموض يحيط بخطط الصين للتحديث.

ورغم أن الولايات المتحدة تمتلك ترسانة نووية تتفوق بشدة على ترسانتي روسيا والصين، فإن هذا التفوق يتآكل بشدة عند جمع الترسانتين الروسية والصينية معاً. فالولايات المتحدة تمتلك حالياً 3708 رؤوس نووية استراتيجية، في حين تمتلك روسيا 2822 رأساً، والصين 440 رأساً. علاوة على ذلك، فالدول الثلاث تقوم بتحديث ترساناتها النووية، في حين يمكن أن يصل حجم ترسانة الأسلحة النووية الاستراتيجية الصينية إلى 1000 سلاح بحلول 2030.

ولكن السؤال الأكثر إلحاحاً هو: إلى أي مدى ستفقد الولايات المتحدة تفوقها إذا واجهت هجوماً مشتركاً محتملاً من جانب روسيا والصين مقارنة بتفوقها في حال التعامل مع كل دولة منهما على حدة؟ ولا توجد إجابة فورية واضحة عن هذا السؤال، ولكنه يثير قضايا سياسية واستراتيجية مهمة.

على سبيل المثال، ما الذي يدفع الصين للانضمام إلى الضربة النووية الروسية الأولى ضد الولايات المتحدة وحلفائها في حلف شمال الأطلسي (ناتو)؟ ولا بد أن نتخيل سيناريو متطرفاً، حيث تتحول الأزمات المتزامنة في أوروبا وآسيا إلى أزمات حادة، فتتحول الحرب الروسية - الأوكرانية إلى مواجهة بين روسيا وحلف «الناتو»، في الوقت الذي تتحرك فيه الصين للاستيلاء على تايوان، مع تصدي الولايات المتحدة لمثل هذه المحاولة.

وحتى في هذه الحالة المتطرفة، لا شك أن الصين تفضل تسوية الأمور مع تايوان بشروطها الخاصة وباستخدام القوات التقليدية. كما أنها لن تستفيد من الاشتراك في حرب بوتين النووية مع «الناتو». بل على العكس من ذلك، أشارت الصين حتى الآن بوضوح تام إلى روسيا بأن القيادة الصينية تعارض أي استخدام نووي أولاً في أوكرانيا أو ضد حلف شمال الأطلسي. والواقع أن العلاقات الاقتصادية الصينية مع الولايات المتحدة وأوروبا واسعة النطاق.

وليس لدى الصين أي خطة لتحويل الاقتصادات الغربية إلى أنقاض. فضلاً عن ذلك، فإن الرد النووي للولايات المتحدة و«الناتو» على الضربة الروسية الأولى يمكن أن يشكل مخاطر فورية على سلامة وأمن الصين.

وإذا كان مخططو الاستراتيجية الأميركية يستبعدون اشتراك روسيا والصين في توجيه ضربة نووية أولى إلى الولايات المتحدة، فإن حجم القوة المشتركة للدولتين قد يوفر قدراً من القوة التفاوضية في مواجهة حلف شمال الأطلسي والولايات المتحدة.

وربما تدعم الصين وروسيا صورة كل منهما للأخرى بوصفها دولة نووية آمنة في مواجهة الضغوط الأميركية أو حلفائها لصالح تايوان أو أوكرانيا. ولكن إذا كان الأمر كذلك، فمن المرجح أن توفر «الفجوة» بين أعداد الأسلحة النووية غير الاستراتيجية أو التكتيكية التي تحتفظ بها روسيا والصين والموجودة في المسرح المباشر للعمليات العسكرية، مقارنة بتلك المتاحة للولايات المتحدة أو حلف شمال الأطلسي، عنصر ردع ضد أي تصعيد تقليدي من جانب الولايات المتحدة ضد أي من الدولتين.

أخيراً، يضيف ظهور الصين قوة نووية عظمى تعقيداً إلى التحدي المتمثل في إدارة الاستقرار الاستراتيجي النووي. ومع ذلك، فإن هذا لا يمنع تطوير سياسات واستراتيجيات إبداعية لتحقيق استقرار الردع، والحد من الأسلحة النووية، ودعم نظام منع الانتشار، وتجنب الحرب النووية. ولا يمكن فهم الردع النووي للصين بمعزل عن تحديث قوتها التقليدية ورغبتها في التصدي للنظام الدولي القائم على القواعد التي تفضلها الولايات المتحدة وحلفاؤها في آسيا. في الوقت نفسه، فإن التحالف العسكري والأمني بين الصين وروسيا مؤقت، وليس وجودياً. فالتوافق بين الأهداف العالمية لكل من الصين وروسيا ليس كاملاً، لكن هذا التحالف يظل تهديداً خطيراً للهيمنة الأميركية والغربية على النظام العالمي.