ترمب والإعلام... حرب تلد أخرى

الدوافع الخفية لمعارك الرئيس الأميركي الجديد مع الصحافيين

ترمب والإعلام... حرب تلد أخرى
TT

ترمب والإعلام... حرب تلد أخرى

ترمب والإعلام... حرب تلد أخرى

باستثناء القنوات الإعلامية المملوكة لإمبراطور الإعلام الأميركي الأسترالي روبرت مردوخ، تشن كبريات المؤسسات الإعلامية الأميركية حربا شرسة على الرئيس الأميركي دونالد ترمب منذ أعلن ترشحه للرئاسة. ويبادل ترمب وأنصاره هجمات الإعلام التقليدي بهجمات مضادة لا تقل شراسة، رغم غياب التكافؤ بين الطرفين.
ومن المفارقات أن هذه الحرب، التي لا تزال مستمرة حتى الآن، خدمت ترمب أكثر مما أضرت به أثناء حملته الانتخابية، إن لم تكن هي سبب وصوله للرئاسة... كونها حققت له انتشارًا واسعًا لم يحصل عليه أي مرشح آخر غيره لا في المراحل التمهيدية ولا في التصفيات اللاحقة. كما أسفرت هذه الحرب عن انتشار وجهات نظره المثيرة للجدل انتشار النار في الهشيم.
بغض النظر عما إذا كان دونالد ترمب، قبل انتخابه رئيسًا للولايات المتحدة، قد تعمد إشعال الحرب وإثارة الجدل حول نفسه لتحقيق الهدف المشار إليه، أم أنه يؤمن بالفعل بما كان يجاهر به من آراء مثيرة للجدل، فالشيء المؤكد هو أنه لم يعد في صالحه استمرار هذه الحرب أو تصاعد الهجمات الإعلامية عليه. ذلك أنه لم يعد مرشحًا بل بات رئيسًا يتوجب عليه التخفيف من المعارك الجانبية. ولكن، مع ذلك نجد أنه يواصل صب الزيت على نار هذه الحرب بدلاً من محاولة إطفاء لهيبها.
وحقًا، لم يكف ترمب، منذ لحظة إعلان فوزه، عن استهداف الإعلام والإعلاميين وإطلاق أبشع الأوصاف عليهم، مثل قوله في خطاب ألقاه أمام موظفي وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي أي)، في مقر الوكالة بولاية فيرجينيا إن الصحافيين «من أقل البشر أمانة على وجه الأرض». وبدلاً من محاولة كسب الإعلاميين أو التخفيف من نقمتهم عليه، يبدو ترمب مصمما على خوض حرب وراء أخرى ليس فقط ضد إعلام التيار الليبرالي... بل وحتى مع جزء من الإعلام المعبّر عن التيار الوسطي في الحزب الجمهوري ذاته الذي ينتمي إليه. فما هو السبب يا ترى في إصرار الرئيس على خوض مجابهات لا تبدو نتائجها في صالحه بعد فوزه في الانتخابات؟!
لقد أجاب ترمب بنفسه عن هذا السؤال من دون أن يُطرح عليه عندما قال في خطاب تنصيبه يوم 20 يناير (كانون الثاني) الماضي إنه يمثل «حركة سياسية تاريخية لم يسبق العالم أن عرف لها مثيلا من قبل». وتابع أن يوم تنصيبه سيحفر في الذاكرة بأنه اليوم الذي استعاد فيه الشعب السلطة في الولايات المتحدة. ورغم استعادة «الشعب» للسلطة، حسب تعبير ترمب، فإن المهمة لم تنته بوصوله للرئاسة بل ستستمر لتحقيق أهداف الحركة السياسية التي قال إنه يمثلها.
يفسر ما جاء في هذا الخطاب معنى أبرز إعلان تلفزيوني إبان حملته الانتخابية للرئاسة الذي تضمن الشعار الشهير «إنها حركة وليست حملة انتخابية».
أما ما هي هذه الحركة التي يعتقد ترمب أن التاريخ سيتذكرها في صفحاته، وتستحق منه أن يغامر بخوض عداوات ومجابهات مع تيارات سياسية ذات أذرع إعلامية قوية، فهذا ما لم يكشفه ترمب بصورة مباشرة لا في خطاب التنصيب أو ما سبقه من خطابات. بل إنه أغفل ذكره في إعلانات الترويج لبرنامجه الانتخابي من ليلة إعلانه العزم على خوض السباق الرئاسي في منتصف عام 2015، إلى ليلة فوزه بالرئاسة يوم 8 نوفمبر (تشرين الثاني) 2016، ولكن عدم الإعلان الصريح عن أهداف حركته لا يعني أن الرسالة لم تفهم أو لم تصل إلى المعنيين بها من طرفي المعادلة في المجتمع الأميركي.
الحقيقة يصعب على أي مراقب تفسير أقوال وأفعال ترمب ما لم يتوصل أولا إلى فهم أهداف حركته والأسباب التي أدت لنجاحه في انتخابات الرئاسة على حساب عائلتين سياسيتين في الولايات المتحدة وهما عائلة بوش وكلينتون.
هناك وسيلة سهلة يمكن عن طريقها فهم أهداف ترمب حركته السياسية وهي أخذ أجزاء من خطاباته وتصريحاته أو تغريداته والإبدال بكلمة «الشعب» أو «الناس» أو «الصالحين» أو ما شابه ذلك كلمة «البيض»، أي أفراد الغالبية البيضاء في المجتمع الأميركي. ومن يريد التعمق أكثر في هذا الأهداف عليه أن يستعيض عن كلمة «الأشرار» ومرادفاتها في أقواله بكلمة «الأقليات».
فعندما قال ترمب في خطاب تنصيبه إن التاريخ سيذكر يوم 20 يناير 2017 باعتباره اليوم الذي استعاد الناس فيه حكم هذه الأمة، فإنه يقصد على الأرجح أنه اليوم الذي استعاد فيه البيض» حكم الأمة.
* التمييز الإيجابي
الواقع أنه يوجد في الكونغرس الأميركي كتل للمشرّعين السود تهتم بالدفاع عن حقوق الناخبين السود. وتوجد منظمات تهتم بحقوق المهاجرين من ذوي الأصل اللاتيني، وكذلك جمعيات تعنى بحقوق المسلمين الأميركيين، إلى آخر القائمة. كذلك تُعطي الجامعات أفضلية في المنح الدراسية ومعايير القبول للأميركيين من ذوي الأصل الأفريقي، وتعطي الحكومة الفيدرالية الأفضلية في القروض العقارية والتجارية والوظائف للأقليات وغيرها من الميزات والفوائد. وعندما تتساوى مؤهلات متنافسين اثنين في أي سباق وظيفي أو دراسي... فإن الأولوية لا تكون لصالح الأبيض من بين المتنافسين، وذلك تطبيقا لقوانين سنها أجداد الرجل الأبيض منذ سنين للأخذ بيد الأقليات ورفع مستواها.
ولقد عرفت جميع فترات التاريخ المعاصر للولايات المتحدة حركات سياسية تتبنى الدفاع عن حقوق الأقليات بمختلف أطيافها، وحقق النضال السياسي لهذه الأقليات مكاسب لا يستهان بها. ولكن منح هذه المكاسب للأعراق المختلفة داخل المجتمع الأميركي لم يشكل خطرًا وجوديًا على الغالبية البيضاء. وما كانت الغالبية البيضاء في أي فترة من تلك الفترات تخشى على نفسها من أن تصبح أقلية، بل إن أبرز المناضلين من أجل منح الأقليات حقوقها الإنسانية كانوا قادة من البيض. وكمثال كان الرئيس إبراهام لنكولن، وهو رجل أبيض لا أسود، أكثر من خدم الأقلية السوداء ووضع قواعد تحريرها من الرق.
إذن ما الذي استجد ليشعر الأميركيون البيض بالقلق؟ ولماذا بات البيض يعتبرون أنفسهم أنهم «المنسيون»؟ يمكن العثور على إجابة لهذا التساؤل بالإنصات للهمس الخافت في أوساط الغالبية البيضاء بأنهم يتآكلون عدديًا لصالح الأقليات. وتزداد المخاوف أكثر من أن نسبة المواليد بين الأقليات وموجات الهجرة من المجتمعات غير الأوروبية باتت تهدد البيض بأن يغدوا أقلية ربما بعد أقل من نصف قرن. ولقد استغل ترمب ذلك فخاطب مكامن القلق لدى هؤلاء. ويمكن القول إن أهم أهداف حركته غير المعلنة هي الحفاظ على مصالح الغالبية البيضاء، وأولها أن تظل غالبية للأبد.
لتحقيق ذلك - حسب مناصري ترمب - لا بد للغالبية البيضاء أن يكون لها الحق كبقية أطياف المجتمع الأميركي في تنظيم نفسها والدفاع عن مصالحها، كما يفعل السود واللاتينيون والمسلمون، ولا يجوز أن يظل «البيض» وحدهم الذين يستهجن الجميع تنظيمهم أنفسهم أو دفاعهم عن مصالح تجمع بينهم كفئة من لون واحد. كذلك – حسب مناصري ترمب أيضًا - ما عاد البيض غالبية مثيرة لقلق الأقليات بل باتت هي القلقة، ولا سيما من خطر منبعه سبع دول إسلامية، يجب محاصرته في منابعه.
قد يكون دونالد ترمب أبرز القلقين لكنه لم يكن أولهم ولن يكون آخرهم. لقد غدا رمزًا لهؤلاء مع أنه كثيرا ما تبرأ من الجماعات العنصرية التي تجاهر بعنصريها، أو بتفضيل الجنس الأبيض على ما عداه. ولكن، على ما يبدو فإن الحركات السياسية الساعية للحفاظ على حق الغالبية البيضاء بألا تفقد وضعها كغالبية حققت أبرز نجاحاتها بوصول ترمب لموقع القرار الذي سيؤثر على حياة عشرات الملايين من البشر ليس خلال الأربع سنوات من رئاسته، بل ربما على مدى السنوات الـ40 المقبلة.
ونظرا لخطورة الموقع الذي يشغله ترمب، فإن المنابر الإعلامية القوية المعبّرة عن تيار واسع من ذوي التوجه الليبرالي - المصدوم بخسارة المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون الرئاسة - تعمل على التمهيد لخطوات إسقاطه بحملات إعلامية قاسية. وبين هؤلاء نسبة كبيرة من البيض لهم رؤية مختلفة عن رؤية ترمب ويريدون تسخير الأقليات لخدمة رؤيتهم بدلا من استعدائهم. وبما أن الغالبية البيضاء منقسمة بالتساوي تقريبًا بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي، ربح الديمقراطيون خلال السنين الماضية باستمالة الأقلية السوداء إلى جانبه. وردا على ذلك بدأ الجمهوريون يخططون لاستمالة الأقلية اللاتينية لتحقيق التوازن. وبما أن الحزب الديمقراطي قدم للبيت الأبيض رجلا أسود تعبيرًا عن حسن النوايا، كانت خطة الحزب الجمهوري أن يقوم بخطوة مشابهة بتبني السيناتور ماركو روبيو أو السيناتور تيد كروز (وهما من أصل لاتيني) لمعركة الرئاسة. وخاض الاثنان المنافسة بالفعل، لكن ترمب نجح في إثارة مخاوف الغالبية البيضاء وتمكن من تحويل أعداد كبيرة من مؤيدي الحزب الديمقراطي البيض للتصويت لصالحه بسبب انحيازه لمصالحهم العرقية.
* مهمة لم تنته بعد
الواضح أن ترمب مصمم على خوض المعارك السياسية والإعلامية مع خصومه بلا توقف. وأهم المؤشرات على ذلك أنه يعد العدة لإطلاق قناة تلفزيونية خاصة به، حسب ما أكدته مصادر إعلامية أميركية متعددة. ويأمل ترمب من قناته أن تتولى مهام الدفاع عنه وعن أجندته ومواجهة ما تطرحه قناة «سي إن إن» التي يعتقد أنها تناصبه العداء، وبالتالي يجب تفنيد «أكاذيبها»، كما كرر ترمب في غير مناسبة.
طبعًا الرجل ليس ساذجًا أو محدود الذكاء، ومن ثم، فالتفسير الأقرب إلى المنطق هو أن الرجل فعلا يعتبر نفسه مسؤولاً عن حركة سياسية لم تنته مهمتها، وأن أمامه مشوارا طويلا من الصراع لتحقيق أكبر قدر من الأهداف التي كانت سببا لانتخابه. وعلى هذا الأساس يمكن اعتبار المواجهة الإعلامية مع الخصوم عرضًا من أعراض صراع أكثر عمقا بين تيار واسع يمثله وتيار أوسع من الخصوم داخل الحزبين الكبيرين الديمقراطي والجمهوري، يبدو أنه مصمم على تصيد أخطاء الرئيس الجديد والعمل على نزع شرعيته وإسقاطه من الرئاسة بكل الوسائل قبل إكمال فترته الأولى، لأنه أصبح خطرا على التوازن القائم. أما الأخطر من كل ذلك فهو أن المعارك الإعلامية أخذ تتطاول المؤسسات الأمنية الحكومية، ومنها الاستخبارات.
* أبرز جولات الحرب
كانت القرارات التي اتخذها ترمب قبل انقضاء أسبوعين من وجوده في البيت الأبيض من بين الأخطاء التي وجد فيها المتربصون به من خصومه وجبة دسمة ومغرية لشن حملة إعلامية على رئاسته هي الأكثر شراسة من كل ما سبقها من حملات.
وقد يظن البعض للوهلة الأولى أن دافع المنتقدين لما اتخذته إدارة ترمب من إجراءات ضد رعايا سبع دول إسلامية هو الغيرة على الحق. ولكن على الأرجح أن أكثر المسيسين من مهاجميه أرادوا فقط استغلال إجراءات ترمب ضد المسلمين كـ«حق يراد به باطل»، فالهدف الفعلي لهم هو تأليب العالم على الرجل ودحرجة الصخور في طريقه لإعاقته عن تنفيذ أجندة لا تروق للخصوم، وفي ذات الوقت تعبيد طريق آخر قد يؤدي في نهاية المطاف إلى تحقيق رغبتهم بمحاكمته أو عزله.
ترمب، من جهته، يستعين في مواجهاته الراهنة بأسلحة قوية أهمها شبكة «فوكس نيوز» الإخبارية اليمينية، التي يملكها روبرت مردوخ ملكية غير مباشرة وتقدم ما يخدم ترمب من مضامين عن طريق تضخيمها لمخاوف الأميركيين من «الإرهاب المتستر في أثواب اللاجئين أو المهاجرين». وهذه الجولة من الحرب الإعلامية لا تزال مستمرة ولم تظهر نتائجها بعد.
أما الجولة التي سبقتها، فهي تلك التي استهدفت ترمب خلال الفترة الواقعة بين 8 نوفمبر 2016 (يوم إعلان فوزه في الانتخابات) و20 يناير 2017 يوم تنصيبه. وكان من اللافت أن الحملة على ترمب في الفترة المشار إليها ركزت على هدف التشكيك في شرعيته عن طريق تضخيم الدور الروسي في إيصاله إلى الرئاسة.
إلا أن ترمب رد بذكاء، مدركًا أن أنجع وسيلة من وسائل الدفاع هي الهجوم، فبادر لاتهام أنصار منافسته الديمقراطية بتزييف ملايين الأصوات العائدة لموتى أو مهاجرين غير شرعيين ومطالبا بالتحقيق في ذلك، وسرعان ما رد عليه الخصوم بدفاع كاسح بأن الانتخابات كانت سليمة 100 في المائة، ولم يشبها أي تزييف... فكان هذا ما يريد سماعه بالضبط لما فيه من اعتراف بشرعية وصوله للرئاسة، في حين تناسى المدافعون عن سلامة الانتخابات ما سبق أن قالوه بأن التدخل الروسي تمخض عن فرض نتائج لم يكن الناخبون الأميركيون راغبين بها.
ونجح ترمب أيضًا بإفشال خطة التشكيك بولائه لبلاده عن طريق إبراز تعاملاته التجارية مع روسيا «العدو التقليدي» لأميركا، إلا أن النكسة الإعلامية الكبرى للخصوم وقعت عند لجوئهم لاختلاق قصة خضوعه للابتزاز الروسي بتسريب معلومات عن فضائح أخلاقية مختلقة زعم مصدرها أنها وقعت له قبل سنوات في فنادق موسكو باستدراج من الاستخبارات الروسية. وزعم التسريب أن الروس تمكنوا من تصويره في أوضاع مخلة بالآداب. ولتفنيد هذه المزاعم لجأ ترمب إلى سلاح «تويتر» الفتاك بإيصال وجهة نظره إلى جمهور من المتابعين يزيد عن عشرين مليون شخص. وساعده في ذلك أن القنوات والمنابر المناوئة له تتناقل كل تغريدة من تغريداته تقريبا بغرض السخرية منه، لكنها تحقق في ذات الوقت هدفًا عكسيًا يصب في مصلحته وهو إيصال رأي الرجل إلى جمهور واسع النطاق بدأ يرحب بأفكاره أو على الأقل يتمعن فيها. وانتهت هذه الجولة بالتالي لصالحه.
أما الجولة الأطول والأسبق زمنيا من الحرب الإعلامية بين ترمب وخصومه المتعددين أو منافسيه من جمهوريين وديمقراطيين فهي التي تمت في خضم الحملة الانتخابية، فكان لها ما يبررها، لأن من الطبيعي أن يتخلل الحملات الانتخابية للرئاسة مواجهات حامية. ولكن حملة ترمب الانتخابية لم تكن عادية، إذ إنها دشنت الحرب الإعلامية منذ اليوم الأول فيها عندما أعلن ترمب ترشحه للرئاسة، من بهو برجه في نيويورك المعروف باسمه. وتضمن إعلان الترشح أول تصريح أثار الجدل ولفت الانتباه إلى ترمب من قبل من ساءهم التصريح قبل أن يصل مضمونه إلى المتفقين معه. لقد تضمن تبيان الهدف الأول من الترشح هدف «إنقاذ أميركا» من موجات الهجرة غير الشرعية خصوصا من المكسيك. ووصف ترمب القادمين من الحدود الجنوبية لبلاده بأنهم تجار مخدرات وقتلة ولم تعرف الولايات المتحدة منهم إلا الشر. وتعهد في بيان الترشح ببناء جدار عازل على الحدود لوقف موجات التسلل وتحصين سوق العمل في الولايات المتحدة لمنع القادمين الجدد من سرقة الوظائف من المواطنين الأميركيين.
أنتجت هذه التصريحات زوبعة كبيرة وردود فعل لم تتوقف، وكان الرجل يعلم تماما أنه بهذه التصريحات سيخسر بلا شك أصوات الأقلية اللاتينية، لكنه لم يكترث. وبمجرد أن خمدت الزوبعة مع ذوي الأصول اللاتينية، فتح جبهة مع الأميركيين الأفارقة. ثم بمجرد أن هدأت هذه الجبهة، فجر مفاجأته الكبرى باقتراح منع دخول المسلمين الأراضي الأميركية. ومرة أخرى كان يعلم أنه يخسر أصوات الأقليات فيما كان منافسوه حريصين كل الحرص على أصوات تلك الأقليات.
* حسابات الربح والخسارة
واتضح لاحقا أن ترمب، بعقلية التاجر المحترف، كان يعلم أكثر من منافسيه بأن أي مكسب لا يمكن أن يأتي من دون خسارة. ومن أجل الحصول على أصوات وتعاطف الغالبية البيضاء لم يتردد في التضحية بأصوات الأقليات، بل والمجاهرة في العداء لهم. وكان الرجل بارعًا في الحساب والتعامل مع الأرقام، إذ إنه أدرك أنه لكي يكسب أربعة ناخبين من البيض على سبيل المثال فإن عليه أن يخسر على الأقل ناخبا واحدا من السود وآخر من اللاتينيين الهيسبانيكيين، أما المنافسون فقد أعماهم حرصهم على أصوات الأقليات عن التفكير بأصوات الغالبية فكانت النتائج مخيبة لآمالهم، ومن كسب منهم ناخبا من الأقليات خسر مقابله ثلاثة ناخبين من الأغلبية البيضاء، بمن في هؤلاء المرشحين هيلاري كلينتون التي كانت أقواهم وقاب قوسين أو أدنى من الرئاسة.
ولم تكن حملة ترمب الإعلامية حملة عادية، إذ إن هجماته لم تقتصر على الخصوم أو المنافسين السياسيين بل وزعها في كل الاتجاهات عن عمد. وكانت أهم غنائم معاركه هي التي حصدها من فتح جبهة مع الإعلام والإعلاميين، حيث تعمد أن يهاجم شبكات أخبار واسعة الانتشار أو مقدمي برامج مشاهير في هذه المحطات، مثل «فوكس نيوز» في بداية الأمر ثم «سي إن إن» لاحقا. وفي الوقت الذي كان ترمب يهاجم هذه المحطات فلم يكن يقاطعها بل يستفيد منها ويتعمد استثارتها للحصول على ردود فعل كانت بالنسبة له بمثابة دعاية مجانية لحملته ساعدته نهاية المطاف في تحقيق هدفه نحو الرئاسة.



جنوب السودان... تغييرات حكومية بحثاً عن استقرار مفقود


نساء ينتظرن في مخيم للاجئين بجنوب السودان لتسلم مساعدات من برنامج تابع للأمم المتحدة 20 أغسطس 2025 (أ.ب)
نساء ينتظرن في مخيم للاجئين بجنوب السودان لتسلم مساعدات من برنامج تابع للأمم المتحدة 20 أغسطس 2025 (أ.ب)
TT

جنوب السودان... تغييرات حكومية بحثاً عن استقرار مفقود


نساء ينتظرن في مخيم للاجئين بجنوب السودان لتسلم مساعدات من برنامج تابع للأمم المتحدة 20 أغسطس 2025 (أ.ب)
نساء ينتظرن في مخيم للاجئين بجنوب السودان لتسلم مساعدات من برنامج تابع للأمم المتحدة 20 أغسطس 2025 (أ.ب)

نالت دولة جنوب السودان الاستقلال في عام 2011، غير أنها لا تزال تغرق في أزمات سياسية، تعمقت في 2013 باندلاع حرب أهلية، وتوقفت باتفاق سلام في 2018. لكن لا يزال الوضع الحالي يحمل مخاوف من عودتها وسط خلافات واسعة بين دوائر الحكم العليا وأصحاب القرار والنفوذ.ويوحي تكرار التعديلات الحكومية التي يجريها الرئيس سلفا كير ميارديت بأن البلاد تعيش «حالة عدم استقرار سياسي عميقة، ناتجة عن طبيعة النظام القائم على توازنات قبلية وحزبية هشة»، بحسب ما يقول محللون. ويقول هؤلاء إن «تغيير الوزراء والمسؤولين يُستخدم كأداة لإعادة ضبط موازين القوى بين النخب المتنافسة، واحتواء الولاءات المتقلبة داخل الجيش والحركات المسلحة، وضمان بقاء مركز القرار في يد الرئيس والمحيط الضيق حوله».

حاول جنوب السودان، على مدار عقود، أن يذهب للاستقلال تحت رايات عديدة حتى ناله في عام 2011. غير أن هذه الدولة ما لبثت أن غرقت في أزمات سياسية، تعمقت عام 2013 باندلاع حرب أهلية، وتوقفت باتفاق سلام عام 2018. لكن لا يزال الوضع الحالي يحمل مخاوف من عودة الحرب، وسط خلافات واسعة بين دوائر الحكم العليا وأصحاب القرار والنفوذ.

ذلك المشهد المرتبك سياسياً يترافق مع تغييرات حكومية مستمرة، مُصاحبة بتأجيل انتخابات كانت مقررة في نهاية عام 2024 إلى ديسمبر (كانون الأول) 2026، وهذا يعني، بحسب خبراء من جنوب السودان ودول جوار، تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أن «الاستقرار السياسي مفقود»، وأن مستقبل البلاد على المحك إن لم يتم ضبط موازين القوى وحسم تفاهمات قريبة التزاماً باتفاق 2018، ومنعاً لتكرار مشهد 2013 القاتم.

تغييرات متكررة

في أواخر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أقال رئيس جنوب السودان كير ميارديت، دينغ لوال وول من منصب وكيل وزارة النفط، وعيّن مكانه تشول ثون أبيل، وهي المرة الرابعة التي ينقل فيها المنصب من أحد الرجلين إلى الآخر في أقل من شهرين.

وكان كير قد أقال ثون في البداية من منصب وكيل الوزارة، وهو المنصب الثاني في الوزارة والمسؤول عن المعاملات المالية، وعيّن لوال مكانه في أكتوبر (تشرين الأول)، ثم أعاد ثون إلى منصبه في 3 نوفمبر قبل أن يستبدل به مرة أخرى لوال بعد أسبوع. كما أقال كير أيويل نجور كاججور من منصب المدير الإداري لشركة نايلبت النفطية المملوكة للدولة.

ويعتمد اقتصاد جنوب السودان أساساً على مبيعات النفط الخام، التي تعثرت بفعل حرب أهلية عصفت بالبلاد أسفرت عن مقتل ما يقدر بنحو 400 ألف شخص بين عامي 2013 و2018 بعد فترة وجيزة من انفصالها عن السودان عام 2011.

وفي 12 نوفمبر الماضي، ذكر مرسوم بثه التلفزيون الرسمي أن رئيس جنوب السودان كير أقال بنيامين بول ميل من منصبه نائباً للرئيس ونائباً لرئيس الحزب الحاكم، لينهي بذلك ارتباطاً برجل أثير على نطاق واسع أنه الخليفة المقرب له.

وأقال كير أيضاً محافظ البنك المركزي ورئيس هيئة الإيرادات، اللذين يُنظر إليهما على أنهما مقربان من بول ميل، الذي تم تعيينه بصفته أحد نواب الرئيس الخمسة في فبراير (شباط). ووجّه كير أيضاً بتجريد بول ميل من رتبة الجنرال، التي ترقى إليها في سبتمبر (أيلول) الماضي.

وفي أغسطس (آب)، أقال رئيس جنوب السودان كير، وزير المالية ديير تونغ نجور، وجاء بمقرب منه هو باك بارنابا شول في «أحدث تغيير حكومي مفاجئ». وربطت جوبا بين الإقالة والتراجع الأخير في قيمة جنيه جنوب السودان.

وقتها كانت عملة جنوب السودان قد انخفضت نحو الثلث مقابل الدولار في شهرين. ويقول محللون إن عدم الاستقرار الاقتصادي وعدم التزام كير بدقة باتفاق السلام المبرم عام 2018 من بين العوامل التي تدفع العملة للهبوط.

وبذلك يكون كير قد أقال أربعة وزراء مالية منذ عام 2020، بخلاف ما قام به في مارس (آذار) من إقالة وزير الخارجية، بعد أقل من أسبوع من إقالة وزيري الدفاع والداخلية.

ويرى الباحث الجنوب سوداني في العلاقات الدولية تيكواج فيتر، أن «كثرة تكرار التعديلات في جنوب السودان تدل على عدم الاستقرار السياسي»، موضحاً أنه «في العلوم السياسية تُفسّر كثرة التعديلات الدستورية وتكرارها بأنهما من المؤشرات التي تعبّر عن عدم الاستقرار السياسي، والعكس صحيح». ونبّه فيتر أن «بقاء الحكومة لفترة دون وجود تغييرات في المناصب الدستورية مؤشر على الاستقرار السياسي على مستوى المناصب الدستورية، والعكس صحيح».

وقريباً من هذا الطرح، يعتقد المحلل السياسي التشادي، المختص بالشؤون الأفريقية، صالح إسحاق عيسى، أن «تكرار التعديلات الحكومية في جنوب السودان، يعكس حالة عدم استقرار سياسي عميقة، ناتجة عن طبيعة النظام القائم على توازنات قبلية وحزبية هشة». وتابع: «يُستخدم تغيير الوزراء والمسؤولين كأداة لإعادة ضبط موازين القوى بين النخب المتنافسة، واحتواء الولاءات المتقلبة داخل الجيش والحركات المسلحة، وضمان بقاء مركز القرار في يد الرئيس والمحيط الضيق حوله».

ويشير هذا التكرار، بحسب عيسى، إلى «غياب مؤسسات حكم مستقرة وقواعد واضحة لتداول السلطة أو المساءلة، ما يجعل المناصب تدار بمنطق الترضيات السياسية وليس بمنطق الكفاءة أو البرامج».

وتؤدي تلك التغييرات إلى «إبطاء تنفيذ اتفاقات السلام، وتغذي شعوراً عاماً بغياب الثقة في الحكومة، وتؤثر على قدرة الدولة على بناء إدارة فعالة أو تقديم خدمات مستقرة»، وفق عيسى، نافياً أن «كثرة التعديلات تعكس حراكاً إصلاحياً حقيقياً في الوقت الراهن بقدر ما تعكس أزمة بنيوية في النظام السياسي أكثر».

صراع داخلي

وتثير هذه الإقالات و«موجة التغيير المستمر» في المناصب العليا في حكومة جنوب السودان التساؤلات حيال خليفة كير والمخاوف التي أثيرت حيال احتمالات العودة إلى الحرب الأهلية، بحسب ما نقلته «رويترز» نوفمبر الماضي تعليقاً على الاستعانة بالمقربين من كير.

ووفقاً للباحث الجنوب سوداني، تيكواج فيتر، فإن تلك التغييرات تعكس «صراعاً في عدة اتجاهات؛ بين النخبة الحاكمة وبعضها بعضاً، وبين النخبة الحاكمة والقوى الأخرى، وبين القوى الأخرى وبعضها بعضاً. وهذا الصراع يُستخدم كأداة لضبط التوازنات السياسية والاجتماعية والاقتصادية في جنوب السودان».

ونبّه إلى أن «التغييرات الدستورية في جنوب السودان تعكس كلا الأمرين معاً: صراع داخل النخبة الحاكمة ومحاولات لضبط التوازنات بين القوى في جنوب السودان. فهي انعكاس لوجود صراعات داخل النخبة الحاكمة، وقد ظهر ذلك من خلال انقسام النخبة الحاكمة في مواقفها بشأن التغييرات الدستورية، حيث عبّرت عن قبول تعيين بعض الشخصيات ورفض البعض الآخر».

وهذا الصراع هو بين جيل قديم يضم القيادات التي شاركت في تأسيس الحركة الشعبية لتحرير السودان أو انضمت إليها مبكراً وشاركت في الحرب من أجل الاستقلال، من جهة، والجيل الجديد من القيادات التي كانت جزءاً من القوات الصديقة للحكومة السودانية وحديثي العضوية من جهة أخرى، بحسب ما يضيف فيتر.

كما أن هذه التغييرات تعكس محاولات لإعادة ضبط التوازنات بين ثلاثة اتجاهات؛ الأولى ضبط التوازنات داخل الحركة الشعبية، والثانية بين القوى الشريكة في اتفاق السلام المنشّط، والثالثة بين القوى الحاكمة والقوى المعارضة، وفقاً لفيتر.

رئيس جنوب السودان سلفا كير (يمين) ونائبه الأول سابقاً رياك مشار (أ.ف.ب)

وفي بعض الأحيان، يستعين الرئيس كير ببعض الأفراد لفترة ثم يستعين بالمجموعة الأخرى التي يُفترض أنها تمثّل تحالفات بين القوى المعارضة، وفقاً للباحث الجنوب سوداني الذي يشير إلى أن التغييرات الدستورية والرغبة في الحصول على نصيب أدتا إلى إضعاف المعارضة نتيجة للصراع من أجل كسب رضاء النخبة الحاكمة، على حساب الأهداف التي أدت إلى تشكيل هذه التحالفات.

ويتفق صالح عيسى مع هذا التفسير بشأن الصراع الداخلي، قائلاً إن «هذه التغييرات تعكس في الغالب مزيجاً من الصراع داخل النخبة الحاكمة، ومحاولات مستمرة لإعادة ضبط التوازنات بين القوى السياسية والعسكرية».

ويقوم النظام السياسي في جنوب السودان، بحسب عيسى، على «شبكة معقدة من التحالفات القبلية والحزبية وشخصيات نافذة داخل الجيش والحركات المسلحة، ما يجعل أي تعديل حكومي مرتبطاً بشكل مباشر بإدارة تلك العلاقات الحساسة».

ولهذا تأتي الإقالات والتعيينات كـ«آلية لاحتواء خلافات النخبة، واستباق تفكك التحالفات، ومنع تصاعد نفوذ أطراف بعينها قد ينظر إليها كتهديد لمركز السلطة. وفي الوقت نفسه، تستخدم هذه التعديلات أيضاً لضمان توزيع المناصب بشكل يرضي المجموعات المؤثرة، ويبقي على الحد الأدنى من التوازن الضروري لاستمرار النظام، مما يجعلها أقرب إلى إدارة الأزمات منها إلى الإصلاح السياسي الفعلي»، وفق صالح عيسى.

مستقبل قلق

وليست التغييرات المتكررة وحدها ما يقف وراء مخاطر اندلاع حرب أهلية جديدة. ففي 13 سبتمبر 2024 عادت الأزمة السياسية مع إعلان مكتب الرئيس كير عن تأجيل الانتخابات المقررة في ديسمبر 2024 إلى نهاية 2026، بدعوى إكمال المهام الضرورية بالاقتراع، وسط تخوف غربي من انهيار اتفاق السلام.

وفي مارس 2025، عاد الاقتتال الداخلي بين جيش جنوب السودان ومجموعة مسلحة تُعرف باسم «الجيش الأبيض» في منطقة الناصر بولاية أعالي النيل وتم إلقاء القبض على عناصر مقربة من نائب الرئيس وزعيم المعارضة رياك مشار المجمدة صلاحياته.

ومشار قيد الإقامة الجبرية منذ مارس وكانت قواته المعارضة قد خاضت معارك مع القوات الموالية للرئيس كير خلال حرب أهلية استمرت من عامي 2013 إلى 2018 وأودت بحياة نحو 400 ألف شخص قبل أن يتم توقيع اتفاق سلام 2018 بين الجانبين.

وفي سبتمبر الماضي، أوقف كير نائبه الأول مشار عن العمل عقب اتهامه من قبل السلطات القضائية بـ«القتل والخيانة وارتكاب جرائم ضد الإنسانية» على خلفية مزاعم بشأن ضلوعه في هجمات شنتها ميليشيا عرقية ضد قوات اتحادية في مارس.

وفي سبتمبر الماضي، اتهم محققون من الأمم المتحدة سلطات جنوب السودان «بنهب ثروات البلاد بطرق تضمنت دفع 1.7 مليار دولار لشركات تابعة لبنجامين بول ميل، أحد نواب رئيس الدولة، في مقابل أعمال إنشاء طرق لم يتم إنجازها مطلقاً»، حسبما أوردت وكالة «رويترز».

وأعلنت حكومة جنوب السودان، في مطلع ديسمبر الحالي، بدء تنفيذ خطة خفض قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في البلاد، وهي خطوة قالت إنه تم الاتفاق عليها مع البعثة الأممية بعد إعلان الأمم المتحدة عن «قيود مالية شديدة» تؤثر على عملياتها العالمية، ما دفعها إلى إعادة النظر في حجم قواتها المنتشرة حول العالم، بما في ذلك جنوب السودان.

وفي ظل تلك المتغيرات المتسارعة، لا يبدو مستقبل جوبا سياسياً واضحاً على نحو دقيق، بحسب ما يرى الباحث الجنوب سوداني في العلاقات الدولية تيكواج فيتر.

غير أن المحلل السياسي التشادي صالح إسحاق عيسى قال إنه «ليست ثمة ضمانة بأن مستقبل جنوب السودان يتجه نحو التفاهمات السلمية. الواقع الحالي يشير إلى أن البلاد أكثر ميلاً إلى الانزلاق نحو صدام جديد، ما لم تتغير معادلات السلطة بشكل جذري وتتحرك جماعات داخلية وإقليمية بفاعلية».

ويرى عيسى أن التحذيرات المتكررة من الأمم المتحدة ومن جهات حقوقية تفيد بأن السلام الهش أصبح مهدداً فعلياً، وأن الاتفاق السياسي الذي يفترض أن يحكم التعايش بين الأطراف بات ينتهك بصورة مستمرة. كما أن العنف المسلح بما فيه الضربات الجوية، والاشتباكات بين قوات الحكومة ومسلحين موالين للمعارضة يتصاعد، ما يزيد من فرص انزلاق شامل للنزاع.

ويستدرك صالح عيسى في نهاية حديثه قائلاً: «لكن يمكن أن تلوح أمام جنوب السودان فرص تفاهم، وإن كانت ضئيلة، إذا التزمت الأطراف السياسية برفع اليد عن القمع السياسي، وأطلقت حواراً شاملاً، وتم الضغط دولياً وإقليمياً لفرض هدنة حقيقية»، مشيراً إلى أنه «قد تتاح فرصة لإعادة بناء مؤسسات أكثر استقراراً وإنقاذ ما تبقى من اتفاق السلام».

ويؤكد أن «هذه الفرصة، حال ظهرت، ستكون بحاجة إلى إرادة سياسية قوية، وضغط خارجي وإقليمي جاد، واستعداد لحماية المدنيين وتعزيز المساءلة»، مشيراً إلى أن «الواقع المؤقت يوحي بأن الصدام، هو الاحتمال الأكثر ترجيحاً في الغالب وليس التفاهم، ما لم تتغير المعطيات بشكل سريع وجذري».


14 عاماً من الاستقلال والأزمات في جنوب السودان

TT

14 عاماً من الاستقلال والأزمات في جنوب السودان

بعد نحو ما يقارب العقد ونصف العقد على استقلالها، لا تزال دولة جنوب السودان تواجه مساراً مليئاً بالاضطرابات السياسية والتحديات الاقتصادية والصراعات المتكررة.

فالدولة التي انطلقت بآمال واسعة عقب استفتاء يناير (كانون الثاني) 2011، وجدت نفسها سريعاً أمام واقع معقد أعاق بناء المؤسسات، وأثقل كاهل المجتمع بتقلبات أمنية وإنسانية مستمرة.

9 يوليو (تموز) 2011

تم إعلان عن الاستقلال الكامل للدولة الأفريقية عن السودان

العاصمة: جوبا

الموقع: شرق أفريقيا

يحدها من الشمال السودان، ومن الجنوب أوغندا وكينيا ومن الشرق إثيوبيا، ومن الغرب الكونغو الديمقراطية وأفريقيا الوسطى.

الجغرافيا: تبلغ مساحة جنوب السودان نحو 644329 كلم²، وتغطي الأراضي الرعوية نحو 40 في المائة من مساحة البلاد، والأراضي الزراعية نحو 30 في المائة، والمسطحات المائية ما يقارب 7 في المائة من المساحة الكلية للبلاد.

عدد السكان: 12.1 مليون نسمة. تنقسم البلاد إلى 60 مجموعة عرقية أصلية.

الأقاليم: تضم 10 ولايات بموجب اتفاقية السلام الموقعة في 22 فبراير (شباط) 2020.

ولاية الاستوائية الوسطى، وغرب الاستوائية، وشرق الاستوائية والبحيرات، وواراب وغرب بحر الغزال وشمال بحر الغزال وجونقلي والوحدة وأعالي النيل.

المساحة: تبلغ نحو 644329 كيلومتراً مربعاً.

اللغة الرسمية: الإنجليزية بجانب لهجات محلية.

النظام السياسي: نظام جمهوري رئاسي، ودستور انتقالي و3 سلطات رئيسية

الاقتصاد: يعتمد على النفط، الذي يمثل أكثر من 90 في المائة من الإيرادات الحكومية.

أزمات عديدة: شهدت دولة جنوب السودان حرباً أهلية بين عامي 2013 و2018 إثر صراع على السلطة والنفط بين الرئيس كير ميارديت ونائبه الأول رياك مشار. تم التوصل إلى اتفاق هش بين الطرفين في 2018.

في 13 سبتمبر (أيلول) 2024 عادت الأزمة السياسية وأعلن مكتب الرئيس كير عن تأجيل الانتخابات المقررة في ديسمبر (كانون الأول) 2024 إلى نهاية 2026، بدعوى إكمال المهام الضرورية بالانتخابات وسط تخوف غربي من انهيار اتفاق السلام.


كيف يتعامل اليمين الإسرائيلي مع جيشه؟

الدمار في غزة (أ ب)
الدمار في غزة (أ ب)
TT

كيف يتعامل اليمين الإسرائيلي مع جيشه؟

الدمار في غزة (أ ب)
الدمار في غزة (أ ب)

استقبل الجيش الإسرائيلي أخيراً وفداً من قادة جيوش دول عدة، «لكي يدرسوا تجربة الحرب الأخيرة، في سبع جبهات (غزة والضفة الغربية ولبنان وسوريا والعراق وإيران واليمن)»، كما قال الناطق بلسان الجيش. وخلال الشرح المتحمس عن هذه الزيارة، سمح الناطق لنفسه بأن يقول إنهم جاؤوا لكي يتعلموا منه العديد من العمليات الحربية. وقال إن بين هذه الجيوش حضر مندوبون من كل من الجيوش؛ الأميركي والألماني والهندي والكندي والتشيكي والبولندي، وغيرها. وعرض عدة مجالات، قال إن جيشه أبدع فيها واستحدث طرقاً حربية سيصار إلى تدريسها في الكليات الحربية في العالم، خصوصاً المعركة ضد الأنفاق والتدمير ومسح الأبنية في قطاع غزة وتخريب الحقول الزراعية والسيطرة التامة على سماء إيران والاغتيال الجماعي لقادة «حماس» و«حزب الله» وقيادة سلاح الجو الإيرانية وعملية تفجير أجهزة النداء واللاسلكي في لبنان لقادة «حزب الله» (البيجر والوكي توكي) وغيرها.

لأول وهلة، يُحسب أن الرسالة - أعلاه - موجهة إلى العالم، لكن من يتابع الأوضاع في إسرائيل خلال العقدين الأخيرين، يدرك أن هذا النشر هو جزء من الحرب التي يخوضها الجيش الإسرائيلي على «الجبهة الثامنة».

إنها الحرب التي تعدّ الأكثر إيلاماً للجيش، لأن «العدو» فيها للجيش الإسرائيلي هو الحكومة واليمين العقائدي الذي يقودها.

يخوض اليمين هذه الحرب منذ عودة بنيامين نتنياهو إلى الحكم عام 2009، وفي حينه حاول فرض حرب على إيران، لكن قادة الجيش وسائر الأجهزة الأمنية اعترضوا. فغضب، وراح يحاربهم، في البداية بهدوء وسريّة، لكن الحرب غدت علنية شيئاً فشيئاً. وكان فيها مسؤولون في الحكومة وباحثون وخبراء يهاجمون الجيش ويتهمونه بالتبذير، والجنرالات ينشرون المقالات التي تظهر الحكومة فاشلة وفاسدة.

أيضاً لعبت الشرطة والنيابة والمحكمة دوراً نشيطاً في كشف تورّط نتنياهو في قضايا فساد... وقدمته إلى المحاكمة. فاستعرت المعركة لتتحوّل إلى «حرب شاملة» بين الطرفين، ما جعل اللواء المتقاعد إسحاق بريك، عضو رئاسة أركان الجيش الإسرائيلي الأسبق، يقول، في مقال نشرته صحيفة «معاريف» يوم 8 يونيو (حزيران) 2025: «لدينا قيادة فقدت البوصلة، في الحكومة وفي الجيش». ويضيف: «السياسة الحمقاء المتغطرسة التي يتبعانها، ستشجع أعداءنا على الاستعداد لحرب أخرى ضدنا، وكل هذا بسبب جماعة فقدت طريقها وعقلنتها وحكمتها».

نتنياهو وسموترتش (رويترز)

سموتريتش... والميزانية

أحد أبرز السياسيين في هذه الحرب هو بتسلئيل سموتريتش، الذي مع تشكيل الحكومة أصر على تولي حقيبة وزارة المالية وحقيبة أخرى هي وزير ثانٍ في وزارة الدفاع. وسموتريتش هو الممثل المباشر لليمين العقائدي. لديه أجندة واضحة لمنع قيام دولة فلسطينية وتهجير الفلسطينيين. ومنذ تسلمه مهامه، يخوض حرباً علنية على الجيش بلغت حد رفض العديد من طلبات زيادة الميزانية العسكرية. ثم إنه يتهم قادة الجيش بالتبذير وصرف رواتب عالية، وقام بنشر قائمة الرواتب لنحو 50 قائداً أساسياً، فاتضح أنهم يقبضون رواتب أعلى من رئيس الحكومة ورئيس الدولة.

وفي الأسابيع الأخيرة، عندما قرر الجيش رفع عدد جنود الاحتياط الدائم من 6 إلى 60 ألف جندي، سنة 2026، وطلب تمويلاً من المالية (كل جندي يكلف الجيش 300 دولار في اليوم ومعدل الخدمة لكل جندي يصل إلى شهرين في السنة المقبلة، وهذا البند وحده يكلف مليار دولار)، رفض سموتريتش، قائلاً إن على الجيش إيجاد التمويل من تقليص مصاريفه الأخرى. ووفق صحيفة «يديعوت أحرونوت»، فإن قادة الجيش «يشعرون بالمهانة وهم يستجدون وزير المالية»، علماً بأنه على صعيد شخصي يبدو صبيانياً، ومن الناحية الجماهيرية يفقد الجمهور الذي انتخبه، إذ تشير الاستطلاعات إلى أنه سيسقط إذا أجريت الانتخابات اليوم.

للعلم، سموتريتش هذا حاقد على الجيش. فعام 2005، عندما كان في الخامسة والعشرين من العمر، بينما عمل الجيش على إخلاء مستوطنات قطاع غزة، جاء سموتريتش مع ألوف المستوطنين لمحاربة الإخلاء. ويومذاك، بطش به الجنود وجرّوه على الأرض عندما اعتقلوه. وهو جزء من الحركة التي قامت في حينه لمنع تشكيل حكومة في إسرائيل تقرّر إخلاء مستوطنات في الضفة الغربية مثلما حصل في غزة. وهو يستذكر هذه الحادثة تقريباً في كل خطاب سياسي له، منذ ذلك الحين. ويعدّ رأس حربة في معركة اليمين لتحجيم مكانة الجيش ونفوذه في البلاد.

انتقاد المهنية العسكرية

في إطار هذه المعركة، تشهد وسائل الإعلام الإسرائيلية موجة نشر ضخمة تنتقد الجيش وتظهره فاشلاً مهنياً. ويجنّد اليمين لهذا الغرض مجموعة كبيرة من الجنرالات السابقين، قسم منهم يكتب في معاهد الأبحاث التابعة لليمين، وقسم آخر ينشر مقالاته في وسائل الإعلام المستقلة، فضلاً عن الإذاعة والتلفزيون والشبكات الاجتماعية.

وأدناه نماذج من هذه المعركة:

العميد أورن سولومون، الذي عيّن رئيساً للجان التحقيق الداخلي في الجيش حول إخفاقات 7 أكتوبر (تشرين الأول) كشف في تقرير للقناة «14» عن أن قيادة الجيش «تتستر على الحقائق وليس صحيحاً الانطباع بأنها أول من تحمل المسؤولية». بل «أخفت الفشل الحقيقي لكونها اتبعت تكتيكاً حربياً خاطئاً منذ البداية... وبدلاً من أن تأمر سلاح الجو بقصف عناصر حماس في أثناء مهاجمتهم البلدات الإسرائيلية يوم 7 أكتوبر 2023، فتشلّ حركتهم وتوقف تقدّمهم، قرّرت شنّ عملية انتقامية لاغتيال قادتها وتدمير مقراتها في شتى أنحاء غزة. وبذا فشلت في حماية مئات من الإسرائيليين الذين قتلتهم حماس ومئات المخطوفين».

وذكر سولومون أيضاً في التقرير، أنه طلب لقاء رئيس الأركان السابق هرتسي هاليفي والحالي إيال زامير لعرض استنتاجاته، لكنهما تهرّبا من لقائه. ومن ثم راحا يحرّضان عليه، لدرجة أنه قرّر إخفاء تقاريره والوثائق التي اعتمدها بهدف الحفاظ عليها في حال جرى له أي سوء. ورداً على سؤال طرحه عليه صحافي معروف بقربه من نتنياهو: «هل تخشى على حياتك؟ هل تعتقد أن هناك مَن قد يقتلك بسبب هذا التحقيق؟». فأجاب «نعم».

من جهة ثانية، تطرّ ق الصحافي والمؤرخ اليميني عكيفا بيغمان، صاحب كتاب «كيف حوّل نتنياهو إسرائيل إلى إمبراطورية»، كشف في موقع «ميدا» (9 نوفمبر/ تشرين الثاني 2025)، عن نتائج تحقيق أجري في لجنة فرعية سريّة للجنة الخارجية البرلمانية، خلال الشهرين الماضيين، تفيد بأن هناك «خللاً بنيوياً» في عملية تأهيل الضباط في الجيش الإسرائيلي. وممّا جاء في تقريره أن الضباط لا يتلقّون تدريبات عسكرية لأكثر من يومين في الأسبوع، بينما يتمتعون بـ«امتيازات دلال لا تلائم جيشاً مقاتلاً»، وأنه في كثير من دورات التعليم التي يمرّون بها ثمة ازدواجية وتناقضات لأن هذه الدورات لا تدار بشكل مهني.

زامير (الجيش الإسرائيلي)

مرحلة بنيامين نتنياهو...استخفاف بالجنرالات وطعن بهم علناً وفي الخفاء

عدوانية متزايدة في عدة اتجاهات

الصحافة الإسرائيلية، أيضاً، تنشر باستمرار تصريحات لوزراء يهاجمون بها قادة الجيش ويهينونهم في جلسات «الكابنيت» (مجلس الوزراء المصغّر)، الذي يقود الحرب، بينما كان نتنياهو صامتاً. ولكن، في يناير (كانون الثاني) 2025 تجرأ وأوقف الجلسة التي هاجم فيها الوزيران إيتمار بن غفير وميري ريجف رئيس الأركان هاليفي، على قراره تشكيل لجان تحقيق داخلية حول أداء الجيش.

وفي شهر مايو (أيار) تعرّض زامير لـ«بهدلة» مماثلة، لكنه ردّ على الهجوم بكلمات قاسية ونابية، ما جعل نتنياهو يلفت نظره ويوقفه عن الكلام في جلسة الحكومة. وحقاً، زامير نفسه لم يسلم من الانتقادات. وعندما اقترح صرف النظر عن إعادة احتلال غزة في نهاية الصيف، اتهمه غلاة اليمين بالتراجع عن وعوده في «تغيير نهج الجيش القتالي وجعله جيشاً هجومياً أكثر». وقالوا إن «الدولة العميقة الليبرالية تمكنت من السيطرة عليه وتدجينه».

في هذه الأثناء، هناك ما تشهده الضفة الغربية من اعتداءات. وهنا لا نقصد الاعتداءات الإرهابية على الفلسطينيين، بل الاعتداءات اليهودية على اليهود، التي تتصاعد باستمرار وفيها يهتف «شبيبة التلال» الاستيطانية لجنود وضباط الجيش الإسرائيلي «يهود نازيون».

أيضاً، أحد كبار الجنرالات، وكان مسؤولاً عسكرياً يعمل في وظيفة رفيعة في الضفة الغربية، بحسب صحيفة «يديعوت أحرونوت» (7 نوفمبر 2025)، يقول: «يبدو لي الوصف (فتيان التلال) أو (شبيبة التلال)، رومانسياً بعض الشيء، كما لو كانوا رعاة غنم يعملون في الزراعة، لكن هذا ليس ما نتكلّم عنه هنا. هؤلاء فتيان يحتاجون إلى رعاية مؤسّسات الرعاية الاجتماعية وسلطة الوالدين والتعليم. إنهم يتصرّفون كما لو كانوا في الغرب (الأميركي) المتوحش. ليس لديهم قانون ولا قاضٍ. يتجوّلون بقمصان كُتب عليها (شعب إسرائيل نعم ودولة إسرائيل لا)».

وتابع الجنرال: «إنهم لا يعترفون بالمؤسسات، وهم معادون تماماً للصهيونية، ويرسمون شعارات صهيونازية على الجدران، ويتلقون دعماً من بعض وسائل الإعلام القطاعية. لقد بنوا ماكينة عمل محكمة وحقيقية. يمكنك أن ترى فتىً في الثالثة عشرة من عمره يقود سيارة مشطوبة، وهو لا يملك حتى رخصة قيادة؛ بينما يُشعل فتيان آخرون النار في المركبات. ما عاد هؤلاء يكتفون بالاعتداءات على الفلسطينيين، بل أضحوا يعتدون بعنف وكراهية حاقدة على جنودنا وضباطنا، حتى ونحن نحميهم. وكذلك يعتدون على المواطنين اليهود، وليس فقط اليساريين منهم الذين يأتون إلى هنا للتضامن مع الفلسطينيين، بل يعتدون على مستوطنين ممّن كانوا ذات يوم شبيبة تلال لأنهم لا يوافقون اليوم على أساليبهم. وأنا لا أتكلم عن اعتداء واحد أو اثنين. لقد شكا عشرات المستوطنين الذين يتعرضون للاعتداءات منهم. ومن ثمّ، شعوري أن عدوهم الأول هو الجيش».

الرد لا يقل حدة

في المقابل، نجد أن الجيش أيضاً يملك جهاز دعاية يهاجم الحكومة بقوة شديدة ولديه مجموعة كبيرة من الكتّاب والناطقين باسمه، الذين يحذّرون من تبعات سياسة الحكومة وممارساتها، ويرون أنها «تُضعِف الجيش وتشجع العدو على تكرار الهجمات الشبيهة بهجمة حماس في 7 أكتوبر». كذلك ينتقد هؤلاء الحكومة بشكل لاذع على «فشلها المهني»، ويحمّلونها، رئيساً ووزراء، مسؤولية أساسية عن إخفاقات 7 أكتوبر، ويقولون إنها أدارت الحرب بشكل سيئ وفرضت على الجيش «إطالة الحرب لأغراض بعيدة عن الحسابات الأمنية والاستراتيجية، هدفها سياسي وحزبي للبقاء في الحكم». «وحقاً، الأمر الجوهري الذي يهاجمونها عليه هو: أنها لم تعرف كيف تستثمر المكاسب العسكرية التي وفّرها لها الجيش في مكاسب سياسية».

وهكذا يكتب الجنرال عاموس جلعاد، رئيس معهد السياسة والاستراتيجية في تل أبيب، يوم 17 نوفمبر 2025: «لقد نجح الجيش الإسرائيلي وقوات الأمن في توجيه ضربة قاصمة لتحالف الشر في جميع جبهات القتال السبع. في الوقت نفسه، ثمة حاجة إلى استراتيجية لإرساء أمن طويل الأمد. حتى الآن، فشلت الحكومة الإسرائيلية في صياغة سياسة لما بعد (اليوم التالي)، ما أدى إلى خلق فراغ، ملأته الإدارة الأميركية بكل قوتها».

وأردف جلعاد: «من جهة، لهذا الأمر نتائج إيجابية تتمثل في إطلاق سراح جميع الرهائن الأحياء وعملية إعادة الرهائن القتلى، ووقف الحرب في غزة، وتوطيد العلاقات المميزة مع الولايات المتحدة، واحتمال تحقيق انفراج دبلوماسي مع الدول العربية. ولكن من جهة أخرى، قد يؤدي هذا التطور إلى أضرار جسيمة، مثل نشر قوة متعددة الجنسيات في غزة بمشاركة دول معادية بقيادة محور تركي - قطري داعم لجماعة الإخوان المسلمين، واستمرار وجود حماس بصيغة جديدة في غزة. بالإضافة إلى ذلك، هناك احتمال الإضرار بالتفوق النوعي للجيش الإسرائيلي، من خلال نقل قدرات عسكرية غير مسبوقة إلى الدول العربية. في الخلفية، تُبذل جهودٌ من إيران وحزب الله لاستعادة القدرات العسكرية المتضررة خلال الحرب. ولكن الأنكى هو أنه على الصعيد الداخلي، تشهد إسرائيل بقيادة الحكومة سلسلةً من العمليات الهدامة التي تُلحق الضرر بالمناعة الوطنية والاجتماعية، التي تشكل ركيزةً أساسيةً من ركائز الأمن القومي الإسرائيلي. ويشمل ذلك استمرار الانقلاب القضائي وإلحاق الضرر بالمؤسسات القضائية، والحرب على وسائل الإعلام في البلاد، والتدخل في أنشطة أجهزة الأمن وإنفاذ القانون، وغيرها».