في أبين... الشعب يريد إسقاط «القاعدة»

منظر عام لمدينة لودر كما بدت أمس والتقطتها عدسة مقاتل في المقاومة («الشرق الأوسط»)
منظر عام لمدينة لودر كما بدت أمس والتقطتها عدسة مقاتل في المقاومة («الشرق الأوسط»)
TT

في أبين... الشعب يريد إسقاط «القاعدة»

منظر عام لمدينة لودر كما بدت أمس والتقطتها عدسة مقاتل في المقاومة («الشرق الأوسط»)
منظر عام لمدينة لودر كما بدت أمس والتقطتها عدسة مقاتل في المقاومة («الشرق الأوسط»)

لم يكن اليومان الماضيان كغيرهما من الأيام التي مرت على محافظة أبين (شرق عدن)، إذ شهدت مديريات في المحافظة حالة ارتباك إثر ورود أنباء عن سيطرة تنظيم القاعدة في جزيرة على بعض المدن. لكن أهالي أبين كانت لهم كلمتهم، وطردوا تنظيم القاعدة من دون مواجهة، وقبل أن تصل أي قوات.
ولم يخرج الأهالي ليرددوا: الشعب يريد إسقاط «القاعدة»، بل طردوها بالفعل. ووفقا لمقاتل في المقاومة تحدث مع «الشرق الأوسط» عبر الهاتف، فإن «عناصر التنظيم الإرهابي حاولوا دخول مديرية لودر، وصدهم الأهالي، ولم يستطيعوا الصمود لأكثر من ساعة ونصف الساعة».
وتعد السيطرة على مدينة لودر وهي أكبر مدن محافظة أبين، ذات أهمية استراتيجية، حيث إنها تعني الهيمنة على مديريات المحفد، مودية، وأحور العين.
في السياق نفسه، أفادت مصادر محلية بأن مقاتلات التحالف العربي لاستعادة الشرعية في اليمن شنت عدة غارات جوية على مواقع لعناصر «القاعدة» في لودر، دون أن تتضح الخسائر التي خلفها القصف.
المقاتل الذي فضل حجب اسمه حتى لا يتعرض للاستهداف قال إن القصة بدأت عندما أبلغت الخلايا النائمة لتنظيم القاعدة بمدينة زنجبار (وهي مركز محافظة أبين) التنظيم بمديرية لودر عن خروج أكثر من عشر مركبات قادمة باتجاههم لمحاربة التنظيم، إذ تردد أن قياديا بارزا في القوات الحكومية كان يستقل إحدى تلك المركبات، وكان رد فعل «القاعدة» أنهم انتشروا بين مدينة العين ولودر لعمل كمائن لهذه القوة، وفي الأثناء، ظن الأهالي أن قوات الحزام الأمني ستتصدى لهم وانتظروا قليلاً. يكمل المقاتل: «تواصلنا مع قيادة الحزام الأمني بلودر لتحفيزهم وكانت إجابتهم أنهم لا يملكون ذخيرة... فتواصلت القيادة السابقة للجان الشعبية بلودر مع المواطنين وقادة المربعات السابقة للجان وقيادات النقاط بسرعة الانتشار وإبلاغ الشباب بسرعة التنفيذ».
وللتوضيح، فإن ما يقصده المقاتل باللجان الشعبية ليست تلك التي تقاتل إلى جانب الحوثي وصالح، ويقول إنهم «سرقوا اسم القوات التي كافحت تنظيم القاعدة منذ عام 2011 وحتى عام 2015».
ويقول نزار جعفر القيادي في اللجان الشعبية الخاصة بمحافظة أبين: «لقد خرج المقاتلين بإمكاناتهم الشحيحة للغاية، وتم توزيعهم على مربعات لحماية المدينة، وتم تجهيز قوة للهجوم على الموقع الرئيسي الذي تمت السيطرة عليه من قبل التنظيم... وأثناء التجهيز للهجوم، انسحبت عناصر القاعدة من الموقع بعد أن علموا بأن المركبات لم تخرج في مهمة للودر بل لاسترجاع مركبة معطوبة وحسب».
وكانت وكالات الأنباء نشرت أنباء متضاربة حول تحركات «القاعدة» في المحافظة، إذ قالت وكالة الأنباء الألمانية أمس إن عناصر تتبع تنظيم القاعدة استعادت السيطرة على مدينتي لودر وشقرة في أبين، دون وقوع أي اشتباكات مع قوات الأمن والجيش، بعد انسحاب قوات الحزام الأمني وقوات الجيش الموالية للحكومة «الشرعية» منها، لافتا إلى أن عناصر التنظيم استحدثوا عدة نقاط تفتيش ورفعوا شعارات «القاعدة» فيها. وأضاف المصدر أن «عناصر القاعدة أقدموا على تفجير مقرين أمنيين في مدينتي لودر وشقرة تتبع قوات الحزام الأمني، فور سيطرتهم على المدينتين».
أمام ذلك، أوردت وكالة الصحافة الفرنسية تقريرا نقلت فيه عن مصادر محلية «انسحاب مقاتلي تنظيم القاعدة أمس من بلدتين سيطروا عليهما الخميس، بعد احتجاج السكان، كما ذكر مسؤول في الإدارة المحلية».
ويقول القيادي القبلي أحمد بن دحة لـ«الشرق الأوسط» إن الترويج الإعلامي الذي حدث البارحة والذي أسقط بعض مديريات محافظة أبين بيد تنظيم القاعدة «لا أساس له من الصحة، لكن المعطيات الميدانية تنذر بخطر قادم على أبين إذا لم تكن هناك جدية للشرعية والتحالف لتعزيز أبين وإعادة النظر فيما يجري بها حاليا». وقال بن دحة: «أبين سوف تكون مع فيلم درامي مجددا، فمن يحرك (القاعدة) بالظهور والاختفاء متى شاء يخطط لعودة أحداث 2011 على تراب أبين»، في إشارة منه إلى الرئيس السابق علي عبد الله صالح الذي تتهمه القيادات الحكومية اليمنية والقبلية بأنه المسؤول عن تسهيل وجود التنظيم الإرهابي في اليمن مقابل استخدامه لهم في تصفية خصومه.



تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.