لم يكن اليومان الماضيان كغيرهما من الأيام التي مرت على محافظة أبين (شرق عدن)، إذ شهدت مديريات في المحافظة حالة ارتباك إثر ورود أنباء عن سيطرة تنظيم القاعدة في جزيرة على بعض المدن. لكن أهالي أبين كانت لهم كلمتهم، وطردوا تنظيم القاعدة من دون مواجهة، وقبل أن تصل أي قوات.
ولم يخرج الأهالي ليرددوا: الشعب يريد إسقاط «القاعدة»، بل طردوها بالفعل. ووفقا لمقاتل في المقاومة تحدث مع «الشرق الأوسط» عبر الهاتف، فإن «عناصر التنظيم الإرهابي حاولوا دخول مديرية لودر، وصدهم الأهالي، ولم يستطيعوا الصمود لأكثر من ساعة ونصف الساعة».
وتعد السيطرة على مدينة لودر وهي أكبر مدن محافظة أبين، ذات أهمية استراتيجية، حيث إنها تعني الهيمنة على مديريات المحفد، مودية، وأحور العين.
في السياق نفسه، أفادت مصادر محلية بأن مقاتلات التحالف العربي لاستعادة الشرعية في اليمن شنت عدة غارات جوية على مواقع لعناصر «القاعدة» في لودر، دون أن تتضح الخسائر التي خلفها القصف.
المقاتل الذي فضل حجب اسمه حتى لا يتعرض للاستهداف قال إن القصة بدأت عندما أبلغت الخلايا النائمة لتنظيم القاعدة بمدينة زنجبار (وهي مركز محافظة أبين) التنظيم بمديرية لودر عن خروج أكثر من عشر مركبات قادمة باتجاههم لمحاربة التنظيم، إذ تردد أن قياديا بارزا في القوات الحكومية كان يستقل إحدى تلك المركبات، وكان رد فعل «القاعدة» أنهم انتشروا بين مدينة العين ولودر لعمل كمائن لهذه القوة، وفي الأثناء، ظن الأهالي أن قوات الحزام الأمني ستتصدى لهم وانتظروا قليلاً. يكمل المقاتل: «تواصلنا مع قيادة الحزام الأمني بلودر لتحفيزهم وكانت إجابتهم أنهم لا يملكون ذخيرة... فتواصلت القيادة السابقة للجان الشعبية بلودر مع المواطنين وقادة المربعات السابقة للجان وقيادات النقاط بسرعة الانتشار وإبلاغ الشباب بسرعة التنفيذ».
وللتوضيح، فإن ما يقصده المقاتل باللجان الشعبية ليست تلك التي تقاتل إلى جانب الحوثي وصالح، ويقول إنهم «سرقوا اسم القوات التي كافحت تنظيم القاعدة منذ عام 2011 وحتى عام 2015».
ويقول نزار جعفر القيادي في اللجان الشعبية الخاصة بمحافظة أبين: «لقد خرج المقاتلين بإمكاناتهم الشحيحة للغاية، وتم توزيعهم على مربعات لحماية المدينة، وتم تجهيز قوة للهجوم على الموقع الرئيسي الذي تمت السيطرة عليه من قبل التنظيم... وأثناء التجهيز للهجوم، انسحبت عناصر القاعدة من الموقع بعد أن علموا بأن المركبات لم تخرج في مهمة للودر بل لاسترجاع مركبة معطوبة وحسب».
وكانت وكالات الأنباء نشرت أنباء متضاربة حول تحركات «القاعدة» في المحافظة، إذ قالت وكالة الأنباء الألمانية أمس إن عناصر تتبع تنظيم القاعدة استعادت السيطرة على مدينتي لودر وشقرة في أبين، دون وقوع أي اشتباكات مع قوات الأمن والجيش، بعد انسحاب قوات الحزام الأمني وقوات الجيش الموالية للحكومة «الشرعية» منها، لافتا إلى أن عناصر التنظيم استحدثوا عدة نقاط تفتيش ورفعوا شعارات «القاعدة» فيها. وأضاف المصدر أن «عناصر القاعدة أقدموا على تفجير مقرين أمنيين في مدينتي لودر وشقرة تتبع قوات الحزام الأمني، فور سيطرتهم على المدينتين».
أمام ذلك، أوردت وكالة الصحافة الفرنسية تقريرا نقلت فيه عن مصادر محلية «انسحاب مقاتلي تنظيم القاعدة أمس من بلدتين سيطروا عليهما الخميس، بعد احتجاج السكان، كما ذكر مسؤول في الإدارة المحلية».
ويقول القيادي القبلي أحمد بن دحة لـ«الشرق الأوسط» إن الترويج الإعلامي الذي حدث البارحة والذي أسقط بعض مديريات محافظة أبين بيد تنظيم القاعدة «لا أساس له من الصحة، لكن المعطيات الميدانية تنذر بخطر قادم على أبين إذا لم تكن هناك جدية للشرعية والتحالف لتعزيز أبين وإعادة النظر فيما يجري بها حاليا». وقال بن دحة: «أبين سوف تكون مع فيلم درامي مجددا، فمن يحرك (القاعدة) بالظهور والاختفاء متى شاء يخطط لعودة أحداث 2011 على تراب أبين»، في إشارة منه إلى الرئيس السابق علي عبد الله صالح الذي تتهمه القيادات الحكومية اليمنية والقبلية بأنه المسؤول عن تسهيل وجود التنظيم الإرهابي في اليمن مقابل استخدامه لهم في تصفية خصومه.
في أبين... الشعب يريد إسقاط «القاعدة»
في أبين... الشعب يريد إسقاط «القاعدة»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة